ص 161
الكاظم (ع) فلماذا لم نجد في ذريته المعروفين في هذه الأيام وما قبلها من القرون من
لقب نفسه بالموسوي؟ أليس هذا يعني أن نسبة جدهم الأعلى (حياة الغيب) إلى الإمام
موسى ابن جعفر (ع) فيه نوع من الترديد؟ وإذا أضفنا إلى ذلك تضارب أقوال النسابين في
هذه النسبة وأخذنا بنظر الاعتبار اشتهار هؤلاء السادة بلقب الحسيني لقرب إلى القبول
ما قلناه في نسبهم. ويبدو والله العالم أن التشابه الاسمي بين أبي القاسم محمد بن
أحمد بن رضي الدين المعروف بحياة الغيب وبين محمد بن أحمد بن تاج الدين هو السبب في
نسبة الحياة الغيبي إلى الإمام موسى بن جعفر (ع) سيما وأن كليهما مدفونان في
[لرستان ايران] والحق أن الثاني هو المعروف انتسابه إلى الإمام الكاظم (ع) إذ جاء
نسبه كالآتي: محمد بن أبي جعفر أحمد بن تاج الدين إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن
موسى الكاظم (ع). وأن السيد مير حسين الحيات غيبي المدفون في [قرية حسين آباد مموئي
فسا] هو من ذرية أبي القاسم محمد بن أحمد بن رضي الدين المعروف بحياة الغيب
والمدفون في [قرية قالبي في لرستان] أما نسبة نفس السيد مطلب وكونه من أولاد
إبراهيم ابن الإمام محمد الباقر (ع)، إضافة إلى المشجرات فقد ذكرتها الكتب التالية:
رياض الأنساب، وكنز الأنساب، وبحر الأنساب لمؤلف مجهول، وبحر الأنساب المنسوب إلى
الإمام الصادق (ع)، وبحر الأنساب لميرزا محمد الشيرازي.
ص 162
ومن أحفاد السيد إبراهيم الذين ورد ذكرهم في المشجرات العديدة ومدافنهم متفرقة في
المناطق المجاورة لمدفن جدهم السيد إبراهيم: 1 - السيد ناصر الدين (الصغير) بن محمد
بن علي بن هادي بن غلام بن عيسى بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد الباقر (ع). 2 - السيد
صالح الدين بن ناصر الدين الصغير بن مهدي بن علي بن هادي بن غلام بن عيسى بن يعقوب
بن إبراهيم بن محمد الباقر (ع) المدفون في مدينة آبدانان، التابعة لمحافظة إيلام
واسمه مذكور ضمن مرقد السيد صلاح الدين بن ناصر الدين الصغير بن مهدي بن علي بن
هادي بن غلام بن عيسى بن يعقوب بن إبراهيم بن الإمام محمد الباقر (ع).
ص 163
صورة نسخة خطية من الصحيفة السجادية بخط معز الدين بن علي أكبر يذكر فيها انتسابه
إلى السيد مير حسين الحيات غيبي.
ص 164
مستمسكات مديرية أوقاف محافظة إيلام حيث جاء فيها: يقع مرقد السيد صالح الدين في
مدينة آبدانان وبناء الضريح وقبته فريد في نوعه حيث يرجع تاريخ بنائه إلى القرنين
الخامس أو السادس الهجري. وهذا السيد الجليل من أحفاد الإمام الخامس للشيعة الإمام
محمد الباقر عليه السلام وهو مزار مشهور يقصده الناس من المدن والمحافظات المجاورة
1 3 - السيد حاجي بن شكر الدين بن رجب بن إبراهيم بن الإمام محمد الباقر (ع). 4 -
السيد أبو الوفاء بن السيد حاجي المتقدم ذكره. ويحتمل جدا أن يكون هو المدفون غرب
مدينة خرم آباد [مركز محافظة لرستان في ايران] والمشهور بأنه من أولاد الإمام موسى
الكاظم (ع).
(هامش)
1 - كراس لمديرية أوقاف محافظة إيلام حول المزارات الموجودة في المحافظة. (*)
ص 165
رابعا: علي بن الإمام محمد الباقر (ع).
هو علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب (ع) أمه أم ولد 1. قال عنه صاحب رياض العلماء في ترجمته: السيد الأجل
السيد علي بن مولانا الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام وكان من أعاظم أولاد
مولانا الإمام الباقر عليه السلام وأكابرهم ولغاية عظم شأنه لا يحتاج إلى التطويل
في البيان. وقبره بحوالي بلدة كاشان ومقبرته معروفة إلى الآن بمشهد باركرس وله قبة
رفيعة عظيمة وقد ذكر جماعة من علمائنا في شأنه فضائل جمة وأوردوا في كراماته
وكرامات مشهده حكايات غزيره منهم الشيخ الجليل القزويني الشيعي الفاضل المشهور
المتقدم في كتاب مناقضات العامة وفضائحهم بالفارسية واعلم أن السيد الجليل السيد
أحمد المعروف بإمام زاده أحمد المقبور في محلة باغات باصبهان قد كان ولد هذا السيد
الجليل. ثم لا يخفى أن ترجمة هذا السيد غير مذكورة في كتب رجال أصحابنا أصلا بأن لم
يتعرضوا له بمدح ولا قدح إلا أن المذكور في كتاب الرجال للشيخ 2 كان علي بن محمد بن
علي بن الحسين (ع) وكان من أصحاب الصادق (ع). وفي بعض نسخ كتاب الرجال للشيخ الطوسي
قد وقع بعنوان علي بن محمد بن علي بن الحسين بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين
(هامش)
1 - الإرشاد ج 2 ص 176، المناقب ج 1 ص 210، إعلام الورى ص 265، كشف الغمة ج 2 ص 328
- 329، الطبقات الكبرى ج 5 ص 320، أنساب قريش ص 63. 2 - رجال الطوسي ص 241. (*)
ص 166
بن علي بن أبي طالب (ع) والظاهر أنه سهو من الناسخ والحق هو الأول لأنه على هذه
النسخة يكون السيد سبط سبط الصادق (ع) فكيف يمكن أن يدرك زمن الصادق (ع) فضلا عن أن
يكون من أصحابه. وبالجملة لم أبعد أن يكون الأول هو بعينه السيد علي بن مولانا
الباقر المعروف بإمام زاده مشهد باركرس 1 . وينقل عنه صاحب كتاب روضات الجنات 2
أيضا إذ قال وكذلك قبر السيد علي بن الإمام محمد الباقر (ع) الواقع في حوالي بلدة
كاشان. ويقول صاحب كتاب [اختران تابناك] إني رأيت رسالة من ثمان وخمسين صفحة مطبوعة
في سنة 1394 لمؤلفه ملا عبد الرسول المدني الكاشاني تحت اسم (تذكرة جناب سلطانعلي).
