ص 183
[...]
الدخول الا مع العرف أو القرينة. والقول الذى اشار إليه المصنف واستبعده
الشيخ في النهاية (1)، فانه حكم بدخول هذه الاشياء بشرط ان يكون الموصي عدلا مأمونا
والا لم تنفذ الوصية في اكثر من ثلثه. وهو بعيد من وجوه: أحدها: اشتراط عدالة
الموصي، وهو غير معتبر في الوصية مطلقا، وإنما يعتبرها بعض الاصحاب (2) في الاقرار
على بعض الوجوه على ما فيه. وثانيها: نفوذها من الاصل على تقدير العدالة ومن الثلث
على تقدير عدمها، وهذا ايضا ليس من جملة أحكام الوصية بل من أحكام إقرار المريض على
بعض الوجوه، وسيأتي (3). وثالثها: تعميم الحكم في هذه الاشياء، مع ان الرواية التى
هي منشأ حكمه انما تضمنت بعضها وهي رواية عقبة بن خالد المشتملة على السفينة خاصة،
فتعديته إلى غيرها - مع مخالفته للاصل - بعيد. واعلم انه لا فرق في الحكم على
التقديرين بين كون الصندوق مقفلا والجراب مشدودا وعدمه خلافا للمفيد (4) حيث قيدهما
بذلك. واحترز المصنف بالمعين في هذه عما لو كان مطلقا، كما لو قال: أعطوه سيفا أو
سفينة أو صندوقا، فانه لا يتناول الا الظرف خاصة عملا بمدلول الرواية حيث خصتها
بالمعين، ولدلالة العرف عليه أيضا. وهو يتم في غير السيف أما فيه فدخول الجفن فيه
قوي، لانه كالجزء عرفا، أما الحلية فلا تدخل الا مع التعيين.
(هامش)
(1) النهاية: 613 - 614.(2) راجع المقنعة: 662، المهذب 1: 419. (3) في النظر الثاني
من كتاب الاقرار. (4) المقنعة: 674 - 675. (*)
ص 184
[ولو أوصى بإخراج بعض ولده من تركته لم يصح. وهل يلغو اللفظ؟ فيه تردد بين البطلان
وبين إجرائه مجرى من أوصى بجميع ماله لمن عدا الولد، فتمضى في الثلث، ويكون للمخرج
نصيبه من الباقي بموجب الفريضة. والوجه الاول. وفيه رواية بوجه آخر مهجورة.]
قوله:
ولو أوصى بإخراج بعض ولده من تركته... الخ . اختلف الاصحاب فيمن أوصى باخراج بعض
ولده من الارث هل يقع صحيحا، ويختص الارث بغيره من الوراث بعد ان خرج من الثلث،
ويصح في ثلثه ان زاد، أم يقع باطلا؟ الاكثر على الثاني، لانها مخالفة للكتاب والسنة
فتلغوا، قال الله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) (1) الآية، (وأولوا الارحام
بعضهم أولى ببعض) (2). وروى سعد بن سعد، عن الرضا - عليه السلام - في رجل كان له
ابن يدعيه فنفاه ثم أخرجه من الميراث وأنا وصيه فكيف أصنع؟ فقال - عليه السلام -:
لزمه الولد لاقراره بالمشهد، لا يدفعه الوصي عن شيء قد علمه (3). ووجه الصحة
واعتبار الثلث: إن إخراجه من التركة يستلزم تخصيص باقى الورثة بها فكان كما لو أوصى
بها فتمضي من الثلث بمعنى حرمان الموصى بإخراجه من الثلث، ومشاركته في الثلثين إن
كان معه مساو والاختصاص بالباقي إن لم يكن. وهذا القول رجحه العلامة في المختلف
(4)، وعلى هذا فلو أجاز نفذت في الجميع. ويضعف بأن الحمل على الوصية خلاف مدلول
اللفظ، لان إخراجه من الارث لا يقتضي كونه أوصى نصيبه لباقي الورثة وإن لزمه منه
رجوع الحصة إليهم، لان ذلك ليس بالوصية بل لاستحقاقهم التركة حيث لا وارث غيرهم،
وربما لم يكن
(هامش)
(1) النساء: 11. (2) الانفال: 75. (3) الكافي 7: 64 ح 26، الفقيه 4: 163 ح 568،
التهذيب 9: 235 ح 918، الاستبصار 4: 139 ح 520، والوسائل 13: 476 ب 90 من كتاب
الوصايا ح 1. (4) المختلف: 507. (*)
ص 185

[...]
حال الوصية عالما بالوارث كما لو لم يكن له الا ذلك الولد، ولا يعلم من يرثه
بعده ولم يخطر على باله الوارث. فالحكم بالوصية بذلك عدول باللفظ إلى ما لا يدل
عليه باحدى الدلالات، فإن انتفاء دلالة المطابقة والتضمن ظاهر، ودلالة الالتزام قد
عرفت تخلف شرطها، لان شرطها اللزوم البين بحيث يلزم من تصور الملزوم تصور اللازم أو
مع الوسط، وهو منتف كما أشرنا إليه من جواز ذهوله عن الوارث أصلا وعدم التفاته
إليه، بل عدم معرفته، وإنما غرضه مجرد الانتقام من الولد الوارث، فالبطلان مطلقا
أقوى. وأشار بقوله: وفيه رواية بوجه آخر مهجورة إلى ما رواه الشيخ والصدوق عن
وصي علي بن السري قال: قلت: لابي الحسن موسى - عليه السلام - ان علي بن السري
توفي فأوصى الي، فقال: رحمه الله، قلت: وإن ابنه جعفر وقع على أم ولد له فأمرني أن
أخرجه من الميراث، قال: لا، فقال لي: أخرجه فان كنت صادقا فسيصيبه خبل، قال: فرجعت
فقدمني إلى ابي يوسف القاضي، فقال له: أصلحك الله انا جعفر بن علي بن السري وهذا
وصي ابي فمره فليدفع الي ميراثي من ابي، فقال لي: ما تقول؟ فقلت له: نعم، هذا جعفر
بن علي بن السري وأنا وصي علي بن السري، قال: فادفع إليه ماله، فقلت: أريد أن
أكلمك، فقال: فادنه، فدنوت حتى لا يسمع احد كلامي، فقلت له: هذا وقع على أم ولد
لابيه فأمرني أبوه وأوصى ألي أن أخرجه من الميراث ولا أورثه شيئا، فأتيت موسى بن
جعفر - عليه السلام - بالمدينة فأخبرته وسألته فأمرني أن أخرجه من الميراث ولا
أورثه شيئا، فقال: الله إن أبا الحسن أمرك، قال: قلت: نعم، فاستحلفني ثلاثا ثم قال:
أنفذ ما أمرك فالقول قوله، قال الوصي: فأصابه الخيل بعد ذلك (1). قال الشيخ في
كتابي الاخبار بعد نقله الحديث: هذا الحكم مقصور على هذه
(هامش)
(1) الفقيه 4: 162 ح 567، التهذيب 9: 235 ح 917، الاستبصار 4: 139 ح 521،
ورواهالكليني في الكافي 7: 61 ح 15، والوسائل 13: 476 ب 90 من كتاب الوصايا ح
2. (*)
ص 186
[وإذا أوصى بلفظ مجمل لم يفسره الشرع، رجع في تفسيره إلى الوارث، كقوله: أعطوه حظا
من مالي أو قسطا أو نصيبا أو قليلا أو يسيرا أو جليلا أو جزيلا.]
القضية لا يتعدى
به إلى غيرها . وقال الصدوق عقيب هذه الرواية: من أوصى باخراج ابنه من الميراث
ولم يحدث هذا الحدث لم يجز للوصي إنفاذ وصيته في ذلك . وهذا يدل على انهما عاملان
بها فيمن فعل ذلك. أما الشيخ فكلامه صريح فيه، وأما ابن بابويه فلانه وإن لم يصرح
به بل انما دل بمفهومه عليه إلا انه قد نص في أول كتابه (1) على أن ما يذكره فيه
يفتي به ويعتمد عليه، فيكون حكما بمضمونه. وما ذكره من نفيه عمن لم يحدث ذلك دفع
لتوهم تعديه إلى غيره، والا فهو كالمستغنى عنه. فهذا هو الوجه الذى أشار إليه
المصنف. ووجه هجر الرواية ان الوصي الراوى للخبر مجهول الاسم والعدالة، فلا يعمل
بخبره، وفي طريقه ايضا المعلى وهو مشترك بين الثقة والضعيف. واعلم انه لا فرق في
الحكم بين الولد وغيره من الوارث ان حكمنا بالبطلان أو بنفوذها من الثلث، وان عملنا
بالرواية وجب قصرها على موردها، وهو الولد المحدث للحدث المذكور، وقوفا فيما خالف
الاصل على مورده. قوله: ولو أوصى بلفظ مجمل... الخ . إنما رجع في ذلك إلى الوارث
لانه لا مقدر لشيء من ذلك لغة ولا عرفا ولا شرعا، فكل ما يتمول صالح لان يكون متعلق
الوصية. أما في القسط والنصيب والحظ والقليل واليسير فواضح، وأما في الجليل والجزيل
وما في معناهما كالعظيم والنفيس فإنه وإن كان يقتضي عرفا زيادة على المتمول الا أنه
مع ذلك يحتمل إرادة الاقل، نظرا إلى أن جميع المال متصف بذلك في نظر الشارع، ومن ثم
حكم بكفر مستحل قليله وكثيره، كما نبهوا عليه في الاقرار بمثل ذلك متفقين على الحكم
في الموضعين، ولا ينافيه مع ذلك وصفه بالقلة ونحوها، لاختلاف الحيثية، فقلته من
(هامش)
(1) الفقيه 1: 3. (*)
ص 187
[ولو قال: أعطوه كثيرا، قيل: يعطى ثمانين درهما كما في النذر. وقيل: يختص هذا
التفسير بالنذر اقتصارا على موضع النقل.]
حيث المقدار وجلالته من حيث الاعتبار.
وعلى هذا فلو قال: أعطوا زيدا قسطا عظيما، وعمرا قسطا يسيرا، لم يشترط تمييز الوارث
بينهما بزيادة الاول عن الثاني لما ذكرناه، مع احتماله نظرا إلى أغلبية العرف
بأرادة ذلك. وفيه ان ذلك ان اعتبر لزم مثله عند الانفراد، لظهور أغلبية العرف
بالفرق بين قوله يسيرا وقليلا وقوله عظيما وجليلا، خصوصا مع الجمع بين ألفاظ متعددة
بأحد المعنيين. ولو تعذر الرجوع إلى الوارث لغيبة أو امتناع أو صغر أعطي أقل ما
يصدق عليه الاسم، لانه المتيقن. قوله: ولو قال: أعطوه كثيرا... الخ . لفظ الكثير
كنظائره مما ذكر من الالفاظ السابقة في عدم دلالة اللغة والعرف على حمله على مقدر
مخصوص، ولكن وردت رواية (1) ان من نذر الصدقة بمال كثير يلزمه الصدقة بثمانين
درهما، فعداها الشيخ (2) والصدوق (3) وجماعة (4) إلى الوصية، واضاف الشيخ (5)
الاقرار نظرا إلى ان ذلك تقدير شرعى للكثير كالجزء والسهم، فلا يقصر على مورد
السؤال، إذ لو حمل في غيره على غيره لزم الاشتراك المخالف للاصل، مع ان الرواية
الواردة في النذر (6) مرسلة، رواها علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن بعض
(هامش)
(1) الوسائل 16: 186 ب 3 من كتاب النذر والعهد. (2) الخلاف 4: 139 مسألة (8).
(3) المقنع: 163، الفقيه 4: 153. (4) كما في الوسيلة: 378، وفقه القرآن 2: 313،
والمؤتلف من المختلف 2: 60 مسألة (8). (5) الخلاف 3: 360 - 359 مسألة (1). (6)
الكافي 7: 463 ح 21، التهذيب 8: 309 ح 1147، والوسائل 16: 186 ب 3 من كتاب
الاقرار ح 1. (*)
ص 188
[والوصية بما دون الثلث أفضل، حتى إنها بالربع أفضل من الثلث، وبالخمس أفضل من
الربع.]
أصحابه ان المتوكل نذر كذلك فأجابه الجواد - عليه السلام - (1) بذلك، وما
هذا شأنه كيف يتعدى إلى غير مورده، مع ضعفه في نفسه ومخالفته للاصل واللغة والعرف.
واستشهاده بالمواطن الكثيرة المتصور فيها لا يقتضي انحصار الكثير فيه فقد، فقد ورد
في القرآن (فئة كثيرة) (2) و(ذكرا كثيرا) (3) ولم يحمل على ذلك، والحق الرجوع فيه
إلى الوارث كالعظيم في غير موضع الاجماع، لضعف المأخذ. قوله: والوصية بما دون
الثلث أفضل... الخ . الحق النافذ للموصي أن يوصي بثلث ماله فما دون، قال الصادق -
عليه السلام -: من أوصى بالثلث فلم يترك (4) وفي لفظ آخر فقد أضر بالورثة،
والوصية بالخمس والربع أفضل من الوصية بالثلث . (5) وقال الباقر - عليه السلام -:
كان أمير المؤمنين - عليه السلام - يقول: لان أوصي بخمس مالي أحب الي من أن أوصي
بالربع، وأن أوصي بالربع أحب الي من أن أوصي بالثلث، ومن أوصى بالثلث فلم يترك، وقد
بالغ (6). ومقتضى النصوص والفتاوى عدم الفرق بين كون الوصية بذلك لغني وفقير
وغيرهما من وجوه القرب، والحكمة فيه النظر إلى الوارث فإن صلة الرحم والصدقة عليه
أفضل من الاجنبي، وترك الوصية لغير الوارث بمنزلة الصدقة بالتركة عليه. وفصل ابن
حمزة فقال: ان كان الورثة أغنياء كانت الوصية بالثلث أولى، وإن
(هامش)
(1) هذا سهو من قلمه الشريف والصحيح الامام الهادي عليه السلام. (2) البقرة: 249.
(3) الاحزاب 41.(4 و5) الكافي 7: 11 ح 6، 5، الفقيه 4: 136 ح 475، التهذيب 9: 191 ح
769، الاستبصار 4: 119 ح 451، والوسائل 13: 360 ب 9 من كتاب الوصايا ح 2. (6)
الكافي 7: 11 ح 4، الفقيه 4: 136 ح 474، التهذيب 9: 192 ح 773، الاستبصار 4: 119 ح
453، والوسائل الباب المتقدم ح 1. (*)
ص 189
[تفريع إذا عين الموصى له شيئا، وادعى أن الموصي قصده من هذه الالفاظ وأنكر الوارث،
كان القول قول الوارث مع يمينه، إن ادعى عليه العلم والا فلا يمين.]
كانوا فقراء
فبالخمس، وان كانوا متوسطين فبالربع (1). وهو لاحظ ما ذكرناه من مراعاة جانب
الوارث. وأحسن منه ما فصله العلامة في التذكرة فقال: لا يبعد عندي التقدير بأنه
متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة لا يستحق الوصية، لان النبي صلى الله عليه
وآله وسلم علل المنع من الوصية بقوله: إن ترك خيرا لان ترك ذريتك أغنياء خير من
أن تدعهم عالة، ولان اعطاء القريب المحتاج خير من إعطاء الأجنبي، فمتى لم تبلغ
الميراث غناهم كان تركه لهم كعطيتهم فيكون ذلك أفضل من الوصية لغيرهم، فحينئذ يختلف
الحال باختلاف الورثة وكثرتهم وقلتهم وغناهم وحاجتهم، ولا يتقدر بقدر من المال .
(2) قوله: إذا عين الموصى له شيئا... الخ . إن ادعى الموصى له أن الموصي أراد
تقديرا مخصوصا من الالفاظ السابقة ونحوها مما يرجع فيه إلى تفسير الوارث، كأن قال:
أعطوه مالا جليلا، فقال الموصى له: أراد به ألف درهم، فأنكر الوارث فالقول قوله. ثم
إن ادعى الموصى له عليه العلم بما ادعى أن الموصي أراده، فعلى الوارث اليمين على
نفي علمه بذلك، لا على نفي إرادة الموصي ذلك، لان أرادته لا تلزم الوارث الا إذا
علم بها وإن كانت واقعة في نفس الامر، فإذا ادعاها الموصى له لا يلتفت إليه الا أن
يدعي علم الوارث بها فيخلف على نفي العلم لا على البت، لانه حلف على نفي فعل الغير،
قاعدة مستمرة.
(هامش)
(1) الوسيلة: 375.(2) التذكرة 2: 480 - 481. (*)
ص 190
[الطرف الثالث: في أحكام الوصية: إذا أوصى بوصية بأخرى مضادة للاولى عمل بالاخيرة.
ولو أوصى بحمل فجاءت به لاقل من ستة أشهر، صحت الوصية به. ولو كان لعشرة أشهر من
حين الوصية لم تصح. وان جاءت لمدة بين الستة والعشرة وكانت خالية من مولى وزوج، حكم
به للموصى له. وان كان لها زوج أو مولى لم يحكم به للموصى له، لاحتمال توهم الحمل
في حال الوصية وتجدده بعدها.]
قوله: إذا أوصى بوصية ثم أوصى بأخرى مضادة للاولى
عمل بالاخيرة . يتحقق التضاد باتحاد الموصى به واختلاف الموصى له بأن أوصى بالعين
الفلانية لزيد ثم أوصى بها لعمرو، أو أوصى بمائة درهم مطلقا لزيد ثم قال: المائة
التى أوصيت بها لزيد قد أوصيت بها لعمرو. ولا يتحقق في المطلقة مطلقا، كما إذا أوصى
لزيد بمائة ثم أوصى لعمرو بمائة، أو أوصى لزيد بدار ثم أوصى لعمرو بدار، ونحو ذلك.
ومثله يأتي في الاجزاء المشاعة، كما لو أوصى لزيد بخمس ماله ثم أوصى لعمرو بثمن
ماله، وهكذا. وقد يقع الاشتباه في بعض الوصايا المتعددة هل هي متضادة أم لا؟
كالوصية لزيد بثلث ماله ثم الوصية لعمرو بثلث ماله، وقد تقدم (1). قوله: ولو أوصى
بحمل فجاءت به... الخ . واعلم أنه ليس من شرط الموصى به كونه موجودا بالفعل وقت
الوصية، بل لو أوصى بما تحمله الامة أو الدابة أو الشجرة في هذه السنة أو في
المستقبل مطلقا صح، كما سيأتي (2). ولكن لو أشار إلى معين وأوصى بحمله الموجود، أو
بالحمل الموجود لامته، أو بحملها مطلقا حيث تدل القرينة على إرادة الموجود، أو
مطلقا نظرا إلى
(هامش)
(1) في ص: 162. (2) في ص: 193. (*)
ص 191
[...]
ادعاء دلالة القرينة عليه كما قيل، اشترط كونه موجودا حال الوصية ولو بمقتضى
ظاهر الشرع، فان كان الحمل لامة وولدته لاقل من ستة أشهر من حين الوصية علم انه كان
موجودا.وإنما اعتبر كونه لاقل من ستة أشهر لان حال الوصية لا يمكن حدوثه، فلا بد من
فرض تقدمه في وقت يمكن فيه وطي الامة بحيث يمكن فيه تخلق الولد، وذلك قد يكون في
مدة قريبة من الوصية وبعيدة بحسب ما يتفق وقوعه أو يمكن. والضابط: ولادتها له في
وقت يقطع بوجوده حال الوصية، ويتحقق بولادته لاقل الحمل من حين الوطي المتقدم على
الوصية. ولو علم عدم وجوده قطعا بأن ولدته لاكثر من أقصى مدة الحمل من حين الوصية
تبين بطلانها، وقد فرض المصنف لاقصى عشرة أشهر بناء على ما يختاره فيه (1). وإنما
اعتبر في الاقصى حال الوصية لانه إذا كانت المدة من حين الوصية قد مضت كذلك فبطريق
أولى أن يكون قد مضت من حين الوطي المتولد عنه الحمل قبل الوصية. ولو ولدته فيما
بين أقصى مدة الحمل وأقله أمكن وجوده حال الوصية وعدمه، فينظر حينئذ ان كانت الامة
فراشا بحيث يمكنه تجدده بعد الوصية لم يحكم بصحتها، لاصالة عدم تقدم حالتها، وإن
كانت خالية من الفراش بأن فارقها الواطي المباح وطؤه لها من حين الوصية حكم بوجوده،
عملا بالظاهر وأصالة عدم وطي غيره. وما يقال - من أن الظاهر الغالب إنما هو الولادة
لتسعة أشهر تقريبا، فما يولد قبلها يظهر كونه موجودا وإن كان لها فراش، وان الخالية
يمكن وطؤها محللا بالشبهة، ومحرما لو كانت كافرة، إذ ليس فيها محذور لعدم الصيانة،
بخلاف المسلمة - يندفع بأن الحكم السابق مرتب على أصل المقدم على الظاهر عند
التعارض إلا فيما شذ. وبالجملة: فالمسألة حينئذ من باب تعارض الاصل والظاهر، فلو
رجح مرجح
(هامش)
(1) راجع عدة الحامل في كتاب الطلاق. (*)
ص 192
[ولو قال: إن كان في بطن هذه ذكر فله درهمان، وان كان أنثى فلها درهم، فإن خرج ذكر
وأنثى كان لهما ثلاثة دراهم. أما لو قال: إن كان الذي في بطنها ذكرا فكذا، وإن كان
أنثى فكذا، فخرج ذكر وأنثى لم يكن لهما شيء.]
الظاهر عليه في بعض مواردها - كما
يتفق في نظائره - لم يكن بعيدا ان لم ينعقد الاجماععلى خلافه. وكيف كان فلا خروج
عما عليه الجماعة. واعلم ان اعتبار المصنف خلوها من زوج واضح، لان المفروض كون
الحمل مملوكا، ويمكن فرضه مع الزوج الرقيق المشروط على مولاه رق الولد، أو على
مولاها لو كان مولاه هو الموصي، ومع الحر على القول بجواز اشتراط رق الولد. أما
فرضه خلوها من مولى فتركه أولى كما تركه غيره، لان المولى الحر يتبعه الولد، ويمكن
على بعد تقدير فرضه في مولى رقيق على القول بأنه يملك إذا ملك الامة، فإن ولده
مملوك كأبويه، وان كان الاب مولى الامة. والحكم مخصوص بحمل الامة كما يظهر من
تمثيله واعتبار خلوها من زوج ومولى، وان كان اللفظ مطلقا. ولو كان الحمل لغير الامة
من البهائم صح ايضا واشترط وجوده حالة الوصية كحمل الامة، الا ان العلم به لا يتقيد
بولادته قبل ستة أشهر، ولا انتفاء وجوده حالتها يعلم بتجاوزه العشرة، لاختلاف
الحيوان في ذلك اختلافا كثيرا، والمرجع فيها إلى العادة الغالبة، لعدم ضبط الشارع
حملها كالآدمي. ويختلف العادة باختلاف أجناسه، فإن للغنم مقدارا معلوما عادة،
وللبقر مقدارا زائدا عنه، وكذا للخيل وغيرها من الحيوان، فيرجع فيه إلى العادة،
لانها المحكمة عند انتفاء الشرع. وحيث يقع الشك في الوجود حالة الوصية لا يحكم
بصحتها. ويشكل مع هذا حمل الآدمي على المتيقن والحيوان على الغالب، لاشتراكهما في
المقتضي على التقديرين. قوله: ولو قال: إن كان في بطن هذه ذكر... الخ . الفرق
بين الصيغتين انه في الاول اعتبر وجود الذكر في البطن ووجود الانثى فيه من غير ان
ينحصر ما في البطن في احدهما، فإذا وجدا معا في البطن صدق أن في بطنها ذكرا فيستحق
ما أوصى له به وأن كان في بطنها أنثى فتستحق ما أوصى لها به،
ص 193
[وتصح الوصية بالحمل وبما تحمله المملوكة والشجرة، كما تصح الوصية بسكنى الدار مدة
مستقبلة.]
لتحقق الشرط فيهما، وزيادة الآخر لا تضر، لان الظرفية لشيء لا ينافى
الظرفية لغيره، بخلاف الثانية فانه شرط صفة الذكورة والانوثة في جملة الحمل، فقد
اعتبر كون جميع ما في بطنها هو الذكر أو الانثى، فإذا وجدا معا فيه لم يصدق أن الذى
في بطنها ذكر ولا أنثى، بل هما معا، والمجموع غير كل واحد من أجزائه فلا يستحقان
شيئا. وفى حكم العبارة الثانية قوله: إن كان ما في بطنها، أو إن كان حملها،
ونحوذلك. فرع: لو ولدت خنثى دفع إليه الاقل، لانه المتيقن، بناء على أنه ليس طبيعة
ثالثة، مع احتمال عدم استحقاق شيء لانه ليس أحد الامرين. ولو ولدت في الصورة الاولى
ذكرين أو أنثيين أو هما معا، ففي تخير الوارث في إعطاء نصيب الذكر لايهما شاء،
ونصيب الانثى لايتهما شاء، أو اشتراك الذكرين في الدرهمين والانثيين في الدرهم، أو
الايقاف حتى يصطلحا، أوجه أجودها الاول، لان المستحق للوصية هو ذكر في بطنها أو
أنثى في بطنها وهو صادق عليهما، فيكون تعيينه إلى الوارث كما في كل لفظ متواط. ولا
يتوجه هنا احتمال الاستحقاق كل واحد من الذكرين ما عين له وكل واحدة من الانثيين
كذلك، لان الموصى له مفرد نكرة فلا يتناول ما زاد على واحد، بل كان بالنسبة اليهما
متواطئا، كما لو أوصى لاحد الشخصين أو لفقير ونحو ذلك. قوله: وتصح الوصية
بالحمل... الخ . المراد بصحة الوصية بالحمل الموجود في بطن أمه وبالمتجدد. وقد
تقدم (1) حكم الموجود، وإنما أعاده ليترتب عليه قسيمه. والمراد بالمملوكة هنا ما
يعم الامة وغيرها من البهائم، وان كان إطلاقها على الامة أغلب، ولو فرض إرادة الامة
فهو تمثيل. ولا فرق في جواز الوصية بالمتحدد من ذلك بين المضبوط بمدة كالمتجدد في
هذه
(هامش)
(1) في ص: 190. (*)
ص 194
[ولو أوصى بخدمة عبد، أو ثمرة بستان، أو سكنى دار، أو غير ذلك من المنافع، على
التأبيد أو مدة معينة، قومت المنفعة، فإن خرجت من الثلث، وإلا كان للموصى له ما
يحتمله الثلث.]
السنة أو عشر سنين أو عدد كأربعة، وبين المطلق والعام المتناول
لجميع ما يتجدد منها ما دامت حية. ولا في المضبوط بمدة بين المتصل بالموت والمتأخر
كالسنة الفلانية من المتجدد. والمراد بالعام المتناول لجميع ما استفيد من لفظ يدل
عليه، كقوله كل حمل يتجدد، أو كل ثمرة يتجدد دائما (1)، ونحو ذلك. ولو كانت الوصية
باللفظ الذى ذكره المصنف كقوله: أوصيت بما تحمله، فهلتنزل على العموم، أم تحمل على
كل حمل واحد أو ثمرة واحدة؟ يبنى على أن ما الموصولة هل تفيد العموم أم لا؟
وفيه خلاف بين الاصوليين، ومع الشك فالواحد معلوم والاصل فيما بعده عدم التبرع به.
ويبقى فيه بحث آخر، وهو أن الحمل المتجدد يدخل في هذه العبارة قطعا، لانها بصيغة
المضارع، وهل يدخل الموجود حال الوصية؟ يبنى على أن المضارع هل هو مشترك بين الحال
والاستقبال، أم مختص بأحدهما حقيقة وهو في الآخر مجاز؟ فيه خلاف بين الاصوليين
والنحويين، وعليه يتفرع الحكم. والاقوى عدم دخول الموجود للشك في تناوله للحال،
ورجحان الاشتراك الموجب لعدم حمله على المعنيين على المختار عند الاصوليين.
وبالجملة فالمسألة مشكلة المأخذ جدا. قوله: ولو أوصى بخدمة عبد أو ثمرة... الخ .
الغرض من ذلك بيان كيفية احتساب المنفعة من الثلث، فإن لم تكن المنفعة الموصى بها
مؤبدة فأمرها سهل، لان العين تبقى لها قيمة معتبرة بعد إخراج تلك المنفعة، فإذا
أوصى بمنفعة العبد مثلا عشر سنين قوم العبد بجميع منافعه، فإذا قيل: قيمته مائة
دينار قوم ثانيا مسلوب المنفعة تلك المدة، فإذا قوم كذلك بخمسين فالتفاوت خمسون
يخرج من الثلث، بمعنى أنه يعتبر أن يكون بيد الوارث مائة منها
(هامش)
(1) في س بدل دائما : أو كل نماء. (*)
ص 195

[...]
رقبة العبد وقيمتها في المثال خمسون. وربما استشكل اخراج هذه المنافع من
الثلث من حيث إنها متجددة بعد الموت، والمتجدد بعد الموت من زوائد التركة لا يحسب
منها، ولا تقع موروثة بل يملكها الوارث، فكيف يحسب على الموصى له من الثلث المقتضي
لكونها من التركة؟ وأجيب: بأن المحسوب من الثلث ليس هو نفس المنافع المتجددة، وإنما
هو التفاوت بين القيمتين للعين منتفعا بها ومسلوبة المنافع، أو مجموع قيمة العين
كما سيأتي، وذلك مملوك للموصي ومعدود في تركته قطعا إذ لا شبهة في كون تلك
المنافعتنقص قيمة العين، وتختلف قيمتها باختلافها زيادة ونقصانا، فذلك هو المحسوب،
وان كنا لا نقضي الدين من المنافع المتجددة بعد الموت ولا نحتسبها من جملة التركة.
وان كانت المنفعة مؤبدة ففي تقويمها أوجه: أحدها: تقويم العين بمنافعها وخروج مجموع
القيمة من الثلث، لخروجها بسلب جميع منافعها عن التقويم فقد فات على الورثة جميع
القيمة فكانت العين هي الفائتة (1)، ولان المنفعة المؤبدة لا يمكن تقويمها، لان مدة
عمره غير معلومة وإذا تعذر تقويم المنافع تعين تقويم الرقبة. وثانيها: ان المعتبر
ما بين قيمتها بمنافعها وقيمتها مسلوبة المنافع. وعلى هذا تحسب قيمة الرقبة من
التركة، لان الرقبة باقية للوارث يقدر على الانتفاع بها بالعتق لو كان مملوكا - وهو
غرض كبير (2) متقوم بالمال - وبيعها من الموصى له أو مطلقا، وهبتها، والوصية بها،
فلا وجه لاحتسابها على الموصى له. ويمكن الانتفاع من البستان بما ينكسر من جذوعه
وييبس، ومن الدار بآلاتها إذا خربت ولم يعمرها الموصى له. فحينئذ يقوم العبد مثلا
بمنفعته، فإذا قيل: مائة، ويقوم مسلوب المنفعة صالحا للعتق وما ذكرناه، فإذا قيل:
عشرة، علم ان قيمة المنفعة تسعون، فيعتبر أن
(هامش)
(1) في س، ش : القائمة. (2) في و، م : كثير. (*)
ص 196
[ووإذا أوصى بخدمة عبده مدة معينة فنفقته على الورثة، لانها تابعة للملك.]
يبقى مع
الورثة ضعفها ومن جملته الرقبة بعشرة. وهذا هو الاصح. وثالثها: وان يحتسب قيمة
المنفعة من الثلث، ولا يحتسب قيمة الرقبة على احد من الوراث ولا الموصى له، أما
الموصى له فلانها ليست له، وأما الوارث فللحيلولة بينه وبينها ويسلب قيمتها بسلب
منافعها فكأنها تالفة. وهذا يتم مع فرض عدم القيمة للرقبة منفردة كبعض البهائم،
والا فعدل (1) الوسط ظاهر. إذا عرفت ذلك فيتفرع على هذه الاوجه مسائل كثيرة. منها:
ما لو أوصى لرجل برقبة ولآخر بمنفعته، فان قلنا: يعتبر من الثلث تمام القيمة، نظر
فيما سواه من التركة وأعطي كل واحد حقه كاملا أو غير كامل. وان قلنا: المعتبر
التفاوت، فإن حسبنا الرقبة على الوارث إذا بقيت له حسب هنا كمال القيمة عليهما، وإلا
لم يحتسب (2) أيضا على الموصى له بها، وتصح وصيته من غير اعتبار الثلث. ومنها: ما
لو أوصى بالرقبة لرجل وأبقى المنفعة للورثة، فإن اعتبر من الثلث كمال القيمة لم
تعتبر هذه الوصية من الثلث، لجعلنا الرقبة الخالية عن المنفعة كالتالفة. وان قلنا:
المعتبر التفاوت، فإن حسبنا القيمة على الوارث حسبت هنا قيمة الرقبة على أهل
الوصايا ويدخل في الثلث، والا فهنا يحسب قدر التفاوت على الوارث ولا تحسب قيمة
الرقبة على الوصايا. (3) قوله: وإذا أوصى بخدمة عبده مدة معينة فنفقته على
الورثة، لانها تابعة للملك . لا إشكال في وجوب النفقة على الوارث لو كان المنفعة
مؤقتة، لبقاء الرقبة على ملك الوراث، والنفقة تابعة للملك، ولم تخرج الرقبة عن
كونها منتفعا بها. وانما
(هامش)
(1) (1) في و نسخة بدل: فقول الوسط. (2) في س : تحسب. (3) في و نسخة بدل
بعد هذه الجملة: لذلك. (*)
ص 197
[...]
الكلام في نفقة المؤبدة خدمته للموصى له، والمصنف لم يتعرض لحكمه، وفي محل
وجوب نفقته أوجه: أحدها - وهو الاصح -: أنه الوارث كالاول، لما ذكر من كونه المالك
للرقبة، وهو مناط النفقة. والثانى: أنه الموصى له، لكونه مالكا للمنفعة مؤبدا فكان
كالزوج، ولان نفعه له فكان ضرره عليه كالمالك لهما جميعا، ولان اثبات المنفعة
للموصى له والنفقة على الوارث إضرار به منفي. والثالث: أنه من بيت المال، لان
الوارث لا نفع له، والموصى له غير مالك، وبيت المال معد للمصالح وهذا منها. ويضعف
الثاني بأن ملك المنفعة لا يستتبع النفقة شرعا كالمستأجر. والقياس على الزوج باطل
مع وجود الفارق، فإن الزوجة غير مملوكة، والنفقة في مقابلة التمكين في الاستمتاع لا
في مقابلة المنافع. وثبوت الضرر بايجابها على الوارث ممنوع، لانتفائه مع اليسار
وانتفائها مع عدمه. وأما النفقة من بيت المال فمشروطة بعدم المالك المتمكن، وهو هنا
موجود. واعلم أنه لا فرق بين العبد وغيره من الحيوانات المملوكة. واما عمارة الدار
الموصى بمنافعها، وسقي البستان وعمارته من حرث وغيره إذا أوصى بثماره، فإن تراضيا
عليه أو تطوع أحدهما به فذاك وليس للاخر منعه، وان تنازعا لم يجبر أحد منهما، بخلاف
نفقة الحيوان لحرمة الروح. ويحتمل طرو الخلاف في العمارة وسائرالمؤن، بناء على وجوب
ذلك على المالك حفظا للمال. والفرق (1) واضح. نعم، لو كانت المنفعة موقتة اتجه
وجوبها على المالك وإجباره عليها حفظا لماله عن الضياع،
(هامش)
(1) في هامش و: وجه الفرق: أن المالية هنا منتفية عن مالك الاصل بسبب سلب
المنفعة، بخلاف ما لو كانت المنفعة له، لان [تركه] (كلمة غير واضحة في النسخة)
العمل اذهاب للمال وتضييع فيمنع منه، وقد نبه على الفرق فيما لو كانت المنفعة
مؤقتة. منه رحمه الله . (*)
ص 198
[وللموصى له التصرف في المنفعة. وللورثة التصرف في الرقبة ببيع وعتق وغيره، ولا
يبطل حق الموصى له بذلك. ولو أوصى له بقوس انصرف إلى قوس النشاب والنبل والحسبان
الا مع قرينة تدل على غيرها.]
لان منفعته به مترقبة إن أوجبنا إصلاح المال. قوله:
وللموصى له التصرف في المنفعة... الخ . اما جواز تصرفهم في الرقبة في الجملة
فظاهر، لانها ملكهم فيجوز التصرف فيها بالعتق مطلقا، إذ لا مانع منه بوجه. ولا يبطل
حق الموصى له من المنافع كما كانت قبل العتق، لان حق الوارث هو الرقبة فلا يملك
إسقاط حق الموصى له من المنافع. وليس للعتيق الرجوع على الوارث بشيء، لان تفويت
المنافع عليه ليس من قبله. وأما بيعه فان كانت المنفعة مؤقتة بوقت معلوم فجوازه
واضح لعدم المانع، كما يجوز بيع العبد المستأجر. وان كانت مؤبدة ففي جوازه مطلقا،
أو على الموصى له خاصة، أو المنع مطلقا، أوجه أجودها الجواز حيث تبقى له منفعة
كالمملوك لامكان عتقه، وتحصيل الثواب به أعظم المنافع، ولانه يتوقع استحقاق الارش
بالجناية عليه أو الحصة منه، وقد تقدم (1) في بيع المعمر ما يحقق موضع النزاع ويرجح
الجواز. ولو لم يبق لم منفعة كبعض البهائم فالمنع أجود، لانتفاء المالية عنه بسلب
المنافع كالحشرات. نعم، لو أوصى بنتاج الماشية مؤبدا صح بيعها، لبقاء بعض المنافع
والفوائد كالصوف واللبن والظهر. وإنما الكلام فيما استغرقت الوصية قيمته. قوله:
ولو أوصى له بقوس انصرف إلى قوس النشاب والنبل والحسبان الا مع قرينة تدل على غيرها
. اسم القوس يطلق على العربية وهي التي ترمى بها النبل وهي السهام العربية، وعلى
الفارسية وهي التي يرمى بها النشاب، وعلى القسي التي لها مجرى ينفذ فيها
(هامش)
(1) في ج 5: 427. (*)
ص 199
[...]
السهام الصغار وتسمى الحسبان، وعلى الجلاهق وهي مما يرمى به البندق، وعلى قوس
الندف. والسابق إلى الفهم من لفظ القوس أحد الانواع الثلاثة، فإذا قال: أعطوه قوسا،
حمل على أحدها دون الجلاهق وقوس الندف. هكذا أطلقه المصنف والاكثر. وقال ابن ادريس:
تتخير الورثة في إعطاء ما شاءوا من الخمس، لان اسم القوس يقع على كل واحد منها ولا
دليل للتخصيص. (1) وفي كل واحد من القولين نظر، لان الذاهب إلى التخيير بين الثلاثة
يعترف بأن إطلاق اسم القوس على الخمسة لكنه يدعي غلبته في الثلاثة عرفا، وذلك يقتضي
في الثلاثة اتباع العرف في ذلك، وهو يختلف باختلاف الاوقات والاصقاع. ولا ريب في أن
المتبادر في زماننا هو القوس العربية خاصة، وقوس الحسبان لا يكاد يعرفه اكثر الناس،
ولا ينصرف إليه فهم أحد من أهل العرف فمساواته للاولين بعيدة، ونظر ابن ادريس إلى
الاطلاق اللغوي جيد لكن العرف مقدم عليه. والاقوى أنه إن وجدت قرينة تخصص احدها حمل
عليه، مثل ان يقول: أعطوه قوسا يندف به أو يتعيش به وشبهه، فينصرف إلى قوس الندف،
أو يغزو بها فيخرج قوس الندف والبندق إذا لم يكن معتادا في الغزو (2). وإن انتفت
القرائن اتبع عرف بلد الموصي، فان تعدد تخير الوارث. ولو قال: أعطوه ما يسمى قوسا،
ففي تخيره بين الخمسة أو بقاء الاشكال كالاول وجهان أجودهما الاول. إذا تقرر ذلك:
فالواجب اعطاء ما يطلق عليه اسمه عرفا، وهو يتحقق بدون الوتر على الظاهر. وقيل: لا،
لان المقصود منه لا يتم الا به فهو كالفص بالنسبة إلى الخاتم، والغلاف بالنسبة إلى
السيف، بل أولى، لانه بدونه بمنزلة العصا. والاجود الرجوع إلى العرف أو القرينة،
وبدونه لا يدخل.
(هامش)
(1) السرائر 3: 205 - 206. (2) في م، س، ش : العرف. (*)
ص 200

[وكل لفظ وقع على أشياء وقوعا متساويا فللورثة الخيار في تعيين ما شاءوا منها.]
قوله: وكل لفظ وقع على اشياء وقوعا متساويا فللورثة الخيار في تعيين ما شاءوا
منها . هذا كالتتمة لما سبق مع افادة قاعدة كلية، فان لفظ القوس يطلق على
اشياءمتعددة على القولين، فيتخير الورثة في إعطاء ما شاءوا مما ينصرف إليه اللفظ من
الثلاثة والخمسة وغيرهما. وهذا اللفظ وان كان يعطي القاعدة في غير هذه المسألة الا
أنه بتوسطه بين احكام القوس يرشد إلى تخصيصه بمسألته، وان كان حكمه على الاطلاق
صحيحا أيضا. والكلية متناولة للفظ المشترك، لانه هو اللفظ الواحد الواقع على اشياء
متعددة، وفي حكمه المتواطئ فان الوارث يتخير في أفراده الداخلة تحت معناه. ويمكن
ادخاله في العبارة بجعل الاشياء الواقع عليها اللفظ اعم من كونها داخلة تحته بغير
واسطة وهو المشترك، أو بواسطة المعنى الواحد وهو المتواطئ، وهذا أعم فائدة. وفي
عبارة العلامة (1) تصريح بارادته على ما فيه من التكلف. والحاصل: أن الموصي بلفظ
يقع على أشياء وقوعا متساويا - إما لكونه متواطيا، بأن تكون الوصية بلفظ له معنى،
وذلك المعين يقع على اشياء متعددة كالعبد، أو لكونه مشتركا بين معان متعددة كالقوس
- فإن للورثة الخيار في تعيين ما شاءوا. أما في المتواطئ فلان الوصية به وصية
بالماهية الكلية، وخصوصيات الافراد غير مقصودة له الا تبعا، فيتخير الوارث في تعيين
أي فرد شاء، لوجود متعلق الوصية في جميع الافراد. واما المشترك فلان متعلق الوصية
هو الاسم، وهو صادق على المعاني المتعدة حقيقة، فيتخير الوارث ايضا. وربما قيل في
المشترك بالقرعة. وهو بعيد.
(هامش)
(1) القواعد 1: 298. (*)
ص 201
[أما لو قال: أعطوه قوسي، ولا قوس له الا واحدة انصرفت الوصية إليها من أي الاجناس
كانت. ولو أوصى برأس من مماليكه كان الخيار في التعيين إلى الورثة. ويجوز أن يعطوا
صغيرا أو كبيرا، صحيحا أو معيبا.]
قوله: أما لو قال: أعطوه قوسي، ولا قوس له الا
واحدة انصرفت الوصية إليها منن أي الاجناس كانت . هذا تتمة حكم الوصية بالقوس،
وحاصله: ان التخيير بين الثلاثة والخمسة انما هو مع اطلاقه إعطاء القوس من غير أن
يضيفه إلى نفسه، فإنه في نفسه مشترك متعدد. أما لو قال: أعطوه قوسي، وليس له الا
أحدها انصرفت الوصية إليه، من اي نوع كان، لتقييده بالاضافة. ولو فرض مع قوله:
أعطوه قوسي أن له قسيا متعددة فكالسابق في التخيير، لكن يزيد هنا ان الحكم مختص بما
لو كان له من كل نوع، فلو كان له من نوعين خاصة أو ثلاثة، فإن كان أحدهما خاصة من
الغالب حمل عليه، وان اشتركت في الغلبة تخير الوارث، وان تعدد الغالب مع وجود غيره،
كما لو كان لهقوس ندف (1) وقوس نبل وقوس حسبان، تخير في الاخيرين خاصة. ولو لم يكن
له الا قوس ندف وجلاهق خاصة ففي التخيير بينهما، أو الانصراف إلى الجلاهق لانه
أغلب، وجهان، وعلى ما اخترناه من مراعاة العرف يرجع إليه هنا. واعلم: ان القوس مما
يجوز تذكيره وتأنيثه لغة سماعا، ذكره جماعة (2) من أهل اللغة، فلذلك أنثه المصنف
وذكره غيره. قوله: ولو أوصى برأس من مماليكه كان الخيار في التعيين إلى الورثة...
الخ . المملوك من الالفاظ المتواطية بالنظر إلى ما تحت معناه من الافراد، يشمل
الذكر والانثى والخنثى، والصغير والكبير، والصحيح والمعيب، والمسلم والكافر،
(هامش)
(1) في و: بندق، نسخة. (2) الصحاح 3: 967، لسان العرب 6: 185. (*)
ص 202
[ولو هلك مماليكه بعد وفاته الا واحدا تعين للعطية. فإن ماتوا بطلت الوصية. فإن
قتلوا لم تبطل، وكان للورثة أن يعينوا له من شاءوا، أو يدفعوا قيمته إن صارت إليهم،
وإلا أخذها من الجاني.]
فيتخير الوارث في إعطاء ايها شاء، لوقوع اسمه على كل واحد
منها. وانما اجتزأ هنا بالمعيب مع إطلاق الموصي ولم يحمل عليه في التوكيل في البيع
ونحوه لان عقود المعاوضات مبنية على المكايسة (1)، ويطلب فيها حفظ المالية، بخلاف
الوصية فإنها تبرع محض فتتبع اللفظ وإن فات بعض المالية. وانما يتخير الوارث مع
وجود المتعدد في التركة، والا تعين الموجود. ولو لم يوجد له مملوك بطلت. وهل
المعتبر بالموجود عند الوصية أو الموت؟ وجهان أجودهما الثاني، لانه وقت الحكم
بالانتقال وعدمه كما اعتبر المال حينئذ. ووجه الاول اضافة المماليك إليه المقتضية
لوجود المضاف. قوله: ولو هلكت مماليكه بعد وفاته... الخ . المراد بهلاكهم موتهم،
لا ما يعم قتلهم، وان كان اللفظ أعم، إذ لو قتلوا الا واحدا لم يتعين للوصية، لان
المقتول بمنزلة الموجود، ومن ثم لم تبطل الوصية بقتل الجميع، فيتخير الوارث في
تعيين من شاء من الحي والمقتول.ووجه البطلان مع موت الجميع فوات متعلق الوصية
بموتهم، بخلاف القتل لبقاء المالية بثبوت القيمة على القاتل وهو بدل عن العين فكانت
للموصى له. والتقييد بهلاكهم بعد الوفاة لادراج باقى الاقسام فيه بغير إشكال، فإن
قتلهم في حال حياته موضع خلاف في بطلان الوصية، من حيث فوات متعلق الوصية، ومن بقاء
البدل وهو القيمة، وان كان الاصح عدم البطلان. وأما الهلاك بالموت فلا فرق بين
وقوعه في حياته وبعد موته في البطلان إن استوعب، والصحة ما بقي واحد، فتقييده
ببعدية الوفاة لا وجه له. واعلم: أن الحكم بعدم البطلان لو قتلوا بعد الوفاة واضح
على تقدير سبق
(هامش)
(1) في س : المماكسة. (*)
ص 203
[وتثبت الوصية بشاهدين مسلمين عدلين، ومع الضرورة وعدم عدول المسلمين تقبل شهادة
أهل الذمة خاصة.]
القبول القتل، أو على القول بكون القبول كاشفا من سبق الملك
بالموت، أو بالمراعاة. أما على القول بأنها لا تملك الا بالقبول فقيل: إنها تبطل
كالموت، لفوات محل الوصية قبل ملكه، كذا فصله العلامة في التذكرة (1). وهذا إنما
يتم على القول بأنهم لو قتلوا حال الحياة بطلت ايضا، أما لو قلنا بعدم الطلان حينئذ
فعدمه لو قتلوا بعد الوفاة على جميع التقادير بطريق أولى، لتعلق حقه بهم في الجملة
وإن لم يتم، بخلاف حال الحياة لعدم تصور ملك الموصى له حينئذ. قوله: وتثبت الوصية
بشاهدين... الخ . لا شبهة في ثبوتها بشهادة شاهدين مسلمين عدلين، لان ذلك مما يثبت
به جميع الحقوق عدا ما استثني مما يتوقف على أربعة، وحكم الوصية أخف من غيرها، ومن
ثم قبل فيها شهادة المرأة الواحدة على بعض الوجوه، وشهادة أهل الذمة كذلك. ولا فرق
في قبولها بهما بين كونهما بمال وولاية.ومع عدم وجود عدول المسلمين تقبل شهادة عدول
أهل الذمة بالمال، للآية (2) والرواية (3)، ودعوى نسخها لم تثبت. والآية تضمنت
اشتراط قبولها بالسفر، وتحليفهما بعد الصلاة قائلين: (لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا
قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين)، وذلك إذا ارتاب ولي الميت في
شهادتهما، وأنه إن عثر على أنهما شهدا بالباطل فليس له نقض شهادتهما حتى يجئ شاهدان
فيقومان مقام الشاهدين الاولين (فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما
اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين) (4). وأكثر الاصحاب - ومنهم المصنف - لم يعتبروا
السفر وجعلوه خارجا مخرج
(هامش)
(1) التذكرة 2: 486. (2) المائدة: 106. (3) راجع الوسائل 13: 390 ب (20) من كتاب
الوصايا. (4) المائدة: 107. (*)
ص 204
[وتقبل في الوصية بالمال شهادة واحد مع اليمين، أو شاهد وامرأتين.]
الغالب، ولا
الحلف، وأوجبه العلامة (1) بعد القصر (2) بصورة الآية، وهو حسن، لعدم ظهور المسقط.
ويمكن استنادهم في عدم اشتراط السفر إلى موثقة هشام بن الحكم عن ابي عبد الله -
عليه السلام - في قوله تعالى: (أو آخران من غيركم) قال: إذا كان الرجل في بلد ليس
فيها مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية (3) فإنها متناولة باطلاقها للحضر
والسفر. ولو وجد مسلمان فاسقان فالديتان العدلان أولى، للآية. أما المسلمان
المجهولان فيبنى على اعتبار ظهور العدالة كما هو المشهور، أو الحكم بها ما لم يظهر
خلافها كما ذهب إليه جماعة من الاصحاب، فعلى الثاني لا ريب في تقديم المستور من
المسلمين، لانه عدل. وعلى الاول ففي تقديمه على عدل أهل الذمة وجهان، واختار
العلامة (4) تقديم المسلمين، بل قدم الفاسقين إذا كان فسقهما بغير الكذب والخيانة.
وفيه نظر. قوله: وتقبل في الوصية بالمال - إلى قوله - وامرأتين . الحكم فيهما
موضع وفاق، لان الضابط الكلي ثبوت المال مطلقا بذلك، والوصية بالمال من افراده. وقد
دل قوله تعالى: (فرجل وامرأتان ممن ترضون منالشهداء) (5) على الاكتفاء برجل
وامرأتين. ولا خلاف عندنا في الاكتفاء بالشاهد مع
(هامش)
(1) لم نعثر على تصريح منه بذلك. ولعل منشأ إسناده إليه نقله الرواية المتضمنة لذلك
في التذكرة 2: 521 من دون تعليق. ويحتمل حصول الاشتباه بين كلامه ومتن الرواية وهي
الحديث 6 من الباب. (2) في س، و، م : العصر. (3) الكافي 7: 4 ح 3، التهذيب
9: 180 ح 725، والوسائل 13: 391 ب 20 من كتاب الوصايا ح 4. والآية في سورة
المائدة: 106. (4) التذكرة 2: 522. (5) البقرة: 282. (*)
ص 205

[ويقبل شهادة الواحدة في ربع ما شهدت به، وشهادة اثنتين في النصف، وثلاث في ثلاثة
الارباع، وشهادة الاربع في الجميع.]
اليمين، وهو ثابت في السنة (1) عن النبي صلى
الله عليه وآله. وسيأتي ان شاء الله تعالى. قوله: وتقبل شهادة الواحدة... الخ .
هذا ايضا موضع وفاق بين الاصحاب، ورووه (2) عن الصادق (3) - عليه السلام - وعن امير
المؤمنين (4) عليه السلام. ولا يخفى ان ذلك مع عدالة النساء كما هو المعتبر في كل
شهادة. ولا يتوقف ثبوت ما ذكر بشهادتهن على اليمين، لاطلاق النص، فلو اعتبر لزم
تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولا بعد فيه بعد ثبوته بالنص، وان كان مخالفا لحكم
غيره من الحقوق فانها مختلفة بحسب الشهادة اختلافا كثيرا. واختار العلامة في
التذكرة (5) توقف الحكم في جميع الاقسام على اليمين، كما في شهادة الواحد. وفيه: ان
اليمين مع شهادة الواحد يوجب ثبوت الجميع، فلا يلزم مثله في البعض. ولوفرض انضمام
اليمين إلى الاثنين أو الثلاث ثبت الجميع، لقيامهما (6) مقام الرجل، أما الواحدة
فلا يثبت بها سوى الربع مطلقا. ولو شهد رجل واحد ففي ثبوت النصف بشهادته من غير
يمين، نظرا إلى قيام شهادته مقام اثنين (7) أو الربع خاصة، لانه المتيقن من حيث انه
لا يقصر عن المرأة، أو سقوط شهادته أصلا، وقوفا فيما خالف الاصل على مورده، أوجه
أوسطها الوسط. والخنثى كالمرأة على الاقوى، مع احتمال سقوطها هنا لما ذكر في الرجل
الواحد.
(هامش)
(1) لاحظ الوسائل 18: 192 ب 14 من ابواب كيفية الحكم. (2) في ب : في الصحيح.
(3 و4) راجع الوسائل 13: 395 ب 22 من كتاب الوصايا. (5) التذكرة 2: 522. (6)
كذا في و، ب وفي غيرهما: لقيامها. (7) في س : اثنتين. (*)
ص 206
[ولا تثبت الوصية بالولاية الا بشاهدين، ولا تقبل شهادة النساء في ذلك. وهل تقبل
شهادة شاهد مع اليمين؟ فبه تردد، أظهره المنع.]
واعلم ان المرأة الواحدة لو علمت
بالحال فأضعفت المال حتى صار ربعه قدر الموصى به ليثبت الجميع قبل ظاهرا، واستباحة
الموصى له مع علمه بالوصية أو جهله بكذبها في الزيادة لا بدونه، ولكن لا يجوز لها
تضعيفه لذلك للكذب. ولا يشترط في قبول شهادة المرأة هنا تعذر الرجال عملا بالعموم،
خلافا لابن ادريس (1) وقبله ابن الجنيد (2). قوله: ولا تثبت الوصية بالولاية الا
بشاهدين... الخ . لا خلاف في عدم قبول شهادة النساء منفردات في الولاية، لانها
ليست وصية بمال بل هي تسلط على تصرف فيه، ولا مما يخفى على الرجال غالبا، وذلك ضابط
محل قبول شهادتهن منفردات. وأما ثبوتها بشهادة الواحد مع اليمين فقد تردد فيه
المصنف ثم استظهر المنع. وهو واضح، لان ضابطه ما كان من حقوق الآدمي مالا أو
المقصود منه المال، وولاية الوصاية ليست احدهما. ووجه تردده مما ذكرناه، ومن انها
قد تتضمن المال، كما إذا أراد اخذ الاجرة أو الاكل بالمعروف بشرطه، ولما فيه من
الارفاق والتيسير فيكون مرادا للاية (3) والرواية (4). ولا يخفى ما فيه، وقد قطع
الاصحاب بالمنع من غير نقل خلاف في المسألة ولاتردد، ووافقهم المصنف في مختصر (5)
الكتاب على القطع، وأبدل هذا التردد بالتردد
(هامش)
(1) السرائر 2: 138. (2) لم نعثر عليه ونسبه في الدروس: 195 إلى ظاهر ابن البراج
وهو صريح كلامه في المهذب 2: 120 و559. (3) لعل المراد بها قوله تعالى: (انما يريد
الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) البقرة: 185. (4) لعل المراد بها الاطلاقات
الواردة في قبول الشاهد مع اليمين لاحظ الوسائل 18: 192 ب 14 من ابواب كيفية
الحكم. (5) المختصر النافع: 167. (*)
ص 207
[ولو أشهد إنسان عبدين له على حمل أمته أنه منه، ثم مات فأعتقا وشهدا بذلك، قبلت
شهادتهما ولا يسترقهما المولود. وقيل: يكره. وهو أشبه.]
في ثبوت الوصية بالمال
بشاهد ويمين، وكلاهما كالمستغنى عنه، للاتفاق على الحكم والقاعدة المفيدة للحكم
فيهما. قوله: ولو أشهد إنسان... الخ . الاصل في هذه المسألة ما رواه الحلبي في
الصحيح عن ابي عبد الله - عليه السلام - في رجل مات وترك جارية ومملوكين، فورثهما
أخ له فأعتق العبدين وولدت الجارية غلاما، فشهدا بعد العتق أن مولاهما كان أشهدهما
أنه كان يقع على الجارية وأن الحمل منه، قال: تجوز شهادتهما، ويردان عبدين كما
كانا (1). وهذه الرواية مبنية إما على قبول شهادة المملوك مطلقا أو على مولاه،
لانهما بشادتهما للولد والحكم بها صارا رقا له، لتبين أن معتقهما لم يكن وارثا، أو
على أن المعتبر حريتهما حال الشهادة وإن ظهر خلافها بعد ذلك، أو على أن الشهادة
للمولى (2) لا عليه فيقبل، كما هو أحد الاقوال في المسألة. وفيه: أن الحكم بكون
الولد مولى موقوف على شهادتهما، فلو توقف شهادتهما على كونه مولى لتكون الشهادة له،
دار. والشيخ (3) - رحمه الله - خص الحكم بالوصية، فإن أمرها أخف من غيرها من
الحقوق، كما قبلت فيها شهادة أهل الكتاب. وكيف كان فلا سبيل إلى رد الرواية الصحيحة
المقترنة بعمل الاصحاب. إذا تقرر ذلك وحكم ببنوة الولد عادا رقا، لتبين وقوع العتق
من غير المالك.ويكره له استرقاقهما، لانهما كانا سببا في حريته بعد الرقية فلا يكون
سببا في رقيتهما بعد
(هامش)
(1) التهذيب 9: 222 ح 871، الاستبصار 4: 136 ح 511، الوسائل 13: 461 ب 71 من
كتاب الوصايا ح 2. (2) في م : على المولى. (3) النهاية: 331. (*)
ص 208
[ولا تقبل شهادة الوصي فيما هو وصي فيه، ولا ما يجر به نفعا أو يستفيد منه ولاية.]
الحرية. وقيل: لا يجوز له استرقاقهما، لرواية داود بن فرقد (1) عن ابي عبد الله
عليه السلام. والاصح الكراهة. ومعنى كراهة استرقاقهما استحباب عتقهما لا بناؤه على
العتق الاول، والذى اشتملت عليه رواية داود ان مولاهما أعتقهما وأشهدهما على أن
الحمل منه، فشهدا بالامرين معا بعد عتقهما، فقال: تجوز شهادتهما، ولا يسترقهما
الغلام الذى شهدا له، لانهما أثبتا نسبه . وبمضمون هذه الرواية فرض العلامة
المسألة في القواعد (2). وعليه لا يفتقر إلى تجديد العتق، لانهما بزعمهما معتقان،
وإن كان العتق (3) أولى، لعدم ثبوته بشهادتهما. وأما ما فرضه المصنف تبعا لرواية
الحلبي فلا تعرض فيه لتحريم استرقاقهما ولا لكراهته، الا ان تعليل المصنف الرواية
الاخرى يقتضيه، فإن إثبات نسبه بهما متحقق على التقديرين. وطريق الجمع بين
الروايتين حمل ذلك النهي على الكراهة، والا فشهادتهما بعتق المولى لهما شهادة
لانفسهما على المولى فلا تسمع. قوله: ولا تقبل شهادة الوصي... الخ . الضابط: في
أن شهادته متى كانت لنفسه منها حظ لم تقبل، ويتحقق ذلك بأمور: منها: أن يشهد فيما
هو وصي فيه، بأن يجعله وصيا على مال معين فينازعه فيه منازع، فيشهد به للموصي.
ومنها: أن يجر به نفعا، بأن جعله وصيا في تفرقة ثلثه فشهد بمال للمورث، فانه يجر به
نفعا باعتبار زيادة الثلث.
(هامش)
(1) الكافي 7: 20 ح 16، الفقيه 4: 157 ح 544، التهذيب 9: 222 ح 870، الاستبصار 4:
136 ح 512، والوسائل 13: 460 ب 71 من كتاب الوصايا ح 1. (2) القواعد 1: 355.
(3) لم ترد العتق الا في الحجريتين. والظاهر أنه الصحيح. وفي ب وهامش و:
العمل. (*)
ص 209
[ولو كان وصيا في إخراج مال معين، فشهد للميت بما يخرج به ذلك المال من الثلث، لم
يقبل.]
ومنها: ان يجعله وصيا على ولده الصغير فيشهد للولد بمال، فانه يستفيد به
ولاية على المال. ولو انتفت التهمة قبلت، كما لو جعله وصيا على أملاك الاطفال فشهد
لهم بدين، أو على الصدقة بمال معين أو بغلة ملك معين فشهد للوارث بحقآخر للمورث،
ونحو ذلك. والمنع من قبول شهادة الوصي كذلك هو المشهور بين الاصحاب لا نعلم فيه
مخالفا الا ابن الجنيد، فانه قال: شهادة الوصي جائزة لليتيم في حجره وإن كان هو
المخاصم للطفل، ولم يكن بينه وبين المشهود عليه ما يرد شهادته عليه (1) ومال إليه
الفاضل (2) المقداد في شرحه. ولا بأس بهذا القول، لبعد هذه التهمة من العدل حيث أنه
ليس بمالك، وربما لم يكن له أجرة على عمله في كثير من الموارد، الا ان العمل
بالمشهور متعين. واعلم: أنه يجوز قراءة تجر بالتاء، بعود الضمير المستكن فيه
إلى الشهادة، وبالياء بعوده إلى الوصي، وأن المانع من قبول شهادته التهمة بجر النفع
كما ذكر، فلو ادعى مدعي الوصاية ولم تثبت وصايته، لعدم البينة الموجبة له، لم يقدح
ذلك في شهادته وإن كان وصيا بزعمه، لعدم التهمة لانتفاء ولايته ظاهرا. قوله: ولو
كان وصيا في إخراج مال معين... الخ . هذا من فروع المسألة السابقة، فانه يجر
بشهادته نفعا لنفسه باخراج مجموع ذلك المال بشهادته من الثلث بعد أن كان بعضها
مردودا، كما لو أوصى إليه باخراج ألف درهم والتركة ظاهرا ألفان، فشهد الوصي أن
للميت على أحد ألفا مثلا، فان قبول هذه الشهادة يستلزم اخراج الالف المجعول وصيا
فيها من الثلث ونفوذ الوصية فلا تقبل. ولا يشترط في المنع خروج جميع ما أوصى به
إليه من الثلث، بل متى كان
(هامش)
(1) حكاه عنه العلامة في المختلف: 727. (2) راجع التنقيح الرائع 2: 419. (*)
ص 210
[مسائل أربع: الاولى : إذا أوصى بعتق عبيده وليس له سواهم أعتق ثلثهم بالقرعة.
ولو رتبهم أعتق الاول حتى يستوفي الثلث. وتبطل الوصية فيمن بقي. ولو أوصى بعتق عدد
مخصوص من عبيده استخرج ذلك العدد بالقرعة. وقيل: يجوز للورثة أن يتخيروا بقدر ذلك
العدد، والقرعة على الاستحباب. وهو حسن.]
الثلث قاصرا عن الوصية ولم يجز الوارث
فشهادة الوصي بمال للميت مردودة وإن قل، لان زيادة المال توجب زيادة النافذ من
الموصى به وان لم ينفذ جميعه. واعلم: أنه لو عطف هذه المسألة على ما قبلها بالفاء
كان أجود. قوله: إذا أوصى بعتق عبيده... الخ . المراد بعتق ثلثهم بالقرعة
تعديلهم ثلاثا بالقيمة ثم إيقاع القرعة بينهم، ويعتق الثلث الذى أخرجته القرعة. ولو
توقف التعديل على إدخال جزء من احدهم فعل، فان خرج الثلث الذى فيه الجزء عتق من
العبد بحسابه ويسعى في باقى قيمته، كما في كل مبعض. وإنما لم نحكم بعتق ثلث كل واحد
- مع أن كل واحد منهم بمنزلة الموصى له، وقد حكم فيما سلف بأن الوصايا إذا وقعت
دفعة قسط عليه الثلث بالنسبة - لما ورد من فعل (1) النبي صلى الله عليه وآله في
القرعة بين ستة عبيد أعتقهم مولاهم عند موته ولم يكن له غيرهم، فجزأهم أثلاثا ثم
أقرع بينهم. وأيضا فإن عتق بعض كل واحد يوجب الاضرار بالوارث، حيث يوجب سعي كل واحد
في باقيه فيلزم عتقجميعهم. ولو رتبهم في الوصية بدأ بالاول فالاول إلى ان يستوفي
الثلث ولو في بعض عبد. هذا كله إذا لم يجز الوارث، وانما تركه لظهوره. قوله: ولو
أوصى بعتق عدد مخصوص... الخ .
(هامش)
(1) عوالي اللئالي 1: 456 ح 196، مستدرك الوسائل 14: 104 ب 16 من كتاب الوصايا
ح 3 وراجع ايضا السنن الكبرى للبيهقي 10: 285. (*)
ص 211
[ الثانية : لو أعتق مملوكه عند الوفاة منجزا وليس له سواه، قيل: عتق كله. وقيل:
ينعتق ثلثه، ويسعى للورثة في باقي قيمته. وهو أشهر. ولو أعتق ثلثه سعى في باقيه.
ولو كان له مال غيره أعتق الباقي من ثلث تركته. الثالثة : لو أوصى بعتق رقبة
مؤمنة وجب. فان لم يجد أعتق من لا يعرف بنصب.]
وجه القرعة: ان العتق حق للمعتق، ولا
ترجيح فيه لبعضهم على بعض، فوجب التوصل إليه بالقرعة. ووجه ما اختاره المصنف: ان
متعلق الوصية متواطئ، فيتخير في تعيينه الوارث كغيره، ولان المتبادر من اللفظ
الاكتفاء بأي عدد كان من الجميع. وهو أقوى وان كانت القرعة أعدل. قوله: ولو أعتق
مملوكه... الخ . هذه المسألة جزئية من جزئيات منجزات المريض، وسيأتي (1) البحث
فيها وتحرير محل الخلاف وبيان الراجح، وانما فصلها هنا ليترتب عليها باقى المسألة.
قوله: ولو أعتق ثلثه سعى في باقيه... الخ . المراد بسعيه في باقيه في كل موضع
يصير بعضه حرا دفع جميع ما يكتسبه فاضلا عن مؤنته بعد ذلك في فك باقيه لا بنصيب
الحرية خاصة. ولو كان للمعتق مال غيره فاضل عن المستثنيات في الدين سرى عليه في ثلث
ذلك الفاضل لا من الاصل، لان سبب السراية وهو العتق وقع في حال المرض واعتبر من
الثلث، فيكون مسببه كذلك. وخصه بالذكر لئلا يتوهم ان العتق بالسراية قهري فيكون من
الاصل. ودفع الوهم بما ذكرناه من أن مختار السبب كمختار المسبب. ولا يخلو من نظر.
قوله: لو أوصى بعتق رقبة مؤمنة... الخ .
(هامش)
(1) في ص: 304. (*)
ص 212
[ولو ظنها مؤمنة فأعتقها، ثم بانت بخلاف ذلك، أجزأت عن الموصي.]
المراد بالمؤمنة هنا
الايمان الخالص، وهو ان يعتقد اعتقاد الامامية، بقرينة قوله: أعتق من لا يعرف
بنصب مع أن من كان كذلك قد يكون مؤمنا بالمعنى الاعم. وايضا فذلك هو المتعارف من
فقهائنا، فكأنه حقيقة عرفية، وقد حققناه في باب الوقف (1). ولا ريب في وجوب تحري
الوصف مع الامكان، وفاء بالوصية الواجب إنفاذها، وحذرا من تبديلها المنهي عنه (2).
فإن لم يجد مؤمنة قال المصنف وقبله (3) الشيخ: أعتق من لا يعرف بنصب من أصناف
المخالفين. والمستند رواية علي بن ابي حمزة، عن ابي الحسن - عليه السلام - قال:
سألته عن رجل أوصى بثلاثين دينارا يعتق بها رجل من أصحابنا، فلم يوجد، قال: يشترى
من الناس فيعتق (4). وفي السند ضعف بعلي بن ابي حمزة، فالحكم بها - مع مخالفته
مقتضى الوصية - ضعيف. ومع ذلك فليس في الرواية تقييد بعدم النصيب، لكن اعتبره
الجماعة نظرا إلى ان الناصبي كافر، وعتق الكافر غير صحيح، فالقيد من خارج. ويلزم
على ذلك اعتبار عدم الكفر مطلقا، فإن عدم النصب أعم من عدم الكفر، لجواز وجوده في
ضمن غيره من الفرق الإسلامية المحكوم بكفرها فضلا عن غيرها. والاقوى انه لا يجزي
غير المؤمنة مطلقا، فيتوقع المكنة. قوله: ولو ظنها مؤمنة فأعتقها، ثم بانت بخلاف
ذلك، أجزأت عن الموصي . وذلك لانه متعبد في ذلك بالظاهر لا بما في نفس الامر، إذ
لا يطلع على السرائر
(هامش)
(1) في ج 5: 337. (2) البقرة: 181. (3) النهاية: 616. (4) الكافي 7: 18 ح 9، الفقيه
4: 159 ح 553، التهذيب 9: 220 ح 863، والوسائل 13: 462 ب 73 من كتاب الوصايا ح
1. (*)
ص 213
[ الرابعة : لو أوصى بعتق رقبة بثمن معين، فلم يجد به لم يجب شراؤها، وتوقع
وجودها بما عين له. ولو وجدها بأقل اشتراها وأعتقها ودفع إليها ما بقي.]
الا الله،
فقد امتثل الامر وهو يقتضي الاجزاء. ولا فرق في ذلك بين استناده في إيمانها إلى
إخبارها أو إخبار من يثبت بقوله ذلك. قوله: ولو أوصى بعتق رقبة بثمن معين... الخ
. المراد بقوله: فلم يجد به أنه وجد ذلك بأكثر من ذلك الثمن المعين، بقرينة ما
ذكره في قسيمه بقوله: ولو وجد بأقل . ويستفاد من قوله: لم يجب شراؤها أنها
موجودة، والا كان قوله: فلم يجد شاملا لما لو لم يوجد أصلا أو وجد بأزيد. وعدم
وجوب الشراء بأزيد واضح، لانتفاء المقتضي له، وحينئذ فيتوقع إمكان الشراء به، فإن
يئس منه ففي بطلان الوصية، أو صرفه في البر، أو شراء شقص به فإن تعذر فأحد الامرين،
أوجه أجودها الاخير، لان شراء الشقص أقرب إلى مراد الموصي من عدمه، ولعموم: فأتوا
منه ما استطعتم (1)، ولخروج المال عن الوارث بالموت فلا يعود، ووجوه البر مصرف
مثل ذلك، وقد تقدم (2) له نظائر. ووجه البطلان تعذر الموصى به، ولا دليل على وجوب
غيره، ونفى عنه في التذكرة (3) البأس، وقد ظهر جوابه. وأما وجوب الشراء بأدون لو
وجد وإعطاء الباقي فلرواية سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: سألته عن رجل
أوصى أن يعتق عنه نسمة بخمسائة درهم من ثلثه، فاشترى نسمة بأقل من خمسمائة درهم،
وفضلت فضلة فما ترى؟ قال:
(هامش)
(1) مسند احمد 2: 428، السنن الكبرى للبيهقي 4: 326. وراجع ايضا عوالي اللئالي 4:
58 ح 206. (2) تقدم نظيره في ص: 180. (3) التذكرة 2: 491. (*)
ص 214
[...]
تدفع الفضلة إلى النسمة من قبل ان تعتق، ثم تعتق عن الميت (1). والرواية -
مع ضعف سندها بسماعة - دلت على إجزاء الناقصة وإن أمكنت المطابقة، لانه لم يستفصل
فيها هل كانت المطابقة ممكنة أم لا؟ وترك الاستفصال من وجوه العموم، الا ان الاصحاب
نزلوها على تعذر الشراء بالقدر، ولا بأس بذلك مع اليأس من العمل بمقتضى الوصية،
لوجوب تنفيذها بحسب الامكان. وإعطاء النسمة الزايد صرف له في وجوه البر، وهو محله
حينئذ وتبقى الرواية شاهدا إن لم تكن حجة، لان سماعة وان كان واقفيا لكنه ثقة،
فيبنى حجيتها على قبول الموثق أو على جبر الضعف بالشهرة. وعلى ما بيناه لا ضرورة
إلى ذلك، لموافقة مضمونها للقواعد إذا قيدت باليأس من تحصيل النسمة بالشرط.
(هامش)
(1) الكافي 7: 19 ح 13، الفقيه 4: 159 ح 557، التهذيب 9: 221 ح 868، والوسائل 13:
465 ب 77 من كتاب الوصايا ح 1. (*)
ص 215
[الرابع في الموصى له ويشترط فيه الوجود. فلو كان معدوما لم تصح الوصية له، كما لو
أوصى لميت، أو لمن ظن وجوده فبان ميتا عند الوصية. وكذا لو أوصى لما تحمله المرأة،
أو لمن يوجد من أولاد فلان.]
قوله: ويشترط فيه الوجود... الخ . لما كانت الوصية
تمليك عين أو منفعة - كما سلف من تعريفها - اشترط كون الموصى له قابلا للتمليك
ليتحقق مقتضاها، فلا تصح الوصية للمعدوم ولا للميت. ونبه بخصوص الميت على خلاف مالك
(1) حيث صحح الوصية له مع علمه بموته وينصرف إلى وارثه. وبالمنع من الوصية لما
تحمله المرأة مطلقا على خلاف بعض الشافعية (2) حيث صحح الوصية له كما تصح به،
وبعضهم (3) حيث جوزها له بشرط وجوده حال الموت. والاصح عندهم (4) البطلان مطلقا كما
اخترناه. وأما الوصية (5) لمن سيوجد فقد أطلق الاصحاب وغيرهم المنع منه ولو
بالتبعية للموجود، مع أنه قد تقدم (6) جواز الوقف على المعدوم تبعا للموجود، ودائرة
الوقف
(هامش)
(1) المدونة الكبرى 6: 73، الحاوي الكبير 8: 193. (2) روضة الطالبين 5: 96، المغني
لابن قدامة 6: 509. (3) روضة الطالبين 5: 96. (4) حلية العلماء 6: 74، إخلاص الناوي
2: 529. (5) في هامش و: ذكر الاشكال الشيخ علي في الشرح ولم يذكر الجواب عنه.
منه . لاحظ جامع المقاصد 10: 41. (6) في ج 5: 328. (*)
ص 216
[وتصح الوصية للاجنبي والوارث.]
أضيق من دائرة الوصية كما يعلم من احكامها. ويمكن
الفرق بينهما الموجب لافتراقهما في هذا الحكم بأن الغرض من ملك العين في الوقف
تمليك العين على وجه الحبس واطلاق الثمرة، فالموقوف حقيقة هو العين، وملكها حاصل
للموقوف عليه الموجود، ثم ينتقل منه إلى المعدوم، وإن كان يتلقى الملك من الواقف،
ففائدة الملك المقصودة منه متحققة فيهما (1)، بخلاف الوصية فإن الملك المقصود (2)
منها اطلاق الاصل والثمرة على تقدير كون الموصى به الاصل وعلى تقدير كون الثمرة
المتجددة، فيعتبر قبول الموصى له لنقل الملك ابتداء. إذا تقرر ذلك: فإذا أوصى
للموجود ثم للمعدوم، فان كان بعين فمقتضىتلك الوصية للموجود التصرف فيها ونقلها عن
ملكه إذا شاء، والتصرف فيها كذلك ينافى الوصية بها للمعدوم، لان الوصية له تقتضي
تمليكه ايضا، فلا بد من وصولها إليه. وان كانت الوصية بثمرة فهو موضع الشبهة، كما
لو أوصى مثلا بثمرة بستان خمسين سنة لزيد ولاولاده المتجددين من بعده، فهذا وإن لم
يأت فيه ذلك المحذور الا أن كل واحد من الموصى له الاول وأولاده موصى له بطريق
الاستقلال لا التبعية، لان الثمرة التى يملكها الاول بالوصية غير الثمرة التى
يملكها الثاني في زمانه، وملك الاصل الجامع بينهما منتف عنهما، فقد صدق تمليك
المعدوم الذى لا يقبل الملك ولا بالتبعية، بخلاف الوقف لان الملك متحقق للموجود في
الاصل ابتداء، ومنه ينتقل إلى المعدوم كما تقرر، وكان تابعا له فيه فظهر الفرق.
قوله: وتصح الوصية للاجنبي والوارث . اتفق أصحابنا على جواز الوصية للوارث كما
تجوز لغيره من الاقارب والاجانب. وأخبارهم الصحيحة به واردة، ففي صحيحة ابي بصير
قال: قلت لابي
(هامش)
في س : فيها. (2) في س فإن المقصود منها. [*]
ص 217
[...]
عبد الله عليه السلام: يجوز للوارث وصية؟ قال: نعم (1). وفي صحيحة ابي
ولاد عنه - عليه السلام - لما سأله عن الميت قد يوصي للبنت (2) بشيء قال: جائز
(3) وغيرهما من الاخبار. وفي الآية الكريمة ما يدل على الامر به فضلا عن جوازه، قال
الله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين
بالمعروف حقا على المتقين) (5). ومعنى كتب فرض، وهو هنا بمعنى الحث والترغيب دون
الفرض. والوالدان لا بد ان يكونا وارثين وان تخلف ذلك في الاقربين على بعض الوجوه،
الا ان يكون الابوان ممنوعين من الارث بكفر وما في معناه، واللفظ أعم منه فيشمل
موضع النزاع. وقد ذهب أكثر الجمهور إلى عدم جوازها للوارث (6)، ورووا في ذلك حديثا
عنه - صلى الله عليه وآله - أنه قال: لا وصية لوارث (7) واختلفوا في تنزيل
الآية، فمنهم (8) من جعلها منسوخة بآية المواريث، ومنهم (9) من حمل الوالدين على
الكافرين وباقي الاقارب على غير الوارث منهم جمعا (10)، ومنهم من جعلها منسوخة فيما
يتعلق بالوالدين خاصة.
(هامش)
(1) التهذيب 9: 199 ح 794، الاستبصار 4: 127 ح 477، الوسائل 13: 375 ب 15 من
كتاب الوصايا ح 10. (2) في س للوارث وبه ايضا حديث لابي ولاد وهو الحديث 7
من الباب. (3) الاستبصار 4: 127 ح 478، الوسائل 13: 375 ب 15 ، من كتاب الوصايا
ح 8. (4) الوسائل 13: 373 ب 15 من كتاب الوصايا. (5) سورة البقرة: 180. (6)
الكافي للقرطبي 2: 1024، المغني لابن قدامة 6: 449. (7) مسند احمد بن حنبل 4: 186،
سنن ابن ماجة 2: 905 ح 2713 و2714. (8، 9، 10) راجع جامع البيان (تفسير الطبري) 2:
68، الجامع لاحكام القرآن 2: 262، تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1: 217. (*)
ص 218
[وتصح الوصية للذمي ولو كان أجنبيا. وقيل: لا يجوز مطلقا. ومنهم من خص الجواز بذوي
الارحام. والاول أشبه.]
ويبطل الاول بأن الشيء انما ينسخ غيره إذا لم يمكن الجمع
بينهما، وهو هنا ممكن بحمل الارث على ما زاد عن الوصية، أو ما زاد عن الثلث كغيرها
من الوصايا، وبه يبطل الباقي. والخبر - على تقدير تسليمه - يمكن حمله على نفي وجوب
الوصية الذى كان قبل نزول الفرائض، أو على نفي الوصية مطلقا بمعنى إمضائها وإن زادت
عن الثلث كما يقتضيه اطلاق الآية. والمراد نفي الوصية عما زاد عن الثلث، وتخصيص
الوارث لحث الآية على الوصية له، إذ لولاه لاستفيد من الآية جواز الوصية له بجميع
ما يملك الموصي. ووافقنا بعضهم حتى قال: ليست الوصية الا للاقربين عملا بمقضتى
الآية. وهو قادح في دعوى بعضهم الاجماع على نسخها. واعلم: ان المراد بالأجنبي في
قول المصنف غير الوارث وان كان قريبا بقرينة ذكر قسيمه. ولو قال: للوارث وغيره، كان
أجود، لان المتبادر من الاجنبي من ليس بقريب، فلا يكون اللفظ شاملا للقريب غير
الوارث. قوله: وتصح الوصية للذمي... الخ . وجه الجواز مطلقا عموم قوله تعالى:
(لا ينهيكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين - إلى قوله - أن تبروهم) (2)
والوصية بر. وخصوص صحيحة محمد بن مسلمعن احدهما عليهما السلام: في رجل أوصى بماله
في سبيل الله، قال: أعط لمن أوصى له وان كان يهوديا أو نصرانيا، إن الله تعالى
يقول: فمن بدله بعد ما سمعه فانما إثمه على الذين يبدلونه (3). وقريب منها حسنة
محمد بن مسلم (4) عن ابي عبد
(هامش)
(1) جامع البيان للطبري 2: 69. (2) الممتحنة: 8. (3) الكافي 7: 14 ح 2، الفقيه 4:
148 ح 514، التهذيب 9: 201 ح 804، الاستبصار 4: 128 ح 484، الوسائل 13: 411 ب 32
من كتاب الوصايا ح 1، والآية في سورة البقرة: 181. (4) الكافي 7: 14 ح 1، التهذيب
9: 203 ح 808، الاستبصار 4: 129 ح 488 والوسائل = (*)
ص 219
[وفي الوصية للحربي تردد، أظهره المنع.]
الله وموثقة يونس بن يعقوب (1) عنه عليه
السلام. ووجه الثاني: ان الوصية تستلزم الموادة، وهي محرمة بالنسبة إلى الكافر،
لقوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله
ولو كانوا آبائهم أو أبناءهم) (2) الآية، وهي متناولة للارحام وغيرهم. ويضعف
بمعاوضته بقوله تعالى: لا ينهيكم الله...) الآية، والذمي مطلقا داخل فيها، وبما
تقدم من الاخبار، وبقوله صلى الله عليه وآله: على كل كبد حرى أجر (3). وينتقض
بجواز هبته وإطعامه، ويمنع كون مطلق الوصية له موادة، لان الظاهر أن المراد منها
موادة المحاد لله من حيث هو محاد لله بقرينة ما ذكر من جواز صلته وهو عين المتنازع،
لانا نسلم انه لو أوصى للكافر من حيث إنه كافر - لا من حيث انه عبد الله ذو روح من
أولاد آدم المكرمين - لكانت الوصية باطلة. ووجه الثالث: ما ورد من الحث على صلة
الرحم مطلقا (4)، فيتناول الذمي. وهو غير مناف لما دل على صلة غيره، فالقول بالجواز
مطلقا أقوى. قوله: وفي الوصية للحربي ترددد أظهره المنع . قد عرفت من دليل
المانع من الوصية للذمي ما يدل على الحربي بطريق أولى،ومن الدليل المخصص بذوي الرحم
ما يفيده في الحربي ايضا. ووجه المنع من الحربي دون الذمي قوله تعالى: إنما
ينهيكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين...) (5) الآية، والحربي ناصب نفسه لذلك.
(هامش)
= الحديث المتقدم. (1) الكافي 7: 14 ح 4، الفقيه 4: 148 ح 505، التهذيب 9: 202 ح
805، الاستبصار 4: 128 ح 485 والوسائل 13: 414 ب 33 من كتاب الوصايا ح 4. (2)
سورة المجادلة: 22. (3) راجع مسند أحمد 2: 222، صحيح البخاري 3: 147، عوالي اللئالي
1: 95 ح 3، وأيضا 2: 260 ح 15. (4) راجع الوسائل 15: 243 ب 17 من ابواب النفقات
وغيره. (5) الممتحنة: 9. (*)
ص 220

[...]
وفيه نظر، لان الحربي قد لا يكون مقاتلا بالفعل، بل ممتنعا من التزام شرائط
الذمة، فلا يدخل في الآية. وقوله - عليه السلام - في الخبر السابق: أعط لمن أوصى
له وإن كان يهوديا أو نصرانيا واستشهاده بالآية يتناول بعمومه الحربي، لان من
عامة في المتنازع، وكذلك اليهودي والنصراني شامل للذمي وغيره حيث لا يلتزم بشرائط
الذمة. ولا يقدح في دلالته عطفه اليهودي والنصراني ب إن الوصلية الدالة على
انه أخفى الافراد، مع أن الحربي أخفى فكان ذكره أولى، لمنع كونه أخفى، وجاز تخصيص
اليهودي والنصراني دون الوثني، لان الملتين من أهل الكتاب، ومناقشتهم على الكفر
أقوى بسبب علمهم وتلقينهم الاحكام من الانبياء، بخلاف الوثني (هل يستوي الذين
يعملون والذين لا يعلمون) (1). ومن هذا ما ورد في الحج أن من وجب عليه فتركه فليمت
ان شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا (2). ويمكن تخصيصهما حذفا لما سواهما عن درجة
الاعتبار. وايضا فقد عرفت أن الملتين شاملتان للحربي منهما وغيره، وإذا جازت الوصية
لحربي أهل الكتاب جاز لحربي غيره، إذ لا قائل بالفرق مع ان صدد الخبر متناول بعمومه
للجميع. مضافا إلى ان الوصية نوع عطية لا تتوقف على القربة، فلا فرق بين وقوعها في
الحياة وبعد الوفاة. وأما ما قيل من الفرق بين الهبة والوصية - أن ملك الحربى غير
لازم وماله غير معصوم فلا يجب دفعه إليه، فلو جازت الوصية له لكان إما أن يجب على
الوصي دفعه إليه وهو باطل لما تقدم، أو لا يجب وهو المطلوب إذ لا معنى لبطلان
الوصية إلا عدم وجوب تسليمها إلى الموصى له - ففيه منع استلزام عدم وجوب دفع الوصية
إليه بطلانها، لان معنى صحتها ثبوت الملك له إذا قبله، فيصير حينئذ ملكا من املاكه
(هامش)
(1) الزمر: 9. (2) راجع الوسائل 8: 19 ب 7 من ابواب وجوب الحج ح 1. (*)
ص 221
[ولا تصح الوصي لمملوك الاجنبي، ولا لمدبره، ولا لام ولده، ولا لمكاتبه المشروط أو
الذى لم يؤد من مكاتبته شيئا ولو أجاز مولاه.]
يلزمه حكمه، ومن حكمه جواز أخذ
المسلم له، فإذا حكمنا بصحة وصيته وقبضه الوصي ثم استولى عليه من جهة أنه مال
الحربي لم يكن منافيا لصحة الوصية، وكذا لو منعه الوارث لذلك، وإن اعترفوا بصحة
الوصية وملكه جزءا من التركة. وتظهر الفائدة في جواز استيلاء الوصي على العين
الموصى بها للحربي، فيختص بها دون الورثة، وكذا لو استولى عليها بعض الورثة دون بعض
حيث لم يكن في أيديهم ابتداء، ولو حكمنا بالبطلان لم يتأت هذا، بل يكون الموصى به
من جملة التركة لا يختص بأحد من الوراث. واعلم: أن النكتة في تعبير المصنف عن
اختياره في مسألة الذمي بالاشهر (1) وفي الحربي بالاظهر: أن مصطلحه كون الاشهر في
الروايات والاظهر في الفتوى، وقد عرفت ان في صحة وصية اليهودي والنصراني بخصوصه
روايات وفى عدم الصحة أيضا روايات منها: رواية علي بن بلال أنه كتب إلى ابي الحسن
عليه السلام: يهودى مات وأوصى لديانه بشيء أقدر على أخذه، هل يجوز أن آخذه فأدفعه
إلى مواليك، أو أنفذه فيما أوصى به اليهودي؟ فكتب عليه السلام: أوصله الي وعرفنيه
لانفذه فيماينبغي ان شاء الله تعالى (2). وغيرها في معناها مما ليس بصريح في
البطلان مع ضعف سنده، فلذلك كان الجواز أشهر الروايتين. وأما الوصية للحربي فليس
فيها بخصوصها حديث، والاظهر في الفتوى من حيث الادلة العامة والاعتبار المتقدم
المنع. وينبغي مراعاة ما بيناه في كل مسألة خلافية يعبر فيها المصنف بمثل ذلك، فانه
يلتزم في فتاواه بهذا الاصطلاح. قوله: ولا تصح الوصية لمملوك الاجنبي... الخ .
أما عدم جواز الوصية لمملوك الغير فظاهر، لانتفاء أهلية الملك الذى هو شرط
(هامش)
(1) يلاحظ ان المصنف عبر بالاشبه دون الاشهر. (2) الفقيه 4: 173 ح 609، التهذيب 9:
205 ح 813، الاستبصار 4: 130 ح 490. الوسائل 13: 416 ب 35 من كتاب الوصايا ح 3.
(*)
ص 222
[...]
في الموصى له، بناء على ان المملوك لا يملك شيئا مطلقا. ولا فرق فيه بين القن
والمدبر وأم الولد، لاشتراكهم في تمحض الرقية. ولو قلنا بملك ما أوصى له به صحت
الوصية له واعتبر قبوله. والشافعية (1) أجازوا الوصية له مطلقا، بناء على ذلك، لكن
جعلوا الوصية لسيده ان استمر رقه إلى بعد الموت، والا فهي له. وحيث كان المختار أنه
لا يملك وإن ملكه سيده فمع تمليك غيره أولى، ويمنع من ملك سيده، لانه غير مقصود
بالوصية ولا تعلق لها عنه (2). وروى عبد الرحمن بن الحجاج عن احدهما عليهما السلام
قال: لا وصية لمملوك (3) ولعلها شاهد، مع احتمالها نفي أن يوصي المملوك لغيره،
لان الوصية اسم مصدر يمكن إضافته إلى الفاعل والمفعول. وأما عدم جواز الوصية لمكاتب
الغير إذا كان مشروطا أو مطلقا لم يؤد شيئا فلبقاءه على المملوكية. ويؤيده رواية
محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام في مكاتب كانت تحته امرأة حرة فأوصت له عند
موتها بوصية، فقال أهل الميراث: لا نجيز وصيتها إنه مكاتب لم يعتق ولا يرث. فقضى
أنه يرث بحساب ما أعتق منه، فيجوز له من الوصية بحساب ما أعتق منه، وقضى في مكاتب
اوصي له بوصية وقد قضى نصف ما عليه فأجاز نصف الوصية، وفى مكاتب قضى ربع ما عليه
فأجاز ربع الوصية (4). وقيل: تصح الوصية له مطلقا، لانقطاع سلطنة المولى عنه،
ولهذا يصح بيعه واكتسابه، وقبول الوصية نوع من الاكتساب. والرواية ضعيفة باشتراك
محمد بن
(هامش)
(1) المغني لابن قدامة 6: 569، المنهاج ضمن مغني المحتاج 3: 41. (2) كذا في ش
وفي و، م : ولا متعلق لها عنه. ولعل الصحيح: ولا تعلق لها به. (3) التهذيب 9:
216 ح 852، الاستبصار 4: 134 ح 506، الوسائل 13: 466 ب 78 من كتاب الوصايا ح 2.
(4) الكافي 7: 28 ح 1، الفقيه 4: 160 ح 558، التهذيب 9: 223 ح 874، الوسائل 13: 468
ب 80 من كتاب الوصايا. (*)
ص 223
[وتصح لعبد الموصي ولمدبره، ومكاتبه، وأم ولده. ويعتبر ما يوصي به لمملوكه بعد
خروجه من الثلث، فان كان بقدر قيمته أعتق، وكان الموصى به للورثة. وإن كانت اقل
أعطي الفاضل. وإن كانت أكثر سعى للورثة فيما بقي، ما لم تبلغ قيمته ضعف ما أوصى له
به، فإن بلغت ذلك بطلت الوصية. وقيل: تصح ويسعى في الباقي كيف كان. وهو حسن.]
قيس
الذى يروي عن الباقر - عليه السلام - بين الثقة وغيره، مع انها قضية في واقعة فلا
تعم. وهذا أقوى. قوله:: وتصح لعبد الموصي ولمدبره، ولمكاتبه وأم ولده - إلى قوله -
وهو حسن . إذا أوصى لعبد نفسه بشيء من التركة فلا يخلو: اما ان يوصي له بجزء مشاع
من اجزاء التركة كثلثها وربعها، أو بمال معين منها كدار معينة أو نصفها ولو مشاعا.
فإن كان الاول صحت الوصية، سواء كان العبد قنا أم لا. ثم ينظر في الموصى به فان كان
بعد خروجه من الثلث بقدر قيمة العبد عتق ولا شيء له، وكان باقي التركة للورثة، وجرى
ذلك مجرى ما لو قال: أعتقوا عبدي من ثلثي. وإن كانت قيمته أقل أعتق وأعطي الفاضل.
وان كانت قيمته اكثر من الوصية فلا يخلو: إما أن يبلغ ضعف ما أوصى له به فصاعدا،
كما لو كان قيمته مائتين وأوصى له بمائة، أو يكون قيمته أقل من الضعف ولو قليلا.
فان كان الثاني عتق منه بقدر الوصية إن خرجت من الثلث، وإلا فبقدر الثلث، واستسعى
للورثة في الباقي، كما لو أوصى بمائة وخمسين وقيمته مائتان والثلث مائة وخمسون،
فينعتق ثلاثة أرباعه ويسعى للورثة في ربع قيمته وهو خمسون، ولو كان الثلث مائة عتق
نصفه ويسعى للورثة في قيمة نصفه وهو مائة، وهكذا، وهذا مما لا خلاف عندنا فيه. وان
كان الاول - وهو ما لو كانت قيمته بقدر ضعف ما أوصى له به - فالاصح
ص 224
[...]
انه كذلك، فينعتق منه بحساب ما أوصى له به مطلقا ما لم يزد عن الثلث، فان زاد
فبحساب الثلث. وقال الشيخان (1): إنه مع بلوغ قيمته الضعف تبطل الوصية استنادا إلى
رواية الحسن بن صالح بن حي عن ابي عبد الله عليه السلام في رجلأوصى لمملوك له
بثلث ماله، قال: فقال عليه السلام: يقوم المملوك بقيمة عادلة ثم ينظر ما ثلث الميت،
فان كان الثلث أقل من قيمة العبد بقدر ربع القيمة استسعي العبد في ربع القيمة، وان
كان الثلث اكثر من قيمة العبد أعتق العبد ودفع إليه ما فضل من الثلث بعد القيمة
(2). ووجه دلالة الرواية من جهة مفهوم الشرط في قوله فيها: فإن كان الثلث أقل من
قيمة العبد بقدر ربع القيمة استسعي العبد في ربع القيمة فإن مفهومه أنه لو لم يكن
أقل بقدر الربع لا يستسعى، وإنما يتحقق عدم الاستسعاء مع البطلان. ولا يخفى عليك
ضعف هذا التنزيل، فإن مفهومها ان الثلث ان لم يكن أقل من قيمة العبد بقدر ربع
القيمة لا يستسعى في ربع القيمة، لا أنه لا يستسعى مطلقا، وهذا مفهوم صحيح لا يفيد
مطلوبهم، فلا ينافى القول بأنه يستسعى بحسبه، فان كان أقل بقدر الثلث يستسعى في
الثلث، أو بقدر النصف يستسعى في النصف، وهكذا. وأيضا: فلو كان المفهوم الذى زعموه
صحيحا لزم منه أنه متى لم يكن الثلث أقل من قيمته بقدر الربع لا يستسعى بل تبطل
الوصية، وهذا شامل لما لو كانت القيمة قدر الضعف وأقل من ذلك إلى أن يبلغ النقصان
قدر الربع، فمن أين خصوا البطلان بما لو كانت قيمته قدر الضعف؟! ما هذا الا عجيب من
مثل هذين الشيخين الجليلين. هذا مع تسليم الرواية فانها ضعيفة السند بالحسن
المذكور، فان
(هامش)
(1) المقنعة: 676، النهاية: 610. (2) التهذيب 9: 216 ح 851، الاستبصار 4: 134 ح
505، الوسائل 13: 467 ب 79 من كتاب الوصايا ح 2. (*)
ص 225

[...]
حاله في الزيدية مشهور. وهذا كله إذا كانت الوصية بجزء مشاع من التركة كالثلث
مثلا، فان العبد حينئذ يكون من جملة التركة، فكأنه قد أوصى بعتق جزء منه، فيعتق
ويسري في الباقي، فيدفع ثمنه من الوصية بعتقه. ولو كانت بجزء معين كدار أو بستان
فالاكثرون - ومنهم المصنف - أطلقوا جريان الحكم فيه، لاطلاق النص - كالرواية
السابقة - الشامل للمعين والمطلق، وللنهي عن تبديل الوصية بحسب الامكان. وذهب جماعة
- منهم العلامة في المختلف (1) وقبله ابن الجنيد (2) - إلى اختصاص الحكم بالجزء
المشاع، أما المعين فتبطل الوصية من رأس، لعموم: لا وصية لمملوك (3) وأنه إنما
صح في المشاع لتناوله لرقبة العبد كما قلنا وذلك منتف في محل النزاع، ولان تنفيذ
الوصية للمعين محال لامتناع ملك العبد، والتخطي إلى رقبته يقتضي تبديل الوصية.
وأجيب بمنع تعليل صحة الوصية في المشاع بتناوله لرقبة العبد، ولم لا يجوز لكونه
وصيته له لا لامر غير ذلك؟ والتبديل غير لازم، لان ذلك تنفيذ للوصية بحسب الممكن،
ولو منع ذلك لمنع من الاشاعة، لان التخصيص برقبة العبد خروج عنالاشاعة التى هي مناط
الوصية، وقد عرفت ان الرواية السابقة تشمل باطلاقها الثلث المعين والمشاع. والحق
هنا ان يقال: لا بد للحكم بصحة الوصية للعبد مع الحكم بكونه غير مالك من دليل، وهو
من النص منتف في غير الرواية المذكورة، وهي ضعيفة السند، فان اعتبرناها من حيث
الشهرة أو غيرها شملت القسمين، والا فما أجمع على حكمه لا مجال لمخالفته، وما اختلف
فيه فلا بد لمثبته من دليل صالح، وقد رأينا المصححين للوصية مطلقا يردون على من
قيدها بكون القيمة دون ضعف الوصية بضعف
(هامش)
(1 و2) راجع المختلف 2: 505. (2) تقدمت في ص: 222، هامش (3). (*)
ص 226
[وإذا أوصى بعتق مملوكه وعليه دين، فان كانت قيمة العبد بقدر الدين مرتين أعتق
المملوك، ويسعى في خمسة أسداس قيمته. وإن كانت قيمته أقل بطلت الوصية بعتقه. والوجه
أن الدين يقدم على الوصية فيبدأ به، ويعتق منه الثلث مما فضل عن الدين. أما لو نجز
عتقه عند موته كان الامر كما ذكرناه أولا، عملا برواية عبد الرحمن عن أبي عبد الله
عليه السلام.]
مستنده، وليس لهم في تصحيح الوصية لعبد الموصي سوى تلك الرواية، وفي
مقابلتها رواية عبد الرحمن بن حجاج عن احدهما عليهما السلام أنه: لا وصية لمملوك
وهي قريبة منها في السند، لكن دلالة تلك أقوى كما رأيت. قوله: ولو أوصى بعتق
مملوكه وعليه دين - إلى قوله - عن أبي عبد الله - عليه السلام - . قد عرفت من
القواعد المتقدمة ان الوصية المتبرع بها إنما تنفذ من ثلث المال، وأن الدين يقدم
أولا ثم تعتبر الوصية من ثلث ما يبقى من المال بعد الدين، وأن المنجزات المتبرع بها
في مرض الموت بحكم الوصية في خروجها من الثلث عند المصنف والاكثر، ولا شبهة في أن
العتق من جملة التبرعات. إذا تقررت هذه المقدمات فنقول: إذا أوصى بعتق مملوكه
تبرعا، أو أعتقه منجزا بناء على ان المنجزات من الثلث، وعليه دين، فان كان الدين
يحيط بالتركة بطل العتق والوصية به، وان فضل منها عن الدين فضل وإن قل، صرف ثلث
الفاضل في الوصايا فيعتق من العبد بحساب ما يبقى من الثلث، ويسعى في باقي قيمته،
سواء في ذلك [ما لو] (1) كانت قيمته بقدر الدين مرتين أو أقل، لان العتق تبرع محض
فيخرج من الثلث، والمعتبر منه ثلث ما يبقى من المال بعد الدين على تقديره كغيره من
التبرعات.
(هامش)
(1) من هامش و بعنوان (ظاهرا). (*)
ص 227
[...]
هذا هو الذى تقتضيه القواعد المذكورة، ولكن وردت روايات صحيحة في التبرع
بالعتق تخالف ما ذكر. وحاصلها: أن تعتبر قيمة العبد الذى أعتق في مرض الموت، فان
كانت بقدر الدين مرتين أعتق العبد وسعى في خمسة أسداس قيمته، لان نصفه حينئذ ينصرف
إلى الدين فيبطل فيه العتق وهو ثلاثة أسداس يبقى من ثلاثة أسداس، للمعتق منها سدس
وهو ثلث التركة بعد وفاء الدين، وللورثة سدسان ثلثا التركة، وهو واضح. وان كانت
قيمة العبد أقل من قدر الدين مرتين بطل العتق فيه أجمع. روى ذلك عبد الرحمن بن
الحجاج في الصحيح (1) عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل محصله ما ذكرناه.
وروي عن زرارة في الحسن مثله الا ان الرواية مقطوعة (2)، فلذا لم يذكرها المصنف هنا
واقتصر على رواية عبد الرحمن لصحتها، وقد عمل بمضمونها المصنف وجماعة (3) فان خالفت
القواعد المتقدمة، نظرا إلى اعتبارها، ويكون العتق المنجز مستثنى من الحكم السابق.
والشيخ (4) وجماعة (5) عدوا الحكم من منطوق الرواية إلى الوصية بالعتق، ولعله نظر
إلى تساويهما في الحكم السابق وأولويته في غير المنصوص، لان بطلان العتق المنجز
(هامش)
(1) الكافي 7: 26 ح 1، التهذيب 217 ح 854، الاستبصار 4: 9 ح 27، والوسائل 13: 424 ب
39 من كتاب الوصايا ح 5. (2) التهذيب 9: 218 ح 856. ولكن في الكافي 7: 27 ح 2
عن أحدهما عليهما السلام. ثم انها رويت صحيحا في الفقيه 3: 70 ح 239 والتهذيب 8:
232 ح 840 والاستبصار 4: 7 ح 24 عن أبي عبد الله عليه السلام. (3) راجع المقنعة:
676 - 677، النهاية: 545. (4) النهاية: 610. (5) المهذب 2: 108، إصباح الشيعة (ضمن
سلسلة الينابيع الفقهية) 12: 207. (*)
ص 228
[...]
على تقدير قصور القيمة عن ضعف الدين - مع قوة المنجز بكونه تصرفا من المالك
فيماله، والخلاف في نفوذه من الاصل - يقتضي بطلانه في الاضعف - وهو الوصية - بطريق
أولى. والمصنف اقتصر على العمل بمنطوق الرواية، وهو جريان الحكم المذكور مع تنجيز
العتق لا مع الوصية به، وقوفا فيما خالف الاصل على مورده. وأكثر المتأخرين ردوا
الرواية بمخالفتها لغيرها من الروايات (1) الصحيحة الدالة على تلك القواعد المقررة،
ولعله أولى. ويرد على الشيخ القائل بتعديتها إلى الوصية معارضتها فيها بصحيحة
الحلبي، قال: قلت لابي عبد الله - عليه السلام -: رجل قال: ان مت فعبدي حر، وعلى
الرجل دين، فقال: ان توفي وعليه دين قد أحاط بثمن الغلام بيع العبد، وإن لم يكن
احاط بثمن العبد استسعي العبد في قضاء دين مولاه، وهو حر إذا أوفى (2). وهذه
الرواية تدل باطلاقها على انعتاقه متى زادت قيمته عن الدين، وهو الموافق لما تقرر
من القواعد، فلا وجه لعمل الشيخ بتلك الرواية مع عدم ورودها في مدعاه واطراح هذه،
ومن الجائز اختلاف حكم المنجز والموصى به في مثل ذلك - كما اختلفا في كثير من
الاحكام - على تقدير تسليم حكمها في المنجز. لكن يبقى في رواية الحلبي أنه - عليه
السلام - حكم باستسعاء العبد في قضاء دين مولاه ولم يتعرض لحق الورثة، مع ان لهم في
قيمته مع زيادتها عن الدين حقا كما تقرر، الا ان ترك ذكرهم لا يقدح، لامكان
استفادته من خارج، وتخصيص الامر بوفاء الدين لا ينافيه.
(هامش)
(1) المراد بالقواعد ما مر ذكرها في ص 226. وما تدل عليها من النصوص بترتيب ما ورد
في الوسائل 13: الابواب 11 و 28 و 17 من كتاب الوصايا. (2) الفقيه 3: 70
ح 240، التهذيب 9: 218 ح 857 والوسائل 13: 423 ب 39 من كتاب الوصايا ح 3. (*)
ص 229
[ولو أوصى لمكاتب غيره المطلق وقد أدى بعض مكاتبته كان له من الوصية بقدر ما أداه.
ولو أوصى الانسان لام ولده صحت الوصية من الثلث، وهل تعتق من الوصية أو من نصيب
ولدها؟ قيل: تعتق من نصيب ولدها، وتكون لها الوصية. وقيل: بل تعتق من الوصية، لانه
ميراث الا بعد الوصية.]
قوله: ولو أوصى لمكاتب غيره... الخ . بناء على بطلان
الوصية للمكاتب فتبطل في جزئه الباقي على الكتابة، لانه لايملك به. وعلى ما اخترناه
من صحتها له تصح هنا في الجميع بطريق أولى. قوله: ولو أوصى الانسان... الخ . لا
خلاف في صحة وصية الانسان لام ولده، ولا في انها تعتق من نصيب ولدها إذا مات سيدها
ولم يوص لها بشيء. واما إذا أوصى لها بشيء هل تعتق منه، أو من نصيب ولدها وتعطى
الوصية على تقدير وفاء نصيب ولدها بقيمتها؟ قولان معتبران متكافئا المأخذ، فمن ثم
اقتصر المصنف على نقلهما من غير ترجيح. ووجه الاول: ان الارث مؤخر عن الدين والوصية
بالآية (1)، فلا يحكم لابنها بشيء حتى يحكم لها بالوصية، فتعتق منها ان وقت
بقيمتها، فان قصر أكمل من نصيب ولدها، لان الباقي يصير كما لو لم يكن هناك وصية.
وفيه: ان المراد من الآية استقرار الملك بعد المذكورات لا أصل الملك، لعدم بقاء
التركة على ملك الميت، لعدم صلاحيته للتمليك، وعدم انتقالها إلى الديان والموصى لهم
اجماعا، وعدم بقائها بغير مالك، فيتعين الوارث. ووجه الثاني: أن التركة تنتقل من
حين الموت إلى الوارث كما بيناه، فيستقر ملك ولدها على جزء منها، فتعتق عليه وتستحق
الوصية، لان ملكها متأخر عن الموت وان ملكها المملوك بغير قبول، من حيث ان نفوذ
الوصية موقوف على وصول التركة إلى الوارث، وملك الوارث لا يتوقف على شيء.
(هامش)
(1) النساء: 11 و12. (*)
ص 230

[...]
ويؤيده رواية ابي عبيدة في الصحيح قال: سألت أبا عبد الله - عليه السلام -
عن رجل كانت له أم ولد له منها غلام، فلما حضرته الوفاة أوصى لها بالف درهم أو
باكثر، للورثة ان يسترقوها؟ قال: فقال: لا، بل تعتق من ثلث الميت وتعطى ما أوصى لها
به. وفي كتاب العباس: تعتق من نصيب ابنها وتعطى من ثلثه ما أوصى لها به . (1) وهذا
الموجود في كتاب العباس نص في الباب، وهو موجود بهذه العبارة في الكافي والتهذيب
منضما إلى خبر ابي عبيدة. ولا يخفى ان الاستدلال بمجرد وجوده في كتاب العباس لا يتم
وان صح السند. ورواية ابى عبيدة مشكلة على ظاهرها، لانها إذا اعطيت الوصية لا
وجهلعتقها من ثلثه، لانها تعتق من نصيب ولدها. وربما حملت على ما لو كان نصيب ولدها
بقدر الثلث، أو على ما إذا اعتقها المولى وأوصى لها بوصية. وكلاهما بعيد، الا ان
الحكم فيها باعطائها الوصية كاف في المطلوب، إذ عتقها حينئذ من نصيب ولدها يستفاد
من دليل خارج صحيح، ويبقى ما نقل عن كتاب العباس شاهدا على المدعى، ولعل هذا أجود.
وفي المسألة أقوال اخر نادرة، والعمدة منها على هذين القولين. والمصنف وإن تردد هنا
في الفتوى، وكذلك في النافع (2)، لكنه أفتى بالاول في باب الاستيلاد (3) من هذا
الكتاب، وبالثانى في كتاب نكت (4) النهاية.
(هامش)
(1) الكافي 7: 29 ح 4، التهذيب 9: 224 ح 880 والوسائل 13: 470 ب 82 من كتاب
الوصايا ح 4. (2) المختصر النافع: 164. (3) في الامر الثاني من كتاب الاستيلاد. (4)
نكت النهاية 3: 151. (*)