ص 120
عليها، فإذا خالف المكلف فيها الحد وتعدى الرسم وأوقع الفعل على الوجه الذي نهى عنه
كان عاصيا آثما وللعقاب واللوم مستحقا، ومحال أن يكون فرائض الله سبحانه معاصي (1)
له والقرب إليه خلافا عليه وما يستحق به الثواب هو الذي يجب به العتاب. فثبت أن
فرائض الله (جل اسمه) لا تؤدي إلا بالطاعات في حدودها، وترك الخلاف عليه في
شروطها. فأما ما كان مفعولا على وجه الطاعة، سليما في شروطه وحدوده وأركانه من خلاف
الله تعالى فإنه يكون مجزيا وإن تعلق بالوجود بأفعال قبيحة لا تؤثر فيما ذكرناه من
الحدود للفرض والأركان، وهذا أصل يتميز بمعرفته ما يجزي من الأعمال مما لا يجزي
منها من المشتبهات، وهو مذهب جمهور الإمامية وكثير من المعتزلة وجماعة من أصحاب
الحديث.
128 - القول في معاونة الظالمين والأعمال
من قبلهم والمتابعة لهم والاكتساب
منهم والانتفاع بأموالهم
وأقول: إن معاونة الظالمين على الحق وتناول الواجب لهم
جايز ومن أحوال واجب، وأما معونتهم على الظلم والعدوان فمحظور لا يجوز مع الاختيار.
وأما التصرف معهم في الأعمال فإنه لا يجوز إلا لمن أذن له إمام الزمان وعلى ما
يشترطه عليه في الفعال، وذلك خاص لأهل الإمامة دون من سواهم لأسباب يطول بشرحها
الكتاب. وأما المتابعة لهم فلا بأس. بها فيما لا يكون ظاهره تضرر (2) أهل الإيمان
واستعماله على الأغلب في العصيان. وأما الاكتساب
(هامش)
معارض ألف. 2 - لضرر ألف وب وج وه. (*)
ص 121
منهم فجايز على ما وصفناه والانتفاع بأموالهم وإن كانت مشوبة حلال (1) لمن سميناه
من المؤمنين خاصة دون من عداهم من ساير الأنام. فأما ما في أيديهم من أموال أهل
المعرفة على الخصوص إذا كانت معينة محصورة فإنه لا يحل لأحد تناول شيء منها على
الاختيار، فإن اضطر إلى ذلك كما يضطر إلى الميتة والدم جاز تناوله لإزالة الاضطرار
دون الاستكثار منه على ما بيناه. وهذا مذهب مختص بأهل الإمامة خاصة، ولست أعرف لهم
فيه موافقا لأهل الخلاف.
129 - القول في الإجماع
وأقول: إن إجماع الأمة حجة لتضمنه
قول الحجة، وكذلك إجماع الشيعة حجة لمثل ذلك دون الإجماع (2). والأصل في هذا الباب
ثبوت الحق من جهته بقول الإمام القائم مقام النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم)، فلو قال وحده قولا لم يوافقه
عليه أحد من الأنام لكان كافيا في الحجة والبرهان. وإنما جعلنا الإجماع حجة به
وذكرناه لاستحالة حصوله إلا وهو فيه إذ هو أعظم الأمة قدرا وهو المقدم على سائرها
في الخيرات ومحاسن (3) الأقوال والأعمال. وهذا مذهب أهل الإمامة خاصة، ويخالفهم فيه
المعتزلة والمرجئة والخوارج وأصحاب الحديث من القدرية وأهل الاجبار.
(هامش)
1 - راجع الوسائل ج 5 الباب الثالث والرابع من أبواب الأنفال ص 375 إلى 386. 2 -
الاجتماع ز. 3 - الأحوال والأقوال والأعمال ألف. (*)
ص 122
130 - القول في أخبار الآحاد
وأقول: إنه لا يجب العلم ولا العمل بشيء من أخبار
الآحاد، ولا يجوز لأحد أن يقطع بخبر الواحد في الدين إلا أن يقترن به ما يدل على
صدق راويه على البيان. وهذا مذهب جمهور الشيعة وكثير من المعتزلة والمحكمة وطائفة
من المرجئة وهو خلاف لما عليه متفقهة العامة وأصحاب الرأي.
131 - القول في الحكاية
والمحكي
وأقول: إن حكاية القرآن قد يطلق عليها اسم القرآن وإن كانت في المعنى غير
المحكي على البيان، وكذلك حكاية كل كلام يسمى به على الإطلاق، فيقال لمن حكى شعر
النابغة: (فلان أنشد شعر النابغة) و(سمعنا من فلان شعر زهيرا) كما يقال لمن امتثل
أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في الدين وعمل به: (فلان يدين بدين رسول الله
(صلّى الله عليه وآله وسلم) (فيطلقون هذا
القول إطلاقا من دون تقييد وإن كان المعنى فيه مثل ما ذكرناه من الحكاية على
التحقيق وهذا مذهب جمهور المعتزلة، ويخالف فيه أهل القدر من المجبرة.
132 - القول
في ناسخ القرآن ومنسوخه
وأقول: إن في القرآن ناسخا ومنسوخا كما أن فيه محكما
ومتشابها بحسب ما علمه الله من مصالح العباد. قال الله - عز اسمه -: (ما ننسخ من
آية أو ننسها نأت بخير، منها أو مثلها). والنسخ عندي في القرآن إنما هو نسخ متضمنه
من الأحكام وليس هو رفع أعيان المنزل منه كما ذهب إليه كثير من
ص 123
أهل الخلاف، ومن المنسوخ (1) في القرآن قوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون
أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج) وكانت العدة بالوفاة بحكم هذه
الآية حولا ثم نسخها قوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن
أربعة أشهر وعشرا). واستقر هذا الحكم باستقرار شريعة الإسلام، وكان (2) الحكم الأول
منسوخا والآية به ثابتة غير منسوخة وهي قائمة في التلاوة كناسخها بلا اختلاف. وهذا
مذهب الشيعة وجماعة من أصحاب الحديث وأكثر المحكمة والزيدية، ويخالف فيه المعتزلة
وجماعة من المجبرة، ويزعمون أن النسخ قد وقع في أعيان الآي كما وقع في الأحكام، وقد
خالف الجماعة شذاذ انتموا إلى الاعتزال، وأنكروا نسخ ما في القرآن على كل حال. وحكى
عن قوم منهم أنهم نفوا النسخ في شريعة الإسلام على العموم، وأنكروا أن يكون الله
نسخ منها شيئا على جميع الوجوه والأسباب.
133 - القول في نسخ القرآن بالسنة
وأقول:
إن القرآن ينسخ بعضه بعضا ولا ينسخ شيئا منه السنة بل تنسخ السنة به كما تنسخ السنة
بمثلها من السنة قال الله عز وجل: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو
مثلها) وليس يصح أن يماثل كتاب الله تعالى غيره، ولا يكون في كلام أحد من خلقه خير
منه، ولا معنى لقول أهل الخلاف
(هامش)
1 - وهو المنسوخ ألف. 2 - وكان حكم الحول منسوخا ب. (*)
ص 124
(نأت بخير منها) في المصلحة، لأن الشيء لا يكون خيرا من صاحبه بكونه أصلح منه
لغيره، ولا يطلق ذلك في الشرع ولا تحقيق اللغة ولو كان ذلك كذلك لكان العقاب خيرا
من الثواب، وإبليس خيرا من الملائكة والأنبياء، وهذا فاسد محال. والقول بأن السنة
لا تنسخ القرآن مذهب أكثر الشيعة وجماعة من المتفقهة وأصحاب الحديث ويخالفه كثير من
المتفقهة والمتكلمين.
134 - القول في خلق الجنة والنار
وأقول: إن الجنة والنار في
هذا الوقت مخلوقتان، وبذلك جاءت الأخبار وعليه إجماع أهل الشرع والآثار، وقد خالف
في هذا القول المعتزلة والخوارج وطائفة من الزيدية، فزعم أكثر من سميناه أن ما
ذكرناه من خلقهما من قسم الجايز دون الواجب، ووقفوا في الوارد به من الآثار وقال من
بقي (1) منهم بإحالة خلقهما. واختلفوا في الاعتلال، فقال أبو هاشم بن الجبائي إن
ذلك محال لأنه لا بد من فناء العالم قبل نشره وفناء بعض الأجسام فناء لسايرها، وقد
انعقد الإجماع على أن الله تعالى لا يفني الجنة والنار، وقال الآخرون وهم المتقدمون
لأبي (2) هاشم خلقهما في هذا الوقت عبث لا معنى له، والله تعالى لا يعبث في فعله
ولا يقع منه الفساد.