يذكر فيها عن تذكرة الخواص لابن الجوزي عن سلطانعلي هذا يقول: أمه المسماة زينب
كانت أم ولد. ويذكر صاحب كتاب اختران أدلة في إثبات صحة دعوى كون مشهد قالي شوران
قبر السيد علي بن الإمام الباقر (ع) من جملة أدلته ما ينقله عن رسالة عبد الرسول
المدني قوله: صرح العالم المتبحر فضل الله الراوندي الكاشاني في عدة مواضع من
ديوانه بأن هذا المرقد هو مرقد السلطان علي بن الإمام الباقر ثم يشرح واقعة هجوم
الجيش السلجوقي وفي قصيدته التي قالها في (مجد الدين) باني روضة علي بن الباقر (ع):
توسلت فيها بالفتى ابن الفتى الذي * توطن هذا المشهد الطاهر الطهرا عنيت ابن بنت
المصطفى ووصيه * أخا الصادق بن الباقر السيد الحبرا
(هامش)
1 - رياض العلماء ج 4 ص 216 - 217. 2 - روضات الجنات ج 4 ص 212. (*)
ص 167
لعمري لقد أوتيته ونصرته * وعرفته من بعد تضييعه دهرا فمن علويةقبة علوية تطيف *
بمبناها ملائكة تترى وسور كسور الردم أو نقت صنعه * فجصصته بطنا وطينته ظهرا ونهر
كأن الله فجر فيضه من * الجنة الزهراء أطيب به نهرا وحمام صدق حاز وصف جهنم * وجنة
عدن إذ حوى الطيب والحرا نعم ورباط كلما رفقة غدت * لترحل عن حافاته نزلت أخرى
وحائط بستان كقطعة جنة هوت * فثوت تحكي الجنان لنا جهرا قصدناه زوارا فكاد بطيبه عن
* الأهل والأولاد يصدفنا قهرا وأيضا في قصيدة أخرى تبين الآثار الخيرية لمجد الدين
يقول: ومشهد صدق أودع الله بطنه * وديعة سر من كرام أخائر أبا الحسن ابن الباقر
السيد * الذي غدا لعلوم الدين أبقر باقر 1 وأدلته الأخرى يذكرها من كتب النقض للشيخ
عبد الجليل الرازي وكتاب روضات الجنات وشرح ديوان السيد أبو الرضا ورياض العلماء
للميرزا عبد الله المعروف بأفندي ومنتهى الآمال وبحر الأنساب وعن وصوله إلى تلك
النواحي ينقل عن [تذكرة جناب سلطانعلي] أن أهالي تلك الديار أرسلوا وفدا إلى الإمام
الباقر (ع) يريدون منه (ع) أن يبعث إليهم من يعلمهم أحكام دينهم وأمور شرعهم فبعث
الباقر عليه السلام ابنه عليا وبعد سنة من إقامته في [فين كاشان] وصله خبر وفاة
أبيه الإمام الباقر عليه السلام وبعد سنتين من ذلك دعاه عدة من الموالين لزيارة
أردهال كاشان، ويكتب والي أردهال إلى أمير قزوين يخبره
(هامش)
1 - اختران تابناك ص 363 - 365، وآثار باستاني شهرهاي كاشان ونطنز ص 431. (*)
ص 168
باجتماع الناس على علي بن الباقر (ع)، ويرسل والي قزوين بعد اطلاعه على الخبر جيشا
نحو كاشان وفي قتال بين اتباع علي بن الإمام الباقر (ع) وبين الجيش القادم يقتل
السيد علي بسهم من العدو، ويدفن هناك 1. وفي موقع قبره يقول مير سيد عزيز امامت:
مزار هذا السيد يبعد تقريبا سبعة فراسخ من كاشان المحل الذي يسمى بمشهد أردهال أو
مشهد باركرس أو باركرز أو باركرسف أو باركرسب 2. ويذكره أيضا صاحب (دائرة معارف
دانش بشر) 3. امامزاده سلطان علي بن محمد الباقر (ع) في مشهد اردهال وقال المصطفوي
بقعة مجللة على تل قريب من الطريق الممتد من كاشان إلى دليجان وأصل بناء القبر يعود
إلى زمن السلاجقة ثم تم توسيعها وتكميلها في فترات المغول والصفوية والقاجارية واسم
المدفون فيه سلطان علي بن الإمام محمد الباقر عليه السلام 4. وقال حسن نراقي: وجد
على حجر منقوش كان فوق القبر: علي بن الإمام محمد الباقر من دون ذكر تاريخ 5. وذكر
عبد الجليل القزويني أن أهالي كاشان يزورون علي بن محمد الباقر المدفون في باركرسب
6.
(هامش)
1 - اختران تابناك ص 363 - 365. 2 - إمام زادكان معتبر ص 30. 3 - دايره معارف دانش
بشر ص 399. 4 - آثار تاريخي تهران ج 1 ص 432 3 - اثار تاريخي شهرهاي كاشان ونطنز ص
63. 4 - النقض ص 588. (*)
ص 169
أولاده: شأنهم شأن بقية أحفاد الإمام الباقر (ع) من الاهمال ونسيان التاريخ
والمؤرخين. ولكن رغم ذلك ومن ثنايا كلماتهم وشتات أقوالهم ثبت بما لا شك فيه أنهم
أعقبوا، وأن أنباء أولادهم وإن خفيت لأسباب وأسباب إلا أنهم موجودون ولا شبهة..
وهنا نذكر من عرفناه من أبناء علي بن الإمام الباقر من خلال كتبهم: 1 - أحمد بن
علي: ذكره عبد الله أفندي وقال إنه مدفون في أصفهان 1. وقال الشيخ القمي عن أحمد بن
علي ابن الإمام الباقر (ع) أنه وجد حجرا مكتوب عليه بالخط الكوفي بسم الله الرحمن
الرحيم كل نفس بما كسبت رهينة هذا قبر أحمد بن علي بن محمد الباقر (ع) وتجاوز عن
سيآته وألحقه بالصالحين 2. وعن السيد أشرف الدين كيائي 3: أنه ذكر أحمد بن علي
الباقر (ع) كل من الميرزا محمد هاشم جهار سوقي في ميزان الأنساب ص 48، وصاحب تاريخ
أصفهان ص 251. وعن كتاب [فهرست بناهاي تاريخي واماكن باستاني ايران] ط 1 ص 19: إن
البناء القديم لقبر السيد أحمد المنسوب إلى الإمام الباقر يعود إلى الدورة
السلجوقية كما وينقل عن آية الله العظمى النسابة الشهير شهاب الدين المرعشي النجفي
أنه قال: كان للسيد علي ابن الإمام الباقر (ع) ولد واحد هو أحمد بن علي ابن الإمام
محمد الباقر (ع) المدفون في أصفهان 4. وكان للسيد أحمد
(هامش)
1 - رياض العلماء ج 4 ص 216 - 217. 2 - منتهى الآمال. 3 - إمام زاده أحمد ص 5 - 6.
4 - إمام زاده أحمد ص 4. (*)
ص 170
أولاد منهم السيد ناصر الدين المدفون في الجهة الغربية من شارع الخيام في طهران
عليه بناء قديم يرجع إلى ما قبل الحكومة الصفوية 1. وإلى السيد أحمد هذا يرجع نسب
الكثير من السادة الطالقانية. قال الشيخ محمد شريف الرازي في كتابه (اختران فروزان)
أن العلماء والسادة الطالقانيين في طهران وطالقان وقم من نسل هذا السيد ومنهم آية
الله السيد أبو الحسن الطالقاني. وآية الله السيد أحمد الطالقاني. وآية الله السيد
محمد تقي الطالقاني. وآية الله السيد محمد رضا الطالقاني. وآية الله السيد محمود
الطالقاني. وآية الله السيد محي الدين الطالقاني وآية الله السيد نور الدين
الطالقاني. وجد السيد ناصر الدين والسادة المذكورين جناب السيد الشهيد المظلوم على
بن محمد الباقر عليه السلام. 2 - فاطمة بنت علي: قال الزبيري وولد علي بن محمد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) فاطمة لأم ولد تزوجها موسى بن جعفر 2. ونقل
ذلك الشيخ القمي 3 أيضا عن تاج الدين بن زهره الحسيني وكتاب غاية الاختصار في
البيوتات العلوية، وقال العمري 4 وعلي كان له بنت وهناك في ري وطهران والمناطق
المجاورة قبور متناثرة ينسب المدفونون فيها إلى أحمد بن علي بن الإمام الباقر (ع)
منهم السيد معصوم والسيد علي أصغر في ساوة، والسيد قاسم في قرية بيمند في [مازندران
ايران] وغيرها من المزارات كتب السيد أشرف الدين كيايئ كراسات ختصرة باللغة
الفارسية في تراجم بعض أولئك السادة الكرام
(هامش)
1 - تاريخ طهران ص 13، اثار تاريخي تهران ج 1 ص 64، امام زاده سيد ناصر الدين ص
10 - 11. 2 - نسب قريش ص 64. 3 - منتهى الآمال ج 2 ص 80. 4 - المجدي ص 94. (*)
ص 174
بقية أولاد الإمام الباقر (ع) من الأبناء المذكورين في أغلب كتب النسب عبيد الله بن
الإمام الباقر (ع) وهو شقيق إبراهيم أمهما أم حكيمة بنت أسيد بن المغيرة الثقفية 1
ولم أقف على ترجمة له في كتاب كما لم أسمع بأحد ادعى الانتساب إليه وما وجدت فيما
راجعت من كتب سوى اسمه فقط. ولعله كان هو الذي مات صغيرا في حياة أبيه والله أعلم.
وأما غير هؤلاء الذين ذكرناهم من الذكور الواردة أسماؤهم في أغلب الكتب هناك مزارات
تنسب إلى أولاد صلبيين للإمام الباقر (ع) وهناك مشجرات تذكر أسماء لم ترد إلا نادرا
في بعض الكتب ادعي أنهم من أولاد الإمام (ع). ففي كتاب [آثار باستاني شهرهاي كاشان
ونطنز] ص 355 يذكر أنه في قرية علوي الواقعة في مفترق طريق كاشان مشهد اردهال يوجد
ضريح السيد السلطان محمود بن الإمام محمد الباقر (ع). وله ضريح وقبة مضلعة يعود
تاريخ بنائها إلى عهد الصفوية. وقد كتب على المصراع الأيسر للباب: وقف مرقد السيد
السلطان محمود بن الإمام محمد الباقر (ع) واقف هذا الباب ميرزا إسماعيل بن مير فتحي
الحسيني المشهدي بتاريخ ربيع الأول 1077 ق وفي صفحة 356 يذكر: يوجد داخل الضريح
صندوق خشبي كتب عليه قد توفق بوضع هذا الصندوق وبناء العمارة تقربا إلى الله وهو
كهف الوزراء وعون الفضلاء الموالي خواجه شهاب الدين علي في شهور سنة 952. فإن لم
يكن السيد محمود هذا ابنا صلبيا للإمام فلا
(هامش)
1 - الإرشاد ج 2 ص 176 (*)
ص 175
شك أنه من أحفاد الإمام عليه السلام. وربما كان السيد محمود هذا هو محمود ابن عبد
الله بن محمد الباقر (ع)، الذي ذكره الميرزا محمد الشيرازي، في كتابه بحر الأنساب
وذكره أيضا كتاب كنز الأنساب وكتاب بحر الأنساب المنسوب إلى الإمام الصادق (ع)
وكتاب رياض الأنساب والله أعلم. وهناك بعض الكتب والمشجرات ذكرت محمد ابن محمد
الباقر (ع) مثل كتاب سراج الأنساب ص 88 - 89 عند ذكره نسب الشريف نعمت الله ابن
نظام الدين محمود والذي أنهاه إلى أحمد ابن محمد بن محمد الباقر (ع) وقد ذكر محمد
هذا في كتاب مخطوط عن تاريخ الأئمة لمؤلف مجهول باسم محمد المثنى ابن الإمام محمد
الباقر (ع). ومن أولاد الإمام الباقر (ع) الذين لم يذكرهم المشهور بل اكتفى بعض
الكتب بدرج اسمهم زيد ابن الإمام محمد الباقر (ع)، فقد ذكره العمري في المجدي ص 94،
وكتاب كنز الأنساب وكتاب بحر الأنساب المنسوب إلى الإمام الصادق (ع) والكتاب
المخطوط في تاريخ الأئمة الموجود في مكتبة آية الله المرعشي العامة. إن قلة
المعلومات عن هؤلاء السادة، وسكوت الكتب المشهورة عن ذكرهم يحولان دون البت في
أمرهم. ولكن شبهة الانتساب وشهرته عبر القرون يجلبان الاطمئنان بكونهم من أبناء
الأبناء والله أعلم بحقائق الأمور.
ص 176
بنات الإمام الباقر (ع) اختلفت كلماتهم في عدد بنات الإمام الباقر (ع) كما اختلفت
كلماتهم في عدد أولاده، فمن قائل بأنه (ع) أعقب ابنة واحدة كابن خشاب حيث قال: كان
له ابنة واحدة 1. كما نسب هذا إلى القيل الأربلي في كشف الغمة والطبرسي في إعلام
الورى وابن شهر آشوب في المناقب وقائل بأنه أعقب ابنتين كالمفيد وابن شهر آشوب وابن
سعد وغيرهم 2. وثالث بأنه خلف ثلاث بنات كالعمري إذ قال: أعقب ثلاث بنات، لكنه ذكر
منهن اثنتين أم سلمة وزينب الصغرى 3. ولم يذكر الثالثة. وقال الرازي: وللباقر (ع)
من البنات ثلاث 4 وذكر أم سلمة وزينب وأم جعفر ولا عقب لها وقال محمد باقر بن السيد
محمد: كان له ثلاث بنات زينب وأم سلمة وثالثة غير مشهورة 5. ولا بأس بالتعرض
لترجمتهن باختصار كما هو الدأب في هذا الكتاب. أولا: أم سلمة بنت الإمام محمد
الباقر (ع). أمها أم ولد على ما هو المشهور. وأحتمل بعضهم فيها أن تكون هي البنت
الوحيدة للإمام الباقر (ع)، وأن تكون هي زينب، وكنيتها أم
(هامش)
1 - تاريخ مواليد الأئمة ووفياتهم لابن خشاب ص 186 من المجموعة النفيسة. 2 -
الإرشاد ج 2 ص 172، المناقب ج 4 ص 210، إعلام الورى بأعلام الهدى ص 265، كشف الغمة
ج 2 ص 328 - 329، نسب قريش ص 63، الطبقات الكبرى ج 5 ص 320 3 - المجدي ص 94. 4 -
الشجرة المباركة ص 75. 5 - بحر الجواهر ص 418. (*)
ص 177
سلمة كما أشار إلى هذا القول الطبرسي في كتابه تاج المواليد ص 118 حيث قال: قيل إن
لأبي جعفر (ع) لم يكن من الإناث إلا أم سلمة وأن زينب كان اسمها. قال الزبيري: كانت
عند محمد الذي يقال له الأرقط بن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
فولدت له إسماعيل بن محمد 1. وذكر ذلك أيضا العمري 2 والمروزي 3 والفخر الرازي 4.
وهي أم العباس ابن الأرقط أيضا، المقدام اللسن الذي مات في حبس الرشيد. قالوا أن
الرشيد قتله بيده 5. وقيل قتل ببغداد في محافل قريش بني عليه جدار وهو حي، ذكر ذلك
في اللباب ص 414. ثانيا: زينب بنت الإمام محمد الباقر (ع). أمها وأم أخيها علي ابن
محمد الباقر (ع) أم ولد 6. وقيل إن أم زينب أم ولد أخرى 7 خرجت إلى عبيد الله بن
محمد بن عمر الأطرف بن علي بن أبي طالب (ع) 8 وهي الصغرى 9. وقال الزبيري: إن زينب
كانت عند عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، ثم خلف
عليها عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن
(هامش)
1 - نسب قريش ص 63. 2 - المجدي ص 94. 3 - الفخري في أنساب الطالبيين ص 34. 4 -
الشجرة المباركة ص 75. 5 - المجدي ص 144. 6 - المناقب ج 4 ص 210، إعلام الورى ص
265، نسب قريش ص 63، الإرشاد ج 2 ص 172، الطبقات الكبرى ج 5 ص 320 7 - المناقب ج 4
ص 210. 8 - المجدي ص 94، لباب الأنساب ج 1 ص 360. 9 - المجدي ص 94. (*)
ص 178
محمد بن عمر بن علي أبي طالب (ع) فولدت له محمدا والعباس ومحمدا الأصغر وخديجة
وفاطمة وأم حسن بني عبيد الله ابن محمد 1. وكان عبيد الله ابن محمد زوجها صاحب
مقابر النذور في بغداد 2. كان قد تزوج بعمة أبي جعفر المنصور أيضا. وأم عبيد الله
ابن محمد هي خديجة بنت زين العابدين (ع) 3. بنات غير معروفات: ذكرنا اختلافهم في
عدد بنات الباقر (ع)، وقد استقر المشهور على من ذكرنا منهن، وهي أم سلمة وزينب. إلا
أنه ورد في كتب أخرى معتبرة أسماء لأخريات لا ينبغي لنا عدم ذكرهن، إذ لا نستبعد
إطلاقا صحة نسبتهن رغم إعراض المشهور. فالموضوع لا يحتمل التقييد بالشهرة كما هو
واضح. ومن تلك الأسماء: ثالثا: خديجة بنت محمد الباقر (ع). فقد ذكرها الشيخ الطوسي
في رجاله باب النساء من أصحاب الباقر (ع) 4 كما أن العمري قال في كتابه عند ذكر
يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد: سألنا شيخنا أبا الحسن من كانت أمه فقال:
خديجة بنت الباقر (ع) 5 ولو تمعنا في نقل السيد العمري وعد الشيخ إياها من الرواة
لكان إنكارها أحوج إلى الدليل من إثباتها.
(هامش)
1 - نسب قريش ص 63. 2 - المجدي ص 251، عمدة الطالب ص 364. 3 - عمدة الطالب ص 362. 4
- رجال الطوسي ص 142. 5 - المجدي ص 166. (*)
ص 179
رابعا: أم جعفر بنت محمد الباقر (ع). قال الفخر الرازي: وللباقر من البنات ثلاث: أم
سلمة وزوجها محمد الأرقط بن عبد الله الباهر وله منها إسماعيل. والثانية زينب.
والثالثة أم جعفر ولا عقب لها 1 ولم أجد من ذكرها غيره ولكن إذا رجعنا إلى تصريحات
بعضهم لتوصلنا إلى حل محتمل لوجود البنت الثالثة: قال في المجدي عند ذكر بنات
الإمام الباقر (ع) أنه أعقب ثلاث بنات وذكر منهن أم سلمة وزينب الصغرى ولم يذكر
الثالثة. ومن ذكر زينب الصغرى يحصل الظن أو الاحتمال بأن تكون الثالثة المنسية هي
زينب الكبرى ومع الرجوع إلى قول صاحب بحر الجواهر بعد ذكره زينب وأم سلمة وثالثة
غير مشهورة . ثم نضيف ما ذكره الفخري الرازي في الشجرة والثالثة أم جعفر لا عقب
لها، لكان بمجموعها عاضدة لاحتمال أن تكون تلك أيضا زينب الكبرى لتكون الابنة
الرابعة ومما يساعد على قبول هذا الرأي هو مرقد السيدة زينب بنت محمد الباقر (ع)
المدفونة بجوار أخيها السيد إبراهيم (ع) في مشهد إبراهيم في بشتكوه: فبعيد جدا أن
تكون زينب هذه المدفونة جوار السيد إبراهيم هي تلك التي كانت زوجة عبيد الله ابن
محمد صاحب مقبرة النذور ببغداد فمع ظهور زينبين للإمام الباقر (ع) وتصريح المجدي
باسم زينب الصغرى وعدها التي كانت زوجة عبيد الله بن محمد تبقى زينب هذه الأخرى
المدفونة في ايران والمعروف عنها أنها ماتت بلا ذرية فلا
(هامش)
1 - الشجرة المباركة ص 75. (*)
ص 180
استبعد جدا أن تكون هي التي ذكرت باسم أم جعفر التي لا عقب لها وهي التي قيل عنها
غير معروفة قد هربت مع أخيها إبراهيم إلى منطقة الجبل كما أشار إلى ذلك بعض كتب
بحار الأنساب وتوفيت هناك.
خامسا: آمنة بنت الإمام الباقر (ع)
ذكرها صاحب معجم
البلدان وقال: بين مصر والقاهرة قبر آمنة بنت محمد الباقر. نقل هذا في أعيان الشيعة
ج 2 ص 104 ولم أسمع أحدا ذكر ابنة للإمام الباقر (ع) اسمها آمنة قبل هذا.
ص 181
أسباب استمرار الأحفاد على الاختفاء
1 - استمرار الظلم: بعد أن انتهينا من بيان أصل
الموضوع والذي اقتصر على ترجمة أولاد الإمام الباقر (ع) وقلنا فيما مضى من الحديث
أن الإمام الباقر قد أعقب عددا كبيرا من الأولاد وذكرنا أن أولاده (ع) كانوا من
المعقبين بخلاف ما ذهب إليه المشهور من أنهم درجوا جميعا إلا الإمام الصادق (ع).
وقدمنا هناك دراسة مختصرة عن الظروف الأمنية التي حكمت تلك الفترة الزمنية كتمهيد
للقول بأن سبب ضياع أخبار أولاد الإمام (ع) هي علل مختلفة حملتها الأيام. أحببت أن
أعود إلى تذكرة تلك العلل لإلقاء نظرة أخرى عليها تأكيدا لوجودها وتقريبا لكيفية
تأثيرها، واستمرار ذلك التأثير لأجيال عديدة إذ ربما يقال: إنه إذا كان أولاد
الإمام الصلبيون معذورين في تعريف أنفسهم فلماذا اقتفى الأحفاد أثر الأجداد في ذلك
ولم يظهروا أنفسهم في الوسط الاجتماعي لتشملهم لفتة قلم واحد على الأقل إحياء
لذكرهم؟ أقول: إن تتبع موقف السلطات من العلويين منذ بداية الحكم الأموي وحتى نهاية
الحكم العباسي يدل بوضوح على استمرار العداء الموروث في الخلفاء ضد هذا البيت
الطاهر والسبب في ذلك واضح، فالمسلمون كما هو معلوم منقسمون على أنفسهم مذاهب وفرق.
وجمع كبير من هؤلاء المسلمين هم المعروفون بالشيعة الذين يرون أن الخلافة كانت بنص
من النبي (ص). وأنه (ص) نص على خلافة الإمام علي بن
ص 182
أبي طالب (ع)، فشايعوا عليا (ع) وسموا الشيعة. هذه الطائفة الكبيرة من المسلمين
يرون الخلافة والحكومة حق مسلم للإمام علي (ع) وأولاده المنصوص عليهم بالخلافة
الإلهية ولذلك رفضوا ومنذ يوم السقيفة خلافة غيرهم. فلما جاء الأمويون ومن بعدهم
العباسيون لم يتغير موقف الشيعة من الحكومتين فكانت الشيعة هي جبهة المعارضة
الرئيسية للقوى الحاكمة لذلك شمرت القوتان عن ساعد الجد وجاهدتا هذه الطائفة جهادا
عظيما هذا من جهة ومن جهة أخرى ترى الشيعة وبحكم قوله تعالى { قل لا أسألكم عليه
أجرا إلا المودة في القربى } إن مودة أهل البيت واجب ديني كالصوم والصلاة ففرضت على
نفسها هذه المودة ولما كان ولد فاطمة الزهراء عليها السلام هم المصداق البارز ولهم
المقام الأول باعتبار أولادها أولاد الرسول (ص) فقد أخذوا السبق على غيرهم من
أقرباء الرسول (ص). ولهذا السبب توجهت عناية الشيعة إلى أبناء الإمام علي (ع)
يلتفون حولهم أينما كانوا ويقدمونهم على أنفسهم في كل موقف وكان بعض أولاد الإمام
علي (ع) يستغلون أحيانا الفرص للمبادرة إلى إصلاح اعوجاج أحدثه السلطان بعد أن
اطمأنوا أن القوة التفت حولهم. فثاروا، وسرعان ما قصدهم خليفة فاستأصلهم. لهذا
السبب بات الخلفاء يحذرون أبناء الإمام علي (ع) من دون تمييز للثائر منهم وغير
الثائر. ولربما كانوا في ضيق وحرج من صرف وجودهم أحياء. ولذا نرى حمق بعض الخلفاء
بتخطيطه لإبادتهم سواء في العصر الأموي أو العباسي. وكانت هذه المسألة بالنسبة
للسلطات الحاكمة هي (القصة التي لا تنتهي) ولهذا قلنا أن نصيب الأحفاد من الأمن في
ظل الحكام لم يكن بأقل من نصيب
ص 183
الأجداد. ولم تغرر الهفوات الزمنية التي كانت تتخلل فترات الحكم، تلك الهفوات التي
كانت تبدو هادئة، لم تشوق الكثير من العلويين الذين استقروا في أماكن بعيدة عن
متناول يد السلطان على الخروج من مأمنهم لدركهم زوال الصحوة هذه وما نسمعه من وجود
فترات استقرار خلال سني انتقال السلطات لا سيما الفترة بين مروان الحمار والمنصور
هي في الواقع محدودة وقتا ونوعا وإذا كانت حقا فترات أمن فهي فترات أمن للهرب براحة
واختيار المخبأ المناسب دون عجلة ليس إلا وإلا فالسفاح الذي يصفه أنصاره بأنه لم
يرق دما هاشميا على أقل تقدير. لم يغفل لحظة عن العلويين وكان كثيرا ما يسأل عن
شخصياتهم. ولولا تسترهم بشعار القرابة من رسول الله (ص) لاستأصلوا ما سوى الفرع
العباسي من الهاشميين ممن كانوا مورد عناية المسلمين. ولذا نرى العلويين هم الذين
حكم عليهم بالإبادة منذ أول لحظة استلم المنصور فيها قيادة الحكم العباسي. هذا هو
السبب الواقعي وراء مطاردة الحكومات لأبناء الإمام علي عليه السلام جيلا بعد جيل
وهو السبب في ابتعاد بعض العلويين عن الأضواء ليكونوا بالتالي هم وأبناؤهم وأحفادهم
طعما للإهمال والنسيان وقد اختاروا أن يكونوا طعما للنسيان بدل أن يكونوا طعما
للسلطان. فاستقروا في أماكن اختفائهم هم وذرياتهم ولأجيال طويلة، ومن هنا نعرف أن
العذر الذي منع الأجداد من الظهور هو نفسه الذي منع الأحفاد من الظهور أيضا ولو
قدرنا فترة المحنة التي مرت على العلويين منذ عهد الإمام الباقر (ع) وإلى أواخر
العهد العباسي لدل طول الفترة على أن القرون الثلاث أو الأربع التي عاشوها كافية
لإنزال
ص 184
طبقات الأحفاد إلى أكثر من اثني عشر بطنا وهو رقم يكفي أن يكون علة من علل النسيان.
2 - الإنقطاع عن الناس: ومن العلل الواقعية وراء ضياعهم وعدم ظهورهم في الوسط
الاجتماعي وبالتالي إهمال الأقلام لهم بالمرة في الذكر. انقطاعهم عن المجتمع. فلقد
عاشوا في أماكن بعيدة عن المدن ومراكز الثقافة ابتعادا عن أعين الوشاة والمتقربين
إلى السلطان بالأخبار عن تواجد العلويين طمعا في كسب شيء من الحطام. ولم يعرف
أكثرهم في أماكن تواجدهم أنفسهم للذين جاوروهم من أهل القرى فعاشوا بينهم غرباء
وماتوا غرباء. وإذا علمنا بأن أبناءهم وأبناء أبنائهم وهكذا إلى آخر بطن قضى في
تستر، عاشوا حياة ريف بسيطة لا خبر فيها عن القلم ولا عن العلم، لعلمنا أن الأمية
هي الأخرى لعبت دورا كبيرا في ضياع آثارهم ثم إن وعورة الأماكن تلك وبعدها عن المدن
والطرق العامة حالت دون وصول ذوي الأقلام من الذين كانوا يبذلون الوسع في الإحصاء.
فكانت تنقلاتهم تنحصر غالبا على المدن الكبيرة وما حولها من المناطق التي يمكن
الوصول إليها. أما منطقة كمنطقة الجبل مثلا مكان إقامة السيد إبراهيم ابن الإمام
الباقر (ع) والتي تسمى اليوم ب (زرين آباد) التي لا يمكن الوصول إليها إلا بشق
الأنفس حتى في عصرنا الحاضر. لا يمكن أن يكون في بال مؤرخ أو كاتب سير أو أنساب أن
يصل إليها. هذا إضافة إلى ذراري السادة هم أنفسهم كانوا يتحاشون التقرب من
ص 185
مناطق الخطر التي تشمل المدن وما حولها مما لها طرق كثيرة المارة والنظارة. لعدم
ثقتهم بوعود السلاطين أو لرفضهم الاستسلام أو لعلمهم بما ينتظرهم فيما لو خرجوا إلى
الوسط الاجتماعي فآثروا الحياة في ستر. لذا نجد أهل كل منطقة يعرفون خلفا عن سلف
السادة الذين نشأوا بين ظهرانيهم وما منع اتفاق النسابين أحيانا على الإنكار من
شهرة سيادة السيد في الوسط الذي عاش فيه.
3 - النقابات وتأثيرها في علم النسب. قد
يبدو لأول وهلة عدم ارتباط هذا العنوان بما نحن فيه من ترجمة أولاد الإمام الباقر
(ع) وبالتالي يطرح هذا السؤال نفسه: ما هي ثمرة مسألة النقابات هنا؟؟. وجوابا على
هذا السؤال المحتمل نقول: لا شك أن ارتباطا وثيقا يوجد بين الموضوعين وقد المحنا
إلى ذلك في بداية الكتاب ولربما كان لدواوين النقابات الدور الكبير إيجابا وسلبا
على مسائل كثيرة في علم النسب ومنها مسألتنا. ولأجل هذا عدت إلى ذكرها لإلقاء
المزيد من الضوء عليها، ولنتعرف أكثر على مدى تأثيرها والوقوف على دورها الاحتمالي
في مسألتنا. النقيب هو صاحب الفضل والمنقبة والكفيل للسادة الأمين على حفظ أنسابهم
حتى لا يخرج منهم من كان منهم ولا يدخل فيهم من ليس منهم 1 والنقابة عبارة عن دائرة
حكومية خاصة بالطالبيين وظيفتها
(هامش)
1 - لباب الأنساب ج 2 ص 718. (*)
ص 186
إحصاء النفوس وتأييد الانتساب، وينتخب النقيب من وجوه السادة ورؤسائهم وله سجل
(ديوان) يحصي فيه أسماءهم كما عليه دوائر الأحوال المدنية اليوم. ويقال إن النقابة
في بداية تشكيلها كانت عامة للأشراف من بني هاشم تشمل العباسي والعلوي ثم بعد فترة
أصبح لكل منهم نقيب خاص وهو قول لا يخلوا من نقاش رغم إشاعته والتظاهر به أبان
تشكيل النقابات لا سيما إذا كانت النظرة إلى واقع المسألة بالمنظار السياسي. ذكر أن
أول من سن النقابة وعين نقيبا ومقدما لأولاد رسول الله (ص) المعتضد بالله الذي تولى
الخلافة من سنة 279 إلى سنة 289. وذكر أنه فعل ذلك بسبب رؤيا رآها، ولقد بحثت عن
رؤى المعتضد فوجدت أن الطبري قد ذكرها في تاريخه بوجه وذكرها المسعودي بوجه آخر:
نقل الطبري عن أبي عبد الله الحسين: أن المعتضد قال لبدر رأيت في النوم كأني خارج
من بغداد أريد ناحية النهروان في جيشي وقد تشوف الناس إلي إذ مررت برجل واقف على تل
يصلي لا يلتفت إلي فعجبت منه ومن قلة اكتراثه بعسكري مع تشوف الناس إلى العسكر
فأقبلت إليه حتى وقفت بين يديه فلما فرغ من صلاته قال لي أقبل فأقبلت إليه فقال:
أتعرفني؟ قلت لا قال أنا علي بن أبي طالب خذ هذه المسحاة واضرب بها الأرض - لمسحاة
بين يديه - فأخذتها فضربت بها ضربات فقال لي: إنه سيلي من ولدك هذا الأمر بقدر ما
ضربت بها فأوصهم بولدي خيرا... 1.
(هامش)
1 - الطبري ج 8 ص 172. (*)
ص 187
وعن المسعودي أنه رأى وهو في سجن أبيه كأن شيخا جالسا على دجلة يمد يده إلى ماء
دجلة فيصير في يده وتجف دجلة ثم يردها من يده فتعود دجلة كما كانت. قال: فسألت عنه
فقيل لي هذا علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال فقمت إليه وسلمت عليه فقال يا أحمد
إن هذا الأمر صائر إليك فلا تتعرض لولدي ولا تؤذهم. فقلت السمع والطاعة يا أمير
المؤمنين 1. هذه حكاية الأحلام التي وجهوا بها قصة إقبال المعتضد على العلويين
ليحوكوا بذلك فضلا لخليفة المسلمين المعتض بالله. ولو قرأنا إلى جانب هذه الأحلام
ما نقل من خوفه وحذره من آل علي (عليه السلام) لأبعدنا رؤية الخير عنه بالمرة أو
أطلقنا عنان الشك على أقل تقدير في كل خير تضاهر به بالنسبة للعلويين. فقد ذكر
الطبري والسيوطي واللفظ للسيوطي أنه عزم على لعن معاوية على المنابر، فخوفه عبيد
الله الوزير اضطراب العامة فلم يلتفت وكتب كتابا في ذلك ذكر فيه كثيرا من مناقب على
ومثالب معاوية فقال له القاضي يوسف: يا أمير المؤمنين أخاف الفتنة عند سماعه. فقال
إن تحركت العامة وضعت السيف فيها قال فما تصنع بالعلويين الذين هم في كل ناحية قد
خرجوا عليك؟ وإذا سمع الناس هذا في فضائل أهل البيت كانوا إليهم أميل. فأمسك
المعتضد من ذلك 2. وهو الذي يؤتي بمحمد بن الحسن بن سهل ابن أخي ذي الرياستين،
الفضل بن سهل الملقب بشميله، بعد أن أقر عليه جماعة
(هامش)
1 - مروج الذهب ج 4 ص 288. 2 - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 371. (*) /
ص 188
وأصيبت له جرائد فيها أسماء رجال قد أخذت عليهم البيعة لرجل من آل أبي طالب..
فأدخلوه على المعتضد. ثم أراد المعتضد بمحمد بن الحسن بجميع الجهات أن يدله على
الطالبي الذي أخذ له العهد على الرجال فأبى وجرى بينه وبين المعتضد خطب طويل. وكان
في مخاطبته للمعتضد أن قال: لو شويتني على النار ما زدتك على ما سمعت مني ولم أقر
على من دعوت الناس إلى طاعته وأقررت بإمامته فاصنع ما أنت له صانع فقال المعتضد:
لسنا نعذبك إلا بما ذكرت. فذكر أنه جعل في حديدة طويلة أدخلت في دبره وأخرجت من فمه
وأمسك بأطرافها على نار عظيمة حتى مات بحضرة المعتضد 1. فهل نصدق بأن من كتم إذاعة
فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام وتربص لأبنائه بكل مرصاد ولم يطع لعلي في اليقظة
أمرا هو نفسه الذي يشرح صدره ويفتح ذراعيه ليحضن أبناء علي امتثالا لما تعهد به في
أضغاث أحلامه.. هيهات أن يكون ما فعله بحسن نية تجاه أولاد علي (ع). وعلى كل حال
فقد شكلت نقابات للطالبيين يشرف عليها في كل بلد نقيب ويشرف على النقباء نقيب يعينه
السلطان يسمى نقيب النقباء مهمتهم جميعا جرد الطالبيين كافة في سجلاتهم بحجة
تمييزهم عن غيرهم. ولما حانت فرصة تدوين الأنساب كانت هذه الدواوين المرجع لمن أراد
الاطلاع على نسب الطالبيين، ولأجل توجيه ضربة معنوية قاضية إلى كل من سولت له نفسه
من الطالبيين بالابتعاد عن هذه
(هامش)
1 - مروج الذهب ج 4 ص 258، 259. (*)
ص 189
النقابات وعدم الاكتراث بها وعدم ثبت اسمه فيها فقد قررت الدولة أن يعتبر سيدا كل
من درج اسمه ضمن قوائم النقابات فقط. أما من لم يدرج منهم فمحكوم بعدم كونه هاشميا.
وهنا تسكب العبرات... فلقد كانت السلطة تعلم أن الكثير من العلويين ليسوا على
استعداد للمداهنة وقد انتشروا في البلاد كما قرأنا في خبر السيوطي قبل قليل. ولا
ينبغي أن يقف الخليفة في مثل هذا الحال مكتوف اليد فلا بد أن يلحق الأذى بالمعارض
المنشق وهذه ضربة واحدة من ضربات كثيرة تلقاها ولد علي (ع) من السلطات وهكذا خلت
أكثر كتب الأقدمين من أسماء لم تكن مدرجة على صفحات سجلات النقباء. وهكذا ضاع
الكثير من أبناء رسول الله (ص) من الذين التجأوا إلى الجبال والغابات هربا من البطش
مبتعدين عن النقابات والسلطات حتى إذا جاء دور تدوين أسمائهم في كتب النسب ابتلوا
بالبخاري وأمثاله الذي يقول عشرات المرات في كتابه الصغير سر السلسلة هذا دعي. وهذا
كذاب. وقدموا بذلك - بقصد أو بغير قصد - خدمة جليلة للسلاطين العباسيين الذين
أغدقوا عليهم بالعطاء. وأية خدمة أفضل عند العباسيين من طمس معالم العلويين
وإيذائهم. فإذا مدت السياسة يدا في يوم من أيام التاريخ لظلم علني تحت أي ستار كان
فهل كان ينبغي السكوت والتأييد يدا ولسانا ممن يبرأ ساحة نفسه من شين الحكام وأهل
الدنيا. وهذا الذي كان مع الأسف في تلك الأيام وقد سرت المسألة على علاتها مع الفن.
وكانت السبب في ضياع فروع وتحير جموع. ولم يسلم أولاد الإمام الباقر عليه السلام من
هذا الفخ وإن أماكن مدافنهم تدل على ابتعادهم عن مراكز القوة ودواوين النقابات
الكائنة عادة في
ص 190
مراكز المدن المهمة. إن الذي أردته مما ذكرت هو إلفات النظر إلى علة أخرى من علل
طمس معالم العلويين بالذات كي لا نستبعد القول بأن أولاد الإمام الباقر (ع) أعقبوا
جميعا وأن نسلهم منتشر في الأرض وانتسابهم إلى جدهم الأعلى صحيح وإن أنكر ذلك بعض
كتب النسب.
4 - كتب وآراء النسابين. ومن الأسباب التي ساعدت بشكل أساسي على ضياع
آثار أعداد من أبناء الأئمة عليهم السلام هي كتب النسب نفسها التي وضعت بهدف حفظهم
من الضياع فما لا شك فيه أن المؤلفات الأولية التي صنفت في نسب الطالبيين خاصة لم
تكن جامعة مانعة كما قد يتصوره البعض فالكتابة بعد ثلاثة أو أربعة قرون واعتمادا
على نقل سماعي لا يمكن أن تكون أساسا للقطع بأن ما حوتها هي مجموع المطلوب خصوصا
إذا لاحظنا الجانب الغير مستقر من حياة أولاد الأئمة حيث دفعهم الظلم إلى التنقل
والتشرد والهجرة كما أن الاعتماد على الكتب التي نقلت ما حوته سجلات النقابات من
أسماء الطالبيين هي الأخرى لا يمكن البت فيها بأنها حصرت كل الطالبيين حصرا. وقد
أشرنا إلى هذا الموضوع قبل قليل. ولما كانت هذه الكتب هي المطروحة في ميدان العلم
فلا إشكال في أنها باتت هي أساس ما اشتهر من آراء في علم النسب. وربما كانت هناك
كتب أخرى أكثر تفصيلا وشمولا لم تكتب لها الحياة فضاعت كما ضاع الكثير من الثروات
العلمية فالمهم أن بعض كتب الأنساب باتت الأساس في هذا العلم الشريف ولما شاع العلم
وكثر
ص 191
أنصاره كانت تلك الكتب هي المرجع وهي أصل المشهور، والشهرة كما هو المعروف تمنع
كثيرا من الرأي وقلما تجد من العلماء من خالف الشهرة في غالب العلوم النقلية. وهكذا
كثرت الكتب وتوسع ظل بعض تلك المشهورات التي فيها أن أبناء الإمام الباقر (ع) لم
يعقبوا. وهذا لا يعني أن الظاهر هذا هو كل الحقيقة. فضياع الكتب المخطوطة وتلفها
ذلك الأمر العادي الذي لا ينكره أحد يجعل الباب مفتوحا أمام الاحتمال وليس من
الإنصاف مع هذا الاحتمال البت باليقين اعتمادا على المعروف والمشهور ومع الأسف
الشديد فإن آراء بعض المتسرعين من أهل الفن كادعاء موتهم، أو درجهم أو إنكارهم كان
وراء الكثير من هذه المسائل. وما نحن فيه خير دليل على ذلك فلولا المشجرات المتعددة
وتصريح بعض النسابين لكان القول بخلاف المشهور فيهم أمرا مشكلا فماذا يقول أولئك
السادة الذين اضطر أجدادهم إلى ارتداء زي العوام وتعريف أنفسهم كذلك بإنكارهم نسبهم
لئلا يعرفوا واستمروا على ذلك حتى ضاعوا بين العوام وضاعت ذرياتهم. وكم لنا في
التاريخ أمثلة تشهد على اختفاء الكثير منهم واحتجابهم حتى عن أقربائهم وسنتعرض في
الموضوع اللاحق لعدد من الذرية الطاهرة الذين عاشوا في خفاء ممن ظهر أمره فيما بعد
ومن لم يظهر منه خبر بالمرة.
ص 192
أخبار المتوارين من الطالبيين
1 - عيسى بن زيد. ممن توارى من الطالبيين ومات
متواريا عيسى بن زيد بن علي بن الحسين - ابن عم أبناء الإمام الباقر (ع) - وكادت
أخباره أن تخفى على التاريخ لولا دلالة أخيه الحسين بن زيد عليه وإليك القصة كما
نقلها أبو الفرج الإصفهاني. قال: قال يحيى بن الحسين بن زيد: قلت لأبي: يا أبي إني
أشتهي أن أرى عمي عيسى بن زيد فإنه يقبح بمثلي أن لا يلقى مثله من أشياخه، فدافعني
عن ذلك مدة وقال: إن هذا أمر يثقل عليه، وأخشى أن ينتقل عن منزله كراهية للقائك
إياه فتزعجه، فلم أزل أداريه والطف به حتى طابت نفسه لي بذلك، فجهزني إلى الكوفة
وقال لي: إذا صرت إليه فاسأل عن دور بني حي، فإذا دللت عليها فاقصدها في السكة
الفلانية، وسترى في وسط السكة دارا لها باب صفته كذا وكذا فاعرفه واجلس بعيدا منها
في أول السكة، فإنه سيقبل عليك أول المغرب كهل طويل مسنون الوجه، قد أثر السجود في
جبهته، عليه جبة صوف، يستقي الماء على جمل، (وقد انصرف يسوق الجمل) لا يضع قدما ولا
يرفعها إلا ذكر الله - عز وجل - ودموعه تنحدر، فقم وسلم عليه وعانقه، فإنه سيذعر
منك كما يذعر الوحش، فعرفه نفسك وانتسب له فإنه يسكن إليك ويحدثك طويلا، ويسألك عنا
جميعا ويخبرك بشأنه ولا يضجر بجلوسك معه، ولا تطل عليه وودعه، فإنه سوف يستعفيك من
العودة إليه، فافعل ما يأمرك به من ذلك، فإنك إن عدت إليه
ص 193
توارى عنك، واستوحش منك وانتقل عن موضعه، وعليه في ذلك مشقة. فقلت: أفعل كما
أمرتني. ثم جهزني إلى الكوفة وودعته وخرجت، فلما وردت الكوفة قصدت سكة بني حي بعد
العصر، فجلست خارجها بعد أن تعرفت الباب الذي نعته لي، فلما غربت الشمس إذا أنا به
قد أقبل يسوق الجمل، وهو كما وصف لي أبي، لا يرفع قدما ولا بضعها إلا حرك شفتيه
بذكر الله، ودموعه ترقرق في عينيه وتذرف أحيانا، فقمت فعانقته فذعر مني كما يذعر
الوحش من الإنس، فقلت يا عم أنا يحيى بن الحسين بن زيد بن أخيك، فضمني إليه وبكى
حتى قلت قد جاءت نفسه، ثم أناخ جمله، وجلس معي فجعل يسألني عن أهله رجلا رجلا،
وامرأة امرأة، وصبيا صبيا، وأنا اشرح له أخباره وهو يبكي، ثم قال: يا بني، أنا
أستقي على هذا الجمل الماء، فأصرف ما أكتسب، يعني من أجرة الجمل. إلى صاحبه، وأتقوت
باقيه، وربما عاقني عائق عن استقاء الماء فأخرج إلى البرية، يعني ظهر الكوفة،
فألتقط ما يرمي الناس من البقول فأتقوته. وقد تزوجت إلى هذا الرجل ابنته، وهو لا
يعلم من أنا إلى وقتي هذا، فولدت مني بنتا فنشأت وبلغت، وهي أيضا لا تعرفني، ولا
تدري من أنا، فقالت لي أمها: زوج ابنتك بابن فلان السقاء - لرجل من جيراننا يسقي
الماء - فإنه أيسر منا وقد خطبها، والحت علي فلم أقدر على أخبارها بأن ذلك غير
جائز، ولا هو بكف ء لها فيشيع خبري، فجعلت تلح علي فلم أزل أستكفي الله أمرها حتى
ماتت بعد أيام، فما أجدني آسي على شيء من الدنيا أساي على أنها ماتت ولم تعلم
بموضعي من رسول الله (ص). قال: ثم أقسم علي أن أنصرف
ص 194
ولا أعود إليه وودعني. فلما كان بعد ذلك صرت إلى الموضع الذي انتظرته فيه لأراه فلم
أره. وكان آخر عهدي به 1.
2 - يحيى بن عبد الله بن الحسن المثنى. كان مع الحسين
صاحب فخ فلما قتل أصحاب فخ استتر مدة وأخذ يجول في البلدان ويطلب موضعا يلجأ إليه.
فمضى متنكرا حتى ورد الديلم. ورغم هذا الجهد والمسير الطويل فقد بلغ الرشيد خبره
فولى الفضل بن يحيى نواحي المشرق وأمره بالخروج إلى يحيى. ثم يؤمنه الرشيد. وبعد
أمانه يتحايل عليه بشتى الحيل حتى يدخله السجن ويقتله فمن قائل إنه بنى عليه
اسطوانة وهو حي ومن قال إنه دس إليه في الليل من خنقه حتى تلف. ومن قائل إنه سمه
وهكذا اختلفت الأقوال في كيفية قتله!. وقد نرى حرص الخليفة على تتبع المتواري منهم
وتطوع الوشاة في الأخبار عنهم أينما وجدوا فاسمع ما ينقله أبو الفرج الاصفهاني عن
علي بن إبراهيم العلوي عن الوشاة الذين أخبروا الرشيد بخبر يحيى قال: عرض رجل
للرشيد فقال: يا أمير المؤمنين نصيحة: فقال لهرثمة اسمع ما يقول. قال: إنها من
أسرار الخلافة، فأمره ألا يبرح فلما كان وقت الظهيرة دعا به فقال: اخلني فالتفت
الرشيد إلى ابنيه فقال انصرفا فانصرفا، وبقي خاقان والحسن على رأسه فنظر الرجل
إليهما، فقال الرشيد: تنحيا عني، ففعلا ثم أقبل على الرجل فقال:
(هامش)
1 - مقاتل الطالبيين ص 346 - 347. (*)
ص 195
هات ما عندك. قال على أن تؤمنني من الأسود والأحمر. قال: نعم وأحسن إليك. قال: كنت
في خان من خانات حلوان فإذا أنا بيحيى بن عبد الله في دراعة صوف غليظة وكساء صوف
أحمر غليظ، ومعه جماعة ينزلون إذا نزل ويرحلون إذا رحل ويكونون معه في ناحية
ويوهمون من رآهم أنهم لا يعرفونه وهم أعوانه. مع كل واحد منهم منشور بياض يؤمن به
إن عرض له. قال: أوتعرف يحيى؟. قال: قديما وذاك الذي حقق معرفتي بالأمس له. قال:
فصفه لي. قال: مربوع، أسمر، حلو السمرة، أجلح، حسن العينين، عظيم البطن. قال هو
ذاك. فما سمعته يقول؟. قال ما سمعته يقول شيئا غير أني رأيته ورأيت غلاما له أعرفه
لما حضرت وقت صلاته فأتاه بثوب غسيل فألقاه في عنقه ونزع جبته الصوف ليغسلها. فلما
كان بعد الزوال صلى صلاة ظننتها العصر. اطال في الأوليتين وحذف الأخيرتين. فقال له
الرشيد لله أبوك لجاد ما حفظت 1 فانظر إلى العيون المتطوعة كيف لا تغفل عن صغيرة
ولا كبيرة. فإذا علمنا أن أغلب العلويين الذين لم يوافقوا السلطان كان هذا مصيرهم
أدركنا بعض أسباب اندراس آثارهم.
3 - أحمد بن عيسى بن زيد الشهيد. وممن توارى ومات
في حال تواريه أحمد بن عيسى بن زيد بن
(هامش)
1 - مقاتل الطالبيين ص 390 - 391. (*)
ص 196
علي بن الحسين (ع). وكان فاضلا عالما مقدما في أهله معروفا فضله توفي بعد تواريه
بمدة طويلة في أيام المتوكل. وكان قد هرب من الحبس فخرج متلثما متنكرا حتى وصل
المدائن. وفيها ركب زورقا وانحدر إلى البصرة وتوارى فيها، لكن الوشاة نقلوا خبره
إلى الرشيد فأمر بالقبض عليه فتحايل بعض أعوان السلطة عليه وأظهر له الولاء فلما
وقعت الثقة بينهما قال لأحمد: هذا بلد ضيق ولا خير فيه فهلم معي إلى مصر وإفريقية.
قال له فكيف تأخذني. قال أجلسك في الماء إلى واسط ثم آخذ بك على طريق الكوفة ثم على
الفرات إلى الشام فأجابه ومضوا. لكن أحمد علم بالمكيدة في الطريق. فطلب من الملاحين
التوقف ليخرجوا من الشط للصلاة. فلما خرجوا تفرقوا في النخل وانتهز أحمد الفرصة
فهرب وبعد عنهم فلما طال انتظار الموكلين به خرجوا يطلبونه فلم يجدوه فعادوا خائبين
إلى واسط. ورجع أحمد إلى البصرة ولم يزل هناك مقيما حتى مات فيها. وقد ذكر قصته
مفصلا أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين.
4 - عبد الله بن موسى بن عبد الله
بن الحسن المثنى. توارى أيام المأمون. وكتب إليه المأمون بعد وفاة الرضا (ع) يعطيه
الأمان ويدعوه إلى الظهور ليجعله مكانه. فأجابه عبد الله برسالة طويلة يقول فيها:
فبأي شيئ تغر في؟ ما فعلته بأبي الحسن - صلواة الله عليه - بالعنب الذي أطعمته إياه
فقتلته. والله ما يقعدني ذلك خوف من الموت ولا كراهة له ولكن لا أجد لي فسحة في
تسليطك على نفسي ولولا ذلك لأتيتك حتى تريحني من هذه الدنيا الكدرة. هبني لا ثأر لي
ص 197
عندك وعند آبائك المستحلين لدمائنا. الآخذين حقنا. الذين جاهروا في أمرنا فحذرناهم،
وكنت الطف حيلة منهم بما استعملته من الرضا بنا والتستر لمحننا تختل واحدا فواحدا
منا... إلى آخر الرسالة. ورويت رسالة عبد الله إلى المأمون بطريق آخر نذكر قسما
منها: وصل كتابك وفهمته. تختلني فيه عن نفسي ختل القانص وتحتال علي حيلة المغتال
القاصد لسفك دمي وعجبت من بذلك العهد وولايته لي بعدك كأنك تظن أنه لم يبلغني ما
فعلته بالرضا. ففي أي شيئ ظننت إني أرغب من ذلك؟ أفي الملك الذي غرتك نضرته
وحلاوته؟ فوالله لئن اقذف وأنا حي في نار تتأجج أحب إلي من أن ألي أمر المسلمين. أو
أشرب شربة من غير حلها مع عطش شديد قاتل. أم في العنب الذي قتلت به الرضا؟. أم ظننت
أن الاستتار قد أملني وضاق به صدري فوالله إني لذلك. فلقد مللت الحياة وأبغضت
الدنيا ولو وسعني في ديني أن أضع يدي في يدك حتى تبلغ من قبلي مرادك لفعلت ذلك.
ولكن الله قد حظر علي المخاطرة بدمي. وليتك قدرت علي من غير أن أبذل نفسي لك
فقتلتني. ولقيت الله عز وجل بدمي ولقيته قتيلا مظلوما فاسترحت من هذه الدنيا... 1
ولم يزل عبد الله متواريا إلى أن مات أيام المتوكل.
5 - القاسم بن العباس بن موسى
الكاظم (ع). كان يخفي نسبه خوفا من بني العباس ويعمل لإمرار معاشه ولم
(هامش)
1 - مقاتل الطالبيين ص 500. (*)
ص 198
يعرفه أحد وقد رزق بنتا. وكان له صديق قد عزم على السفر إلى الحج فلما جاء لوداع
القاسم قال له القاسم بن العباس: لي إليك حاجة؟ وهي أن تأخذ ابنتي هذه إلى المدينة
المنورة فإذا وصلت هناك فاسأل عن بيت فلان وسلمهم البنت 1. ويأخذ الرجل البنت إلى
المدينة ثم يسمع خبر وفاة القاسم في المدينة وعند ذلك يعرف أن القاسم هو حفيد
الإمام موسى الكاظم (ع). وهكذا يقضي القاسم حياته متنكرا حتى يوم وفاته وكم من
أمثال هذه القصص قد تكررت عبر التاريخ بسبب ظلم الحكام وقصدهم إلحاق الأذى بل إبادة
أبناء علي عليه السلام لا لشيئ سوى أنهم يتمسكون بالحق ولا يخضعون للباطل. إذن لم
نستبعد مثل هذه القصة عن أبناء الإمام الباقر عليه السلام. ولم لا نعزو ضياعهم وعدم
ذكرهم في التاريخ إلى التواري والابتعاد طلبا للنجاة.
6 - علي بن عبد الله المحض.
هرب خوفا من المنصور إلى الطائف ومات هناك 2.
7 - القاسم بن علي بن عمر الأشرف بن
علي بن الحسين ع كان مختفيا في بغداد مدة ثم ألقى الرشيد القبض عليه وحبسه وبقي مدة
في الحبس 3. وقد أجاد أبو الفرج إذ قال وكان كل من خالف هذا السبيل وقتل على ضده
منهم يستتر خبره ويخفى أمره. ويدرس ذكره 4.
(هامش)
1 - منتخب التواريخ ص 467 - 468. 2 - مشاهد العترة الطاهرة ص 174. 3 - سراج الأنساب
ص 111. 4 - مقاتل الطالبيين ص 565. (*)
ص 199
وكان قد أشار في بداية كتابه إلى هذه الجهة بقوله: على إنا لا ننتفي من أن يكون
الشيء من أخبار المتأخرين منهم فاتنا ولم يقع إلينا لتفرقهم في أقاصي المشرق
والمغرب وحلولهم في نائي الأطراف وشاسع المحال التي يتعذر علينا استعلام أخبارهم
فيها.
هذا آخر ما سمحت به ظروفي من كلام عن هذا الموضوع في الوقت الحاضر ولقد
تمنيت أن يكون أكثر تفصيلا وعمقا ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه. وقد وقع الفراغ
من كتابته أيام المولد النبوي الشريف عام 1416 للهجرة في مدينة شيراز على يد
المحتاج إلى عفو ربه حسين الحسيني الزرباطي
(هامش)
1 - المصدر السابق ص 25 (*)
|