كتاب سليم بن قيس الهلالي

الصفحة السابقة الصفحة التالية

كتاب سليم بن قيس الهلالي

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 3

أهدي كتاب سليم بن قيس إلى الذين أحبهم سليم وأحبوه:

إلى أهل بيت الرسول الأطهار.. صلى الله عليه وعليهم.

وأخص منهم السبط الذي سماه جده الرسول محسنا قبل أن يولد..

ريحانة النبي.. ومهجة الزهراء.. وقلب علي..

الزهرة التي ولدت قبل الفجر.. فاغتالتها يد الغدر..

الملاك المذبوح بين الباب والجدار..

وهج دم النبوة.. وشهيد حق الإمامة.. وقتيل سيف البيعة..

أول شمعة ذابت في محراب الولاية.. ورائد الشهداء من آل محمد..

* *

وإلى محبيهم.. الذين وجدوا فيهم كل شيء فاسترخصوا من أجلهم كل شيء..

الذين استمعوا القول فاتبعوا أحسنه.. وما زالوا يستمعونه ويتبعون أحسنه..

وإلى الأحرار الذين يحبون أن يفهموا، ولا يستعملون دواء ضد الفهم..

الذين يحبون الحق للحق.. أيا كان.. وأينما كان..

ويقدسون موروثاتهم بشرط مشدد.. أن تطابق العقل والقرآن والمنطق..

وإلا.. قالوا لها وداعا.. هذا فراق ما بيننا

فهؤلاء تستطيع أفكارهم أن تهضم هذا الكتاب.. وأعصابهم أن تتحمله..

المحقق

ص 4

بعد أن وفقني الله تعالى لنشر الطبعة المحققة من كتاب سليم في ثلاث مجلدات، أشار علي بعض إخواني بنشره بصورة ميسرة في مجلد واحد ليتمكن من الاستفادة منه كل مسلم يريد أن يتعرف على معالم دينه من هذا التراث القيم. فقمت في هذه الطبعة بتلخيص المقدمة، وضبط متن الكتاب على 14 نسخة مخطوطة واختصرت الهوامش وأضفت التخريج الموضوعي في آخر الكتاب. وأسأل الله تعالى أن ينفع به المسلمين وينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون.

ص 7

كتاب سليم بن قيس

الوجه الآخر لتاريخ الإسلام

ما الذي حدث بعد الأنبياء عليهم السلام؟

ما الذي حدث بعد وفاة أبينا آدم عليه السلام؟

قالت الأحاديث: غلب ولده الشرير قابيل وذريته على ولده الصالح هبة الله وذريته، وطردوهم إلى جزيرة من جزائر البحر

وما الذي حدث بعد وفاة نوح عليه السلام؟

قال التاريخ: غلب أولاده وأصحابه الأشرار على أتباعه المؤمنين وجحدوا الله ورسوله وأعادوا عبادة الأصنام - ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا - بنفس أسمائها ومراسمها قبل الطوفان!

وماذا حدث بعد وفاة إبراهيم عليه السلام؟

قال التاريخ: إن الأنبياء والصالحين من أولاده لم يحكموا بعده إلا فترات قليلة فقد تغلب الأشرار من أبناء إسحاق واضطهدوا الأنبياء والمؤمنين وشردوهم

ص 8

وماذا حدث بعد وفاة موسى عليه السلام؟

قال التاريخ: لم يطع اليهود وصيه يوشع بن نون إلا قليلا عند ما كانوا في صحراء التيه، ولما دخلوا فلسطين انقلبوا عليه وساعدتهم زوجته الصفوراء بنت شعيب وغلب الفجار منهم على أوصياء موسى الشرعيين وأسسوا دولة القضاة، تتداولها قبائل بني إسرائيل

وبعد وفاة سليمان عليه السلام؟

قال التاريخ: انقلب أصحابه وشرار أولاده على وصيه الشرعي آصف بن برخيا وشيعته فعزلوهم، واستدعوا رحبعام عدو سليمان المنفي إلى مصر ثم اختلفوا بينهم فتفككت الدولة وضاع أكثرها، وبقي للمختلفين إمارة القدس، فملكوا عليهم ابنا لسليمان غير وصي وإمارة الخليل، وملكوا عليهم عدو سليمان الذي كان نفاه

وما الذي حدث بعد عيسى عليه السلام؟

قال التاريخ: تواصلت مطاردة الرومان واليهود لوصيه شمعون الصفا وبقية الحواريين والمؤمنين واضطهدوهم، حتى جاء بولس بعد ثلاثين سنة وادعى أن عيسى عليه السلام ظهر له من السماء في حوران، فكثر أتباعه ثم تبنت الدولة الرومانية مسيحية بولس وواصلت اضطهادها للحواريين وأتباعهم، حتى انقرضوا

 * * *

وما الذي حدث بعد وفاة محمد صلى الله عليه وآله؟

قال التاريخ: اختلف أصحابه عند وفاته، فقالت أكثريتهم: إن النبي صلى الله عليه وآله لم يوص إلى أحد، وخلافته ليست لأهل بيته، بل هي لقبائل قريش يتداولونها بينهم فبايعوا أبا بكر بن أبي قحافة التيمي على أنه خليفة لنبيهم.

