انوار البدرين

الصفحة السابقة الصفحة التالية

انوار البدرين

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 241

 

 111 - السيد شبر الستري

 

(ومنهم) العالم المحدث الأجل السيد شبر ابن السيد علي ابن السيد مشعل الستري البحراني الغريفي كان رحمه الله تعالى من العلماء المحدثين والفقهاء المتبحرين والظاهر أن أكثر تحصيله عند علماء الجزائر المعروفين بالأخباريين وله منهم الإجازة وأول تحصيله في البحرين عند العالم الأواه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عباس الستري البحراني وكان مسكنه البصرة تارة والمحمرة أخرى. وله تصانيف منها رسالة سماها (معراج التحقيق إلى منهاج التصديق) مبسوطة في أصول الفقه، ورسالة سماها (مهذب الأفهام في مدارك الأحكام) مختصرة من تلك الرسالة وله رسالة في أجوبة تسع في التوحيد وأصول الفقه من مشكلات المسائل في غاية البسط والتحقيق والمسائل المذكورة لشيخنا العلامة الأمجد الصالح الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح في مبادئ أمره، وله أجوبة مسائل وحواشي على بعض الرسائل وله رسالة في النقض على جواب السيد التقي السيد علي ابن السيد إسحاق البلادي البحراني لمسائل للسيد شبر المذكور (ره) في غاية الجودة والأحكام والجميع عندنا والظاهر أن له غير ما ذكرنا من المصنفات لم أقف عليها وكان شاعرا مفوها. وله أربع مسائل في أصول الفقه تشبه الألغاز أرسلها للعالم الزاهد الصالح الشيخ صالح والد شيخنا الأمجد العلامة الشيخ أحمد فأجابه فيها عنه ابنه شيخنا

ص 242

المذكور جوابا شافيا كافيا مبسوطا في مجلد حسن سماها (الدرر الفكرية في أجوبة المسائل الشبرية) عندنا وكان السيد شبر المذكور في آخر عمره أخذته الغيرة الإيمانية على ما جرى على أهل البحرين من الحكام المتغلبين عليها من الظلم والعدوان وغصبهم الأموال وتشتتهم في كل مكان وأداه نظره واجتهاده وإن لم يوافقه عليه أكثر علماء زمانه إلى جمع العساكر من أهل البحرين والقطيف الساكنين هناك لأخذ بلاد البحرين من أيدي أولئك المتغلبين الظالمين فاقتضى نظره الشريف أن يستند أولا إلى سلطان العجم وهو ناصر الدين شاه القاجاري - ره ليكون له ظهرا ولكون البحرين ملكا للعجم وتغلب عليها أولئك فلما سمع بذلك المتغلبون عليها هنالك أرسلوا إلى حاكم شيراز بالهدايا الكثيرة والبراطيل الوفيرة لكسر سورة ذلك السيد وسافر ذلك السيد إلى شيراز فلم يجتمع به ذلك الحاكم ولم ينظر إلى ما جاء إليه ذلك العالم فبقي في شيراز مقدار أربعة أشهر متكدر الخاطر عادم المعين والناصر إلى أن توفي (قده) بغصته قبل بلوغ أمنيته وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟ والدنيا عدوة الأحرار معاندة للأبرار تغمده الله برحمته وحشره مع آبائه وأئمته.

 

112 - عدنان ابن السيد شبر

 

(ومنهم) ابنه السيد الفاضل رفيع القدر والشأن السيد عدنان خلفه أبوه صغيرا واشتغل بالعلوم في النجف الأشرف وكان ذكيا فطنا زكيا عالما عاملا قرأ في الأوليات عند جماعة من الفضلاء منهم ابن عمه الفاضل الكامل الفطن التقي

ص 243

السيد علي البحراني (ره) من سكنة النجف الأشرف هو وأبوه قديما صحبته وحضرت معه بحث العالم الفقيه الأمين الشيخ محمد حسين الكاظمي أصلا النجفي مدفنا وتحصيلا (قدس سر ونور ضريحه) وهذا السيد النجيب (أعني به السيد علي البحراني) من العلماء النبلاء دقيق النظر له يد طولى في العقليات والهيئة من أهل الغريفة قرية من البحرين، له منظومة في الهيئة شرحها تلميذه وابن عمه السيد عدنان المذكور شرحا حسنا والظاهر أن له منظومة أخرى والظاهر أنه شرحها أيضا ابن عمه المذكور، وله منظومة في المواريث كما سمعته منه وقرأ علي بعضها وله أيضا مصنفات ومناظم ذكرها لي ونسيت أسماءها الآن، (توفي قدس سره) ولم يحضرني تأريخ وفاته تجاوز الله عن سيئاته وضاعف حسناته وللسيد عدنان المذكور مصنفات لم يحضرني الآن معرفتها منها رسالة في الطهارة والصلاة سماها (قبسة العجلان)، ورسالة أكبر منها وله أجوبة بعض المسائل وله شعر حسن وكان شاعرا مطبوعا وهو الآن قاطن في بلدة المحمرة مشتغل بالتصنيف والتدريس أطال الله عمره وسمعت إنه مجاز من فخر الشيعة وركن الشريعة الميرزا محمد حسن الشيرازي ومن الفقيه ذي الشرف شيخنا الشيخ محمد طه نجف تغمدهما الله برحمته وأسكنهما فسيح جنته.

 

113 - محمد بن السيد شرف

 

(ومنهم) السيد السند والركن المعتمد ذو الفضل والشرف السيد محمد ابن السيد شرف الجد حفصي الموسوي البحراني المتوطن أولا مسقط ثم لنجة وبها توفي

ص 244

(قدس الله سره وروحه وتابع فتوحه) في سنة 1319 هج‍، وكان هذا السيد النجيب الجليل عالما عاملا فاضلا كاملا كريما مهيبا وقورا ذا رياضة ربانية اشتغل أولا عند خاله ومربيه الفاضل الشيخ سليمان ابن العلامة الأمجد الشيخ أحمد آل عبد الجبار القطيفي البحراني برهة من الزمان ثم سافر إلى النجف الأشرف لتحصيل العلوم وحضر عند جماعة من فضلائها كالسيد المحقق حجة الإسلام الميرزا حسن الشيرازي وشيخنا العلامة الشيخ محمد حسين الكاظمي (قدس الله سرهما) ونور قبريهما) وغيرهما من فضلائها، ثم زار الإمام الرضا ع ورجع وسكن بلدة لنجة وقطن وبها همى غيث جوده وهتن وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وكان مرجعا لأهل تلك الأطراف ملجأ وموئلا لمن من الفقر والجور يخاف وبيته كعبة للاجئ والأضياف ذابا عن المؤمنين قامعا لأيدي المعتدين مؤيدا من رب العالمين مقيما لشعائر الدين وسمعت مستفيضا أنه يكون في بيته من أطراف البحرين والعجم والعراق المائة والمائتان والثلاث في كثير من الأيام ويتلقاهم بغاية الاكرام وحسن الترتيب والانتظام وكان معظما عند الملوك والحكام، مهابا عند الخاص والعام وربما تنزل النازلة بأحد أمراء العجم التي في تلك الأطراف فيلتجئ إليه فيصلح أمره ويشد على ما أصابه أزره، وبالجملة فهذا السيد الجليل قليل المثيل ومن هذه الجهة لم يتمكن من التصنيف والتدريس والتأليف وكل ميسر لما خلق له ولم أقف على مصنف له إلا جواب بعض المسائل وردت عليه من البحرين من السيد الفاخر السيد باقر ابن المرحوم السيد علي ابن السيد إسحاق البحراني (الآتي ذكره إن شاء الله) فكتب جوابها جوابا شافيا وافيا وهو عندنا بخطه (قدس سره) وحدثني شيخنا الثقة الصالح العلامة أفاض الله عليه شآبيب

ص 245

الكرامة أنه لما اجتمع به السيد المذكور في النجف الأشرف وكان شيخنا زائرا والسيد مجاورا إلتمس السيد منه أن يخمس له أبيات (المعلم الثاني أبي نصر الفارابي) فخمسها له تخميسا جيدا فأعجب به السيد المذكور تغمدهما الله تعالى بالكرامة والحبور والأبيات التي للفارابي الحكيم هي هذه: كمل حقيقتك التي لم تكمل * والجسم دعه في الحضيض الأسفل أتكمل الفاني وتترك باقيا *.... الخ وقد ضاع تخميس شيخنا منه بعد ما ضاع وحصل المطلوب منه والانتفاع وتوفي (قدس سره) ولم يخلف ولدا ذكرا إلا أنه خلف ذكرا جميلا وأجرا جزيلا.

 

114 - السيد عبد القاهر التوبلي

 

(ومنهم) السيد الفاخر الفاضل الماهر السيد عبد القاهر التوبلي البحراني كان رحمه الله تعالى من أفاضل تلامذة العالم المشهور الشيخ حسين آل عصفور مشهورا بالعلم والفضل إلا أني لم أقف على شيء من أحواله ولا شيء من مصنفاته والحوادث التي وقعت على بلاد البحرين، أذهبت أكثر آثارها في البين وحدثني شيخنا الثقة العلامة (أعلى الله مقامه) أن المرحوم الشيخ حسين آل عصفور رأى ليلة من الليال في الطيف إنه أتى إلى محراب مسجده الذي في قريته الشاخورة الذي يصلي فيه الجمعة والجماعة المعروف بمسجد حبيب وبال فيه سبع بولات (أي سبع مرات من البول) فانتبه متكدرا من هذه الرؤيا حتى أنه لم

ص 246

يخرج للبحث والتدريس فلما اجتمعت العلماء والطلبة من أطراف البحرين وغيرها وقد كان العلم رائجا في زمانه كما قدمنا سألوا عما بالشيخ فأخبروا أنه غير طيب النفس ولم يعلموا بالسبب فدخل عليه هذا السيد (صاحب الترجمة) وكان أجرا تلامذته عليه بعد طلب الإستئذان إليه فرآه حزينا كئيبا فسأله عن سبب ذلك فأخبره بما هنالك، فقال له السيد المذكور إن رؤياك هذه حسنة مبشرة ينبغي لك أن تحمد الله عليها وتلبس ثياب المسرة والبشرى إليها فقال له: وما ذاك؟ فقال له السيد إن رؤياك تدل على أن الله تعالى يرزقك سبعة أولاد ذكورا علماء فضلاء وكلهم يخلفونك ويصلون في هذا المسجد أئمة للإنس وكان الشيخ قبل ذلك ليس له ولد ذكر أصلا فلما سمع الشيخ من السيد بتفسيرها وتعبيرها انجلى عنه ما يجده من الهم والثبور وتبدل ذلك عليه بالبشرى والسرور وخرج للتدريس على عادته حامدا مستبشرا فما كان إلا وقت يسير حتى من الله عليه بما ذكره السيد المذكور فرزقه الله سبعة أولاد علماء فضلاء مجتهدين وكلهم صلوا الجماعة والجمعة في ذلك المسجد المزبور والعلم كله في العالم كله إلا ما استأثر الله به دون خلقه واختص به رسله وأنبيائه وأمنائه (صلى الله عليهم أجمعين). ومثل هذه القضية والشئ بالشئ يذكر ما حدثني به شيخنا العلامة بوأه الله في دار المقامة قال (قدس سره) لما كنا في النجف الأشرف آخر زياراته وكان في أيام مرض العالم العامل الفاضل الفقيه الشيخ محمد حسين الكاظمي ذكر لي العالم الفاضل رفيع الشأن الشيخ محمد بن عيثان الأحسائي وكان مجاورا في النجف الأشرف للاشتغال يوما من تلك الأيام أني رأيت البارحة في الطيف كأن العالم الفقيه الشيخ محمد حسين الكاظمي أتى إلى براني الشيخ الفاضل ذي الشرف

ص 247

الشيخ محمد طه نجف وهو المكان الذي يدرس فيه وبال فيه ولم أعلم حقيقة هذه الرؤيا ومعناها فقلت له إن هذه الرؤيا والله العالم تدل على أن الشيخ محمد حسين المذكور يموت وتنتقل رئاسة العلماء إلى الشيخ محمد طه نجف المزبور فما بقى بعد هذه الرؤيا إلا قليلا يوما أو يومين فانتقل إلى رحمة الله ورضوانه وفسيح جنانه وكان الشيخ محمد حسين رئيس العلماء من العرب بل والعجم الذين في النجف وانتقلت الرئاسة للشيخ محمد طه كما عبرنا، انتهى كلامه نقلناه بمعناه (قدس الله جميعا أرواحهم ونور في الملأ الأعلى أشباحهم).

 

115 - حسين ابن السيد عبد القاهر

 

(ومنهم) ابنه الفاضل المحقق السيد حسين ابن السيد عبد القاهر المذكور خرج من البحرين وسكن البصرة تارة والمحمرة أخرى وأكثر سكناه في البصرة وبها توفي، قرأ عليه ابن عم والدي الفاضل الأواه الشيخ عبد الله ابن الحاج محمد ابن الشيخ سليمان في البصرة كتاب (قواعد العقائد) للعالم الرباني الشيخ ميثم البحراني من أوله إلى آخره وهو كتاب عجيب محكم الأدلة مكتوب على آخره الانهاء بخط ابن عمنا ووصفه بأوصاف جليلة ونعوت جميلة وقرأ عليه العالم الفاخر الشيخ ناصر بن نصر الله القطيفي في العلوم العقلية وكان الشيخ ناصر المذكور يبالغ في علمه وفضله وتقواه ونبله وذكر له كرامة حسنة قد شاهدها هو وجميع الحاضرين وهي أنه لما توفي قدس سره وخرجت الشيعة من أهل البصرة مشيعين لجنازته قاصدين بها النجف الأشرف بتشييع عظيم والناس في بكاء وعويل

ص 248

جسيم ومروا بجنازته على العشار المعلوم من البصرة وكانت هناك سفينة فيها جماعة من المخالفين من أهل الكويت وفيهم رجل هو توخذ تلك السفينة فلما رأى كثرة الناس واجتماعهم وصراخهم فأظهر كلاما فيه الشماتة والسرور فما أكمل كلامه حتى وقعت على رأسه قفية وهي خشبة في السفينة لرفع الحبال من آلاتها فأهلكته بلا إمهال وعجل الله له في الدنيا قبل الآخرة النكال والناس يرونه بذلك الحال وله في الآخرة أشد العذاب والوبال، ومن أهل هذا البيت بارك الله عليهم:

 

116 - عبد القاهر التوبلي البحراني

 

(ومنهم) السيد التقي الفاخر المعاصر السيد عبد القاهر بن السيد كاظم التوبلي البحراني المقابي كان (قدس سره) من العلماء الأخيار والنجباء الأبرار خرج من البحرين وسكن بلاد القطيف، ثم مسقط ثم لنجة وبها توفي قدس الله سره ونور قبره رأيت له رسالة في شرح أسماء الله الحسنى وخواصها ومنافعها حسنة، ولا أدري هل له غيره أم لا؟ من المعاصرين ولم أره وسمعت له بعض المراثي على الحسين بن علي عليه السلام جيدة بليغة ولم يحضرني تأريخ وفاته ضاعف الله حسناته.

ص 249

 

 117 - الشيخ عبد علي التوبلي

 

(ومنهم) العالم العامل المحقق الكامل الأديب الأريب الشيخ عبد علي ابن محمد الخطيب التوبلي البحراني كان رحمه الله من فحول العلماء ومن أعاظم الأتقياء الأخيار ولا سيما في العقليات والهندسيات وله المسائل العويصة الدقيقة وقد تضمنته الرسالة الرشيقة المشتملة على علم التوحيد والكيمياء والسلوك وأرسلها إلى العالم الأوحد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي وأجاب عنها جوابا شافيا يليق بها تنبي عن فضل عظيم وعلم جسيم للسائل المذكور وسعة دائرية في العلوم وطول باعه في الرسوم في المجلد الأول من جوامع الكلم وله من المصنفات شرح رسالة العالم الفاضل الشيخ محمد ابن العلامة الشيخ أحمد البلادي البحراني في علم الهيئة مجلد حسن مبسوط يدل على سعة باحثه في العلوم ولا أدري هل له من المصنفات غيره أم لا؟ لأني لم أقف له على ترجمة كأكثر من ذكرناهم ولا تأريخ للوفاة ضاعف الله له الحسنات.

 

118 - الشيخ عبد الله البصري

 

(ومنهم) من أدبائها وعارفيها وشعرائها ومادحيها الشاعر الأديب الماهر الشيخ عبد الله ابن الشيخ أحمد البصري البحراني البلادي، رأيت له ديوان شعر مدائح ومراثي وتواريخ لوفيات بعض علماء البحرين والقطيف ومن

ص 250

شعره ما أجاب به أبا العلاء المعري الذي ينسب إلى الالحاد والزندقة وهو قوله: ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة * وحق لسكان البسيطة أن يبكوا يحطمنا ريب الزمان كأننا * زجاج ولكن لا يعاد له سبك فقال رحمة الله عليه مجيبا لأبي العلاء المعري: تقول بأن الضحك منا سفاهة * وتندب سكان البسيطة أن يبكوا وتزعم أن الدهر فينا محطم * كحطم زجاج لا يعاد له سبك فلو لم يكن عود لنا بعد موتنا * لما قبح الاضلال واستحسن النسك ولو لا ترجينا الثواب وخشية العقاب * بحشر حق أن يحسن الضحك وما الموت إلا راحة واستراحة * عن البؤس يا من قاده الشك والشرك فبشراك يا أعمى البصيرة دائما * عقاب طويل ليس يرجى له فك.

 

119 - الشيخ عبد الله الذهبة الخطي

 

(ومنهم) الأديب الأريب الأواه الشاعر المصقع المطبوع الماهر التقي الحاج

(هامش)

ومنهم العالم الفاضل الفاخر الشيخ ناصر ابن الحاج عبد النبي بن عبد الله ابن ناصر آل الشيخ مبارك الهجري التوبلي توفي قدس سره في سنة 1331 هـ‍ وله من العمر ما يقرب من 65 سنة خمس وستين سنة ولم يحضرني شيء من تأريخ حياته وترجمته تغمده الله عز وجل بعفوه ورحمته وأسكنه فسيح جنانه. حرره عبد الله بن أحمد العرب سنة 1335 هج‍. (*)

ص 251

عبد الله ابن المرحوم الحاج أحمد الذهبة البحراني كان رحمة الله تعالى عليه من أهل قرية جد حفص، سكن مسقط ثم لنجة من توابع إيران وبها انتقل إلى الرحمة والرضوان كان شاعرا ماهرا مجيدا من شعراء أهل البيت *(ع)* وراثيهم ومادحيهم تقيا نقيا لم يوجد مثله في الشعر والمعاني الجيدة وكان بمنزلة المرحوم السيد حيدر الحلي (ره) في العراق بل في بعض الأشعار له التقدم عليه اجتمعت معه في بيتنا في القطيف وقد كان جاء زائرا للمرحوم العلامة الصالح شيخنا الأسعد الشيخ أحمد ابن المرحوم الشيخ صالح، له ديوان شعر رأينا منه مجلدين ضخمين وكان من الأتقياء الأخيار العارفين الأبرار، أسكننا الله وإياه وآبائنا وإخواننا في دار القرار في زمرة محمد وآله الأطهار صلى الله عليهم آناء الليل وأطراف النهار. ومن جملة قصائده القصيدة الغراء التي أولها: أبى الدهر أن يصفر لحر مشاربه. ويقول في آخرها في شأن بنات الرسالة: ولهفي ولا يشفي الذي في ضمائري * بلهفي ولا يخبو من الوجد لاهبه لربات خدر لم تر الشمس وجهها * لها دان أعجام الورى وأعاربه لدى كل وغد ما درى المجد ما اسمه * يجاذبها فضل الردى وتجاذبه.

 

120 - السيد علي البلادي البحراني

 

(ومنهم) العالم العامل التقي النقي السيد علي ابن السيد محمد ابن السيد إسحاق البلادي البحراني كان رحمه الله تعالى من العلماء العاملين والأتقياء الورعين قرأ

ص 252

عند المرحوم الشيخ محمد بن خلف الستري البحراني المتقدم ذكره وعليه قرأ شيخنا العلامة الصالح في أكثر العلوم رأيته وأنا ابن ثمان أو تسع سنوات، له جواب بعض المسائل أرسلها إليه العالم السيد شبر ابن السيد مشعل البحراني المتقدم ذكره في ص 241 وأجاب عنها وأرسلها إليه ونقضها السيد شبر وأرسلها إليه والجميع عندنا ورثاه شيخنا العلامة الصالح بمرثية وموضع التأريخ منها قوله (غاب بدر للهدى) ودفن في مقبرة الشيخ راشد من بلاد القديم من البحرين. ولنختم هذا الباب بترجمة خاتمة العلماء الأطياب وصفوة الفقهاء الأنجاب شيخنا العلامة الأمجد التقي النقي الأرشد الأورع الأحوط الأضبط سلمان دهره وأبو ذر عصره العالم العامل الفاضل الكامل العبد الصالح الرباني:

 

121 - الشيخ أحمد آل طعان

 

(ومنهم) العالم الأعظم الرباني الشيخ أحمد ابن العالم العامل الزاهد العابد المرحوم الشيخ صالح بن طعان بن ناصر بن علي الستري البحراني (قدس الله تربته وعلى في الجنان رتبته) كان رحمه الله تعالى خلاصة علمائها الأخيار وبقية فقهائها الأبرار جامعا لأنواع الكمالات ومحاسن الصفات والحالات في مكان مكين من الورع والتقوى والتمسك بالعروة الوثقى والسبب الأقوى في غاية من التواضع والإنصاف في نهاية حسن الأخلاق والعفاف والكرم الذي لم يزل بيته العالي مناخا للوافدين والأضياف محبوبا عند العوام والخواص من ذوي الوفاق والخلاف، لم أر في العلماء ممن رأيناهم على كثرتهم في الجامعية للكمالات مثله

ص 253

(أعلى الله في دار الكرامة محله). وكان رحمه الله تعالى من أهل سترة جزيرة من البحرين ثم انتقل مع والده إلى قرية المنامة وقرأ عند السيد التقي النقي السيد علي ابن السيد إسحاق (المتقدم ذكره) أكثر العلوم من نحو وصرف ومعاني وبيان وتجويد ومنطق وغير ذلك حتى أذعن هو وغيره له بالفضيلة وبقي مقدار سنتين وأكثر لا يحضر عند أحد لعدم قابلية من في البحرين حينئذ لحضوره عنده مشتغلا بالتصنيف والمطالعة والتأليف وأجوبة بعض المسائل التي ترد عليه وقد قرر شرح الباب الحادي عشر للفاضل الشيخ مقداد السيوري الحلي على العالم الأواه الشيخ عبد الله ابن الشيخ عباس المذكور إذا جاء لقرية المنامة في أثناء قراءته على السيد علي المذكور إلى أن من الله عليه بالتشرف لزيارة العتبات الطاهرة وتفضل عليه بالوصول إلى النجف الأشرف لمجاورة فحضر عند جماعة من فحول علمائها وأساطين فقهائها كشيخنا المحقق المدقق الشيخ مرتضى الأنصاري (ره) والفقيه التقي الشيخ راضي النجفي والفقيه الزاهد الأمين الشيخ محمد حسين ره والزاهد العابد التقي النقي سلمان الزمان الشيخ ملا علي ابن الميرزا خليل الطهراني النجفي وتوفي الشيخ مرتضى (ره) وهو حاضر فرثاه بقصيدتين فريدتين يأتي الكلام عليهما وعلى غيرهما إن شاء الله تعالى، ثم توجه بعد وفاة والده والوالد المرحومين ومن هو السبب في إقامته هناك إلى البحرين ملآنا من العلوم والمعارف يهتف به في محافل أولي الكمال الهواتف وكان له كثير من الرسائل وأجوبة المسائل قبل رواحه النجف الأشرف قد فرط بها آذان أهل الفضل وشنف، وأقام في البحرين مدة ثلاث سنوات ملازما على التدريس والتصنيف والعبادات مواظبا على أنواع الطاعات، ثم سافر

ص 254

لزيارة الأئمة الهداة والمقامات العاليات ثم رجع وسكن في القطيف وشرفت به غاية التشريف لسبب ذكرناه سابقا ملازما للمطالعة التصنيف والتدريس والتأليف مواظبا على طاعة ذي الجلال ملازما لمحاسن الخصال مرجعا لأهلها حالا لمشكلها ثم سافر للزيارة وإلى الإمام الرضا (ع) زاره، ثم رجع إلى القطيف وفي أواخر عمره الشريف صار يتردد إلى البحرين مع بعض الأهل لإرشاد أهلها وإنقاذهم من هلكة الجهل والحين بعد مراسلات من أهلها كثيرة وترددات والتماسات وفيرة حتى هتف به داعي الحمام فأجاب أمر الملك العلام وعرج بروحه المقدسة إلى دار السلام وجوار أوليائه الكرام في ليلة الأربعاء عيد الفطر (أو ثانيه) على الاختلاف في رؤية الهلال من السنة 1315 هج‍. الخامسة عشرة والثلاثمائة والألف من هجرة سيد الأنام عليه وآله أفضل الصلاة والسلام. وقبره المقدس في الحجرة التي فيها قبر العالم الرباني الشيخ ميثم البحراني المتصلة بالمسجد بقرية هلتا من الماحوز من البحرين بوصية منه بذلك، لأنه قد رآه في المنام قبل وفاته بأيام كأنه يعاتبه على تركه الزيارة له والحال أنه من قريب قد زاره فأولها شيخنا بأنه قد طلب جواره، وقد حصل له من التشييع والإكرام ما لم يتفق لأحد من العلماء العظام والملوك والحكام وبعض الكرامات عند دفنه وبعده من قبره في بعض الليالي والأيام وعطلت لفقده الأسواق سبعة أيام وأقيمت له من المآتم العظام في البحرين والقطيف ولنجة والنجف الأشرف وغيرها في سائر بلاد الإسلام ما يزيد على مائة وخمسين مأتما بالمراثي الكثيرة الجسام وسائر النظام ولم تر مثل ذلك اتفق لأحد من مشاهير العلماء

ص 255

الأعلام والسلاطين والحكام (قدس الله نفسه وطهر رمسه) وقد ذكرنا أكثر أحواله بتفصيله وإجماله في رسالتنا المسماة بالحق الواضح في أحوال العبد الصالح. (وله قده) من المصنفات الرشيقة والتحقيقات الدقيقة جملة وافرة منها كتاب (زاد المجتهدين في شرح بلغة المحدثين) والأصل للعالم الرباني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني في علم الرجال ذكر في أوله فوائد وقواعد عجيبة في علم الرجال لم يشرح إلا قليلا مجلد حسن، ورسالة قرة العين في حكم الجهر بالبسملة والتسبيح في الأخيرتين مبسوطة عجيبة، وله (ره) رسالة ثانية مختصرة، وله رسالة ثالثة نقضا لرسالة المعاصر الشيخ علي الستري البحراني كما قدمنا، وله شرح اللمعة، وله كتاب (سلم الوصول إلى علم الأصول) أصول الفقه لم يخرج منه إلا القليل، وله كتاب (إزالة السجف عن موانع الصرف) في النحو مجلد حسن، وله [إقامة البرهان على حلية الأربيان] رد فيها على بعض الشارحين على اللمعة حيث استشكل في حليته وزعم أنه الربيان المنهي عنه في بعض الأخبار وله رسالة في حكم الخارج عن بلد الإقامة سماها منهاج السلامة وله مع علماء البصرة قصة عجيبة يطول ذكرها لإنكارهم فتواه في المسألة فصنف هذه الرسالة وأرسلها إليهم فسلموا وأذعنوا، وله رسالة في الحبوة وما يحبى به الولد الأكبر رجح فيها إدخال الكتب العلمية فيها كما هو قول بعض القدماء ونطقت به بعض الأخبار، وله رسالة في حكم الجمع بين الشريفتين رجح فيها قول صاحب الحدائق بتحريم الجمع، وله رسالة في تحقيق العقل وأقسامه جيدة مليحة وله رسالة في صوم يوم عاشوراء أي العاشر من المحرم وتحقيق خبر ابن وهب رجح فيه كراهة لصوم

ص 256

في ذلك اليوم وأنه إمساك إلى بعد العصر لا صوم، وله كتاب (ملاذ العباد في أحكام التقليد والاجتهاد) مبسوط جيد بذكر الأدلة والأقوال رجح فيه جواز تقليد الأموات من جهة الدليل واحتاط فيه بالمنع لقاعدة الاشتغال وله كتاب [الدرر الفكرية في أجوبة المسائل البشرية] جواب أربع مسائل للسيد شبر مجلد حسن كما تقدم في أصول الفقه وله رسالة جيدة في شرح فقرة من دعاء كميل (ره) وهي (فهبني الخ) وإعرابها وقد سأله عنها العالم الشيخ حسن ابن الشيخ علي بن عصفور البحراني فكتب جوابها معنى وإعرابا مبسوطا وأرسلها إليه فكتب عليها السائل بعض الإيرادات والاعتراضات فأجاب عنها برسالة أيضا جيدة وله أجوبة مسائل كثيرة في دفعات متعددة للسيد باقر ابن أستاذه السيد علي ابن السيد إسحاق البحراني (المتقدم ذكره) وله أجوبة مسائل للشيخ محمد ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ أحمد البحراني متعددة وله أجوبة مسائل للفاضل الشيخ ضيف الله بن سيف وغيره كثيرة مما يبلغ مجلدين وله كتاب (الصحيفة الصادقية) سماها [التحفة الأحمدية للحضرة الجعفرية] مجلد كبير جدا رتبه كترتيب الفقه من الطهارة بدأ أولا بأدعيتها وتوابعها ثم الصلاة ثم الصيام وهكذا مما هو مختص ببحر الحقائق أبي عبد الله الصادق (ع) أو ما رواه عن آبائه (ع) والأحراز والعوذ والاستفتاءات كلها فيها بأتم تتبع وأحسن ترتيب بقدر العلويين البحرانية والطوسية فجزاه الله خير الجزاء وله حواش عليها وله حواش على كتاب الميرزا الكبير في الرجال والنجاشي، وله منظومة كبيرة في الفقه تبلغ الفين وخمسمائة بيت.، نظم نخبته الكاشاني وله المنظومة الجليلة المسماة [بالعمدة نظم الزبدة] للشيخ البهائي في الأصول عجيبة جيدة وله منظومة في الكشكول والسهو

ص 257

مائة وخمسة وعشرون بيتا حسنة جيدة وله منظومة عجيبة في التوحيد غير تامة أيضا وله كتاب (قبسة العجلان في وفاة غريب خراسان) صنفها في جدة عند رجوعه من حج بيت الله الحرام وزيارة النبي وآله الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام وقد حصل لهم عطال كثير في جدة فلما كان قبل وفاة الإمام الرضا (ع) بيوم التمس منه أصحابه ورفقاؤه تصنيف وفاة لقراءتها يوم وفاته عليه السلام ولم تكن عنده كتب في هذا الفن فصنف هذا الكتاب العجيب في يومه وليلته وذكر الروايات المتضمنة لمناقبه ووفاته وأحواله بالمعنى ومزجها بما يناسبها من الأشعار الجيدة له ارتجالا حتى أكملها وقرأها يوم وفاته عليه السلام وكادت تلحق بالمعاجز والكرامات فلما وصل إلى البلاد كتب الروايات بلفظها وهي الآن تقرأ في أطرافنا كالقطيف والبحرين والبصرة ولنجة أحسن ما صنف في هذا الباب فجزاه الله خير جزاء وثواب. وله ديوان شعر في مدح النبي والأئمة عليهم السلام ومراثيهم (ع) وغير ذلك جمعه بعض الأخوان وطبعه بعد وفاته وسماه ب‍ (الديوان الأحمدي) ولم يستوف جميع أشعاره الرائقة لعدم إحاطته بكلها ونحن إن شاء الله تعالى نذكر في ترجمته أكثر ما أهمله إلا ما شذ منها وضاع حفظا لها عن الضياع وقصدا للانتفاع فمنه قوله قدس سره في مدح أمير المؤمنين علي عليه السلام: قالوا: إمدحن أمير النحل قلت لهم: * مدحي له موجب نقصا لمعناه لأن مدحي له فرع بمعرفتي * بذاته وهي سر صانه الله فإن أصفه بأوصاف الأناس أكن * مقصرا إذ جميع الخلق أشباه وإن أزد فوق هذا الوصف خفت بأن * أتيه مثل غلاة فيه قد تاهوا فدع مديحي ومدح الناس كلهم * والزم مديحا له الرحمن أولاه

ص 258

فكل من رام مدحا فيه منحصر * لسانه عن يسير من مزاياه ومنه قوله (قده) في الحث على الإنفاق: يا فاعل الخير والإحسان مجتهدا * أنفق ولا تخش من ذي العرش إقتارا فالله يجزيك أضعافا مضاعفة * والرزق يأتيك أمثالا وأبكارا ومنه قوله أعلى الله مقامه وأزاد إكرامه في رثاء العلامة المحقق الشيخ مرتضى الأنصاري ره من ذرية جابر بن عبد الله الأنصاري الصحابي - رض صاحب المصنفات العجيبة كالمكاسب و الرسائل وغيرهما وقد كان من مشائخه كما تقدم وحاضرا في وفاته ضاعف الله حسناته وصفاته سنة 1281 ه‍ فرثاه بهاتين القصيدتين البديعتين الفريدتين وقد أعجب بهما فحول الشعراء ومصاقع البلغاء وحدثني قدس سره أن السيد السند حجة الإسلام السيد أسد الله الأصفهاني ره كان مغرما بهما غاية ونهاية وكان رحمه الله تعالى يستدعي الشيخ علي الحمامكي قارئ النجف الأشرف وهو الذي تولى إنشادهما في الفاتحة لإنشادهما عليه ولا سيما النونية مرارا عديدة مقدار شهرين أو ثلاثة وهما هاتان أولهما الضادية وهي هذه لله سهم سددته يد القضا * فأصاب كل الخلق حتى من مضى بل قد طوى منشور دين المصطفى * لما طوى نشر الإمام المرتضى الكوكب الدري الذي أنواره * عمت جميع الكون لما أومضا أوما رأيت النجم يبني أنه * قد شاء مركزه الرفيع فقوضا عقدت عليه المكرمات نطاقها * فالآن حق لعقدها أن ينقضا سند عماد قامت الدنيا به * فاليوم حق لها انقلاب وانقضا طود عظيم لا يقوم ببعض ما * قد حاز يذبل بل يضيق به الفضا

ص 259

لولا محبة نفسه لصعودها * للخلد لم يقدر على أن ينهضا فاعجب لمن كان المحكم في القضا * والحكم لم لا رد أحكام القضا أتراه قد كره الدنية فارتضى * التخليد في دار المعزة والرضا؟ أو أن طبع العالم السفلي لم * يك قابلا لكماله فتنهضا؟ أو أن خالقه أحب لقاءه * فأجابه وإلى رضاه تعرضا؟ فليبكه الذكر الحكيم لأنه * قد أحكم الأحكام منه وفرضا وليبكه الدين الشريف لأنه * على قواعده وحل المغمضا وليبكه كل الأنام لأنهم * فقدوا أبا في برهم متمحضا وإليك عز المصطفى والمرتضى * بالمرتضى للمصطفى والمرتضى يا شمس فانكسفي ويا بدر انخسف * فتمام نوركما تصرم وانقضى وعليك يا دنيا العفا فتعطلي * فتمام زينتك النفيسة قد قضى يا كافل الأيتام أيتمت الهدى * والدين والدنيا وأعواد القضا أحييتنا واليوم أنت أمتنا * هل كنت ربا أم وليا مرتضى لله نعشك حيث يهوي دونه * نعش السما والعرش عانقه رضا تالله إن المرتضى قد شب في * قلب الورى لما مضى نار الغضا أنى يبوخ ضرامها إلا إذا * قد قام (قائمنا) الحسام المنتضى فانهض إمام العصر قد عظم البلا * وعظيم بعدك قلبنا قد أمرضا وتلافنا قبل التلاف وثر على * أهل الخلاف بمثل ما منهم مضى ذبحوا الحسين على ظما رفعوا الكريم * على قنا والصدر منه رضضا ذبحوا الرضيع وللحرائر قد سبوا * سبوكم فعلوا الذي لا يرتضى

ص 260

قادوا الإمام أبا الأئمة صاغرا * وجنين فاطم أمكم قد أجهضا يا سيدي ضاق الخناق متى أرى * لجياد خيلك في دماهم مركضا؟ صلى الإله عليكم ما ذكركم * قد طبق الأكوان أو أرضا أضا وسقى ضريح المرتضى صوب الرضا * ما نور مفخره على الدنيا أضا هذا تمام الأولى، والثانية هي هذه: الله أكبر حل عقد الدين * رمي الهدى فهو على العرنين والعلم أصبح لابسا ثوب الأسى * يحكي الحيا بالمدمع المهتون والحق حق عليه إظهار الأسى * بسقوط عقد جمانه المكنون ونضوب ماء حياته شمس التقى * علم الهدى مبديه بعد كمون ظل الإله على الأنام ومن به * يسقى الأنام يتيمة التكوين محيي دروس العلم بعد دروسها * وكذا الأنام بعلمه الميمون سباق حلبات الفضائل كلها * حلال كل عويصة بفنون المرتضي للمصطفى والمرتضى * فليبكياه بمدمع مسخون لا غرو إن بكياه فهو إليهما * خلف وبالتخليف خير قمين حمال أعباء الخلافة قائم * بالعدل في المفروض والمسنون وليبكه شرق البلاد وغربها * وليستجدا هيئة المحزون فلقد نعى جبريل في أفق السما * قد خر نجم الأوليا والدين اليوم نأتي الأرض ننقصها وقد * باء الأنام بصفقة المغبون الله أكبر ما أتاح يد القضا * من فادح قدح الهدى بشجون لولا بقية آل بيت محمد *(القائم) الموعود بالتمكين

ص 261

ساخت بنا الأرض البسيطة بعده * إذ كان حصنا من أشد حصون يا من قضى الإسلام لما أن قضى * لا كان يومك في قضايا كوني ترك الأنام تموج تطلب موردا * إذ غاب عنها مثل.. النون قد حز ناصية العلوم مع العلا * بل حز من ذا الدين كل وتين يا بدر تم قد أضاء إلى الورى * فاغتاله صرف الردى بمنون يا بحر علم فاض رشح عبابه * فسقى القلوب عن الصدى بمعين إن يمس شخصك في اللحود مغيبا * فالعلم فينا منك غير دفين ناداك ربك فاستجبت نداءه * فغدوت تبسم في حجور العين ولقد تسابقت السماء وأرضها * في ضم شخصك مجمع التبيين فقسمت بينهما فروحك في السما * والجسم للأرضين للتحصين فاذهب جميل الذكر منشور اللوى * وإليك في الجنات خير قرين وعليك تترى رحمة الباري متى * ما رنحت ريح الصبا بغصون هذا آخرها *(قلت)* غير خفي على أهل الكمال والأدب ما فيهما من البراعة والبلاغة والطلاوة والحلاوة مع صدق المعنى لأن الشعر أكذبه أعذبه وانظر إلى البيتين الذين في أولهما *(ولقد تسابقت السماء وأرضها)* الخ تجدهما أحلى وأعذب ويستحق أن يكتبا بماء الذهب، بل ربما كتبهما بذلك بعض أهل الكمال والأدب. وقال قدس سره لما دفن الشيخ المرحوم المذكور في باب القبلة من الصحن الشريف العلوي المحبور في الحجرة التي فيها العالمان العاملان ذوو الفضل والشرف الشيخ حسين نجف، والعالم العامل الأفخر الشيخ محسن خنفر تغمدهم الله وإيانا برحمته وجمعنا وإياهم والمؤمنين في دار كرامته مع محمد (صلى الله عليه وآله) وعترته بحقه وآله وعترته وذريته صلى الله

ص 262

عليه وآله وعترته: في باب قبلتنا مقام المرتضى * من كان بابا للإمام المرتضى فكفاه فخرا أنه بحياته * ومماته باب له حاز الرضا وقد كتب هذان البيتان في الكاشي في باب القبلة المذكور مما يلي الحجرة المذكورة وله (قدس سره) القصيدة العجيبة الفريدة التي جاري بها الملك أبا فراس بن حمدان ملك الجزيرة الموصل في ذم بني العباس وهي القصيدة المشهورة التي مطلعها: الدين مخترم والحق مهتضم * وفئ آل رسول الله مقتسم وقد اقترحها عليه الأديب الحاكم الأريب الأسعد الشيخ أحمد ابن الشيخ مهدي ابن نصر الله آل أبي المسعود القطيفي لما كان في البحرين وهو أيضا شاعر زمانه وقد جاراه فيها فعمل شيخنا هذه القصيدة الفريدة التي مطلعها: الحق نور عليه للهدى علم * من أمه مستنيرا قاده العلم وهي طويلة تقرب من مائة وخمسين بيتا في غاية البلاغة والمعاني الجيدة منها قوله (قدس سره ونور قبره): يا حبذا عترة بدء الوجود بهم * وهكذا بهم ينهى ويختتم من مثلهم؟ ورسول الله فاتحهم * وسبطه العقد والمهدي ختمهم! فمن تولى سواهم أنهم ندموا * إذ في الممات على ما قدموا قدموا ومنها قوله (قده): وهل أمية لا أمت بمغفرة * ولا نحت سوحها من رحمة ديم تنوش هدب ذيول للهدى سدلت * من الإله لها الأملاك تحترم ومنها قوله (تغمده الله برحمته) في التخلص إلى ذم بني العباس:

ص 263

ولا كمثل بني العباس لا رقبوا * إلا ولا ذمة بل رحمهم جذموا جنوا بمثل الذي تجني أمية بل * على طنابيرهم زادت لهم نغم وهي طويلة جيدة جليلة ذكر بعض أبياتها في أول وفاة الإمام الرضا (عليه السلام) ومن شعره قوله (رحمة الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطيبين) في جواب بعض النواصب تعالوا إلينا معشر الرفض إن تكن * لكم همة الإنصاف دينوا بديننا مدحنا عليا فوق ما تمدحونه * وسبيتم أصحاب أحمد دوننا جوابه له (قدس الله نفسه وطهر رمسه): تعالوا إلينا معشر النصب نبتهل * وهذا كتاب الله يحكم بيننا مدحنا عليا بالذي الله خصه * ونلعن من باللعن قد خص ربنا كمن فر عن زحف وآذى نبينا * بهجر ومن آوى طريد نبينا وشاهدنا القرآن في آي لا تجد * فهذا كتاب الله يخبر معلنا ومنها قوله (رحمه الله تعالى) في تاريخ بناء مسجده الذي بجنب بيته في قرية (القديح): على التقى أسس هذا البنا * وصار للناس به مأنس عمر بالذكر وفي طاعة * تطيب من رؤيته الأنفس نادى به تاريخ إكماله * يا مسجدا بالذكر قد أسسوا وله أعلى الله مقامه لغز نحوي فقهي: يا فضلاء الأدب * من عجم أو عرب ما قولكم في أجنبي * مورث من أجنبي حال وجود أقرب * ذي نسب لم يحجب

ص 264

جوابه له قدس الله روحه ونور ضريحه : يا سائلا لم يجب * عن لغز مستغرب ذاك مريض طلقا * زوجته على تقى أو ضررا ومطلقا * على خلاف حققا فمات في هذا المرض * لا مرض به عرض بعد تمام العدة * ولم تزوج بعده وهي تمام الحول * فاقنع بهذا القول وله أيضا أعلى الله مقامه وقدس نفسه وطيب رمسه لغز فقهي: أيا علماء العصر هل من مخبر * عن امرأة حلت لصاحبها عقدا فإن طلقت قبل الدخول ففرضها * ثلاثة أقراء تعد لها عدا وإن طلقت بعد الدخول ففرضها * بقرء من الأقراء تأتي به فردا وله أيضا قدس سره ونور قبره لغز نحوي: يا من ببحر النحو يجني الدرر * ما مبتدا ليس له من خبر وليس وصفا لفظ نفي يلي * ولا بالاستفهام شاع الخبر جوابه لمصنف هذا الكتاب وفقه الله لكل خير وصواب: يا أبحر العلم ومأوي الدرر * وجامع المعقول ثم الأثر ذا مبتدى صدر بالنفي في * المعنى فألجأه لحذف الخبر إذ كان فيه فاعل قد غنى * عنه كما جاء ببعض الصور تقول غير ضارب عبيدهم * عبدكم وغير مرضي عمر وله أيضا القصيدة التي في مدح صاحب الزمان عجل الله فرجه وقد تلقت

ص 265

في زمانه وهي عجيبة جدا وقد جاري بها شيخنا البهائي والشيخ جعفر الخطي (ره) مطلعها: سقى عارض الأنوا بوطفاء مدرار * معاهد يهدى من شذا طيبها الساري ولا برحت أيدي اللواقح غضة * توشى برودا من رباها بأزهار لا أحفظ من أولها إلا هذين البيتين ومنها قوله (ره) في (صاحب الزمان - ع): فقم بلغ السيل الزبا وعلا الربا * وهاد وقاد الأرنب الأسد الضاري ففوت بها أثر البهائي وجعفر * وكل بمقدار إقتدار له جاري وله (قدس سره) غير ذلك مما تلف في حياته. وقد رثته شعراء زمانه وعلماء عصره الذين في بلاده وأهل أوانه بمراثي كثيرة نذكر إن شاء الله تعالى قليلا من ذلك الكثير يستدل به على قدرة الجليل الخطير فقد قال أمير المؤمنين (ع) في عهده الكبير لمالك بن الحارث الأشتر النخعي: إنما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسنة عباده المؤمنين، قال العالم الفاضل الأواه الحجة الشيخ حسن علي ابن الشيخ عبد الله بن بدر القطيفي أيده الله في رثاه رحمه الله: طرقتك يا أم العلوم * فقماء تذهب بالحلوم وارتك في الظهر الكواكب * فاقعدي جزعا وقومي وأتتك تنسف راسيات العلم * بالريح العقيم وتلف ألوية الشريعة * رأي عينك كالرقيم خلعت على وجه الزمان * براقع الجهل الفحيم فتغيبت شمس الهداية * في دجا الليل البهيم

ص 266

قطعت يد الدهر القطيعة * ساعد الشرف القديم يا أيها الدهر المشوم * قتلت من دهر مشوم هل تدري ماذا لا دريت * فعلت بالشرع القويم طاحت شظايا قلبه * ما بين أنياب الهموم بمصيبة أحللتها * بفناء أندية العلوم هتف النعي بمن وطا * بنعاله هام النجوم فرمى المكارم من قسي * النعي مبهمة الوجوم سحبت أراقم نعيه * قصدا لأفئدة الشهوم فغدوا ولا أيوب إلا * وهو يعقوب الغموم تذري الحشاشة أدمعا * حمرا أحر من الحميم نسفت رواسي عزة * بزعازع الخطب الجسيم خطب له ذهب الأسى * بحلوم أرباب الحلوم يا مزهرا بحنادس الأسحار * بالذكر الحكيم متململا يبدي الخشوع * تململ الرجل السليم أفديك كم سدلت يد * الإشكال جنح دجا بهيم فطويته ببيان شمس * بيانك الشافي العظيم وقطعت بالبرهان حجة * كل أفاك أثيم حتى إذا شاء الإله * لقاك في دار النعيم عرجت بك الروح الكريمة * نحو بارئها الكريم وأقام جسمك في البسيطة * أن تميد من الرجوم

ص 267

أفديك أحمد من جرت * بثناه ألسنة الخصوم وأحق من لهجت له * الأشراف بالذكر الحكيم لم يبر ذاتك ربها * إلا لإحياء العلوم فأتيت تصدع بالبيان * كما أمرت بلا بجوم آه ولما أن عزمت * على الرحيل إلى النعيم وأردت إهداء الأنام * إلى الصراط المستقيم أوصيت باب علومك * الهادي إلى النهج القويم مصباح ليل المشكلات * إذا أدلهم على عليم سمي عليا مذ علا * شرفا على هام النجوم ولئن جللت فجل في * الإسلام فقدك من عظيم فلقد تجلت شمس علمك * في ابنك البر الكريم ولئن رمى ركن الشريعة * رزء فقدك بالهجوم فبها محمد صالح * لبناء هاتيك الثلوم فليثلجن فؤادها * منه بأنفاس النسيم ولتمسحن بكفه * سيال مدمعها السجوم أعلى أرباب العلا * ومحمدا في كل خيم سعدت بطول بقاكما * الدنيا وأندية العلوم وممن رثاه فأغرب وشنف الأسماع فأعجب إنسان عين الكمال والأدب الفاضل الحجة الزكي المؤتمن الشيخ علي ابن الحاج حسن الجشي قال دام عزه:

ص 268

رمى غايل البين نفس الهدى * فهد قواها وأركانها رمى أحمدا فأصاب الورى * جميعا وأوحش أزمانها فيا ناعيا أحمدا هل ترى * لظى الخطب يا عم إمكانها أيخفى غروب شموس الهدى * على ناظر حل أكوانها فدع نعيه فنفوس الورى * تكاد تفارق جثمانها فلله خطب دهى العالمين * فأصبح ذو اللب حيرانها فويحك يا دهر من ذا رميت * أصبت من الخلق إنسانها فذي المكرمات تصوب الحشا * دموعا لمن شاد بنيانها وتلك المعالي عراها الأسى * لمن عقدت فيه تيجانها وتلك المفاخر قد ألحدت * بقبر تضمن عنوانها ليهنك يا قبر من ذا حويت * حويت العلم وعرفانها حويت الهدى والتقى والندا * بمن فات في السبق أقرانها حويت خليفة آل الرسول * فطلت بعلياه كيوانها فتلك المساجد قد أوحشت * لفقد الذي في الدجا زانها وتلك الشريعة تبكي على * فقيد يبين برهانها تكفل إيضاحها ميتا * تكفله حي تبيانها فأودعها الكتب حفظا لها * وأوصى الذي حاز عرفانها عليا يقوم بأمر الإله * يبين للخلق عنوانها وخلف فينا حميد الخصال * ومن بالتقى فاق أقرانها محمد صالح نجم الفخار * وعين المعالي وإنسانها

ص 269

هو الفرع من أحمد الصالحين * فلا غرو أن طال كيوانها هو الغصن من دوحة المكرمات * فيا سلم الله أغصانها وخلد فينا الوصي الأمين * ومن للعلى شاد أركانها * * * أعترة أحمد من فيهم * الخلائق تألف سلوانها لكم أحسن الله فيه العزا * وجاور في الخلد رحمانها.

 

121 - الشيخ محمد صالح آل طعان

 

(ومنهم) ولده العالم العامل الفاضل الكامل الورع التقي الصالح ابن الصالح الشيخ محمد صالح ابن المقدس العلامة الأرشد الشيخ أحمد ابن العالم الزاهد الشيخ صالح أصلح الله أحوالنا وأحواله وبلغناه وإياه آمالنا وختم بالصالحات والخيرات أعمالنا وأعماله وجعل إلى كل خير مآلنا ومآله هو كأبيه في التقوى والكرم ومحامد الخصال والشيم وخلفه في محاسن الآداب والورع والهمم حتى صار كنار على علم ولقد صدق المثل من أشبه أباه فما ظلم حرس الله عمره السعيد ومتعه بالعيش الرغيد ووفقنا الله وإياه وأبناءنا والمؤمنين لما يحب ويريد أنه الكريم الرحيم المجيد الحميد، له من المصنفات شرح منظومة والده في الشكوك والسهو وله كتاب في الفقه أكثر العبادات، وله كتاب في أدعية مناسك الحج، وله منظومة في الأصول الخمسة مبسوطة جيدة تامة وله كتاب سماه (ذرايع الآمال فيما يخص السنة من الأعمال على نسق الأقبال) وله بعض الأشعار في المراثي (1)

(هامش)

(1) توفي قدس سره ليلة الرابعة على اختلاف في الهلال من شهر شعبان = (*)

ص 270

 

 122 - (مصنف هذا الكتاب)

 

(وأما أحوال) العبد الفقير المذنب الجاني مصنف هذا الكتاب علي بن حسن بن علي بن سليمان البحراني عامله الله بعفوه وغفرانه وفضله وإحسانه وختم له بمغفرته ورضوانه وأحلهم دار كرامته وجنانه بحقه العظيم وبرسوله النبي الكريم وآله أولي التطهير والتعظيم عليه وعلى آله الطاهرين أفضل الصلاة والتسليم، فقد ذكرناها فيما تقدم من إنتقال الوالد المرحوم مهاجرا بعد الحج لزيارة الرسول صلى الله عليه وآله بالمنزل المعروف برابغ تغمده برحمته وبلغه دار كرامته في سنة 1281 هـ‍ ولي من العمر حينذاك ثمان سنوات وقد حفظت الكتاب المجيد وكان مولدي كما أخبرني به بعض أرحامي المطلعين الثقات سنة 1274 ه‍ فكنت مع الوالدة المرحومة حتى وقعت الواقعة العظيمة على بلادنا البحرين سنة 1284 ه‍ التي قتل فيها حاكمها (علي بن خليفة) وغيره فتفرقت أهلها في الأقطار وتشتتوا في الديار فكنت ممن رمته مناجيق الأقضية والأقدار وقذفته نون الآونة والأخطار في بلاد القطيف مع الوالدة المقدسة وقد كان الأمجد الأرشد المرحوم العلامة أعلى الله مقامه في

(هامش)

= المعظم سنة 1333 ه‍ في كربلاء المشرفة ودفن في حجرة من حجرات الصحن الشريف وله أيضا من المصنفات غير ما ذكره الوالد الماجد أيده الله منها كتاب المفزع في أعمال الجمع ورسالة حسنة جيدة في الخمس وكتاب مطول في الأخبار والبسط من الوسائل كثيرا خرج منه مجلدان في الطهارة وكتاب في الأدعية والفوائد حسن وكتاب في أعمال مكة والمدينة حسن وغير ذلك قدس الله سره ونور قبره. (حسين ابن المؤلف) (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

انوار البدرين

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب