ص 526
وإذا قطع السارق، يستحب حسمه بالزيت المغلي نظرا له، وليس بلازم. وسراية الحد ليست
مضمونة، وإن أقيم في حر أو برد، لانه استيفاء سائغ.
الخامس: في اللواحق

وهي مسائل:
الاولى: يجب على السارق إعادة العين المسروقة. وإن تلفت أغرم مثلها، أو قيمتها إن
لم يكن [لها] مثل. وإن نقصت، فعليه أرش النقصان. ولو مات صاحبها، دفعت إلى ورثته.
فإن لم يكن [له] وارث، فإلى الامام.
قطع اليمنى، لا من حيث مساواة المقطوعة للمستحق
قطعها، كان حسنا، والرواية لا تنافي ذلك. واقتصار المصنف - رحمه الله - على نقل
القول والرواية يقتضي تردده في الحكم. وله وجه. قوله: (يستحب حسمه... إلخ). مستند
الاستحباب ما روي من فعل النبي (1) صلى الله عليه وآله والولاة بعد ذلك. وحكمته
انسداد أفواه العروق فينقطع الدم. ونبه بقوله: (نظرا له) إلى أن ذلك حق للمقطوع
ونظر له، لاحق لله تعالى وتتمة الحد، لان الغرض منه المعالجة ودفع الهلاك عنه بنزف
الدم. وذهب بعض (2) العامة إلى أنه حق لله تعالى ومن تتمة الحد، لان فيه مزيد
(هامش)
(1) الوسائل 18: 528 ب (30) من أبواب حد السرقة، وانظر سنن الدارقطني 3: 102 ح 71
و72، المستدرك للحاكم 4: 381، سنن البيهقي 8: 271. (2) الحاوي الكبير 13: 324، روضة
الطالبين 7: 360. (*)
ص 527
الثانية: إذا سرق اثنان نصابا، ففي وجوب القطع قولان. قال في النهاية: يجب القطع.
وقال في الخلاف: إذا نقب ثلاثة، فبلغ نصيب كل واحد نصابا، قطعوا، وإن كان دون ذلك
فلا قطع. والتوقف أحوط.
إيلام، وما زال الولاة يفعلون ذلك على كراهة من المقطوعين.
وتظهر الفائدة في مؤونة الدهن والحسم. فعلى المختار هي على المقطوع. ويتوقف (1)
فعله على إذنه. ولو تركه الحاكم فلا شي عليه. ولكن يستحب للسارق أن يحسمه من غير
وجوب، لان في الحسم ألما شديدا، وقد يهلك الضعيف، والمداواة بمثل ذلك لا تجب. وعلى
الثاني فمؤونة الحسم كمؤونة الحداد على بيت المال. والسنة أن تعلق اليد المقطوعة في
رقبته، لما روي: (أن النبي صلى الله عليه وآله أتي بسارق، فأمر به فقطعت يده ثم
علقت في رقبته) (2). وفيه تنكيل وزجر له ولغيره. وتقدير المدة راجع إلى رأي الامام
(3). قوله: (إذا سرق اثنان نصابا... إلخ). موضع الخلاف ما إذا هتكا معا الحرز
وأخرجا النصاب معا، بأن وضعا أيديهما عليه وأخرجاه. أما لو أخرج كل واحد منهما نصف
نصاب على حدته، فلا خلاف في عدم القطع. ووجه ثبوت القطع على كل منهما مع اجتماعهما
على إخراجه: صدق إخراجهما للنصاب الذي هو شرط قطع المخرج، وهو مستند إليهما. فترك
قطعهما
(هامش)
(1) في (أ) والحجريتين: نعم، يتوقف.(2) مسند أحمد 6: 19، سنن أبي داود 4: 143 ح
4411، سنن الترمذي 4: 41 ح 1447، سنن البيهقي 8: 275. (3) في (د): الحاكم. (*)
ص 528
الثالثة: لو سرق ولم يقدر عليه، ثم سرق ثانية، قطع بالاخيرة، وأغرم المالين. ولو
قامت الحجة بالسرقة، ثم أمسكت حتى قطع، ثم شهدت عليه بأخرى، قال في النهاية (1):
قطعت [يده بالاولى و] رجله بالثانية، استنادا إلى الرواية. وتوقف بعض الاصحاب فيه.
وهو أولى.
يستلزم سقوط الحد مع وجود شرطه، وقطع أحدهما دون الاخر ترجيح من غير
مرجح، فلم يبق إلا قطعهما. وإلى هذا ذهب الشيخ (2) في أحد قوليه، والمفيد (3)
والمرتضى (4)، وأتباع (5) الشيخ أجمعون. وذهب الشيخ في المبسوط (6) والخلاف (7)
وابن الجنيد (8) وابن إدريس (9) والعلامة في المختلف (10) إلى أنه لا قطع على
أحدهما، للاصل، ولان موجب القطع هو إخراج النصاب، ولم يحصل من كل منهما، ولا يصح
استناد المعلول الشخصي إلى علل متعددة، والبعض الصادر عن كل منهما ليس موجبا للقطع.
وهذا هو الاقوى. قوله: (لو سرق ولم يقدر عليه... إلخ).
(هامش)
(1) النهاية: 719. (2) النهاية: 718 - 719. (3) المقنعة: 804. (4) الانتصار: 264.
(5) المهذب 2: 540، الوسيلة: 419، غنية النزوع: 433، إصباح الشيعة: 524. (6)
المبسوط 8: 28. (7) الخلاف 5: 420 مسألة (8). (8) حكاه عنه العلامة في المختلف:
772. (9) السرائر 3: 492.(10) المختلف: 772. (*)
ص 529
إذا تكررت السرقة ولم يرافع بينهما (1) فعليه قطع واحد، لانه حد فتتداخل أسبابه لو
اجتمعت، كغيره من الحدود. وهل القطع بالاولى أو بالاخيرة؟ قولان، جزم المصنف - رحمه
الله - بالثاني، والعلامة (2) بالاول. وتظهر فائدة القولين لوعفا من حكم بالقطع
لاجله. والحق أنه يقطع على كل حال، حتى لو عفا أحدهما قطع بالاخرى، لان كل واحدة
سبب تام في استحقاق القطع مع المرافعة. وتداخل الاسباب على تقدير الاستيفاء لا
يقتضي تداخلها مطلقا، لانه على خلاف الاصل. هذا إذا أقر بها (3) دفعة، أو قامت
البينة بها كذلك. أما لو شهدت البينة عليه بواحدة ثم أمسكت، ثم شهدت أو غيرها عليه
بأخرى قبل القطع، ففي التداخل قولان، أقربهما عدم تعدد القطع كالسابق، لما ذكر من
العلة. ولو أمسكت الثانية حتى قطع بالاولى ثم شهدت، ففي ثبوت قطع رجله بالثانية
قولان أيضا، وأولى بالثبوت لو قيل به ثم. ويؤيده رواية بكير بن أعين عن أبي جعفر
عليه السلام: (في رجل سرق فلم يقدر عليه، ثم سرق مرة أخرى فأخذ، فجأت البينة فشهدوا
عليه بالسرقة الاولى والسرقة الاخيرة، فقال: تقطع يده بالسرقة الاولى، ولا تقطع
رجله بالسرقة الاخيرة، فقيل: كيف ذاك؟ فقال: لان الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد
بالسرقة الاولى والاخيرة قبل أن يقطع بالسرقة الاولى، ولو أن الشهود شهدوا عليه
بالسرقة الاولى ثم أمسكوا حتى تقطع يده، ثم شهدوا عليه بالسرقة
(هامش)
(1) في (ت، ث): بينها. (2) قواعد الاحكام 2: 271، تحرير الاحكام 2: 232. (3) في
(خ): بهما. (*)
ص 530
الرابعة: قطع السارق موقوف على مطالبة المسروق [منه]، فلو لم يرافعه لم يرفعه
الامام، وإن قامت البينة. ولو وهبه المسروق [منه]، سقط الحد. وكذا لو عفا عن القطع.
فأما بعد المرافعة، فإنه لا يسقط بهبة ولا عفو.
الاخيرة، قطعت رجله اليسرى) (1).
والرواية نص، إلا أن في طريقها ضعفا. وتوقف ابن إدريس (2) في ذلك، وكذلك المصنف.
وله وجه، مراعاة للاحتياط في حقوق الله تعالى، ودرا للحدبالشبهة العارضة من
الاختلاف. قوله: (قطع السارق... إلخ). الشهادة على السرقة إن ترتبت على دعوى
المسروق منه أو وكيله فذاك. وإن شهد الشهود على دعوى الحسبة فعند الاصحاب أنه لا
يقطع، تغليبا لحق الادمي، وإن كان لله تعالى فيه حق. فلو كان المسروق منه غائبا أخر
إلى أن يحضر ويرافع. وهذا بخلاف ما إذا شهد الاربعة على الزنا بجارية الغائب، فإنه
يقام الحد على المشهود عليه، ولا ينتظر حضور الغائب. والفرق بينهما - مع اشتراكهما
في تعلق حق الادمي فيهما -: أن حد الزنا لا يسقط بإباحة الوط ولا بعفوه، بخلاف
القطع، فإنه يسقط بإباحة الاخذ قبل المرافعة، وربما أباح الغائب الاخذ إذا حضر.
ولان السقوط إلى (3) القطع أسرع
(هامش)
(1) الكافي 7: 224 ح 12، التهذيب 10: 107 ح 418، الوسائل 18: 499 ب (9) من أبواب حد
السرقة ح 1. (2) السرائر 3: 494. (3) في (خ): في. (*)
ص 531
فرع لو سرق مالا، فملكه قبل المرافعة، سقط الحد. ولو ملكه بعد المرافعة، لم يسقط.
الخامسة: لو أخرج المال وأعاده إلى الحرز، لم يسقط الحد، لحصول السبب التام. وفيه
تردد، من حيث إن القطع موقوف على المرافعة، فإذا دفعه إلى صاحبه، لم تبق له مطالبة.
منه إلى حد الزنا، ألا ترى أنه إذا سرق مال ابنه لا يقطع، ولو زنى بجاريته يحد.
ولان القطع متعلق حق الادمي، من حيث إنه سبب لعصمة ماله، فاشترط لذلك طلبه وحضوره،
بخلاف الزنا. وخالف في ذلك بعض (1) العامة، فجوز القطع ببينة الحسبة، وآخرون
فأوقفوا حد الزنا المذكور على حضور المالك، نظرا في الاول إلى أن القطع حق لله
تعالى والغرم حق الادمي، وفي الثاني إلى اشتراك الحق بينهما، مع ترجيح حق الادمي
كنظائره. واعلم أنه قد سبق (2) في رواية سارق رداء صفوان ما يدل على أن العفو أو
هبة المال قبل المرافعة يسقط الحد، ولا يؤثر بعدها، لقوله صلى الله عليه وآله وقد
أمر بقطع يده: (أفلا كان ذلك قبل أن تنتهي به إلي؟!). قوله: (لو أخرج المال...
إلخ). القول بثبوت القطع وإن رده إلى الحرز للشيخ في المبسوط (3)
(هامش)
(1) انظر الحاوي الكبير 13: 336 - 337، حلية العلماء 8: 71 - 72، روضة الطالبين 7:
358.(2) راجع ص: 495 - 496. (3) المبسوط 8: 29. (*)
ص 532
ولو هتك الحرز جماعة، فأخرج المال أحدهم، فالقطع عليه خاصة، لانفراده بالموجب. ولو
قربه أحدهم، وأخرجه الاخر، فالقطع على المخرج. وكذا لو وضعها الداخل في وسط النقب،
وأخرجها الخارج. وقال في المبسوط: لا قطع على أحدهما، لان كل واحد لم يخرجه عن كمال
الحرز.
والخلاف (1). ووجهه: ما أشار إليه المصنف من حصول السبب التام للقطع، وهو
إخراج النصاب من الحرز على وجه السرقة، فيثبت به القطع، ويستصحب حكم الوجوب.
والمصنف - رحمه الله - تردد في ذلك، من حيث إن القطع موقوف على مرافعة المالك، ومع
رده إلى محله ليس له المرافعة، لوصول حقه إليه. وهذا يرجع إلى منع كون السرقة على
الوجه المذكور سببا تاما في ثبوت القطع، لتوقفه على المرافعة، ولم يحصل. وفيه نظر،
لان مجرد رده إلى الحرز لا يكفي في برأة السارق من الضمان من دون أن يصل إلى يد
المالك، ومن ثم لو تلف قبل وصوله إليه ضمنه، فله المرافعة حينئذ، ويترتب عليها ثبوت
القطع. نعم، لو وصل إلى يد المالك ضعف القول بالقطع جدا. وبهذا يصير النزاع في قوة
اللفظي، لانه مع وصوله إلى المالك لا يتجه القطع أصلا، وبدونه لا يتجه عدمه.
والتعليلان مبنيان على هذا التفصيل. قوله: (ولو هتك الحرز... إلخ).
(هامش)
(1) الخلاف 5: 422 مسألة (11). (*)
ص 533
قد تقدم (1) أن هتك الحرز شرط في وجوب القطع، وأنه يحصل باشتراكهما فيه كما يحصل
بالانفراد. وأما الاخراج ففي تحققه بالاشتراك إذا كان نصابا واحدا خلاف تقدم (2)
البحث فيه. فإن نقباه (3)، وكان المخرج إلى وسط النقب (4) نصابا واحدا، فلا قطع على
أحدهما، لان النصاب الواحد لم يستند إخراجه إلى واحد. وإن كان نصيب كل [واحد] (5)
منهما بقدر النصاب، أو لم يشترط في قطعهما كون نصيب كل [واحد] (6) منهما نصابا،
فأخرجه أحدهما إلى وسط النقب، وأخرجه الاخر، ففي ثبوت القطع عليهما أو على أحدهما
أوجه: أحدها - وهو الذي نقله المصنف عن المبسوط (7)، وتبعه القاضي (8) -: انتفاؤه
عنهما، لان كل واحد منهما لم يخرجه عن كمال الحرز، فإن الاول أخرجه إلى نصفه مثلا،
والثاني أكمل إخراجه، فهو كما لو وضعه الاول في ذلك الموضع، فأخذه غيره ممن لم
يشارك في النقب. ورد بالفرق، فإن من لم يشارك في النقب لم يحصل فيه شرط القطع الذي
من جملته هتك الحرز، بخلاف المشارك.
(هامش)
(1) في ص: 484. (2) في ص: 527. (3) كذا في (م)، وفي سائر النسخ: نفيناه. (4) في (ث،
م): البيت. (5) من (خ، د، م).(6) من الحجريتين. (7) المبسوط 8: 26 - 27. (8) المهذب
2: 539. (*)
ص 534
السادسة: لو أخرج قدر النصاب دفعة، وجب القطع. ولو أخرجه مرارا، ففي وجوبه تردد،
أصحه وجوب الحد، لانه أخرج نصابا،
وثانيها: وجوب القطع عليهما معا، لانه تم الاخراج
بتعاونهما، فهو كما لو أخرجاه دفعة. ولانه يصير ذريعة إلى إسقاط الحد. وفيه نظر،
للفرق أيضا بين الامرين، فإنه مع إخراجهما إياه دفعة يتحقق الاخراج للنصاب من كل
منهما في مجموع المسافة، بخلاف المتنازع. والذريعة إلى إسقاط الحد لا يقدح في تغير
الحكم، كما يحتال لاسقاطه بغيره من الحيل. وثالثها: وجوب القطع على المخرج أخيرا،
لانه لم يتحقق الاخراج إلا بفعله، ولهذا لو بقي في النقب لم يجب القطع قطعا. وهو
مختار ابن إدريس (1). وفيه نظر، لان الاخراج إنما تحقق بفعله لكونه تمام السبب لا
السبب التام، وفرق بين الامرين. وفي المختلف (2) بنى الحكم على أن وقوع المقدور من
القادرين هل هو ممكن أو ممتنع؟ فعلى الاول يثبت القطع على الاخير، وعلى الثاني
عليهما، لعدم الفرق بين قطع كمال المسافة دفعة أو على التعاقب، لمغايرة الصادر من
كل منهما للاخر والمجموع منهما. ولا يخفى ضعف هذا البناء في الامرين معا، فإن
المعتبر في الاخراج المتعارف، لا الواقع في اصطلاح بعض المتكلمين، الذي يرجع مدركه
إلى مجرد الظن. قوله: (لو أخرج قدر النصاب دفعة... إلخ).
(هامش)
(1) السرائر 3: 497 - 498. (2) المختلف: 773. (*)
ص 535
واشتراط المرة في الاخراج غير معلوم.
اختلف الفقهاء في اشتراط اتحاد إخراج النصاب
وعدمه، فذهب أبو الصلاح (1) إلى اشتراطه مطلقا، لانه لما هتك الحرز وأخرج دون
النصاب لم يجب عليه القطع، لفقد الشرط، فلما عاد ثانيا لم يخرج من حرز فلا قطع، وإن
بلغ الثاني نصابا، فضلا عن كونه مكملا له. وذهب القاضي (2) إ لى عدم اشتراط الاتحاد
مطلقا. ورجحه المصنف - رحمه الله -، لصدق إخراج النصاب، وأصالة عدم اشتراط الاتحاد
مطلقا، فيتناوله عموم الادلة (3) الدالة على قطع سارق النصاب الشامل بإطلاقه
للامرين. وتردد الشيخ (4) في القولين، وكذلك ابن إدريس (5)، لذلك. واختلف كلام
العلامة، ففي القواعد (6) فرق بين قصر زمان العود وعدمه، فجعل الاول بمنزلة المتحد
دون الثاني. وفي المختلف (7) فصل بأمر آخر، فحكم بالقطع مع التعدد إن لم يشتهر بين
الناس هتك الحرز، وعدمه إن علم هتكه، لخروجه عن كونه حرزا. وقواه ولده الفخر (8)
رحمه الله.
(هامش)
(1) لم نجده في الكافي في الفقه، ونسبه إليه فخر المحققين في إيضاح الفوائد 4: 522،
ولعله اشتبه بابن حمزة، فقد صرح بذلك في الوسيلة: 417، والعلامة أيضا حكى اشتراط
الاتحاد عن ابن حمزة فقط، راجع المختلف: 773. (2) المهذب 2: 541. (3) راجع الوسائل
18: 482 ب (2) من أبواب حد السرقة. (4) الخلاف 5: 423 مسألة (13). (5) السرائر 3:
498.(6) قواعد الاحكام 2: 265. (7) المختلف: 773. (8) إيضاح الفوائد 4: 522. (*)
ص 536
السابعة: لو نقب فأخذ النصاب، وأحدث فيه حدثا تنقص به قيمته عن النصاب، ثم أخرجه،
مثل أن خرق الثوب أو ذبح الشاة، فلا قطع. ولو أخرج نصابا، فنقصت قيمته قبل المرافعة
ثبت القطع. الثامنة: لو ابتلع داخل الحرز ما قدره نصاب، كاللؤلؤة، فإن كان يتعذر
إخراجه، فهو كالتالف، فلا حد. ولو اتفق خروجها بعد خروجه، فهو ضامن. وإن كان خروجها
مما لا يتعذر، بالنظر إلى عادته، قطع، لانه يجري مجرى إيداعها في الوعاء.
وفصل في
التحرير (1) ثالثا، فأوجب الحد إن لم يتخلل اطلاع المالك، ولم يطل الزمان بحيث لا
يسمى سرقة واحدة عرفا. وهذا أقوى، لدلالة العرف على اتحاد السرقة مع فقد الامرين
وإن تعدد الاخراج، وتعددها بأحدهما. قوله: (لو نقب فأخذ النصاب... إلخ). أما الاول
فلانه لم يصدق عليه إخراج النصاب من الحرز، وإن كان مضمونا عليه. وأما الثاني
فلتحقق الاخراج الذي هو سبب القطع، فلا يزيله نقص القيمة بعده، كما لا يزيله إتلافه
جملة. قوله: (لو ابتلع داخل الحرز... إلخ). إذا ابتلع داخل الحرز قدر النصاب، فإن
استهلكه الابتلاع - كالطعام - لم يقطع، لانه لم يخرج النصاب.
(هامش)
(1) تحرير الاحكام 2: 232. (*)
ص 537
وإن بقيت قيمته بحالها، أو غير ناقصة عن النصاب، وإن نقصت بالابتلاع، كما لو ابتلع
دينارا أو جوهرة لا يفسدها ذلك، فإن اعتيد خروجه صحيحا أو غير ناقص عن النصاب فهو
كالمخرج بيده أو في وعاء، لتحقق الاخراج المعتبر. وهذا يتم على تقدير خروجه كذلك.
فلو اتفق فساده خلاف العادة قبل القطع لم يقطع. ويظهر من العبارة جواز تعجيل قطعه
قبل الخروج حيث يكون الخروج معتادا. والاولى الصبر إلى أن يخرج، دفعا للاحتمال.
وذهب بعض (1) العامة إلى عدم وجوب القطع مطلقا، لانه بالابتلاع [صار] (2) في حكم
المستهلك، ولهذا جاز للمالك مطالبته بقيمته في الحال، ولانه كالمكره في إخراجه،
لانه لا يمكنه إخراجه من جوفه. والامران ممنوعان. تم المجلد الرابع عشر ولله الحمد،
ويليه المجلد الخامس عشر بإذنه تعالى
(هامش)
(1) حلية العلماء 8: 58. المغني لابن قدامة 10: 257 - 258، روضة الطالبين 7: 348.
(2) من د . (*)