ص 9

وقال أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم: بل أوصى النبي صلى الله عليه وآله لاثني عشر إماما من أهل بيته، وقال إنهم بعدد حواري عيسى عليه السلام ونقباء بني إسرائيل، أولهم علي بن أبي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم تسعة من ذرية الحسين عليهم السلام، خاتمهم المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

وهكذا سار التاريخ الإسلامي بأكثرية حاكمة وأقلية معارضة محكومة، عرفت من الأول باسم (شيعة علي عليه السلام) و(شيعة أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله). وواصل السنيون سيطرتهم على الأمة الإسلامية قرونا طويلة، كانت الخلافة فيها لقبائل قريش، حتى انتقلت الخلافة بفتوى المذهب الحنفي إلى جماعة من الأتراك جدهم يسمى عثمان، عرفوا باسم الخلفاء العثمانيين، حتى انهارت الدولة الإسلامية على أيديهم وتسلط الغربيون على بلاد المسلمين الشيعة معارضة لم تتعب رغم القمع القرشي والعثماني! الشيعة هم أطول معارضة في تاريخ ما بعد الأنبياء.. وأكثرها مأساوية.. وأكثرها حيوية ونشاطا

هل قرأت سفر المكابيين من بعد موسى عليه السلام؟ كانوا فرقة يهودية متدينة، عارضوا حكام اليهود المنحرفين وأسيادهم الرومان وقاتلوهم سنين طويلة، وتشردوا وعاشت أجيالهم في الجبال والكهوف والصحاري وكتبوا أفكارهم ومأساتهم وتاريخهم، ولكنهم انتهوا وانقرضوا. إن ملحمة المكابيين ومأساتهم، إنما هي جزء صغير من تاريخ الشيعة ومأساتهم

ص 10

وأول ما يواجهك من قرارات الدولة القرشية والعثمانية بحق الشيعة أنه يحرم عليهم أن يكتبوا وجهة نظرهم، حتى لو كانت أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وتفسيره للقرآن ويحرم على الناس أن يقرؤوا وجهة نظرهم من كتبهم، أو يسمعوها منهم، أو يفكروا فيها، مجرد تفكير لغرض المعرفة ومن يكتب منهم أو يقرأ لهم، فهو عدو للصحابة، وعدو لله ولرسوله، وخارج عن الإسلام، مهدور الدم، مباح للمسلمين عرضه وماله!! ومن عجائب الدنيا أن الخلافة القرشية قد انتهت عمليا من بعد المعتصم العباسي.. فيومها سيطر الجند الأتراك على مقدرات الدولة، وصار الخليفة مؤظفا عندهم براتب شهري!! ثم انتهت خلافة قريش حتى اسميا على يد الأتراك العثمانيين. ثم انتهت الخلافة العثمانية على يد الغربيين. وصارت جميع قراراتهم وسياساتهم تاريخا، مجرد تاريخ ولكن قراراتهم بشأن الشيعة بقيت في أذهان كثير من السنيين دينا يتدينون به فهؤلاء يرون أن الخلفاء القرشيين والعثمانيين ركن من أركان الإسلام، أنزله الله على رسوله، مع بقية أركانه أو قبلها وكل شيء يعارض الخلفاء وينتقدهم، فهو بخيالهم كفر بالله ورسوله لقد صار خلفاء قريش وبني عثمان جزء من الإسلام عندهم، بل جزءه الأعز على قلوبهم حتى أنك لا تجد عند متعصبيهم غيرة وحمية لله تعالى ولرسوله كما تجدها لهذا الخليفة أو ذاك!! إن الأفكار والفتاوى التي ما زالت جزء من المذاهب السنية إلى عصرنا تدلك على أعباء القرون التي تحملها الشيعة، وعانوا من وطأتها. وتشير لك إلى أن اضطهاد الشيعة زاد في كمه وكيفه عن اضطهاد أي معارضة بعد الأنبياء!

ص 11

ومع كل هذا بقي الشيعة أحياء يرزقون وكان عددهم يزداد في التاريخ حتى بلغوا في بعض القرون نصف الأمة الإسلامية!! أما نحن فنعتقد أننا بقينا ولم ننقرض، لأن الله تعالى وعد على لسان نبيه صلى الله عليه وآله أنه لا بد أن يبلغ أمره في أهل بيت نبيه، حتى يبعث منهم المهدي الموعود الذي يصحح مسيرة الأمة ويضئ العالم بنور الإسلام.

* * * *

شاب نجدي يكتب قصة الوجه الآخر لتاريخنا أكثر الناس لا يحبون النظر إلى الوجه الآخر لتاريخنا الإسلامي، ولا يحبون سماع وجهة نظر المعارضة فيه ولا القراءة عنها. وبعضهم يحبون ذلك لأنهم يحبون الفهم والمعرفة، أو لأنهم متدينون يعتقدون بأن الإسلام هو الرسالة الخاتمة، فهو مشروع إلهي للعالم إلى يوم القيامة، ويتساءلون في أنفسهم: هل يعقل أن الله تعالى جعل خاتم الأنبياء والرسل بلا أوصياء ولا وصية، ولا خطة ربانية تمتد إلى يوم القيامة؟ وهل يعقل أن تكون الخطة أن يحكم بعد نبيه عدد من الخلفاء القرشيين، ثم عدد من الخلفاء العثمانيين، ثم تضعف الأمة وتنتهي الدولة وكان الله يحب المحسنين؟ وعند ما يسمعون أن الشيعة عندهم اعتقاد آخر وتصور آخر عن نبوة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله، وعن المشروع الإلهي المستمر بعد النبي بعترته إلى يوم القيامة، يحبون أن يسمعوا عن ذلك ويقرؤوا.

ص 12

إن كتاب سليم بن قيس الهلالي العامري كتب لهذا النوع من الناس، الذين عندهم أعصاب لتحمل سماع الحقائق التي تخالف الأفكار المألوفة، التي تربى عليها الناس. ومن مقادير الله تعالى العجيبة أن يكون هذا المؤلف شابا نجديا من قبيلة بني هلال العوامر، الذين ما زال قسم من عشيرتهم إلى عصرنا في المنطقة. على أي، فهذا الشاب النجدي كان أول مؤلف في تاريخ الإسلام بعد المؤلفات التي أملاها النبي صلى الله عليه وآله على على عليه السلام. فقد دخل سليم بن قيس إلى المدينة المنورة في أوائل خلافة عمر بن الخطاب، وكان عمره سبعة عشر عاما، وبدأ يسأل ويتتبع لكي يعرف ويفهم، وبدأ يكتب ويدون، مع أن تدوين الحديث كان جريمة يعاقب عليها صاحبها بالضرب والحبس والحرمان والعزل الاجتماعي!! ولكن سليما كان يجيد التحفظ والتقية، وبذلك استطاع أن يكتب ويحافظ على كتابه، واستمر على ذلك في خلافة عثمان وبعده طيلة 60 سنة من عمره المبارك... وحمله معه في تشريده من بلد إلى بلد، وهروبه من سيف الحجاج... إلى أن ورثه لراويه أبان بن أبي عياش في سنة 76 الهجرية!

ص 13

(1) ميزات كتاب سليم

 

كتاب سليم، أول مؤلف في الإسلام لا يوجد عند المسلمين بعد كتاب الله تعالى ومواريث الأنبياء التي عند أهل البيت عليهم السلام كتاب أقدم من كتاب سليم بن قيس.(1) وهي ميزة عظيمة لهذا النص التاريخي العقائدي، فمؤلفه قدس الله نفسه أول من فكر في تدوين العقائد والتاريخ الإسلاميين، ثم قام بذلك وحده في ظروف خطيرة، لم يجد فيها من يعينه في مهمته. وقد خاطر بحياته الشريفة في جمعه وتأليفه ثم نسخه وحفظه، والوصية به وإيصاله إلى من بعده. لقد كان سليم يحس بمسؤولية شرعية للقيام بهذه المهمة التاريخية، وقد شاء الله تعالى أن يتفرد عن جيله، وينهض بمسؤولية هذا الأمر الخطير، ويقدم للأمة الإسلامية أقدم قصة للوجه الآخر لتاريخها.

(هامش)

(1). وقد يذكر في عداد أول ما صنف في الإسلام كتاب لأبي رافع في السنن، وكتاب لعبد الله بن أبي رافع في قضايا أمير المؤمنين عليه السلام، وكتاب لسلمان في حديث الجاثليق، وكتاب لأبي ذر في الفتن، وكتابان للأصبغ بن نباتة في عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى مالك الأشتر، وكتاب في مقتل الحسين عليه السلام، وكتاب للحارث الهمداني، وكتاب لربيعة بن سميع (رجال البرقي:ص 27). ولكن جميع المذكورين من معاصري سليم، وليس فيهم أحد أقدم منه عصرا، فلا دليل على تقدم كتبهم على كتاب سليم، ومجرد تقدم تاريخ وفاة بعضهم على وفاة سليم لا يكفي في ذلك. ثم إن الكتب المذكورة لم تكن بمستوى أهمية كتاب سليم ومن جهة أخرى فإنها لم تصل بأيدينا، وبذلك يتميز عليها كتاب سليم. (*)

ص 14

يكفي كتاب سليم أنه تراث علمي ممتاز من أقدم ما وصلنا في الثقافة الإسلامية، ولكن مع ذلك له ميزات هامة ضاعفت من قيمته، نجملها في النقاط التالية:

 

الميزة الأولى:

 

أن موضوعه عقائد الإسلام وتاريخه فقد اختار المؤلف مسائل في الدرجة الأولى من الأهمية، مثلت الحقيقة المقابلة لما فعلته وقالته ودونته دولة الخلافة القرشية، التي سيطرت على تاريخ الإسلام وعلى أفواه المسلمين! لقد كشف سليم في كتابه عن الوقائع التي حدثت في مرض النبي صلى الله عليه وآله وبعد وفاته، وكيف وصل زعماء قريش إلى السلطة، وكيف اضطهدوا النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام بيت العصمة والطهارة، ثم تربعوا على كرسي الحكم باسم النبي صلى الله عليه وآله وباسم الإسلام.

 

الميزة الثانية:

 

الفترة التي أرخ سليم أحداثها وهي أكثر الفترات حساسية وتأثيرا على عقائد المسلمين على الإطلاق. ذلك أن جميع عقائد المسلمين ومذاهبهم قد تكونت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله، بسبب ما حدث عند وفاته وبعد وفاته من اختلاف! فجميع ما طرح من عقائد وأحكام خلال أربعة عشر قرنا إلى يومنا هذا، يرجع إلى تلك الفترة الحساسة!! وقد أرخ سليم بن قيس لتلك الفترة، فكان عمله فريدا من نوعه، وبهذا احتل مكانة الدرجة الأولى بعد أحاديث الأئمة المعصومين عليهم السلام، الذين قاموا بكشف حقائق تلك الفترة. إن الأجيال المسلمة مدينة لهذا المؤلف الشجاع الذي سد فراغا لم يسده غيره، ودون الحقيقة للأجيال.

ص 15

الميزة الثالثة:

 

صراحته رغم ظروف تأليفه الخانقة فقد كتبه سليم في عصر المنع المطلق من تدوين أحاديث النبي صلى الله عليه وآله حتى ما يتعلق منها بالسنن والأحكام الشرعية بل لقد منعت الدولة حتى مجرد رواية الحديث النبوي، حتى في المسجد، وحتى من كبار الصحابة في مثل تلك الظروف الخانقة، قام سليم بن قيس بتسجيل هذه الحقائق التاريخية والعقائدية وتدوينها في كتاب، وكان يجمع أحاديثه من الأئمة الأطهار عليهم السلام والصحابة الأبرار ويكتبها في كتابه على خوف ووجل، لأن الدولة لو اطلعت على ذلك لكان ذلك برأيها سببا كافيا لإعدام المؤلف!! ومن جهة أخرى فقد دون سليم مخالفات حكام عصره الذين كان يعيش معهم، واستطاع أن يخفي ذلك عن عيونهم. وقد كان لحرصه على كتابه، يحمله معه في أسفاره وتنقلاته العديدة، خاصة بعد أن تسلط بنو أمية وأخذوا يطاردون شيعة علي عليه السلام. وفي آخر عمره المبارك عند ما كان الحجاج يتتبع من بقي من أصحاب علي عليه السلام ليقتلهم، اختفى سليم وتنقل من بلد إلى بلد ما بين نجد ومكة والمدينة والكوفة والبصرة.. ثم عبر إلى أرض فارس ووصل إلى نوبندجان، وهناك في بيت أحد أصدقائه أبان بن أبي عياش حط به المرض وجاءه الأجل، وكان لا بد من البوح بالسر وإيصال الأمانة إلى أهلها. فأخذ على أبان الأيمان، وكشف له حقيقة أحداث عاشها وشاهدها وسجلها، وقرأ عليه الكتاب، وأودعه عنده، ليوصله إلى أهله وقد حافظ أبان على الأمانة، وحمل الكتاب بعد وفاة سليم إلى علماء البصرة، فنسخه بعض الرواة والعلماء رغم تلك الظروف الصعبة وانتشرت نسخه منهم عبر الأجيال.. حتى وصل إلينا.

