ص 42
وإن تساوت قدرا لا قيمة عدلت السهام قيمة وألغي القدر، حتى لو
كان الثلثان بقيمته مساويا للثلث جعل الثلث محاذيا للثلثين. وكيفية القرعة عليه كما
صورناه. وإن تساوت الحصص قيمة لا قدرا، مثل: أن يكون لواحد النصف وللاخر الثلث
وللاخر السدس، وقيمة أجزاء ذلك الملك متساوية، سويت السهام على أقلهم نصيبا فجعلت
أسداسا. ثم كم تكتب رقعة؟ فيه تردد بين أن يكتب بعدد الشركاء أو بعدد السهام.
والاقرب الاقتصار على عدد الشركاء، لحصول المراد به، فالزيادة كلفة.
له المجعولة
لذلك في معنى الرقاع. ثم يؤمر بإخراج واحدة على الجز الاول إن كانت الرقاع مجعولة
بالكتابة ونحوها بأسماء الشركاء، فمن خرج اسمه أخذ، ثم يؤمر بإخراج أخرى على الجز
الذي يلي الاول، فمن خرج اسمه من الاخرين أخذه، وتعين الثالث للثالث. وإن كانت
مكتوبة باسم الاجزاء أخرجت رقعة باسم زيد، ثم أخرى باسم عمرو، ويتعين الثالث
للثالث. وتعيين من يبتدئ به من الشركاء والاجزاء منوط بنظر القسام. قوله: (وإن
تساوت قدرا... إلخ). قد عرفت أن الحكم في هذه الصورة كالسابقة، وأن المعتبر التعديل
بالقيمة، سواء تساوت الاجزاء فيها أم لا، فالحكم لا يختلف. قوله: (وإن تساوت الحصص
قيمة لا قدرا... إلخ). إذا اختلفت مقادير الانصباء، كما إذا كان لزيد نصف ولعمرو
ثلث ولثالث سدس، جزئت الاقسام على أقل السهام وهو سدس، لانه يتأدى به القليل
والكثير، فيجعلها ستة أجزاء.
ص 43
إذا عرفت هذا، فإنه يكتب ثلاث رقاع لكل اسم رقعة، ويجعل للسهام أول وثان، وهكذا إلى
الاخير. والخيار في تعيين ذلك إلى المتقاسمين. ولو تعاسرا عينه القاسم. ثم يخرج
رقعة، فإن تضمنت اسم صاحب النصف فله الثلاثة الاول. ثم يخرج ثانية، فإن خرج صاحب
الثلث فله السهمان الاخران. ولا يحتاج إلى إخراج الثالثة، بل لصاحبها ما بقي.
ثم في
مقدار ما يكتب من الرقاع للقرعة بينهم وجهان: أحدهما - وهو الاشهر -: أن يكتب ثلاث
رقاع بعدد الشركاء، في كل واحدة اسم واحد، ويخرج مرتين، ويكتفى بهما عن الثالثة،
فلا وجه لتكلف الزائد. والثاني: أن يكتب ست رقاع، لصاحب السدس رقعة، ولصاحب الثلث
رقعتان، ولصاحب النصف ثلاث. وقواه في المبسوط (1)، محتجا بأن كل من كان سهمه أكثر
كان حظه أوفر، وله مزية على صاحب الاقل، فإذا كتب لصاحب النصف ثلاث رقاع كان خروج
رقعته أسرع وأقرب، وإذا كتب له واحدة كان خروج رقعته ورقعة صاحب السدس سواء، فلهذا
قيل: يكون له أكثر من رقاع غيره. والوجه: جواز الامرين، وإنما الكلام في الاولوية،
ولا ريب أن الاول أولى، لحصول الفائدة، مع الاختصار، وترك تطويل الحساب [أربح]. (2)
قوله: (إذا عرفت هذا... إلخ).
(هامش)
(1) المبسوط 8: 137 - 138. (2) من (أ، خ، ت، ث)، وفي الاخيرين: ربح. (*).
ص 44
وكذا لو خرج اسم صاحب الثلث أولا كان له السهمان الاولان. ثم يخرج أخرى، فإن خرج
صاحب النصف فله الثالث والرابع والخامس. ولا يحتاج إلى إخراج أخرى، لان السادس تعين
لصاحبها. وهكذا لو خرج اسم صاحب السدس أولا كان له السهم الاول. ثم يخرج أخرى، فإن
كان صاحب الثلث كان له الثاني والثالث، والباقي لصاحب النصف. ولو خرج في الثانية
صاحب النصف كان له الثاني والثالث والرابع، وبقي الاخران لصاحب الثلث من غير احتياج
إلى إخراج اسمه.
ما ذكره من الكيفية تفريع على ما اختاره من كتابة ثلاث رقاع بأسماء
الشركاء. والحكم على ما ذكره واضح. وكذا يجري على القول بكتبة ست رقاع بأسمائهم،
وليس فيه إلا أن اسم صاحب الكثير والاكثر يكون أسرع خروجا. وعليه، فإذا أخرج واحدة
من رقاع صاحب النصف أعطي الثلاثة الاول، فإذا أخرج ثانية فخرجت باسمه ألغيت وأخرج
ثالثة، فإن خرجت باسمه ألغيت أيضا، للاستغناء عنهما بالاولى. وإن خرجت واحدة من
رقعتي صاحب الثلثأعطي الرابع والخامس، ولا يحتاج إلى إخراج ما بقي، وتعين السادس
لصاحب السدس. وإن خرجت الاولى لصاحب السدس أعطي الاول، ثم أخرج أخرى، فإن خرجت
لصاحب النصف أعطي الثاني والثالث والرابع، ولا يحتاج إلى إخراج الاربع الباقية،
لتعين الخامس والسادس لصاحب الثلث. وإن خرجت الاولى لصاحب الثلث أعطي الاول
والثاني، ثم تخرج أخرى، فإن خرجت له أيضا ألغيت وأخرجت أخرى، فإن خرج لصاحب
ص 45
ولا يخرج في هذه على السهام، بل على الاسماء، إذ لا يؤمن من أن يؤدي إلى تفرق
السهام، وهو ضرر.
السدس أعطي الثالث، وتعينت الثلاثة الاخيرة لصاحب النصف، ولا
يحتاج إلى إخراج باقي الرقاع. وهكذا. قوله: (ولا يخرج في هذه على السهام... إلخ).
المراد أنه لا يكتب الرقاع بأسماء السهام الستة ويخرج على أسماء الشركاء، لانه ربما
يخرج لصاحب السدس الجز الثاني أو الخامس فيتفرق ملك من له النصف أو الثلث. وأيضا
ربما خرج السهم الرابع لصاحب النصف ويقول: آخذه وسهمين قبله، فيقول الاخران: بل خذه
وسهمين بعده، فيفضي إلى التنازع. ويجوز مع رجوعهم في جميع الحصة إلى الرقاع أن يخرج
لصاحب النصف ثلاثة متفرقة، وكذا لصاحب الثلث يخرج اثنتان متفرقتان، فيؤدي إلى
الاضرار. وقد عرفت مما سبق أنه مع كتابة الرقاع باسم الشركاء يخرج على السهام الاول
والثاني إلى الاخر، وإن كتبت باسم السهام يخرج على الاسماء. وهذه الصورة التي بين
كيفيتها قد كتب فيها أسماء الشركاء، وجعل للسهام أول وثان إلى السادس، وأخرج عليها،
بمعنى أن الخارج اسمه أولا يعطى الاول منها من الجهة التي اتفقوا عليها أو عينها
القاسم، وما بعده إن احتيج إليه إلى الاخر. فكتابة الاسماء يخرج على السهام، وكتابة
السهام يخرج على الاسماء. والمصنف - رحمه الله - جمع هنا بين الامر بكتابة الاسماء
المستلزمة للاخراج على السهام، بل المصرحة بذلك، ثم أمر بإخراجها على الاسماءونفى
إخراجها على السهام، مع أن حقه العكس. ووافقه على هذه العبارة
ص 46
العلامة في الارشاد (1). وعكس في القواعد (2)، وجماعة (3) من الفضلا. وهو الصواب.
وفي التحرير (4) والدروس (5) اقتصر على إخراج الاسماء من غير أن يجعله على السهام
أو غيرها. وهو أجود، إذ لا ينطبق الاخراج على السهام، لاختلافها باختلاف الاسماء،
بل المعتبر في الاسم الخارج أولا أن يعطى الاول قطعا وما بعده إلى تمام الحق إن
احتيج إليه، بأن كان الاسم لغير صاحب السدس. ولا تتعين السهام إلا بعد تحقق الاسم.
لكن لما كان السهم الاول متعينا للاسم صدق إخراج الاسماء على السهام في الجملة،
بخلاف العكس، فإنه إما فاسد أو محتاج إلى تكلف بعيد. إذا تقرر ذلك، فاعلم أن محذور
تفريق السهام على تقدير إخراجها على الاسماء يلزم على تقدير الاخراج أولا على اسم
صاحب السدس، بأن يخرج له السهم الثاني أو الخامس كما ذكرناه سابقا. ويمكن الغنا عنه
بأن يبداء أولا باسم صاحب النصف، فإن خرج الاول باسمه أعطي الاول والثاني والثالث،
وإن خرج الثاني فكذلك يعطى معه ما قبله وما بعده، وإن خرج الثالث قال بعضهم: يوقف
ويخرج لصاحب الثلث، فإن خرج فله الاول والثاني، ولصاحب النصف الثالث واللذان بعده،
وتعين السادس لصاحب السدس. وكذا الحكم لو خرج لصاحب الثلث الثاني. وإن خرج له
الخامس فله الخامس والسادس.
(هامش)
(1) إرشاد الاذهان 1: 434. (2) قواعد الاحكام 2: 220. (3) انظر المغني لابن قدامة
11: 504 - 505، روضة الطالبين 8: 185. (4) تحرير الاحكام 2: 204. (5) الدروس
الشرعية 2: 118. (*)
ص 47
وقيل: إذا خرج لصاحب النصف الثالث فله الثالث واللذان قبله. وإن خرج الرابع فله
الرابع واللذان قبله، وتعين الاول لصاحب السدس، والاخيران لصاحب الثلث. وإن خرج
الخامس فله الخامس واللذان قبله، وتعين السادس لصاحب السدس، والاولان لصاحب الثلث.
وإن خرج السادس فله السادس واللذان قبله. ومتى أخذ الخارج حقه ولم يتعين حق
الاخرين، أخرج رقعة أخرى باسم أحد الاخرين، فلا يقع تفريق. وهذه التوجيهات لا دليل
على اعتبارها، وإن سلم معها التفريق. نعم، لواتفق الشركاء على العمل بها، أو رأى
القاسم ذلك صلاحا، اتجه ذلك. ومعه يمكن البدأة أيضا باسم صاحب السدس، فإن خرج باسمه
الجز الاول أو الثاني دفع إليه الاول. وإن خرج الخامس أو السادس دفع إليه السادس،
ثم يخرج باسم أحد الاخرين، فلا يقع تفريق. وإن خرج له الثالث دفع إليه، وتعين
الاولان لصاحب الثلث، والثلاثة الاخيرة لصاحب النصف. وإن خرج له الرابع دفع إليه،
وتعين الاخيران لصاحب الثلث، والثلاثة الاول لصاحب النصف. فإن بدئ لصاحب الثلث، فإن
خرج له الاول أو الثاني دفع إليه الاول والثاني. وإن خرج الخامس أو السادس دفع إليه
الخامس والسادس، ثم يخرج باسم أحد الاخرين ويكمل بسهولة. وإن خرج لصاحب الثلث
الثالث فله الثالث والثاني، وتعين الاول لصاحب السدس، والثلاثة الاخيرة لصاحب
النصف. وإن خرج الرابع فله الخامس معه، وتعين السادس لصاحب السدس، والثلاثة الاول
لصاحب النصف.
ص 48
ولو اختلفت السهام والقيمة عدلت السهام تقويما، وميزت على قدر سهم أقلهم نصيبا،
وأقرع عليهما كما صورناه. أما لو كانت قسمة رد، وهي المفتقرة إلى رد في مقابلة بناء
أو شجر أو بئر، فلا تصح القسمة ما لم يتراضيا جميعا، لما يتضمن من الضميمة التي لا
تستقر إلا بالتراضي. وإذا اتفقا على الرد، وعدلت السهام، فهل يلزم بنفس القرعة؟
قيل: لا، لانها تتضمن معاوضة، ولا يعلم كل واحد من يحصل له العوض، فيفتقر إلى الرضا
بعد العلم بما ميزته القرعة.
هكذا قرر بعضهم (1). وهو إنما يتم مع اتفاقهم عليه أو
مع رأي القاسم. ولا ريب في أن الاقتصار على ما ذكره المصنف أولى وأقل كلفة. قوله:
(ولو اختلفت السهام... إلخ). هذا هو القسم الرابع. والحكم فيه كالثالث، لان المعتبر
في جعل السهام على أقلها مراعاة القيمة لا المقدار، فإن اتفق المقدار (2) لذلك (3)
فذاك، وإلا اعتبرت القيمة، فقد يجعل ثلث الارض بسدس، ونصفها بسدس آخر، والسدس الاخر
يقسم أرباعا، فتصير السهام ستة متساوية القيمة. وهكذا. والامر في إخراجها بالقرعة
كالسابق. قوله: (أما لو كانت قسمة رد... إلخ). قسمة الرد هي التي لا يمكن فيها
تعديل السهام بالقيمة، بل تفتقر إلى
(هامش)
(1) انظر روضة الطالبين 8: 186 - 187.(2) في (د): المقداران. (3) سقطت من (خ، د).
(*)
ص 49
ضميمة شي خارج عن المشترك إلى بعض الاقسام ليحصل التعادل. كما لو كان في أحد جانبي
الارض بئرا وشجرا، وفي الدار بيت لا يمكن قسمته، فتقسم الجملة على أن يرد من يأخذ
الجانب الذي فيه أحد تلك الامور شيئا من المال، أو يكون المشترك عبدين قيمة أحدهما
ألف وقيمة الاخر ستة مائة، فلا يستويان إلا برد آخذ النفيس مائتين. ووجه عدم
الاجبار في هذه القسمة: اشتمالها على دخول ما لا قسمة فيه، فكان معاوضة محضة تتوقف
على التراضي. ثم على تقدير التراضي عليها إن اتفقا على أن يكون الرد من واحد معين،
وأوقعا صيغة معاوضة تقتضي ذلك كالصلح، فلا بحث. وإن اتفقا عليه، ودفع الراد العوض
من غير صيغة خاصة، كان الحكم هنا كالمعاطاة لا تلزم إلا بالتصرف عند من جعل ذلك حكم
المعاطاة، وإن لم نقل بتوقف التراضي على القسمة مع عدم الرد على التصرف. والفرق ما
أشرنا إليه من اشتمال قسمة الرد على المعاوضة المقتضية للصيغة الدالة على التراضي
على ما وردت عليه من العوضين، والمقسوم الزائد على ما قابل المردود غير متعين، فلا
يمكن تخصيصه باللزوم مع التراضي بدون التصرف. وإن اتفقا على إخراج السهم لاحدهما
بالقرعة فهل يلزم بنفس القرعة، فيثبت العوض لمن أخرجته أو عليه؟ قال الشيخ - رحمه
الله - في المبسوط (1): لا، لما ذكرناه من تضمنها المعاوضة التي لا مدخل للقرعة
فيها، ولانه لا يعلم كل واحد من يحصل له العوض المردود. واقتصار المصنف - رحمه الله
- على نقله قولا يؤذن برده أو التردد فيه.
(هامش)
(1) المبسوط 8: 148. (*)
ص 50
وكذلك فعل العلامة في القواعد (1). وفي التحرير (2) جزم بتوقف قسمة التراضيمطلقا
على التراضي بعد القرعة باللفظ، مثل (رضيت) وما أدى معناه. وكذلك في الدروس (3).
وهو الاقوى. ووجه العدم صدق اسم القسمة عليها. والقرعة موجبة لتميز الحق مع
اقترانها بالرضا بها كما سلف. وظاهر المصنف وغيره (4) أن مورد الخلاف فيما إذا لم
يكن القاسم منصوبا من الامام، وإلا لم يعتبر الرضا بعدها مطلقا. وقد تقدم (5) في
العبارة ما يدل عليه. مع احتمال جريان الخلاف فيهما، لان المعاوضة لا تؤثر فيها نظر
الحاكم، بل أمرها يرجع إلى المتعاوضين. وكلام الشيخ في المبسوط يدل على ذلك، لانه
جعل مورد المسألة الاولى التي ذكر فيها لزوم قسمة المنصوب دون غيره قسمة الاجبار،
وجعل مورد هذه قسمة الرد. وفرق في الاولى بين كون القاسم منصوب الامام وغيره، وأطلق
في هذه. وهذه عبارته: (القسمة ضربان: قسمة إجبار، وقسمة تراض، فإن كانت قسمة إجبار
نظرت في القاسم، فإن كان قاسم الامام لزمت بالقرعة، لان قرعة القاسم كحكم الحاكم،
لانه يجتهد في تعديل السهام كما يجتهد الحاكم في إطلاق
(هامش)
(1) قواعد الاحكام 2: 220. (2) تحرير الاحكام 2: 204. (3) الدروس الشرعية 2: 117.
(4) تحرير الاحكام 2: 204. (5) في ص: 48. (*)