(هامش)
1 - نفي منهم د من نفى ذلك منهم ه. 2 - اللام بمعنى على، يعني المتقدمون على أبي
هاشم، لأن رأي أبي هاشم قد ذكره قبلا. وفي نسخة ألف وج ود كابي هاشم، وهذا لا
يستقيم لما مر من ذكر رأي أبي هاشم ودليله. (*)
ص 125
135 - القول في كلام الجوارح ونطقها وشهادته
وأقول: إن ما تضمنه القرآن من ذكر
ذلك. إنما هو على الاستعارة دون الحقيقة، كما قال الله تعالى: (ثم استوى إلى السماء
وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين). ولم يكن منهما
نطق على التحقيق. وهذا مذهب أبي القاسم البلخي وجماعة من أهل العدل ويخالف فيه كثير
من المعتزلة وساير المشبهة والمجبرة.
136 - القول في تعذيب الميت ببكاء الحي عليه
وأقول: إن هذا جور لا يجوز في عدل الله تعالى وحكمته، وإنما الخبر فيه أن النبي
(صلّى الله عليه وآله وسلم)
مر بيهودي قد مات وأهله يبكون عليه، فقال إنهم يبكون عليه وإنه ليعذب ولم يقل إنه
معذب من أجل بكائهم عليه. وهذا مذهب أهل العدل كافة ويخالف فيه أهل القدر والاجبار.
137 - القول في كلام عيسى (عليه السلام) في المهد
وأقول: إن كلام عيسى (ع) كان
على كمال عقل وثبوت تكليف وبعد أداء واجب كان منه ونبوة حصلت له، وظاهر الذكر دليل
على ذلك في قوله تعالى: (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا)، وهذا مذهب
أهل الإمامة بأسرها وجماعة من أهل الشيعة غيرها، قد ذهب إليه نفر من المعتزلة وكثير
من أصحاب الحديث وخالف فيه الخوارج وبعض الزيدية وفرق من المعتزلة.
ص 126
138 - القول في كلام المجنون والطفل وهل يكون فيه كذب أو صدق أم لا؟
وأقول: إنه قد
يكون ذلك فيما يتخصص في اللفظ باسم معين إذ هو معنى مخصوص كقول القائل: (رب
العالمين واحد) و(خالق الخلق بأسرهم اثنان) أو (محمد بن عبد الله بن عبد المطلب
صادق، أو (موسى بن عمران المبعوث على بني إسرائيل كاذب) (1) وما أشبه ذلك. فأما
المبهم من الأخبار في الألفاظ والمعاني فإنه لا يحكم عليه بالصدق والكذب حتى يعلم
القصد من قائله والنية فيه. وهذا مذهب جماعة من أهل العدل منهم أبو القاسم البلخي،
ويذهب إليه قوم من الشيعة العدلية وطائفة من المرجئة، وقد خالف فيه بعض المعتزلة
وجماعة من الخوارج وأصحاب الحديث.
139 - القول في ماهية الكلام
وأقول: إن الكلام هو
تقطيع الأموات ونظامها على وجه يفيد المعاني المعقولات والأصوات عندي ضرب من
الأعراض وليس يصح على الكلام البقاء من حيث يستحيل ذلك على الأعراض كلها، ولأنه لو
بقي الكلام لم يكن ما تقدم من حروف الكلمة أولى بالتأخر ولا المتأخر أولى بالتقدم
وكان ذلك يؤدي إلى فساد الكلام وارتفاع التفاهم به على كل حال. وهذا مذهب جماعة من
المعتزلة وخالف فيه بعضهم وساير المشبهة.
(هامش)
1 - كاذب العياذ بالله ألف. (*)
ص 127
140 - القول في التوبة من المتولد قبل وجوده أو بعده
وأقول: إنه لا يصلح التوبة من
شيء من الأفعال قبل وجودها سواء كانت مباشرة أو متولدة وإن (1) من فعل سببا أوجب به
مسببا ثم ندم على فعل السبب قبل وجود المسبب فقد سقط عنه عقابه وعقاب المسبب وإن لم
يكن نادما في الحقيقة على المسبب ليس لأنه مصر عليه أو متهاون به لكن (2) لأنه لا
يصح له الندم مما لم يخرج إلى الوجود والتوبة مما لم يفعله بعد، غير إنه متى خرج
إلى الوجود ولم يمنعه مانع من ذلك فإن التوبة منه واجبة إذا كان فاعله متمكنا، وهذا
مذهب جمهور أصحاب التولد وقد خالفهم فيه نفر من أهله، وزعموا أن التوبة من السبب
توبة من المسبب. وقال بعضهم إنه بفعله المسبب يكون كالفاعل للمسبب، ولذلك (3) يجب
عليه التوبة منه، والقولان جميعا باطلان لأن التوبة من الشيء لا يكون توبة من غيره،
وقد ثبت أن السبب غير المسبب ولأن السبب قد يوجد ولا يخرج المسبب إلى الوجود بمانع
يمنعه منه.
141 - القول في الزيادات
في اللطيف القول في الأجسام؟ هل تدرك ذواتها أو
أعراضها أو هما معا؟
وأقول: إن الادراك واقع بذوات الأجسام وأعيان الألوان
والأكوان، و
(هامش)
1 - في بعض النسخ أو من فعل د. 2 - كلمتا به ولكن ليستا في ألف. 3 - وكذلك د وج.
(*)
ص 128
ذلك لما يحصل للنفس من العلم بوجود الذاهب في الجهات حسا وليس يصح على الأعراض
الذهاب في الجهات، كما إنه قد يدرك الشيء على ما وصفناه فقد يدرك فيه ما يقبض البصر
ويبسطه ويدرك ما يكون في مكانه ويخرج به عنه، ولا فرق بين من زعم أن الادراك إنما
هو للألوان والأكوان دون الجواهر والأجسام، وبين من قلب القضية وزعم أن الادراك
إنما هو للأجسام (1) دون ذلك، بل قول هذا الفريق أقرب لأن كثيرا من العقلاء قد شكوا
في وجود الأعراض ولم يشك أحد منهم في وجود الأجسام وإن ادعى بعضهم أنها مؤلفة من
أعراض. وهذا مذهب جمهور أهل النظر، وقد خالف فيه فريق منهم.
142 - القول في الأجسام
هل يصح أن يتحرك جميعها بحركة بعضها؟
وأقول: إنه لا يصح ذلك كما لا يصح أن يسود
جميعها بسواد بعضها ولا يبيض ولا يجتمع ولا يتفرق، ولأن المتحرك هو ما قطع
المكانين، ومحال أن يكون اللابث قاطعا. وهذا مذهب جماعة كثيرة من أهل النظر، وقد
خالف فيه كثير أيضا منهم وهو مذهب أبي القاسم البلخي وغيره من المتقدمين.
(هامش)
1 - من هنا إلى كلمة وإن ادعى يعني جملة (دون ذلك بل قول هذا الفريق أقرب لأن كثيرا
من العقلاء قد شكوا في وجود الأعراض ولم يشك أحد منهم في وجود الأجسام) سقطت عن
نسخة ألف وب وه. (*)
ص 129
143 - القول في الثقيل
هل يصح وقوفه (1) في الهواء الرقيق بغير علاقة ولا عماد؟
وأقول: إن ذلك محال لا يصح ولا يثبت، والقول به مؤد إلى اجتماع المضادات، وهذا مذهب
أبي القاسم البلخي وجماعة من المعتزلة وأكثر الأوائل، وخالفهم فيه البصريون من
المعتزلة، وقد حكي أنه لم يخالف فيه أحد من المعتزلة إلا الجبائي وابنه وأتباعهما.
144 - القول في الجزء الواحد
هل يصح أن توجد فيه حركتان (2) في وقت واحد؟
وأقول: إن
ذلك محال لا يصح من قبل أن وجود الحركة الواحدة يوجب خروج الجسم من مكانه إلى ما
يليه، فلو وجدت فيه الحركتان لم يخل القول في ذلك من أحد وجهين: إما أن يقطع بهما
(3) مكانين في حالة واحدة وذلك محال، أو أن يقطع بإحديهما ولا يكون للأخرى تأثير
وذلك أيضا فاسد محال، ولا معنى لقول من قال إن تأثيرها سرعة قطعه للمكان لأن السرعة
إنما تكون في توالي قطع الأماكن دون القطع الواحد للمكان الواحد. وهذا مذهب أبي
القاسم وجماعة كثيرة من أهل النظر، وقد خالف فيه فريق من المعتزلة وجماعة من أصحاب
الجهالات.
(هامش)
1 - وقوعه ز. 2 - حركات ألف. 3 - منهما ألف وب. (*)
ص 130
145 - القول في الجسم هل يصح أن يتحرك بغير دافع؟
وأقول: إنه لو صح ذلك بأن توجد
فيه الحركة اختراعا كما يزعم المخالف لصح وقوف جبل أبي قبيس (1) في الهواء بأن
يخترع فيه السكون من غير دعامة ولا علاقة، ولو صح ذلك لصح أن يعتمد الحجر الصلب
الثقيل على الزجاج الرقيق وهما بحالهما فلا ينكسر الزجاج وتتخلل النار أجزاء القطن
وهما على حالهما فلا تحرقه، وهذا كله تجاهل يؤدي إلى كل محال فاسد، وإلى هذا القول
كان يذهب أبو القاسم وجماعة الأوائل وكثير من المعتزلة، وإنما خالف فيه أبو علي
الجبائي وأبو هاشم ابنه ومن تبعهما.
146 - القول في الحركات هل يكون بعضها أخف من
بعض؟
وأقول: إن ذلك محال لما قدمت من القول في استحالة وجود الحركتين في جزء واحد
في حال واحد، وإنما يصح القول في المتحرك بأنه (2) أخف من متحرك غيره وأسرع، ولا
يستحيل في ذلك في الأجسام. وهذا أيضا بذهب أبي قاسم وأكثر أهل النظر، وقد خالف فيه
فريق من الدهرية. وغيرهم.
(هامش)
جبل إلى هذا القول في الهواء ألف. 2 - لأنه ه. (*)
ص 131
147 - القول في ترك الانسان ما لم يخطر بباله
وأقول: إن ذلك جايز كجواز إقدامه على
ما لا يخطر بباله، ولو كان لا يصح ترك شيء إلا بعد خطوره بالبال ما جاز فعله إلا
بعد ذلك، وليس للفعل تعلق بالعلم ولا بخطور البال من حيث كان فعلا. وهذا مذهب جمهور
أهل العدل، وقد خالف فيه فريق منهم وجماعة أهل الجبر.
148 - القول في ترك الكون في
المكان العاشر والانسان في المكان الأول
وأقول: إن ذلك محال باستحالة كونه في
العاشر وهو في الأول، ولو صح أن يترك في الوقت ما لا يصح (1) فعله فيه لصح أن يقدر
في الوقت على ما لا يصح قدرته على ضده فيه وهذا باطل بإجماع أهل العدل، وليس بين
جمهور من سميناه خلاف فيما ذكرناه وإن خالف فيه شذاذ منهم على ما وصفناه.
149 -
القول في العلم والألم هل يصح حلولهما في الأموات أم لا؟
وأقول: إن ذلك مستحيل غير
جايز، والعلم باستحالته يقرب من بداية العقول، ولو جاز وجود ميت عالم (2) آلم لجاز
وجوده قادرا ملتذا مختارا، ولو
(هامش)
1 - ما يصح ألف وب ود. 2 - كلمة عالم سقطت عن ألف. (*)
ص 132
صح ذلك لم يوجد فرق بين الحي والميت، ولما استحال وجود متحرك ساكن وأبيض أسود وحي
ميت، وهذا كله محال ظاهر الفساد، وعلى هذا المذهب إجماع أهل النظر على اختلاف
مذاهبهم وقد شذ عن القول به شاذون نسبوا بشذوذهم عنه إلى السفسطة والتجاهل.
150 -
القول في العلم بالألوان هل يصح خلقه في قلب الأعمى أم لا؟
وأقول: إن ذلك محال لا
يصح كما يستحيل خلو (1) العاقل من العلم بالجسم وهو موجود قد اتصل به شعاع بصره من
غير مانع بينهما، وكما أنه لا يصح وجود العلم بالمستنبطات في قلب من لا يمكنه
الاستنباط لعدم الدلائل وفقدها، كذلك يستحيل وجود العلم بالألوان لمن قد فقد ما
يتوسط بين العاقل وبين معرفة الألوان من الحواس. وهذا مذهب أبي القاسم (2) وكثير من
أهل التوحيد، وقد خالفهم فيه جماعة من المعتزلة وسائر أهل التشبيه.
151 - القول
فيمن نظر وراء العالم أو مد يده
وأقول: إنه لا يصح خروج يد ولا غيرها وراء العالم
إذ كان الخارج لا يكون خارجا إلا (3) بحركة والمتحرك لا يصح تحركه إلا في مكان،
وليس وراء العالم
(هامش)
1 - خلق ألف. 2 - أبي القاسم البلخي ألف وب. 3 - كلمة إلا سقطت عن ب. (*)
ص 133
شيء موجود فيكون مكانا (1) أو غير مكان، وإذا لم تصح حركة شيء إلى خارج العالم لم
تصح رؤية ما وراء العالم، لأن الرؤية لا تقع إلا على شيء موجود تصح رؤيته باتصال
الشعاع به أو محله، وليس وراء العالم شيء موجود ولا معلوم فضلا عن موجود. وهذا مذهب
أبي القاسم وسائر أهل النظر في أحد القسمين وهو الرؤية، ومذهبه مذهب (2) أكثر أهل
التوحيد في الحركة، ويخالفهم فيه نفر يسير.
152 - القول في إبليس أهو من الجن أم من
الملائكة؟
وأقول: إن إبليس من الجن خاصة، وإنه ليس من الملائكة ولا كان منها، قال
الله تعالى: (إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه)، وجاءت الأخبار متواترة (3)
عن أئمة الهدى من آل محمد (عليهم السلام) بذلك، وهو مذهب الإمامية كلها. وكثير من
المعتزلة وأصحاب الحديث. تم كتاب أوائل المقالات والحمد لله رب العالمين وصلى الله
على محمد (4) وآله الطاهرين.
(هامش)
1 - مكان د وه وج. 2 - ومذهب ه. 3 - المتواترة ألف وب. 4 - محمد خاتم النبيين
وآله الطيبين الطاهرين ألف وب. (*)
ص 134
هذه الزيادة كان خرجها (1) وسأل (2) الشيخ المفيد أبا عبد الله محمد بن النعمان -
تغمده الله برحمته - السيد الشريف الرضي ذو الحسبين أبو الحسن محمد (3) بن الشريف
الأجل الطاهر الأوحد أبي أحمد الموسوي - قدس الله روحه - ليضاف (4) إلى (أوائل
المقالات) بسم الله الرحمن الرحيم.
153 - القول في العصمة ما هي؟
أقول: إن العصمة في
أصل اللغة هي ما اعتصم به الانسان من الشيء كأنه امتنع به عن الوقوع فيما يكره،
وليس هو (5) جنسا من أجناس الفعل، ومنه قولهم: (اعتصم فلان بالجبل) إذا امتنع به،
ومنه سميت (العصم) وهي وعول (6) الجبال لامتناعها بها. والعصمة من الله تعالى هي
التوفيق الذي يسلم به الانسان مما يكره إذا
(هامش)
1 - كلمة خرجها غير موجودة في ألف. 2 - في نسخة د هكذا (سأل الشيخ المفيد قدس الله
روحه عنها السيد الشريف محمد بن الحسين الرضي الموسوي قدس سره ليضاف إلى أوائل
المقالات). 3 - كلمة محمد غير موجودة في ه. 4 - جملة (ليضاف إلى أوائل المقالات)
غير موجودة في نسخة ج. 5 - ليست هي. 6 - وقوع الجبل ه. (*)
ص 135
أتى بالطاعة، وذلك مثل إعطائنا رجلا غريقا حبلا ليتشبث به فيسلم، فهو إذا أمسكه
واعتصم به سمي ذلك الشيء عصمة له لما تشبث وسلم به من الغرق ولو لم يعتصم به لم يسم
(عصمة)، وكذلك سبيل اللطف إن الانسان إذا أطاع سمي (توفيقا) و(عصمة)، وإن لم يطع لم
يسم (توفيقا) ولا (عصمة)، وقد بين الله ذكر هذا المعنى في كتابه بقوله: (فاعتصموا
بحبل الله جميعا)، وحبل الله هو دينه، ألا ترى أنهم بامتثال أمره يسلمون من الوقوع
في عقابه، فصار تمسكهم بأمره اعتصاما، وصار لطف الله لهم في الطاعة عصمة، فجميع
المؤمنين من الملائكة والنبيين والأئمة معصومون لأنهم متمسكون بطاعة الله تعالى.
وهذه جملة من القول في العصمة ما أظن أحدا يخالف في حقيقتها، وإنما الخلاف في حكمها
(1) كيف تجب وعلى أي وجه تقع، وقد مضى ذكر ذلك في باب عصمة الأنبياء وعصمة نبينا -
عليه وعليهم الصلوة والسلام - وهي في صدر الكتاب، وهذا الباب ينبغي أن يضاف إلى
الكلام في الجليل، إن شاء الله تعالى.
154 - القول في أن النبي (صلى الله عليه
وآله) بعد أن خصه الله بنبوته كان كاملا يحسن الكتابة
إن الله تعالى لما جعل نبيه
(صلّى الله عليه وآله وسلم) جامعا لخصال الكمال كلها وخلال المناقب بأسرها لم تنقصه منزلة بتمامها يصح له
الكمال ويجتمع فيه الفضل، والكتابة فضيلة من منحها فضل ومن حرمها نقص، ومن الدليل
على ذلك أن الله تعالى جعل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) حاكما بين الخلق في جميع ما اختلفوا فيه فلا
بد أن
(هامش)
1 - حكمتها ألف. (*)
ص 136
يعلمه الحكم في ذلك، وقد ثبت أن أمور الخلق قد يتعلق أكثرها بالكتابة فتثبت بها
الحقوق وتبرئ بها الذمم وتقوم بها البينات وتحفظ بها الديون وتحاط بها الأنساب،
وأنها فضل تشرف المتحلي به على العاطل منه، وإذا صح أن الله (جل اسمه) قد جعل
نبيه بحيث وصفناه من الحكم والفضل ثبت أنه كان عالما بالكتابة محسنا لها. وشيء آخر
وهو أن النبي لو كان لا يحسن الكتابة ولا يعرفها لكان محتاجا في فهم ما تضمنته
الكتب من العقود وغير ذلك إلى بعض رعيته، ولو جاز (1) أن يحوجه الله في بعض ما كلفه
الحكم فيه إلى بعض رعيته لجاز أن يحوجه في جميع ما كلفه الحكم فيه إلى سواه وذلك
مناف لصفاته ومضاد لحكمة باعثه، فثبت أنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) كان يحسن الكتابة. وشيء آخر وهو قول
الله سبحانه: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم
ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن (2) كانوا من قبل لفي ضلال مبين)، ومحال أن يعلمهم
الكتاب وهو لا يحسنه كما (3) يستحيل أن يعلمهم الحكمة وهو لا يعرفها، ولا معنى لقول
من قال: (إن الكتاب هو القرآن خاصة) إذ اللفظ عام والعموم لا ينصرف عنه إلا بدليل،
لا سيما على قول المعتزلة وأكثر أصحاب الحديث. ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: (وما
كنت تتلوا من قبله من كتاب و
(هامش)
1 - جملة (ولو جاء أن يحوجه الله في بعض ما كلفه الحكم فيه إلى بعض رعيته) سقطت عن
نسخة ب فصار قوله لجاز الخ جزاء بلا شرط. 2 - من كلمة (وإن كانوا) إلى قوله (وهو لا
يعرفها) سقط من نسخة ب. 3 - جملة (كما يستحيل أن يعلمهم الحكمة وهو لا يعرفها) سقطت
عن نسخة ه. (*)
ص 137
لا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون)، فنفي عنه إحسان الكتابة وخطه قبل النبوة خاصة
فأوجب بذلك إحسانه لها بعد النبوة، ولولا أن ذلك كذلك لما كان لتخصيصه النفي معنى
يعقل (1)، ولو كان حاله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في فقد العلم بالكتابة بعد النبوة كحاله قبلها لوجب إذا
أراد نفي ذلك عنه أن ينفيه بلفظ يفيده لا يتضمن (2) خلافه فيقول له: (وما كنت تتلوا
من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذ ذاك، ولا في الحال)، أو يقول: (لست تحسن
الكتابة ولا تأتي (3) بها على كل حال)، كما إنه لما أعدمه قول الشعر ومنعه (4) منه
نفاه عنه بلفظ يعم الأوقات فقال الله: (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) وإذا كان
الأمر على ما بيناه ثبت أنه - صلى الله عليه وآله - كان يحسن الكتابة بعد أن نبأه
الله تعالى على ما وصفناه. وهذا مذهب جماعة من الإمامية ويخالف فيه باقيهم وسائر
أهل المذاهب والفرق يدفعونه وينكرونه.
155 - ومما يضاف إلى الكلام في اللطيف القول
في إحساس الحواس
وأقول: إن الحس كله بمماسة (5) ما يحس به المحسوس واتصاله به أو
بما
(هامش)
1 - بفعل ألف. 2 - لا ينقض د. 3 - يتأتى منك د. 4 - جملة (منعه منه نفاه عنه بلفظ
يعم الأوقات فقال الله وما علمناه الشعر وما ينبغي له) سقطت عن نسخة ه. 5 - كله
مماسة ألف وه. (*)
ص 138
يتصل به أو بما ينفصل عنه أو بما يتصل بما ينفصل عنه، وذلك كالبصر فإن شعاعه لا بد
من أن يتصل بالمبصر أو بما ينفصل عنه أو بما يتصل بما ينفصل عنه، ولو كان يحس به
بغير اتصال لما ضر الساتر والحاجز ولا ضرت الظلمة ولكان وجود ذلك وعدمه في وقوع
العلم سواء. فإن قال قائل: أفيتصل شعاع البصر بالمشتري وزحل على بعدهما؟ قيل له: لا
ولكنه يتصل بالشعاع المنفصل منهما فيصير كالشئ الواحد لتجانسهما وتشاكلهما. وأما
الصوت فإنه إذا حدث في أول (1) الهواء الذي يلي الأجسام المصطكة وكذا فيما يليه من
الهواء مثله ثم كذلك إلى أن يتولد في الهواء الذي يلي الصماخ فيدركه السامع. ومما
يدل على ذلك أن القصار يضرب بالثوب على الحجر فيرى مماسة الثوب الحجر ويصل الصوت
بعد ذلك فهذا دال على ما قلناه من أنه يتولد في الهواء هواء بعد هواء إلى أن يتولد
في الهواء الذي يلي الصماخ، وأما الرائحة فإنه تنفصل من جسم ذي الرائحة أجزاء لطاف
وتتفرق في الهواء، فما (2) صار منها في الخيشوم الذي يقرب من موضع ذي الرائحة
أدركه، وأما الذوق فإنه إدراك ما ينحل من الجسم فيمازج رطوبة اللسان واللهوات،
ولذلك لا يوجد طعم ما لا ينحل منه شيء كاليواقيت والزجاج ونحوها، والطعم والرائحة
لا خلاف في أنهما لا يكونان إلا بمماسة (3)، واللمس في الحقيقة هو الطلب (4)
(هامش)
1 - أوائل ب. 2 - مما ألف. 3 - بحاسة د. 4 - طلب للشئ يشعر به د. (*)
ص 139
للشئ ليشعر به ويحس وحقيقته الشعر. وهذه جملة على اعتقادها أبو القاسم البلخي
وجمهور أهل العدل وأبو هاشم الجبائي يخالف في مواضع منها.
156 - القول في الاجتهاد
والقياس
أقول: إن الاجتهاد والقياس في الحوادث لا يسوغان للمجتهد ولا للقائس، وإن
كل حادثة ترد فعليها نص من الصادقين (عليهم السلام) يحكم به فيها ولا يتعدى إلى
غيرها، بذلك جاءت الأخبار الصحيحة والآثار الواضحة عنهم (صلوات الله عليهم) وهذا
مذهب الإمامية خاصة، ويخالف فيه جمهور المتكلمين وفقهاء الأمصار. وهذا آخر (1) ما
تكلم به السيد الشريف الرضي - رضي الله عنه وأرضاه - وصلى الله على محمد النبي
الأمي وعلى آله كثيرا طيبا.
(هامش)
1 - وقد بقي فصل آخر استخرجه شيخ الإسلام الزنجاني قده عن كتاب سيد بن طاوس مما
نقله عن أوائل المقالات. (*)
ص 141
الحواشى والتعليقات
للعلامة الحجة الشيخ فضل الله
الشهير بشيخ الإسلام الزنجاني
والحاج عباسقلى ص. وجدي (واعظ چرندابي)
ص 143
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
سيدنا الشريف النقيب - 33 / 5. لم يصرح باسم
الشريف الذي صنف الكتاب له، والمترجح أنه هو السيد الشريف الرضي محمد بن الحسين -
قدس سره - كما ذكرنا قرائن ذلك في التمهيد الذي صدرنا به الكتاب. ز. المقدمة: من
ذهب إلى العدل من المعتزلة - 33 / 8. القول بالعدل وتنزيه الباري عن فعل الظلم
والقبح يشترك فيه الشيعة والمعتزلة ولذلك يطلق العدلية على كلا هذين الفريقين إلا
أن بينهم بعض مخالفات في فروع مسائله تصدى المصنف ببيانها في مواضعه من هذا الكتاب.
ز.
المقدمة
اللطيف من الكلام - 33 / 10. اللطيف من الكلام أبحاث مختلفة حول مسائل
لا تدخل تحت المسائل الأصلية من علم الكلام وإن كانت لها ارتباط ومناسبة بها، وكثير
منها مما بحث عنه الفلاسفة في كتبهم ومؤلفاتهم وراج البحث عنها في الألسنة بعد
ترجمة كتب الفلسفة إلى
ص 144
العربية، وتعرض لها المتكلمون وعنونوها في ضمن أبحاثهم وأبدوا آراءهم ونظرياتهم
فيها. وقد أفرد أبو محمد ابن حزم الظاهري الأندلسي مجلدا من كتابه (الفصل في الملل
والنحل) لذكر هذه المسائل فقال: (الكلام في المعاني التي يسميها أهل الكلام
باللطائف) فذكر فيها أمثال هذه المسائل التي ذكرها المصنف من مباحث الجواهر
والأعراض، والحركة والسكون، والتولد والطباع والمعارف وغيرها. وقد استعمل أبو
الحسين الخياط المعتزلي هذه اللفظة في موارد كثيرة من كتابه الموسوم ب (الانتصار)
الذي رد به على ابن الراوندي في نقضه على الجاحظ في (فضيلة المعتزلة)، مرادفا
للمسائل الغامضة والدقيقة من المسائل الكلامية مما يحتاج إلى إمعان النظر وإعمال
الروية فيها، فقال في سياق كلام له عن أبي الهذيل العلاف والدفاع عما نسب إليه من
الأقاويل: (فإنما ذكر الكلام في فناء الأشياء وبقائها والقول في المعاني والكلام في
المعلوم والمجهول والكلام في التولد والكلام في إحالة القدرة على الظلم والكلام في
المجانسة والمداخلة والكلام في الانسان والمعارف، وهذه أبواب من غامض الكلام
ولطيفه) انتهى. وقد تكرر منه هذا التعبير في الكتاب المذكور. وكذا قد خصص أحمد بن
يحيى بن المرتضى اليمني المتوفى سنة 840 هـ من أفاضل أئمة الزيدية القائمين في
اليمن جزءا من كتابه (البحر الزخار) لذكر هذه المسائل وسماه ب (رياض الأفهام في
اللطيف من الكلام). ز. المقدمة: ما كان وفاقا منه لبني نوبخت - 33 / 11. بنو نوبخت
بيت معروف من الشيعة منسوبون إلى نوبخت الفارسي المنجم، نبغ منهم كثير من أهل العلم
والمعرفة بالكلام والفقه والأخبار والآداب، واشتهر منهم بعلم الكلام جماعة أشهرهم
أبو سهل إسماعيل بن علي النوبختي وأبو محمد الحسن بن
ص 145
موسى النوبختي، وكان لهم إلمام بالفلسفة وسائر علوم الأوائل ونظر في الأصول واطلاع
على الكتب الفلسفية المترجمة إلى العربية في عهد الدولة العباسية. ومن هذه الجهة
كان لبعضهم مخالفات يسيرة في خصوص بعض المسائل مع سائر متكلمي الإمامية وأهل الفقه
والحديث منهم تعرض المصنف لجملة منها في أثناء فصول هذا الكتاب وأشار إلى من
يوافقهم في تلك المسائل أو يخالفهم. ز. القول 1: فاستغاثه الذي... - 34 / 6 سورة
القصص 15: وقد اعتمدنا بعدد الآيات في هذه الرسالة وما يليها من رسالة (تصحيح
الاعتقاد) على المصحف المفسر المطبوع على الحجر بمصر حوالي سنة 1323 هـ والمفسر هو
العلامة البحاثة الأستاذ محمد فريد وجدي صاحب (دائرة معارف القرن الرابع عشر أو
العشرين ط 2 مصر). چ. القول 1: وإن من شيعته لإبراهيم - 34 / 9. سورة الصافات: 83.
القول 1: الجارودية - 37 / 2. اختصاص الجارودية بصحة الاتسام بسمة التشيع من جهة
أنهم يقدمون أمير المؤمنين (عليه السلام) ويقولون إنه أفضل الخلق بعد رسول الله
(صلّى الله عليه وآله وسلم) وأن الإمامة كانت له (عليه السلام) ولم يكن يجوز لأحد أن يقوم مقامه، ومن
دفعه عن ذلك المقام فهو مخطئ هالك. ويرون أن النص عليه بالإمامة كان بالوصف دون
التسمية بمعنى أن النبي وإن لم يصرح باسمه. إلا أنه نص عليه بأوصاف واضحة لم يكن
يوجد إلا في شخصه ويجعلون ذلك بمنزلة النص عليه باسمه، وأن الأمة قصروا حيث لم
يتعرضوا للوصف ولم يطلبوا الموصوف.
ص 146
والجارودية منسوبة إلى أبي الجارود زياد بن منذر العبدي كان من أصحاب أبي جعفر
الباقر (عليه السلام) وتغير لما خرج زيد بن علي (عليه السلام). ز. القول 1: اسم
الاعتزال - 37 / 7. قال قاضي القضاة أحمد بن خلكان المتوفى سنة 681 هـ في كتابه
المعروف (وفيات الأعيان) 1 ذيل ترجمة واصل بن عطاء * ما نصه: وذكر السمعاني المتوفى
سنة 562 في كتاب الأنساب * * في ترجمة المعتزلي أن واصل بن عطاء كان يجلس إلى الحسن
البصري - رضي الله عنه - فلما ظهر الاختلاف وقالت الخوارج بتكفير مرتكب الكبائر،
وقالت الجماعة بأنهم مؤمنون وإن فسقوا بالكبائر فخرج واصل بن عطاء عن الفريقين وقال
إن الفاسق من هذه الأمة لا مؤمن ولا كافر منزلة بين منزلتين، فطرده الحسن عن مجلسه
فاعتزل عنه وجلس إليه عمرو بن عبيد فقيل لهما ولأتباعهما معتزليون. قال علامة اليمن
نشوان بن سعيد في (شرج رسالة الحور العين) 2: وسميت المعتزلة معتزلة لقولهم
بالمنزلة بين المنزلتين، وذلك أن المسلمين اختلفوا في أهل الكبائر من أهل الصلاة،
فقالت الخوارج هم كفار مشركون. وقال بعض المرجئة: إنهم مؤمنون لإقرارهم بالله
ورسوله وبكتابه وبما جاء به رسوله وإن لم يعملوا به، وقالت المعتزلة: لا نسميهم
بالكفر ولا بالإيمان ولا يقولون إنهم مشركون ولا مؤمنون ولكن يقولون إنهم فساق
فاعتزلوا القولين جميعا وقالوا بالمنزلة بين المنزلتين فسموا بالمعتزلة. ومن الناس
من يقول إنا سموا معتزلة لاعتزالهم مجلس الحسن بن أبي الحسن البصري، وكان الذي
اعتزله عمرو بن عبيد ومن تبعه، ذكر ذلك ابن قتيبة في المعارف 3. چ.
(هامش)
1 - ج 2 ص 302 طبع إيران. 2 - ص 204 - 205. 3 - انظر أمالي السيد المرتضى ج 1 ص 114
طبع مصر. (*)
ص 147
* قال محمد بن إسحاق النديم في كتابه القيم (الفهرست): كان واصل بن عطاء الغزال
طويل العنق جدا حتى عابه بذلك عمرو بن عبيد، وذلك أنه لما حضر واصل يوم أراد مناظرة
عمرو فرآه عمرو من قبل أن يكلمه قال: أرى عنقا لا يفلح صاحبها. فسمعه واصل فلما سلم
وجلس قال لعمرو: أما علمت أن من عاب الصنعة فقد عاب الصانع لتعلق ما بينهما؟
فاسترجع عمرو وقال لا أعود إلى مثلها يا أبا حذيفة، ثم ناظره واصل فقطعه، وله من
التصانيف... وكتاب المنزلة بين المنزلتين... وكانت ولادته في سنة 80 للهجرة بمدينة
رسول الله وتوفي سنة 1 131. چ. * * وفي (الأنساب) هكذا: المعتزلي، هذه النسبة إلى
الاعتزال وهو الاجتناب والجماعة المعروفة بهذه العقيدة إنما سموا بهذا الاسم لأن
أبا عثمان عمرو بن عبيد البصري أحدث ما أحدث من البدع واعتزل مجلس الحسن البصري
وجماعة معه، فسقوا المعتزلة واعتقادهم مشهورة معروفة يطول ذكرها 2. چ. القول 1:
فتابعه عمرو بن عبيد - 37 / 9. اختلف الباحثون في وجه تسمية هذه الفرقة بهذا الاسم
وعلة إطلاق الاعتزال عليهم كما يجده المراجع إلى كتب المقالات ككتب البغدادي
واليمني والشهرستاني وغيرهم. وقد ارتأى بعض متأخري الباحثين من الإفرنج ومن سواهم
في ذلك آراء وافتراضات بعيدة عن الصواب لا نتعرض لذكرها. وهؤلاء كثيرا ما يعرض لهم
الخطاء في أمثال ذلك الأبحاث، ويميلون إلى آراء وظنون لا نصيب لها من الصواب بمجرد
الاعتماد والركون إلى أوهام ومناسبات افتراضية ويتخيلونها كأنها حقائق راهنة. وما
أورده المصنف - قدس سره - هو أشهر ما قيل في ذلك، يؤيده تصريحات
(هامش)
1 - انظر تكملة الفهرست ص 1 من طبعة ممر 1348 ه، چ. 2 - وجه الورقة 536 طبع اروبا.
(*)
ص 148
أكابر أهل الفن مضافا إلى قرب زمانه من زمن حدوث هذه التسمية ومعاصرته لبعض أكابر
المعتزلة كأبي القاسم البلخي والقاضي عبد الجبار الرازي وأبي سعيد الاستخري وأبي
الحسين البصري وغيرهم مما يظهر شهرة ما أورده من وجه التسمية في ذلك الزمان وعدم
تعرض منهم لخلافه. ز. القول 1: وإن دان بالمخلوق والماهية - 38 / 8. كان ضرار بن
عمرو الضبي الغطفاني ممن صحب شيخي المعتزلة واصل بن عطا وعمرو بن عبيد ثم تبع جهم
بن صفوان في القول بخلق أفاعيل العباد برأت منه المعتزلة. والقول بالمخلوق هو مقالة
المجبرة إن كل ما يكون في العبد من كفر وإيمان وطاعة ومعصية فالله تعالى فاعله ولا
فعل للعبد في شيء منها، والقول بالمهية هو ما كان يزعمه أن لله تعالى ماهية لا
يعلمها إلا هو خلافا لجمهور المعتزلة وسائر الفرق وقد حكى الشهرستاني هذه المقالة
عن أبي حنيفة وجماعة من أصحابه أيضا 1. ز. القول 1: ما ذهب إليه في معاني الصفات -
38 / 9. لم أقف على وجه مخالفته لسائر الشيعة في باب أسماء الله الحسنى إلا ما نسب
إليه من إطلاق لفظة أنه جسم لا كالأجسام والذي حكى رجوعه عنه، وقد سأل عن الإمام
أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن اشتقاق أسماء الله تعالى
فأجابه بما هو موجود في كتب محدثي الإمامية كالكليني 2 والصدوق - قدس سرهما -
(هامش)
1 - الملل والنحل ج 1 ص 114. 2 - انظر باب معاني الأسماء واشتقاقها من كتاب (أصول
الكافي) للمحدث الكليني - قدس الله سره - ص 63 و81 من شرح الكافي (مرآة العقول) ج 1
طبع إيران للعلامة المجلسي - رحمة الله عليه - چ. (*)
ص 149
وليس في الرواية المذكورة مخالفة لما عليه سائر الشيعة بل يستفاد من تلك الرواية
جلالة قدره وعظم محله عند الإمام (عليه السلام). أما ما ذهب إليه في معاني الصفات
فيحتمل أن يكون إشارة إلى ما نسب إليه في ألسنة أهل المقالات من أنه كان يقول: إن
القدرة والسمع والبصر والحياة والإرادة في الله تعالى صفات لا يقال إنها قديمة أو
محدثة وإنها ليست هي هو، ولا غيره كما نسبه إليه البغدادي والشهرستاني وغيرهما. وفي
أمر هذه النسب إليه وإلى سائر متكلمي الشيعة تأمل حيث لم ينقل ذلك عنهم إلا بواسطة
خصومهم من المعتزلة كالنظام والجاحظ وغيرهما ممن لا يمكن الاعتماد عليهم بمجردها
لاتهامهم بالتحامل والتشنيع عليه إذ كان لسنا نظارا ومجادلا حاضر البديهة يناظر
هؤلاء ويفحمهم، فقد ذكر المسعودي خبر مناظرته لأبي الهذيل وقطعه إياه. ويذكره
الشهرستاني في كتابه ويقول: وهذا هشام بن الحكم صاحب غور في الأصول لا يجوز أن يغفل
عن إلزاماته على المعتزلة، وكثيرا ما كانوا يرددون أمثال هذه العبارات في مقام
الجدل والمناظرة ويجري على ألسنتهم لإلزام الخصوم أو استخراج ما عندهم من الجواب
فينسبها خصومهم إليهم تشنيعا فليس يبقى اعتماد على ما حكي عنهم من هذا القبيل،
والمصنف حكى ما نفل عنهم في ألسنة أهل المقالات وسيشير في موضع آخر إلى ترديده في
صحة أمثال هذه النسب إليه وأنها من تخرصات المعتزلة عليه. ز. القول 3: والعامة
المنتسبون إلى الحديث - 39 / 14. تكرر ذكر اسم هذه الفرقة في الكتاب وهؤلاء هم
الذين كانوا يأخذون بظواهر الأحاديث والروايات بغير تأويل قيما يجب فيه التأويل أو
طرح لما يلزم فيه الطرح. والعلة في ذلك أن السنة النبوية لم تكن مجموعة ومدونة في
عصر الرسالة حتى لا يتطرق إليها الزيادة والنقصان والتحريف والتصحيف، وكانت متفرقة
بين
ص 150
الصحابة ممن أدركوه وأخذوا منه وفيهم المكي والمدني والبدوي والحضري وغيرهم، فكانوا
هم المرجع في ما سمعوه عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أو شاهدوه من أفعاله وتقريره، وكثيرا ما
كان يعرض لهؤلاء سهو أو نسيان أو تصحيف من جهة طول المدة بين استماعهم وروايتهم. ثم
انقضى عصر الصحابة وجاء بعدهم الطبقات المتلاحقة من التابعين وأتباعهم ومن تأخر
عنهم، وقد زاد أمر الحديث المروي اختلالا من جهة ما حصل فيه من الوضع والتدليس
والكذب وما ولده فيه الزنادقة وغيرهم ترويجا لأباطيلهم أو طعنا في أحكام الإسلام
على تفصيل نبه عليه العلماء في مواضعه. وقد راج ذلك على بعض غفلة المحدثين فأودعوا
هذه الروايات في كتبهم فأتى من بعدهم من رأى تلك الأحاديث موجودا في الكتب ومرويا
إليهم عمن يثقون به من أمثالهم فقبلوها على علاتها حتى ما كان منها يخالف الكتاب
والسنة القطعية الثابتة أو ما يناقض بعضها بعضا أو يخالف العقل اغترارا بأنها
أحاديث صحيحة مروية. وقد كان تفاقم أمرهم من جهة اتباع السواد الأعظم من عامة الناس
لهم في أواسط الدولة العباسية وجرى من أجل ذلك ما لا يسع المقام لذكره، وهؤلاء هم
العامة المنتسبون إلى الحديث الذين كانوا يلقبون بالحشوية أيضا لقبولهم للأحاديث
المحشوة بالأباطيل وتدينهم بالاعتقاد بمضامينها من أنواع الأباطيل والمنكرات 1 على
تفصيل لا يسعه المقام ونبه عليه أهل الفن في مؤلفاتهم. ز. القول 3: المتسمون - 40 /
6. انظر (القاموس) ذيل مادة (وسم). چ.
(هامش)
1 - قال في (الحور العين): وسميت الحشوية لأنهم يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في
الأحاديث المروية عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أي يدخلونها فيها وليست منها. ص 204. چ. (*)
ص 151
القول 5: على أنهم لفسقهم في النار مخلدون - 43 / 3 قال الشيخ المفيد - رحمه الله -
في تأليفه (الجمل) أو (النصرة في حرب البصرة): واجتمعت الشيعة على الحكم بكفر
محاربي علي ولكنهم لم يخرجوهم بذلك عن حكم ملة الإسلام إذ كان كفرهم من طريق
التأويل كفر ملة ولم يكفروا كفر ردة عن الشرع مع إقامتهم على الجملة منه وإظهار
الشهادتين والاعتصام بذلك عن كفر الردة المخرج عن الإسلام وإن كانوا بكفرهم خارجين
من الإيمان مستحقين اللعنة والخلود في النار حسبما قدمناه، وكل من قطع على ضلال
محاربي علي من المعتزلة فهو يحكم عليهم بالفسق واستحقاق الخلود في النار ولا يطلق
عليهم الكفر ولا يحكم عليهم بالإكفار والخوارج تكفر أهل البصرة وأهل الشام
ويخرجونهم بكفرهم الذي اعتقدوا فيهم عن الإيمان 1. چ. القول 7: إن التكليف لا يصح
إلا بالرسل - 44 / 9. هذا هو البحث المعنون في كتب المتأخرين بعنوان وجوب البعثة
وقد نسبوا الخلاف في إلى الأشاعرة والمصنف خص وفاق الإمامية في هذه المسألة إلى
البغداديين من المعتزلة لكن في التجريد وغيره نسبة الوفاق إلى المعتزلة بدون تخصيص.
ز. القول 8: في الفرق بين الرسل والأنبياء - 45 / 3. انظر مجمع البحرين للشيخ
الطريحي المتوفى 1087 ه. مادة (نبأ) و(عزم). چ. القول 9: وتقلبك في الساجدين - 45
/ 16. سورة الشعراء: 218، 219.
(هامش)
1 - ص 14 طبع نجف. (*)
ص 152
القول 9: إن عمه أبا طالب - رحمه الله - مات مؤمنا - 46 / 3. الدلائل من الآثار
المروية والمأثورة على إيمانه - رحمه الله - وإنه إنما كان لا يظهر إيمانه على ملاء
من الناس استعدادا لحفظ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ونصرته وتأييده وأن لا يجد قريش فيه مساغا
للقول والطعن، كثيرة، والأبيات المنسوبة إليه في ذلك مذكورة في كتب السير والأخبار
لا ينكرها إلا معاند، وللمصنف في هذا الباب رسالة مختصرة 1 أورد فيها كثيرا منها
مما يدل دلالة واضحة على إيمانه، وقال في أولها إنه قد أشبع الكلام في ذلك في كثير
من كتبه وأماليه المشهورات. ز. القول 10: في معنى الرجعة اختلاف - 46 / 7. الاختلاف
الذي أشار إليه هو أن جماعة من الشيعة كانوا يؤولون الأخبار الواردة في الرجعة على
طريق الاستفاضة إلى رجوع الدولة ورجوع الأمر والنهي إلى الأئمة (عليهم السلام)
وإلى شيعتهم وأخذهم بمجاري الأمور دون رجوع أعيان الأشخاص 2، والباعث لهم على هذا
التأويل هو عجزهم عن تصحيح القول بها نظرا واستدلالا وإثبات عدم استحالتها عقلا.
ومحققو الإمامية حيث صححوا هذا المعنى وبينوا عدم لزوم محال عقلا في القول بها
لعموم قدرة الله على كل مقدور وعدم منافاتها للتكليف قبلوا الأخبار بدون
(هامش)
1 - ولا تزال تلك الرسالة النفيسة مخطوطة، ويوجد بلطف الله تعالى نسخة منها في
مكتبتنا الخاصة التي تضم بعض نفائس المخطوطات ونوادرها. چ. 2 - قال العلامة الإمام
السيد محسن العاملي مد ظله في تأليفه القيم (أعيان الشيعة) ج 1 ص 132 ط 1 دمشق ما
نصه: سئل الشريف المرتضى علم الهدى في المسائل التي وردت عليه من الري عن حقيقة
الرجعة فأجاب: بأن الذي تذهب إليه الشيعة الإمامية أن الله تعالى يعيد عند ظهور
المهدي قوما ممن كان تقدم موته من شيعته وقوما من أعدائه، وأن قوما من الشيعة
تأولوا الرجعة على أن معناها رجوع الدولة والأمر والنهي من دون رجوع الأشخاص وإحياء
الأموات. چ. (*)
ص 153
تأويل لمضامينها وأجابوا عن الشبه الواردة عليها. والذي وقع في عبارة الكتاب من
وجوب رجعة كثير من الأموات لعل لفظ وجوب من زيادة النساخ إذ المراد تصحيح القول
بالرجعة نظرا إلى ورود تلك الأخبار المستفيضة لا إثبات وجوبها، وقد تعرض المصنف
لذلك بأبسط من هذا المقام مع عدم ذكر الوجوب كما هيهنا في فصل آخر. ز. القول 11:
محمد بن شبيب - 46 / 15. محمد بن شبيب متكلم بصري وافق المعتزلة في بعض الآراء
والمرجئة في بعض آخر. قال البغدادي: إنه وقف في وعيد مرتكبي الكبائر وأجاز من الله
مغفرة ذنوبهم من غير توبة، والشهرستاني عد محمد بن شبيب من أصحاب النظام وقال: إنه
خالفه في الوعيد وفي المنزلة بين المنزلتين. ز. القول 17: المفاضلة بين الأنبياء
والملائكة - 49 / 13. انظر (بحار الأنوار) ج 14 ص 359 طبع أمين الضرب للعلامة
الحافظ مولانا محمد باقر المجلسي من أعاظم علماء الإمامية، توفي سنة 1111 هـ وهذا
الكتاب خمسة وعشرون مجلدا ضخما يحوي مقالات شرعنا في كل علم وباب آية أو رواية أو
حكمة أو تحقيق أو تاريخ حتى كاد أن يكون كدائرة معارف كبرى للعلوم الإسلامية. وقال
العلامة العليم السيد هبة الدين الشهرستاني الشهير في تأليفه المنيف (الهيئة
والاسلام): لم يعمل مثله أي مثل البحار في الإسلام حتى الآن 1. قال المحدث الجليل
القمي - رحمة الله عليه - في ديباجة فهرسه لكتاب البحار الذي سماه (سفينة
(هامش)
1 - ج 1 ص 16 طبع بغداد. (*)
ص 154
بحار الأنوار) 1: لم تأت الدهور بمثله - أي بمثل البحار - حسنا وبهاء. لم ير
الناظرون ما يدانيه نورا وضياء... لم يعهد في الأزمان السالفة شبيهه صدقا ووفاء وهو
كتاب جامع لدرر أخبار الأئمة الأطهار ومشتمل على أنواع العلوم والحكم والأسرار. چ.
القول 17: ووافقهم عل ذلك أصحاب الحديث - 50 / 1. انظر ملحق الأمالي للسيد المرتضى
2. چ. القول 18: لاهي هو ولا غيره - 52 / 2. لم يكن في الصدر الأول وزمن الصحابة
والتابعين خوض في هذه المسائل وتدقيق عن معانيها بل كانوا يثبتون لله - تعالى شأنه
- ما أطلقه على نفسه من صفاته مع نفي المماثلة والمشابهة بدون تعرض للتأويل أو
الفرق بين صفات الذات والفعل ولما نشأت المعتزلة وتكلموا في هذه المسائل وبحثوا عن
معانيها أخذ السلف من أهل الأثر أيضا يتكلمون فيها. وإذ كانت المعتزلة ينفون أن
يكون لله تعالى صفات غير ذاته قابلهم جماعة من أهل الأثر والحديث بالمبالغة في
الاثبات وانها صفات قديمة قائمة بالذات ولم يكونوا يتجاوزون عن أمثال هذه التعبيرات
وكان بعض. هؤلاء مثل عبد الله بن سعيد والقلانسي والمحاسبي يحتجون عليها بمناهج
كلامية غير مضبوطة حتى جاء الأشعري وانحاز إلى حزبهم وأيد مقالاتهم بالحجج الكلامية
على طرق خصومهم من المعتزلة إذ كان هو في بدء أمره متلمذا على أبي علي الجبائي
وعارفا بمناهج أبحاثهم ثم رجع عن مسلك المعتزلة وانتصر لمقالة السلف، فأبدع هذه
المقالة التي أشار إليها
(هامش)
1 - مجلدين طبع النجف. 2 - ص 382 طبع طهران 1272 ه. چ. (*)
ص 155
المصنف - قدس سره - وقال إنه قول لم يسبقه إليه أحد ممن قبله. ز. القول 19: فارق به
سائر أهل التوحيد - 52 / 10. أبو هاشم الجبائي أحد شيوخ المعتزلة ورؤسائهم الثلاثة
الذين افترقت المعتزلة على مذاهبهم، وقد سلك المتأخرون كالقاضي عبد الجبار بن أحمد
الرازي وغيره مسلكه واتبعوا طريقته، وقد اشتهر في كتب الكلام نسبة القول بالأحوال
إليه، وقد خالفه في ذلك سائر المعتزلة، فمنشأ الخلاف أنهم قالوا لا خلاف في إثبات
تعلق بين الصفة والموصوف كالعالم والمعلوم والقادر والمقدور وغيرهما، وإنما الخلاف
في أن ذلك التعلق هل هي بين الذات العالمة وبين المعلوم أو بين صفة قائمة بالذات
حقيقة مغايرة لها وبين المعلوم، فذهبت طائفة إلى أنها بين الذات وبين المعلوم،
وذهبت جماعة إلى أنها بين الذات والصفة وسماها أبو هاشم ومن تبعه (حالا) وقال إن
كون العالم عالما حال وصفة وراء كونه ذاتا وهكذا في الباقي وقال: (إنها لا موجودة
ولا معدومة ولا معلومة ولا مجهولة) وقد قال بنظير هذا القول أبو بكر الباقلاني وأبو
المعالي الجويني أيضا من الأشعرية ولكن لم يكن قولاهما موجودا في زمان المصنف لتأخر
زمانهما عن عصره فلذلك نسب الخلاف إلى أبي هاشم وحده وقال إنه فارق به سائر أهل
التوحيد والكلام على هذه الأحوال نفيا وإثباتا مذكور في محله من كتب الكلام
والمقالات وسيشير المصنف - قدس سره - في فصل آخر إليها إشارة إجمالية وله - قدس سره
- كلام لطيف في هذا المعنى حكاه عنه الشريف المرتضى في كتاب (الفصول المختارة) 1.
قال: سمعت الشيخ (يعني المفيد) يقول ثلاثة أشياء لا تعقل وقد اجتهد المتكلمون في
تحصيل معانيها من معتقديها بكل حيلة فلم يظفروا منهم إلا بعبارات
(هامش)
1 - ج 2 ص 128 و129 طبع العراق چ. (*)
ص 156
تناقض المعنى فيهما مفهوم الكلام: اتحاد النصرانية وكسب النجارية وأحوال البهشمية،
ومن ارتاب فيما ذكرناه في هذا الباب فليتوصل إلى إيراد معنى منها معقول أو الفرق
بينهما في التناقض والفساد ليعلم أن خلاف ما حكمنا به هو الصواب وهيهات. ز. القول
19: وارتكب أشنع من مقال أهل الصفات - 52 / 11. هم القائلون بأن لله تعالى صفات بها
كان موصوفا بمفاهيمها، وله علم به كان عالما، وقدرة بها كان قادرا، وهكذا في سائر
الصفات. ولما كانت المعتزلة ممن ينفون الصفات بهذا المعنى بالغ بعض هؤلاء في
الإثبات إلى حد التشبيه بصفات المخلوقين تعالى عن ذلك، وهم الذين قصدهم المصنف في
كلامه. ز. القول 19: إطلاق القول عليه بأنه مخلوق - 53 / 3. وردت آثار كثيرة عن طرق
الإمامية بالنهي عن القول في القرآن أنه مخلوق، إذ كانت هذه اللفظة قد يرد في اللغة
بمعنى المكذوب والمفتعل قال الله تعالى: (إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون
إفكا) 1 وقال (عز وجل) حكاية عن منكري التوحيد: (ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة
إن هذا إلا اختلاق) 2. فكان إطلاق هذه اللفظة في حق القرآن موهما لكونه كذبا
واختلاقا على ما كان يزعمه المشركون والملاحدة وسائر أهل الضلال، لذلك وقع المنع من
إطلاقها في ذلك المقام وأجيز إطلاق ما لا يوهم مثل هذا المعنى كلفظ (محدث) وإنه
كلام الله وكتابه ووحيه وتنزيله مما يفيد أنه غير أزلي وليس بقديم إذ كان وقع إطلاق
هذه القبيل من الألفاظ عليه في نفس كلام الله.
(هامش)
1 - سورة العنكبوت / 17. 2 - سورة ص / 7. (*)
ص 157
وقد وقع بسبب هذه المسألة مشاجرات وفتن في أيام الدولة العباسية بين المعتزلة وأهل
الحديث واضطهاد لأهل الحديث ومحنة ليس المقام مقتضيا لذكرها. ز. القول 19: وكذلك
أقول في الصفات 53 / 16. لا خلاف في جواز إطلاق الأسماء والصفات على الباري تعالى
إذا ورد به إذن الشرع وعدم جوازه في صورة ورود منع شرعي منه، ووقع الخلاف في ما لم
يرد فيه رخصة أو منع وكان موصوفا بمعناه، فقال قائلون بعدم افتقاره إلى التوقيف
والإذن الشرعي إذا كان معناه حاصلا في حقه تعالى ولم يكن إطلاقه موهما لما يستحيل
في حقه تعالى، وقال آخرون إلى احتياجه إلى الإذن والتوقيف، وفصل آخرون بين الاسم
والصفة، فمنع في الأول وأجاز في الثاني. ومذهب الإمامية هو ما اختاره المصنف - قدس
سره - لتطابق الأخبار المأثورة من أهل البيت (عليهم السلام) عليه، وإذ ليس مأخذ
الجواز والمنع في هذا الباب دليلا عقليا واجب الاتباع أو لفظيا لغويا يتكلم في صحته
وفساده لا يبقى إلا الرجوع إلى التوقيف، فيقتصر على موارد الإذن الشرعي كما اختاره
المصنف. القول 20: وإن المعنى في جميعها العلم خاصة - 54 / 5. غرضه - قدس سره - أن
استحقاق ذاته تعالى وتقدس لهذه الصفات ليس من جهة قياس عقلي يدل عليه، إذ قد عرفت
أن وصف الباري تعالى لا يجوز إلا بما وصف به نفسه الكريمة في كتابه أو على لسان
نبيه (صلّى الله عليه وآله وسلم) وليس للعقول في ذلك مسرح، وإذ نرى أنه أطلق عليه تعالى هذه الصفات من
السمع والبصر والادراك وغيرها، ونرى أن الذي نعقل منها ويفيده معنى لغتنا هو ما
يرجع إلى الاحساس بالآلات والجوارح من العين والأذن وسائر القوى المحسوسة، ونعلم
استحالة ذلك في حقه تعالى شأنه فلا بد أن نحمله على معنى يصح إجراؤه في حقه تعالى
وهو العلم، فمعنى كونه تعالى سميعا
ص 158
علمه بالمسموعات، ومعنى كونه بصيرا علمه بالمبصرات وهكذا. ز. القول 21 - وعندنا أنه
تخرص منهم عليه - 55 / 5. الذي حكاه المعتزلة عنه هو أن علم الله تعالى بالأشياء
الموجودة بعلم متجدد عند حدوثها وهو من الحكايات المختلقة عليه كما صرح به المصنف
والسيد المرتضى في الشافي وستعرف حقيقة ذلك. كان هشام بن الحكم في ابتداء أمره يذهب
مذهب الجهمية أتباع جهم بن صفوان، ثم رجع عن تلك الطريقة ودان بالقول بالإمامة بعد
ما لقي الإمام الصادق (عليه السلام) ورجع عن كافة ما يخالف مذهب الإمامية من
أقاويلهم، وكان يناظر المعتزلة بعد ذلك ويعارضهم ويلزمهم بأشياء يعجزون عن الجواب
منها ويورد أحيانا من الشبه والاعتراضات عليهم بقصد استخراج ما عند خصومه منها،
فكانوا يتهمونه باعتقاد ذلك الأقاويل والتدين بها ويشتهر أمثال النسب إليه وإلى
غيره من الشيعة، ويذكرها أهل التأليف في المقالات أمثال النظام والجاحظ وغيرهما في
كتبهم أو يحكونها عنهم، ثم اشتبه الأمر على بعض مؤلفي الشيعة فنقلوها في كتبهم
وأثبتوا الحكاية بذلك عنه اعتمادا على نقل تلك الناقلين من خصومه، والمذاهب يجب أن
تؤخذ من ألسنة قائليها أو ممن يؤمن في الحكاية عنهم ولا يصح الرجوع في إثباتها إلى
الخصوم المتهمين بالتحامل. وقد أورد الخياط المعتزلي في كتابه (الانتصار) ما كان
يحتج به هشام على هذا القول المنسوب إليه من النقل والعقل، وكذا محمد بن عبد الكريم
الشهرستاني الأشعري المتكلم المعروف في كتابه (نهاية الإقدام في علم الكلام) بعد أن
نسب إثبات علوم حادثة بعدد المعلومات تحدث كلها لا في محل إلى جهم بن صفوان وهشام
بن الحكم، ذكر ما كان يحتج به هشام على ذلك، والمحتمل قويا أن تكون هذه الحجج
أوردها هشام إلزاما للمعتزلة كما أشرنا إليه، والله العالم. ز.
ص 159
القول 23: فيما انفرد أبو هاشم من الأحوال - 56 / 3. إعلم، أنه لم يكن لأهل العلم
في الصدر الأول خوض في هذه الأحوال، وإنما اشتهر الخلاف في ذلك عن زمن الجبائيين
أبي علي محمد بن عبد الوهاب وابنه أبي هاشم حيث أثبتها أبو هاشم ونفاها أبو علي
وغيره، وقد أشرنا إلى تصوير مذهبه في ذلك سابقا ونزيدك بيانا هيهنا أنه يقول: العقل
يدرك فرقا ضروريا بين معرفة الشيء مطلقا وبين معرفته على صفة إذ ليس يلزم من معرفة
الذات معرفة كونه عالما أو قادرا أو حيا، ولا شك أن العقل يدرك اشتراك الموجودات في
شيء وافتراقها بأشياء أخر وأن ما به الاشتراك فيها غير ما به افتراقها، وهذه قضايا
عقلية لا يكاد ينكرها عاقل وهي لا ترجع إلى الذات ولا إلى أعراض وراء الذات لأن ذلك
يؤدي إلى قيام العرض بالعرض المستحيل عقلا فيتعين أنها أحوال أي هي صفات وراء الذات
بمعنى أن المفهوم منها غير ما يفهم من الذات، وللقوم خوض طويل في هذه المسألة، وقد
أثبتها القاضي أبو بكر الباقلاني وإمام الحرمين عبد الملك بن محمد الجويني والغزالي
أيضا من الأشعرية كما أشرنا إليها سابقا ونفاها كثير من المتكلمين وأبطلوا ما فرعه
مثبتوها على القول به بما لا محل للتطويل بها هيهنا. ز. القول 25: لشبهة عرضت له في
تأويل الأخبار - 57 / 8. الخلاف المذكور محكي أيضا حكاية غير ثابتة بطريق القطع عن
هشام بن الحكم، وقد أشرنا إلى أمر هذه الأقاويل المنسوبة إليه وإلى غيره من رجال
الشيعة ومتكلميهم، ونصيب ذلك من الصحة والاعتبار واستناد حكاية إلى خصومهم المتهمين
بالتعصب والتحامل عليهم، وأوردنا الشواهد القوية على ذلك في غير هذا المقام. ويحتمل
قويا أن يكون نسبة هذا القول إليه استفادة منهم عن لازم الكلام المشتهر نسبته إليه
في ألسنتهم من القول بأنه جسم لا كالأجسام، فزعموا أن صحة الرؤية من لوازم الجسمية،
فنسبوا إليه ذلك الذي يلزم من كلامه.
|