 

الميزة الرابعة:

 

الدقة والإتقان إن كتاب سليم بعد التدقيق والمقايسة مع المصادر الأخرى، يعتبر من مصادر الدرجة الأولى في دقته، وهذه ميزة تزيد من قيمة كتابه المبارك.

ص 16

لهذا كله، لا بد أن ننظر إلى كتاب سليم باعتباره أول نص متقن في أهم الموضوعات الإسلامية، تم تدوينه في فترة حساسة وظروف صعبة.. وأن نشكر مؤلفه من صميم قلوبنا. وقد شكر الله سعيه حيث حفظ كتابه عبر القرون والأجيال حتى وصل إلينا، وتم في عصرنا طبعه بطبعات جديدة، والحمد لله. أحاديث رواها الرواة، ولم يذكرها مؤلف في كتابه قبل سليم(1)

أولا: أحاديث أساسية في العقائد

1. حديث الغدير. 2. حديث الثقلين. 3. حديث المنزلة. 4. حديث السفينة. 5. حديث باب حطة. 6. حديث الحوض. 7. حديث سد الأبواب. 8. حديث الكساء وآية التطهير. 9. حديث المباهلة. 10. حديث الكتف.

(هامش)

(1). راجع التخريج الموضوعي آخر الكتاب، لتفاصيل المواضيع العقائدية والتاريخية التي لم يذكرها مؤلف في كتابه قبل سليم. (*)

ص 17

ثانيا: مسائل عقائدية مهمة

1. معنى الإسلام والإيمان، وشروطهما، ودرجاتهما. 2. معنى إقامة النبي والإمام الحجة لله تعالى، ومن هم حجج الله تعالى على الناس، وكيفية إقامتهم الحجة لله تعالى. 3. بيان عقيدة المسلمين في القرآن، ومن هم المفسرون الشرعيون له. وقد تضمن كتابه تفسير عدد من آيات القرآن الكريم وسبب نزولها. 4. عقيدة المسلمين في الخلافة والإمامة، وضرورتها وحدودها، وتسمية مستحقيها، وبيان غاصبيها. 5. بيان معنى فريضة الولاية لأولياء الله تعالى، والبراءة من أعدائه، وتعيينهم. 6. بيان أحاديث النبي صلى الله عليه وآله التي نص فيها على إمامة الأئمة الاثني عشر من عترته عليهم السلام وذكر أسمائهم. 7. بيان عدد من الأحاديث التي صدرت عن النبي صلى الله عليه وآله في مناقب أهل البيت عليهم السلام وأفضيلتهم على جميع الأمة. 8. بيان العلم ومعدنه وأنواعه، وأن أهل البيت عليهم السلام هم معدن علم النبي صلى الله عليه وآله، وبيان جهل مخالفيهم وانخفاض مستوى ثقافتهم، وعدم معرفتهم عقائد الإسلام، ولا أجوبة ما يرد عليهم من المسائل العادية. 9. بيان بعض ما ورد في الكتب السماوية في البشارة بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام. 10. بيان معاداة قريش والمنافقين وغيرهم لأهل البيت عليهم السلام، وبغضهم لهم وحسدهم إياهم. كما تضمن الكتاب إشارات إلى ما كان يصدر في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله من المنافقين عامة، وغاصبي الخلافة خاصة. 11. أحاديث النبي صلى الله عليه وآله التي أخبر فيها عما سيقع من ظلم قريش وغيرهم لأهل البيت عليهم السلام، واضطهادهم وغصب حقهم. 12. بيان الضلال الذي حدث في الأمة، وكشف أول من فتح بابه على الأمة وأدخل المسلمين فيه.

ص 18

13. بيان العقيدة الإسلامية في الإمام المهدي عليه السلام، وأحاديث النبي صلى الله عليه وآله في التبشير به وعلامات ظهوره. 14. كما تضمن كتاب سليم بعض أحوال يوم القيامة وأحوال أهل الجنة والنار، والمستحقين بعد النبي صلى الله عليه وآله لدخول الجنة أو النار من هذه الأمة. 15. بيان معنى الشفاعة، ومن يشفع ومن يشفع لهم يوم القيامة.

ثالثا: مسائل تاريخية مهمة

1. أحاديث مهمة عن حروب رسول الله صلى الله عليه وآله من بدر وأحد وخيبر والخندق وحنين وتبوك وصلح الحديبية وفتح مكة وغيرها. 2. بيان موارد مواساة علي عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله وإيثاره إياه وفداؤه إياه بنفسه. 3. بيان عدد من أحاديث النبي صلى الله عليه وآله التي نص فيها على خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، من أول بعثته إلى يوم الغدير. 4. أحاديث إشهاد النبي صلى الله عليه وآله أصحابه عند إقامة الحجة عليهم وعلى الأمة بولاية علي عليه السلام بعده صلى الله عليه وآله، وخاصة من غصب منهم الخلافة بعده. 5. جانب من مؤامرات المنافقين لقتل النبي صلى الله عليه وآله. 6. خبر الصحيفة الملعونة التي كتبها المنافقون من قريش ومن تبعهم، ضد رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وذكر أصحابها. 7. أخبار هامة عن الأيام الأخيرة والساعات الأخيرة من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله 8. أخبار دقيقة ومفصلة عن قضايا السقيفة، واستعجال أصحابها، واغتنامهم فرصة انشغال على عليه السلام وأهل البيت بجنازة النبي صلى الله عليه وآله. ثم تدبيرهم الهجوم المكرر على بيت فاطمة عليها السلام وإحراق بابه، ودخولهم البيت، وإجبارهم أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه على البيعة. وما جرى على فاطمة عليها السلام في هذه الهجمات، وإسقاطها جنينها المحسن عليه السلام. 9. قصة ارتداد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وما جرى بشأن الخلافة بعده صلى الله عليه وآله، وخطط الغاصبين ضد أمير المؤمنين عليه السلام.

ص 19

10. ما جرى على شيعة أهل البيت عليهم السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وجانب من نفي أبي ذر إلى الربذة، وجانب من ظلم معاوية للشيعة واضطهادهم وتقتيلهم. 11. نماذج من دفاع أهل البيت عليهم السلام عن الإسلام وعن شيعتهم. 12. التأريخ لعدد من المجالس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله واحتجاجات أهل البيت عليهم السلام على الصحابة في تلك المجالس، ومناشداتهم الناس ليشهدوا بوصية النبي صلى الله عليه وآله لهم، وإقرار الناس وشهادتهم لهم بذلك 13. قصص بعض أهل الكتاب مع أهل البيت عليهم السلام وإقرارهم بشأنهم. 14. قصص تتعلق بموت أبي بكر وقتل عمر وعثمان. 15. وثائق شعرية تعتبر من أقدم ما قيل من الشعر في القضايا الإسلامية. 16. وثائق تاريخية في القضايا الإسلامية يختص سليم بنقلها مثل رسالة معاوية إلى زياد. 17. قضايا حروب الجمل وصفين والنهروان. 18. الرسائل المهمة المتبادلة بين أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية. 19. أخبار شهادة أمير المؤمنين عليه السلام. 20. أخبار هامة عما جرى من الفتن بعد أمير المؤمنين عليه السلام في زمن معاوية. 21. أخبار عن صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية وما وقع بينهما.

ص 21

(2) القيمة العلمية لكتاب سليم

 

إشتهار الكتاب في العصور المختلفة اشتهر هذا الكتاب منذ القرن الأول إلى يومنا هذا ب‍ (كتاب سليم بن قيس الهلالي)، وكثيرا ما يعبر عنه اختصارا ب‍ (كتاب سليم). وربما يسمى بأصل سليم وكتاب السقيفة. وأول من سمى الكتاب به الإمام الصادق عليه السلام(1)، وجرى ذكر الكتاب بهذا الاسم على لسان القدماء كالنعماني والشيخ المفيد والنجاشي والشيخ الطوسي وابن شهرآشوب، وكذلك المتأخرين كالعلامة الحلي والشهيد الثاني والمير الداماد والقاضي التستري والشيخ الحر العاملي، والعلامة المجلسي والشيخ البحراني والمير حامد حسين والمحدث النوري والعلامة الطهراني. كما كان يعرف بنفس الاسم في ألسنة علماء السنة أيضا كالقاضي السبكي وابن أبي الحديد والفيض آبادي وغيرهم. (2) ومن خصائص كتاب سليم أنه كتاب مشهور شهد الموافق والمخالف بأنه كتاب معروف معتبر عند الشيعة، وقد رووا منه أحاديث مما يدل على اشتهار الكتاب وتداول نسخه طيلة أربعة عشر قرنا. ونورد فيما يلي كلمات بعض من شهد بذلك، ونبدأ بغير الشيعة منهم:

(هامش)

(1). في الحديث الذي سيجئ ذكره في تأييد الأئمة عليهم السلام لكتاب سليم. (2). الذريعة: ج 1ص 63، ج 2ص 152، ج 6ص 336. الغيبة للنعماني:ص 61. الأعلام للزركلي: ج 3ص 119. تأسيس الشيعة لفنون الإسلام:ص 282، 357. المراجعات:ص 307، المراجعة 110. مؤلفو الشيعة في صدر الإسلام:ص 16. التنبيه والأشراف:ص 198. (*)

ص 22

1. قال ابن النديم المتوفى 385: (وهو كتاب سليم بن قيس المشهور).(1) 2. قال ابن أبي الحديد المتوفى 656: (سليم معروف المذهب... وكتابه المعروف بينهم المسمى كتاب سليم). (2) 3. قال القاضي بدر الدين السبكي المتوفى 769: (إن أول كتاب صنف للشيعة هو كتاب سليم بن قيس الهلالي). (3) 4. قال الملا حيدر علي الفيض آبادي: (كأن صحة هذين الكتابين أي كتاب سليم وتفسير أهل البيت (يريد به تفسير القمي) وأصحية واحد منهما على سبيل منع الخلو إجماعي عند محققي الشيعة، وعليه فمحتوى الكتابين (عند الشيعة) صادر بعلم اليقين عن لسان ترجمان الوحي النبوي، وذلك لأن جميع علوم الأئمة الصادقين تنتهي إلى هذه البحار الذاخرة). (4) 5. قال النعماني المتوفى 462: (ليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة عليهم السلام خلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول). (5) 6. قال ابن الغضائري المتوفى 411: (ينسب إليه هذا الكتاب المشهور). (6) 7. عده الشيخ الحر العاملي في عداد الكتب التي تواترت عن مؤلفيها وعلمت صحة نسبتها إليهم... كوجودها بخط أكابر العلماء وتكرر ذكرها في مصنفاتهم. (7) 8. قال السيد هاشم البحراني المتوفى سنة 1107: (وهو كتاب مشهور معتمد نقل عنه المصنفون في كتبهم). (8)

(هامش)

(1). الفهرست لابن النديم:ص 275. (2). شرح نهج البلاغة: ج 12ص 216. (3). جاء هذا الكلام في كتابه (محاسن الوسائل في معرفة الأوائل) وهو مخطوط. نقلته من الذريعة: ج 2ص 153. (4). منتهى الكلام: ج 3ص 29، ونقله عنه المير حامد حسين في استقصاء الإفحام: ج 2ص 350. (5). الغيبة للنعماني:ص 61. (6). خلاصة الأقوال:ص 83. (7). وسائل الشيعة: ج 20ص 36. (8). غاية المرام:ص 549، الباب 54. (*)

ص 23

9. قال العلامة المجلسي المتوفى سنة 1111: (كتاب سليم بن قيس الهلالي في غاية الاشتهار). وقال أيضا: (كتاب معروف بين المحدثين).(1) 10. قال المحدث النوري المتوفى سنة 1320: (كتابه من الأصول المعروفة وللأصحاب إليه طرق كثيرة). وقال أيضا: (إنه كتاب مشهور معروف نقل عنه أجلة المحدثين). (2) 11. قال المحدث القمي: ((كتاب) معروف بين المحدثين). (3) 12. قال العلامة الطهراني: (كتاب سليم هذا من الأصول الشهيرة عند الخاصة والعامة). (4) 13. قال السيد الأمين العاملي: (كتاب مشهور). (5) 14. قال العلامة الأميني: (كتاب سليم من الأصول المشهورة المتداولة في العصور القديمة). (6) 15. قال العلامة المرعشي النجفي: (كتاب معروف مطبوع منتشر في الأقطار). (7)

(هامش)

(1). بحار الأنوار: ج 1ص 32، ج 8 طبع قديمص 198. (2). مستدرك الوسائل: ج 3ص 73. نفس الرحمن:ص 56. (3). الكنى والألقاب: ج 3ص 243. (4). الذريعة: ج 2ص 153. (5). أعيان الشيعة: ج 35ص 293. (6). الغدير: ج 1 ص 195 الهامش. (7). إحقاق الحق: ج 2 ص 421 الهامش. (*)

ص 24

شهادات أئمة أهل البيت عليهم السلام بشأن سليم وكتابه يتميز كتاب سليم بأنه عرض على ستة من الأئمة المعصومين عليهم السلام فأقروه ووثقوا صاحبه! فقد عرض سليم كتابه على أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام زين العابدين عليهم السلام. كما عرضه أبان بن أبي عياش على الإمام زين العابدين والإمام الباقر عليهما السلام. ثم عرضه حماد بن عيسى - الناقل الرابع للكتاب - على الإمام الصادق عليه السلام أيضا. توثيق أمير المؤمنين عليه السلام لكتاب سليم * روى الفضل بن شاذان في مختصر إثبات الرجعة: ح 1، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام. * وروى الصفار في بصائر الدرجات: ص 198 ح 3، قال: حدثنا محمد بن الحسين عن محمد بن أسلم عن ابن أذينة عن أبان عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام. * وروى الكليني في الكافي: ج 1ص 62، عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام. * وروى ابن جرير الطبري الشيعي في المسترشد:ص 36، عن محمد بن عبد الله بن مهران عن حماد بن عيسى عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام. * وروى الصدوق في الإعتقادات: ص 22 وفي الخصال: الباب 4 ح 131، قال: حدثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.

ص 25

* وروى الصدوق أيضا في إكمال الدين:ص 284، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن نصر عن الحسن بن موسى الخشاب، قال: حدثنا الحكم بن بهلول الأنصاري عن إسماعيل بن همام عن عمران بن قرة عن أبي محمد المدني عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش، قال: حدثنا سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام. * وروى الكشي في إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 321 ح 167 عن محمد بن الحسن، قال: حدثنا الحسن بن علي بن كيسان عن إسحاق بن إبراهيم عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام. * وروى الكراجكي في الإستنصار:ص 10، قال: أخبرني أبو المرجا محمد بن عبد الله بن أبي طالب البلدي، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني رحمه الله، قال: حدثني أحمد بن عبيد الله بن جعفر بن المعلى الهمداني، قال: حدثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن حرب الكندي، قال: حدثني عبد الله بن المبارك عن عبد الرزاق عن معمر عن أبان عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام. * وروى النعماني في الغيبة:ص 49، عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ومحمد بن همام بن سهيل وعبد العزيز وعبد الواحد ابني عبد الله بن يونس عن رجالهم عن عبد الرزاق بن همام عن معمر بن راشد عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام. * وروى النعماني أيضا في الغيبة:ص 49، عن هارون بن محمد قال: حدثني أحمد بن عبيد الله بن جعفر بن المعلى الهمداني، قال: حدثني أبو الحسن عمرو بن جامع بن عمرو بن حرب الكندي قال: حدثنا عبد الله بن المبارك شيخ لنا كوفي ثقة، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام شيخا عن معمر عن أبان بن أبي عياش عن سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام. * وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: ج 1 ص 148 ح 202، قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي، أخبرنا أبو بكر الجرجرائي، أخبرنا أبو أحمد البصري، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عمر بن يونس، قال: حدثني بشر بن المفضل النيسابوري عن عيسى بن يوسف الهمداني عن أبي الحسن بن يحيى، قال: حدثني أبان بن أبي عياش، قال: حدثني سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام.

ص 26

* وروى الحسكاني في شواهد التنزيل: ج 1 ص 35 ح 41، قال: حدثنا محمد بن مسعود بن محمد، قال: حدثنا محمد بن نصير، حدثنا الحسن بن موسى الخشاب، حدثنا الحكم بن بهلول الأنصاري عن إسماعيل بن همام عن عمران بن قرة عن أبي محمد المديني عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش، قال: حدثني سليم عن أمير المؤمنين عليه السلام. * ورواه الحراني(1) في تحف العقول:ص 131، والعياشي في تفسيره: ج 1 ص 14 ح 2، وص 253 ح 177، وجاء ذلك في الحديث 10 من كتاب سليم: قال سليم: قلت لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين، إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ومن الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم. ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله تخالف الذي سمعته منكم، وأنتم تزعمون أن ذلك باطل. أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين ويفسرون القرآن برأيهم؟ قال: فأقبل علي فقال لي: (يا سليم، قد سألت فافهم الجواب. إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وخاصا وعاما، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما...). أقول: تضمن هذا الحديث تأكيد صحة جميع ما في كتاب سليم بإمضاء أمير المؤمنين عليه السلام، وإن خالف ذلك ما دونته مدرسة غاصبي الخلافة.

(هامش)

(1). رواه عن هؤلاء في الصراط المستقيم: ج 2ص 127. فضائل السادات:ص 170. إثبات الهداة: ج 1 ص 543 و544. الذريعة: ج 2ص 152. كفاية المهتدي (للميرلوحي):ص 13. الأربعين (للبهائي): ص 142 ح 21. روضة المتقين: ج 12ص 201. البحار: ج 2ص 228، ج 92ص 99، ج 36ص 273. عوالم العلوم: ج 2 - 3 ص 539 ح 3. كتاب التحفة في الكلام، ورواه عنه في إثبات الهداة: ج 2 ص 200 ح 1007 بالأسناد إلى عيسى بن أيوب الهمداني عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي. كفاية الموحدين للطبرسي: ج 2ص 291، 345. (*)

ص 27

توثيق الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام لكتاب سليم قال سليم (بعد تمام الحديث 10): ثم لقيت الحسن والحسين عليهما السلام بالمدينة بعد ما قتل أمير المؤمنين عليه السلام فحدثتهما بهذا الحديث عن أبيهما، فقالا: صدقت، قد حدثك أبونا علي عليه السلام بهذا الحديث ونحن جلوس وقد حفظنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما حدثك أبونا سواء لم يزد فيه ولم ينقص منه شيئا. توثيق الإمام زين العابدين عليه السلام لكتاب سليم قال سليم (بعد تمام الحديث 10): ثم لقيت علي بن الحسين عليهما السلام وعنده ابنه محمد بن علي عليهما السلام، فحدثته بما سمعت من أبيه وعمه وما سمعت من علي عليه السلام. فقال علي بن الحسين عليه السلام: قد أقرأني أمير المؤمنين عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله السلام وهو مريض وأنا صبي. ثم قال محمد عليه السلام: وقد أقرأني جدي الحسين عليه السلام بعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله - وهو مريض - السلام. قال أبان: فحدثت علي بن الحسين عليه السلام بهذا الحديث كله عن سليم، فقال: صدق سليم. توثيق الإمام زين العابدين عليه السلام لكتاب سليم بعد قرائته * وردت هذه الشهادة في مفتتح كتاب سليم، ورواه الشيخ حسن بن سليمان في مختصر البصائر:ص 40، ورواها الكشي في رجاله: ج 2ص 321، قال: حدثني محمد بن الحسن البراثي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن كيسان عن إسحاق بن إبراهيم بن عمر اليماني(1) عن ابن أذينة عن أبان بن أبي عياش. (2)

(هامش)

(1). استظهر بعضهم أن الصحيح: (عن أبي إسحاق إبراهيم بن عمر اليماني). (2). رواه عنه في البحار: ج 1 ص 76 وج 23 ص 124 وج 53ص 66. وفي إثبات الهداة: ج 1 ص 663 ح 854. وفي وسائل الشيعة: ج 18 ص 72 وج 20ص 12. (3). (ب): فقرأته عليهم فقالوا لي. (4). (ب): كل. (ب) خ ل: كلنا. وفي (د): كله أعرفه. (*)

ص 28

قال أبان: حججت من عامي ذلك (أي عام وفاة سليم) فدخلت على علي بن الحسين عليه السلام، وعنده أبو الطفيل عامر بن واثلة صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله - وكان من خيار أصحاب علي عليه السلام - ولقيت عنده عمر بن أبي سلمة ابن أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله. فعرضته عليه وعلى أبي الطفيل وعلى علي بن الحسين عليه السلام ذلك أجمع ثلاثة أيام - كل يوم إلى الليل - ويغدو عليه عمر وعامر. فقرآه عليه ثلاثة أيام، فقال عليه السلام لي (3): (صدق سليم، رحمه الله، هذا حديثنا كله (4) نعرفه). أقول: تضمنت هذه الكلمة النورانية خمسة أمور: 1. تأييد سليم بصفته محدثا صادقا. 2. الترحم عليه إعلاما بأنه من المرضيين عند الله ورسوله والأئمة عليهم السلام. 3. تقرير ما أورده سليم في كتابه بأنها من أحاديث أهل البيت عليهم السلام الثابتة عندهم. 4. تأكيد صحة جميع ما في كتاب سليم، وأنه ليس مثل الكتب التي يوجد فيها الغث والثمين. 5. التصريح بأن أحاديثه معروفة عند أهل البيت عليهم السلام، وأنها تمثل مذهبهم. توثيق الإمام الباقر عليه السلام لكتاب سليم قال أبان (بعد تمام الحديث 10 الذي مر أنه يؤكد صحة جميع أحاديث الكتاب): فحججت بعد موت علي بن الحسين عليه السلام فلقيت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام فحدثته بهذا الحديث كله لم أترك منه حرفا واحدا. فاغرورقت عيناه ثم قال: صدق سليم قد أتاني بعد أن قتل جدي الحسين عليه السلام وأنا قاعد عند أبي فحدثني (خ ل: فحدثه) بهذا الحديث بعينه. فقال له أبي: صدقت، قد حدثك أبي بهذا الحديث بعينه عن أمير المؤمنين عليه السلام ونحن شهود، ثم حدثاه بما هما سمعا من رسول الله صلى الله عليه وآله.

ص 29

توثيق الإمامين السجاد والباقر عليهما السلام لكتاب سليم * روى الشيخ الكليني في الكافي: ج 1 ص 297 ح 1، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن أذينة عن أبان عن سليم. * وروى الشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 139 ج 484. * وروى الشيخ الطوسي في الغيبة:ص 117، قال: أخبرنا أحمد بن عبدون عن ابن أبي الزبير القرشي عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله بن زرارة عمن رواه عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام. * وروى الشيخ أيضا في التهذيب: ج 9ص 176، عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام. * وروى الطبرسي في أعلام الورى:ص 207، وروى جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي في الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم(1): حدث عبد الرحمن بن حجاج عن أبي عبد الله عليه السلام وعمن رواه عن عمرو بن شمر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن أبي جعفر عليه السلام (2) أنه قال: هذه وصية أمير المؤمنين عليه السلام وهي نسخة كتاب سليم بن قيس الهلالي دفعها إلى أبان وقرأها عليه. قال أبان: وقرأتها علي بن الحسين عليه السلام فقال: (صدق سليم، رحمه الله). توثيق الإمام الصادق عليه السلام لكتاب سليم قال حماد بن عيسى (الناقل لكتاب سليم عن ابن أذينة عن أبان، بعد تمام الحديث 10 التي مرت أسانيدها): قد ذكرت هذا الحديث عند مولاي أبي عبد الله عليه السلام فبكى وقال: صدق سليم، فقد روى لي هذا الحديث أبي عن أبيه علي بن الحسين عليه السلام

(هامش)

(1). الكتاب مخطوط، وتوجد نسخة منه في مكتبة غرب همدان رقمها 1553، ونسخة مصورة منه في مركز إحياء التراث الإسلامي بقم، ونقلته عن مقدمة كتاب سليم للسيد بحر العلوم في الطبعة النجفية:ص 15. (2). رواه عن هؤلاء في إثبات الهداة: ج 1ص 444، 445، ج 2 ص 543 ح 1. البحار: ج 42 ص 212 ح 12، ج 43 ص 322 ح 1. (*)

ص 30

عن أبيه الحسين بن علي عليه السلام، قال: سمعت هذا الحديث من أمير المؤمنين عليه السلام حين سأله سليم بن قيس. توثيق الإمام الصادق عليه السلام لكتاب سليم * وروى العلامة الشيخ عبد النبي الكاظمي في تكملة الرجال: ج 1 ص 467 عن خط العلامة المجلسي في هوامش مرآة العقول(1) عن مختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله القمي بأسانيده. * نقله العلامة الطهراني عنه في الذريعة المخطوطة بيده الموجودة في مركز إحياء التراث الإسلامي بقم. * ورواه العلامة الشيخ الحر العاملي في وسائل الشيعة: ج 20ص 210. * ورواه العلامة الشيخ أحمد الأردبيلي في جامع الرواة: ج 1ص 375. * ويوجد في نسخة العلامة المجلسي التي تاريخها سنة 609، ونسخة الشيخ الحر العاملي التي استنسخت في سنة 1087 على نسخة عتيقة، ونسخة مكتبة كلية الحقوق رقم 29 د، ونسخة مكتبة ملك، ونسخة صاحب الروضات، ونسختين في مكتبة آستان قدس بمشهد رقمهما 8130 و9719، ونسخة السيد أبو القاسم الخوانساري في بمبئي ونسخة السيد الجلالي.

(هامش)

(1). رواه العلامة المامقاني في تنقيح المقال: ج 2ص 54. كما رواه المحدث النوري في مستدرك الوسائل:

ص 31

أقول: أنظر كيف حاز الرجل نصيبه الأوفر من تقرير حديثه من عند الأئمة عليهم السلام حيث صدقه ستة من أئمتنا عليهم السلام، وذلك بصورة يرجع إلى تصديق جميع كتابه وأحاديثه. هذه جملة ما وصل إلينا من تقرير المعصومين عليهم السلام ومزيد عنايتهم بشأن كتاب سليم وأحاديثه. ويكفيه فخرا إذ كان معروفا عند الأئمة عليهم السلام وأنهم ذكروه بخير وقرروا ما نقله من الأحاديث. وهذا بمعنى أن ما في كتاب سليم حق وصدق ومحكم ومحفوظ وليس مثل ما في أيدي الناس الذي هو مخلوط من الغث والثمين.

ص 32

كلمات العلماء في توثيق كتاب سليم استمرار تأييد العلماء للكتاب طيلة أربعة عشر قرنا صدر من أعاظم العلماء - منذ الصدر الأول إلى اليوم - كلمات درية بشأن الكتاب ومؤلفه الجليل. ومما يدل على عظمة الكتاب وغاية اعتباره أنهم نقلوا أحاديث سليم في كتبهم ومروياتهم منذ القرن الأول إلى يومنا هذا في سلسلة متلاحقة لم تنقطع في عصر من العصور بصورة تكشف عن اعتمادهم عليه في الغاية. ويبدء هذه السلسلة من العلماء المؤيدين لكتاب سليم في عصر المؤلف مثل سلمان وأبي ذر والمقداد ونظرائهم. ولقد عرض أبان بعده الكتاب على أبي الطفيل وعمر بن أبي سلمة والحسن البصري وقرءوا جميع الكتاب وصدقوه بأجمعه. ويكفي في ذلك أن نلاحظ رواة كتاب سليم وأحاديثه، فإن أكثرهم من المشايخ الثقات كعمر بن أذينة وحماد بن عيسى وعثمان بن عيسى ومحمد بن إسماعيل بن بزيع والفضل بن شاذان ومحمد بن أبي عمير ومثل ابن أبي جيد ويعقوب بن يزيد وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد بن همام بن سهيل وهارون بن موسى التلعكبري ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن محمد بن عيسى والحسين بن سعيد والخزاز القمي وابن الوليد وابن الغضائري وغيرهم من أجلاء الطائفة المحقة وأعاظم المحدثين. إلى أن يصل دور المؤلفين كابن الجحام وفرات بن إبراهيم والصفار والكليني والنعماني والصدوق والمفيد والسيد المرتضى والكراجكي والشيخ الطوسي والطبرسيين وابن شهرآشوب، ومن بعدهم من المؤلفين كالعلامة والمحقق والشهيد  

الصفحة السابقة الصفحة التالية

كتاب سليم بن قيس الهلالي

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب