كتاب سليم بن قيس الهلالي

الصفحة السابقة الصفحة التالية

كتاب سليم بن قيس الهلالي

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 333

(33) أسماء أهل السعادة والشقاوة

 

قال أبان: قال سليم: قلت لابن عباس: أخبرني بأعظم ما سمعتم من علي بن أبي طالب عليه السلام، ما هو؟ قال سليم: فأتاني بشيئ قد كنت سمعته أنا من علي عليه السلام. قال عليه السلام: دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله وفي يده كتاب، فقال: يا علي، دونك هذا الكتاب. فقلت: يا نبي الله، وما هذا الكتاب؟ قال: كتاب كتبه الله، فيه تسمية أهل السعادة وأهل الشقاوة من أمتي إلى يوم القيامة، أمرني ربي أن أدفعه إليك.(1)

(هامش)

(1). يناسب هنا أن أورد ما رواه في البحار: ج 17 ص 146 ح 40 بأسناده عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وفي يده اليمنى كتاب وفي يده اليسرى كتاب. فنشر الكتاب الذي في يده اليمنى فقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب لأهل الجنة بأسمائهم وأسماء آبائهم، لا يزاد فيهم واحد ولا ينقص منهم واحد). قال: ثم نشر الذي بيده اليسرى فقرأ: (كتاب من الله الرحمن الرحيم لأهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، لا يزاد فيهم واحد ولا ينقص منهم واحد). وروي في البحار أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: انتهى النبي صلى الله عليه وآله إلى السماء السابعة وانتهى إلى سدرة المنتهى. قال: فقالت السدرة: ما جازني مخلوق قبلك. ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى. قال: فدفع إليه كتاب أصحاب اليمين وكتاب أصحاب الشمال. فأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه وفتحه ونظر فيه، فإذا فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم. قال: وفتح كتاب أصحاب الشمال ونظر فيه فإذا فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم. ثم نزل ومعه الصحيفتان فدفعهما إلى علي بن أبي طالب عليه السلام. (*)

ص 334

(34) أخبار ليلة الهرير أشد مراحل حرب صفين

 

قال أبان: سمعت سليم بن قيس يقول - وسألته(1): هل شهدت صفين؟ فقال: نعم. قلت: هل شهدت يوم الهرير؟ قال: نعم. قلت: كم كان أتى عليك من السن؟ قال: أربعون سنة. (2) قلت: فحدثني رحمك الله. قال: مهما نسيت من شيئ من الأشياء فلا أنسى هذا الحديث. ثم بكى وقال: صفوا وصففنا، فخرج مالك الأشتر على فرس له أدهم مجنب (3) وسلاحه معلق على فرسه وبيده الرمح وهو يقرع به رؤوسنا ويقول: (أقيموا صفوفكم). فلما كتب الكتائب (4) وأقام الصفوف أقبل على فرسه حتى قام بين الصفين فولى أهل الشام ظهره وأقبل علينا بوجهه، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله، ثم قال: (أما بعد، فإنه كان من قضاء الله وقدره اجتماعنا في هذه البقعة من الأرض لآجال قد اقتربت وأمور تصرمت، يسوسنا فيها سيد المسلمين وأمير المؤمنين

(هامش)

(1). أي وقد سألت سليما، وسيأتي في موارد من هذا الحديث قوله: (قال سليم). ويؤيد ذلك أن سليم كان حاضرا بصفين إلى آخرها كما هو صريح عدة أحاديث في هذا الكتاب. (2). يستفاد من هذه العبارة أن سليما ولد بسنتين أو أربع سنين قبل الهجرة، وذلك أن وقعة صفين بدئت في سنة 36 وانتهت في سنة 38. فإذا كان عمر سليم آنذاك أربعون سنة يكون ميلاده إما بسنتين قبل الهجرة أو أربع سنوات. (3). أي كان يقوده إلى جنبه ولم يركبه. (4). كتب الكتائب أي هيأهم وجعلهم في فئات منظمة. (*)

ص 335

وخير الوصيين وابن عم نبينا وأخوه ووارثه، وسيوفنا سيوف الله، ورئيسهم ابن آكلة الأكباد وكهف النفاق وبقية الأحزاب يسوقهم إلى الشقاء والنار. ونحن نرجو بقتالهم من الله الثواب، وهم ينتظرون العقاب. فإذا حمى الوطيس وثار القتال(1) وجالت الخيل بقتلانا وقتلاهم رجونا بقتالهم النصر من الله، فلا أسمعن إلا غمغمة (2) أو همهمة. أيها الناس، غضوا الأبصار وعضوا على النواجذ من الأضراس فإنها أشد لضرب الرأس، واستقبلوا القوم بوجوهكم وخذوا قوائم سيوفكم بأيمانكم، فاضربوا الهام وأطعنوا بالرماح مما يلي الشرسوف (موتورين بآبائهم وبدماء إخوانهم حنقين على عدوهم، قد وطنوا أنفسهم على الموت، لكيلا تذلوا ولا يلزمكم في الدنيا عار). ثم التقى القوم فكان بينهم أمر عظيم، فتفرقوا عن سبعين ألف قتيل من جحاجحة العرب (3). وكانت الوقعة يوم الخميس من حيث استقلت الشمس حتى ذهب ثلث الليل الأول. ما سجد لله في ذينك العسكرين سجدة حتى مرت مواقيت الصلوات الأربع: الظهر والعصر والمغرب والعشاء. (4) خطبة أمير المؤمنين عليه السلام بعد ليلة الهرير قال سليم: ثم إن عليا عليه السلام قام خطيبا فقال: (يا أيها الناس، إنه قد بلغ بكم ما قد رأيتم وبعدوكم كمثل فلم يبق إلا آخر نفس، وإن الأمور إذا أقبلت اعتبر آخرها بأولها،

(هامش)

(1). حمى الوطيس أي اشتد الحرب. (2). الغمغمة: الكلام الذي لا يبين. (3) الشرسوف: طرف الضلع المشرف على البطن. (4). أي ساداتهم. (5). قوله: (ما سجد لله...) أي كانوا يصلون صلاة الخوف حالة القيام، كما ورد ذلك عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: (... وما كانت صلاة القوم يومئذ إلا تكبيرا عند مواقيت الصلاة). راجع أمالي الصدوق: ص 332 والبحار: ج 32 ص 615 ح 482. (*)

ص 336

وقد صبر لكم القوم على غير دين حتى بلغوا فيكم ما قد بلغوا. وأنا غاد عليهم بالغداة إن شاء الله ومحاكمهم إلى الله). رفع المصاحف فبلغ ذلك معاوية ففزع فزعا شديدا وانكسر هو وجميع أصحابه وأهل الشام لذلك. فدعا عمرو بن العاص فقال: يا عمرو، إنما هي الليلة حتى يغدو علينا، فما ترى؟ قال: أرى الرجال قد قلوا، وما بقي فلا يقومون لرجاله ولست مثله، وإنما يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره: أنت تريد البقاء وهو يريد الفناء. وليس يخاف أهل الشام عليا إن ظفر بهم ما يخاف أهل العراق إن ظفرت بهم. ولكن ألق إليهم أمرا إن ردوه اختلفوا وإن قبلوه اختلفوا دعهم إلى كتاب الله وارفع المصاحف على رؤوس الرماح، فإنك بالغ حاجتك فإني لم أزل أدخرها لك. كتاب معاوية إلى أمير المؤمنين عليه السلام خديعة فعرفها معاوية وقال: صدقت، ولكن قد رأيت رأيا أخدع به عليا: (طلبي إليه الشام على الموادعة)، وهو الشيئ الأول الذي ردني عنه. فضحك عمرو وقال: أين أنت يا معاوية من خديعة علي؟ وإن شئت أن تكتب فاكتب. قال: فكتب معاوية إلى علي عليه السلام كتابا مع رجل من أهل السكاسك يقال له (عبد الله بن عقبة): (أما بعد، فإنك لو علمت أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت وعلمناه نحن، لم يجنها بعضنا على بعض. وإن كنا قد غلبنا على عقولنا فقد بقي منها ما نرم به(1) ما مضى ونصلح ما بقي. وقد كنت سألتك الشام على أن لا تلزمني لك طاعة ولا بيعة، فأبيت ذلك علي

(هامش)

(1). أي نصلح ونأخذ في ترميمه. (*)

ص 337

فأعطاني الله ما منعت. وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس، فإنك لا ترجو من البقاء إلا ما أرجوه ولا تخاف من الفناء إلا ما أخاف، وقد والله رقت الأكباد وذهبت الرجال. ونحن بنو عبد مناف، وليس لبعضنا على بعض فضل يستذل به عزيز ولا يسترق به ذليل، والسلام). جواب أمير المؤمنين عليه السلام لكتاب معاوية قال سليم: فلما قرأ علي عليه السلام كتابه ضحك وقال: العجب من معاوية وخديعته لي فدعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع فقال له: أكتب: أما بعد، فقد جائني كتابك تذكر فيه (أنك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك إلى ما بلغت لم يجنها بعضنا على بعض)، وإنا وإياك - يا معاوية - على غاية منها لم نبلغها بعد. وأما طلبك الشام، فإني لم أعطك اليوم ما منعتك أمس. وأما استواؤنا في الخوف والرجاء، فإنك لست بأمضى على الشك مني على اليقين، وليس أهل الشام أحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة. وأما قولك (إنا بنو عبد مناف ليس لبعضنا فضل على بعض)، فكذلك نحن ولكن ليس أمية كهاشم ولا حرب كعبد المطلب ولا أبو سفيان كأبي طالب ولا الطليق كالمهاجر ولا المنافق كالمؤمن والمبطل كالمحق. في أيدينا فضل النبوة التي ملكنا بها العرب واستعبدنا بها العجم، والسلام). شماتة عمرو بن العاص بمعاوية قال: فلما انتهى كتاب علي عليه السلام إلى معاوية كتمه عن عمرو، ثم دعاه فأقرأه. فشمت به عمرو، وقد كان نهاه. ولم يكن أحد من قريش أشد تعظيما لعلي عليه السلام من عمرو بعد اليوم الذي صرعه عن دابته. فقال عمرو:

ص 338

ألا لله درك يا بن هند * ودر المرء ذي الحال المسود أتطمع - لا أبا لك - في علي * وقد قرع الحديد على الحديد وترجو أن تخادعه بشك * وترجو أن يهابك بالوعيد وقد كشف القناع وجر حربا * يشيب لهولها رأس الوليد له جاواه مظلمة طحول * فوارسها تلهب كالأسود(1) يقول لها إذا رجعت إليه * وقابل بالطعان القوم عودي فإن وردت فأولها ورودا * وإن صدرت فليس بذي ورود وما هي من أبي حسن بنكر * وما هي من مسائك بالبعيد وقلت له مقالة مستكين * ضعيف القلب منقطع الوريد طلبت الشام حسبك يا بن هند * من السوءات والرأي الزهيد ولو أعطاكها ما ازددت عزا * وما لك في استزادك من مزيد فلم تكسر بهذا الرأي عودا * سوى ما كان، لا بل دون عود فضيحة معاوية وعمرو بن العاص فقال معاوية: والله لقد علمت ما أردت بهذا. قال عمرو: وما أردت به؟ قال: عيبك رأيي وخلافك علي وإعظامك عليا، لما فضحك يوم بارزته. فضحك عمرو وقال: أما خلافك ومعصيتك فقد كانت، وأما فضيحتي فلم يفتضح

(هامش)

(1). جاوى بالإبل: دعاه إلى الماء، والطحول: الملآن. (*)

ص 339

رجل بارز عليا(1)، فإن شئت أن تتلوها أنت منه فافعل! فسكت معاوية وفشا أمرهما في أهل الشام.

(هامش)

(1). روى العلامة الأميني في الغدير: ج 2 ص 161 عن كتاب صفين لنصر بن مزاحم عن ابن عباس قال: تعرض عمرو بن العاص لعلي عليه السلام يوما من أيام صفين وظن أنه يطمع منه في غرة فيصيبه. فحمل عليه علي عليه السلام، فلما كاد أن يخالطه أذرى نفسه عن فرسه ورفع ثوبه وشغر برجله فبدت عورته فصرف عليه السلام وجهه عنه وقام (أي ابن العاص) معفرا بالتراب هاربا على رجليه معتصما بصفوفه. فقال أهل العراق: يا أمير المؤمنين، أفلت الرجل. فقال: أتدرون من هو؟ قالوا: لا. قال: إنه عمرو بن العاص، تلقاني بسوأته فذكرني بالرحم، فصرفت وجهي عنه. ورجع عمرو إلى معاوية، فقال: ما صنعت يا أبا عبد الله؟ فقال: لقيني علي فصرعني قال: أحمد الله وعورتك (*)

ص 340

(35) أخبار مقطع من حرب صفين

 

قال أبان: قال سليم: ومر علي عليه السلام بجماعة من أهل الشام فيهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط(1) وهم يشتمونه.

(هامش)

(1). أورد العلامة الأميني في الغدير: ج 8 ص 120 عن الأغاني: أن الوليد بن عقبة كان زانيا شريب الخمر. فشرب الخمر بالكوفة وقام ليصلي بهم الصبح في المسجد الجامع، فصلى بهم أربع ركعات. ثم التفت إليهم وقال لهم: أزيدكم؟ وتقيأ في المحراب، وقرأ بهم في الصلاة وهو رافع صوته: علق القلب الربا بأبعد ما شابت وشابا وروى عن عدة طرق: أن طلحة والزبير أتيا عثمان فقالا له: قد نهيناك عن تولية الوليد شيئا من أمور المسلمين فأبيت، وقد شهد عليه بشرب الخمر والسكر فاعزله. وقال علي عليه السلام: اعزله وحده إذا شهد الشهود عليه في وجهه. فولى عثمان سعيد بن العاص الكوفة وأمره بإشخاص الوليد. فلما قدم سعيد الكوفة غسل المنبر ودار الإمارة وأشخص الوليد. فلما شهد عليه في وجهه وأراد عثمان أن يحده ألبسه جبة حبر وأدخله بيتا. فجعل إذا بعث إليه رجلا من قريش ليضربه قال له الوليد: أنشدك الله أن تقطع رحمي وتغضب أمير المؤمنين عليك فيكف. فلما رآى ذلك علي بن أبي طالب عليه السلام أخذ السوط ودخل عليه... فجعل يضربه والوليد يسبه وفي رواية البحار: ج 8 طبع قديمص 302: (فأقبل الوليد يروغ من علي عليه السلام. فاجتذبه وضرب به الأرض وعلاه بالسوط). وابن النابغة هو عمرو بن العاص، وأمه كانت بغيا من ذوات الرايات من طوائف مكة. فوقع عليها ستة من قريش في طهر واحد فولدت عمرا فاختصم القوم جميعا فيه فألحقته النابغة بالعاص بن وائل. راجع الغدير: ج 2ص 121. وأما أبو الأعور الأسلمي فهو عمرو بن سفيان كان ممن شهد معاهدة المنافقين ضد أمير المؤمنين عليه السلام بالمدينة قبيل وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله. ولم يزل معاديا لأمير المؤمنين عليه السلام حتى صار من أمراء جند معاوية بصفين وكان على مقدمته. = (*)

ص 341

فأخبر بذلك. فوقف فيمن يليهم من أصحابه ثم قال لهم: (انهضوا إليهم وعليكم السكينة وسيماء الصالحين ووقار الإسلام. إن أقربنا من الجهل بالله والجرأة عليه والاغترار لقوم رئيسهم معاوية وابن النابغة وأبو الأعور السلمي وابن أبي معيط شارب الخمر والمجلود الحد في الإسلام والطريد مروان، وهم هؤلاء يقومون ويشتمون. وقبل اليوم ما قاتلوني وشتموني وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الإسلام وهم يدعونني إلى عبادة الأوثان فالحمد لله قديما وحديثا على ما عاداني الفاسقون المنافقون. إن هذا الخطب لجليل، إن فساقا منافقين كانوا عندنا غير مؤتمنين وعلى الإسلام متخوفين، خدعوا شطر هذه الأمة وأشربوا قلوبهم حب الفتنة واستمالوا أهوائهم إلى الباطل. فقد نصبوا لنا الحرب وجدوا في إطفاء نور الله، والله متم نوره ولو كره الكافرون). ثم حرض عليهم وقال: (إن هؤلاء لا يزالون عن موقفهم هذا دون طعن دراك(1) تطير منه القلوب، وضرب يفلق الهام وتطيح منه الأنوف والعظام وتسقط منه المعاصم، وحتى تقرع جباههم بعمد الحديد وتنشر حواجبهم على صدورهم والأذقان والنحور. أين أهل الدين، طلاب الأجر)؟ حملة محمد بن الحنفية بأربعة آلاف على عسكر معاوية فثارت عليه عصابة نحو أربعة آلاف، فدعا محمد بن الحنفية فقال: (يا بني، امش نحو هذه الراية مشيا وئيدا على هينتك (2) حتى إذا شرعت في صدورهم الأسنة فامسك

(هامش)

= وأما مروان بن الحكم فهو الذي أخرجه رسول الله صلى الله عليه وآله مع أبيه من المدينة وطرده عنها، فنزل الطائف. ولما أدخل مروان - حين ولد - على النبي صلى الله عليه وآله قال: هو الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون. راجع الغدير: ج 8 ص 244 و260.(1). قوله (دراك) أي متواصل. (2). أي بتمهل وتأني. (*)

ص 342

حتى يأتيك رأيي)، ففعل. وأعد علي عليه السلام مثلهم، فلما دنا محمد وأشرع الرماح في صدورهم أمر علي عليه السلام الذين كان أعدهم أن يحملوا معهم. فشدوا عليهم ونهض محمد ومن معه في وجوههم فأزالوهم عن مواقفهم وقتلوا عامتهم.

ص 343

(36) دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام

 

أبان عن سليم، قال: سألت المقداد عن علي عليه السلام، قال: كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وآله - وذلك قبل أن يأمر نساءه بالحجاب - وهو يخدم رسول الله صلى الله عليه وآله ليس له خادم غيره، وكان لرسول الله صلى الله عليه وآله لحاف ليس له لحاف غيره، ومعه عائشة. فكان رسول الله صلى الله عليه وآله ينام بين علي وعائشة ليس عليهم لحاف غيره، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وآله من الليل يصلي حط بيده اللحاف من وسطه بينه وبين عائشة حتى يمس اللحاف الفراش الذي تحتهم، ويقوم رسول الله صلى الله عليه وآله فيصلي. فأخذت عليا عليه السلام الحمى ليلة فأسهرته، فسهر رسول الله صلى الله عليه وآله لسهره، فبات ليله مرة يصلي ومرة يأتي عليا عليه السلام يسليه وينظر إليه حتى أصبح. فلما صلى بأصحابه الغداة قال: (اللهم اشف عليا وعافه، فإنه قد أسهرني مما به من الوجع). فعوفي، فكأنما أنشط من عقال ما به من علة. ما سأل رسول الله صلى الله عليه وآله ربه لعلي عليه السلام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أبشر يا أخي قال ذلك وأصحابه حوله يسمعون. فقال علي عليه السلام: بشرك الله بخير يا رسول الله وجعلني فداك. قال: إني لم أسأل الله الليلة شيئا إلا أعطانيه ولم أسأل لنفسي شيئا إلا سألت لك مثله. إني دعوت الله أن يواخي بيني وبينك ففعل، وسألته أن يجعلك ولي كل مؤمن بعدي ففعل، وسألته إذا ألبسني ثوب النبوة والرسالة أن يلبسك ثوب الوصية والشجاعة ففعل، وسألته أن يجعلك وصيي ووارثي

ص 344

وخازن علمي ففعل، وسألته أن يجعلك مني بمنزلة هارون من موسى وأن يشد بك أزري ويشركك في أمري ففعل، إلا أنه قال: (لا نبي بعدك) فرضيت، وسألته أن يزوجك ابنتي ويجعلك أبا ولدي ففعل. فقال رجل لصاحبه: أرأيت ما سأل؟ فوالله لو سأل ربه أن ينزل عليه ملكا يعينه على عدوه أو يفتح له كنزا ينفقه هو وأصحابه - فإن به حاجة - كان خيرا له مما سأل وقال الاخر: والله لصاع من تمر خير مما سأل

ص 345

(37)* 1 * ما قاله أصحاب الصحيفة الملعونة عند موتهم(1)

 

كلام معاذ بن جبل وما رآه عند الموت عن أبان قال: سمعت سليم بن قيس يقول: سمعت عبد الرحمن بن غنم الأزدي ثم الثمالي (2) ختن معاذ بن جبل - وكانت ابنته تحت معاذ بن جبل - وكان أفقه أهل الشام وأشدهم اجتهادا. قال: مات معاذ بن جبل بالطاعون (3)، فشهدته يوم مات - وكان الناس متشاغلين بالطاعون - قال: فسمعته حين احتضر وليس في البيت معه غيري - وذلك في خلافة عمر بن

(هامش)

(1). ينبغي أن نورد علي عليه السلام: (وما هم بخارجين من النار). راجع عن تفصيل معاقدة أصحاب الصحيفة وأسمائهم: الحديث 4 من هذا الكتاب. وراجع عن سائر ما قاله أبو بكر وعمر عند مماتهم: البحار ج 8 طبع قديم ص 196 ب 18. (2). عبد الرحمن بن غنم أسلم زمن رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يره ولم يفد إليه. ولزم معاذ بن جبل منذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن إلى أن مات معاذ في خلافة عمر. وكان يعرف بصاحب معاذ وكان أفقه أهل الشام وهو الذي فقه عامة التابعين من أهل الشام. وكانت له جلالة وقدر وهو الذي عاتب أبا الدرداء وأبا هريرة بحمص لما انصرفا من عند علي عليه السلام رسولين لمعاوية. توفي عبد الرحمن سنة 78. (3). وذلك في سنة 18 الهجرية.

ص 346

الخطاب - يقول: ويل لي ويل لي ويل لي ويل لي فقلت في نفسي: أصحاب الطاعون يهذون ويتكلمون ويقولون الأعاجيب. فقلت له: تهذي رحمك الله؟ فقال: لا. فقلت: فلم تدعو بالويل؟ قال: لموالاتي عدو الله على ولي الله فقلت له: من هو؟ قال: لموالاتي عدو الله عتيقا وعمر على خليفة رسول الله ووصيه علي بن أبي طالب. فقلت: إنك لتهجر؟ فقال: يا بن غنم، والله ما أهجر هذا رسول الله وعلي بن أبي طالب يقولان: يا معاذ بن جبل، أبشر بالنار أنت وأصحابك الذين قلتم: (إن مات رسول الله أو قتل زوينا الخلافة عن علي فلن يصل إليها)، أنت وعتيق وعمر وأبو عبيدة وسالم. فقلت: يا معاذ، متى هذا؟ فقال: في حجة الوداع، قلنا: (نتظاهر على علي فلا ينال الخلافة ما حيينا). فلما قبض رسول الله قلت لهم: (أنا أكفيكم قومي الأنصار، فاكفوني قريشا). ثم دعوت على عهد رسول الله إلى الذي تعاهدنا عليه بشير بن سعيد وأسيد بن حضير (4)، فبايعاني على ذلك. فقلت: يا معاذ، إنك لتهجر؟ قال: (ضع خدي بالأرض). فما زال يدعو بالويل والثبور حتى قضى. كلام أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة عند الموت قال سليم: قال لي ابن غنم: ما حدثت به أحدا قبلك قط - لا والله غير رجلين، فإني فزعت مما سمعت من معاذ. فحججت فلقيت الذي ولى موت أبي عبيدة بن الجراح

(هامش)

(1). بشير بن سعيد كان رئيس الخزرج. قتل في إمارة أبي بكر باليمن. وأسيد بن حضير بن سماك بن عتيك الأوسي الأنصاري الأشهلي كان رئيس الأوس. مات سنة 20، وهو ممن حمل الحطب إلى بيت فاطمة عليها السلام لإضرامه. فأصحاب الصحيفة لما يئسوا من سعد بن عبادة رئيس الأنصار أجمع تعاهدوا مع هذين اللذين كان كل واحد منهما رئيسا لنصف قبائل الأنصار. (*)

ص 347

وسالم مولى أبي حذيفة(1)، فقلت: أو لم يقتل سالم يوم اليمامة؟ قال: بلى، ولكن احتملناه وبه رمق. قال: فحدثني كل واحد منهما بمثله سواء، لم يزد ولم ينقص أنهما قالا كما قال معاذ. كلام أبي بكر عند الموت قال أبان: قال سليم: فحدثت بحديث ابن غنم هذا كله محمد بن أبي بكر. فقال: اكتم علي، وأشهد أن أبي عند موته قال مثل مقالتهم، فقالت عائشة: إن أبي ليهجر كلام عمر عند الموت قال محمد: فلقيت عبد الله بن عمر في خلافة عثمان فحدثته بما قال أبي عند موته وأخذت عليه العهد والميثاق ليكتمن علي. فقال لي ابن عمر: اكتم علي، فوالله لقد قال أبي مثل مقالة أبيك ما زاد ولا نقص. (2) ثم تداركها عبد الله بن عمر وتخوف أن أخبر بذلك علي بن أبي طالب عليه السلام، لما قد علم من حبي له وانقطاعي إليه، فقال: إنما كان أبي يهجر توثيق أمير المؤمنين عليه السلام لهذا الحديث فأتيت (3) أمير المؤمنين عليه السلام فحدثته بما سمعت من أبي وبما حدثنيه ابن عمر عن أبيه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: قد حدثني بذلك عن أبيه وعن أبيك وعن أبي عبيدة وعن سالم وعن معاذ من هو أصدق منك ومن ابن عمر. فقلت: من هو ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: بعض من يحدثني. قال: فعلمت من عنى. فقلت: صدقت يا أمير المؤمنين، إنما حسبت إنسانا حدثك، وما شهد أبي - وهو يقول هذا - غيري. (4)

(هامش)

(1). مات أبو عبيدة في سنة 18 الهجرية في مدينة حمص بالشام، وقتل سالم في سنة 12 في وقعة اليمامة. (2). راجع عن كلام عبد الله بن عمر عن أبيه: الحديث 11 من هذا الكتاب. (3). هذا من كلام محمد بن أبي بكر. (4). معناه: إني ظننت أولا أن الذي أخبرك عما جرى كان شخصا من الأشخاص، وحيث لم يكن عند قول أبي في ساعات موته أحدا غيري وأنت قلت (بعض من يحدثني) علمت أن الذي أخبرك لم يكن من البشر. (*)

ص 348

قال سليم: فقلت لعبد الرحمن بن غنم: مات معاذ بالطاعون، فبم مات أبو عبيدة بن الجراح؟ قال: بالدبيلة.(1) * 2 * بعض ما جرى عند موت أبي بكر فلقيت محمد بن أبي بكر فقلت: هل شهد موت أبيك غير أخيك عبد الرحمن وعائشة وعمر؟ قال: لا. قلت: وهل سمعوا منه ما سمعت؟ قال: سمعوا منه طرفا فبكوا وقالوا: يهجر. فأما كل ما سمعت أنا فلا. أبو بكر يشاهد رسول الله وعليا عليهما السلام عند الموت قلت: والذي سمعوا منه ما هو؟ قال: دعا بالويل والثبور، فقال له عمر: يا خليفة رسول الله، ما لك تدعو بالويل والثبور؟ قال: هذا رسول الله وعلي معه يبشرني بالنار ومعه الصحيفة التي تعاهدنا عليها في الكعبة وهو يقول: (لعمري لقد وفيت بها فظاهرت على ولي الله أنت وأصحابك، فأبشر بالنار في أسفل السافلين). فلما سمعها عمر خرج وهو يقول: إنه ليهجر. قال: لا والله ما أهجر، أين تذهب؟ قال عمر: أنت ثاني اثنين إذ هما في الغار. قال: الآن أيضا؟ أو لم أحدثك: أن محمدا - ولم يقل رسول الله - قال لي وأنا معه في الغار: (إني أرى سفينة جعفر وأصحابه تعوم في البحر). فقلت: أرنيها. فمسح وجهي فنظرت إليها فاستيقنت عند ذلك أنه

(هامش)

(1). الدبيلة مصغرة: الطاعون وخراج ودمل يظهر في الجوف ويقتل صاحبه غالبا. (*)

ص 349

ساحر(1) فذكرت لك ذلك بالمدينة فاجتمع رأيي ورأيك على أنه ساحر؟ فقال عمر: (يا هؤلاء إن أباكم يهجر فاخبوه واكتموا ما تسمعون منه لا يشمت بكم أهل هذا البيت). ثم خرج وخرج أخي وخرجت عائشة ليتوضأوا للصلاة، فأسمعني من قوله ما لم يسمعوا. إقرار أبي بكر بدخوله في تابوت جهنم فقلت له لما خلوت به: يا أبه، قل: (لا إله إلا الله). قال: (لا أقولها أبدا ولا أقدر عليها حتى أرد النار فأدخل التابوت. فلما ذكر التابوت ظننت أنه يهجر. فقلت له: أي تابوت؟ فقال: تابوت من نار مقفل بقفل من نار، فيه اثنا عشر رجلا، أنا وصاحبي هذا. قلت: عمر؟ قال: نعم، فمن أعني؟ وعشرة في جب في جهنم عليه صخرة إذا أراد الله أن يسعر جهنم رفع الصخرة. لعن عمر على لسان أبي بكر قلت: تهذي؟ قال: (لا والله ما أهذي. لعن الله ابن صهاك. هو الذي صدني عن الذكر بعد إذ جاءني فبئس القرين (2)، لعنه الله، الصق خدي بالأرض)، فألصقت خده بالأرض

(هامش)

(1). روي في البحار: ج 8 ص 109 ح 10 بأسناده عن خالد بن نجيح، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك، سمى رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر الصديق؟ قال: نعم. قلت: فكيف؟ قال: حين كان معه في الغار قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لأرى سفينة جعفر بن أبي طالب تضطرب في البحر ضالة. قال: يا رسول الله، وإنك لتراها؟ قال: نعم. قال: فتقدر أن ترينيها؟ فقال: ادن مني. قال: فدنا منه فمسح على عينيه، ثم قال: أنظر. فنظر أبو بكر فرآى السفينة وهي تضطرب في البحر. ثم نظر إلى قصور أهل المدينة. فقال في نفسه: الآن صدقت أنك ساحر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الصديق أنت (2). قال الله تعالى في سورة الفرقان: الآيات 31 - 27: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان = (*)

ص 350

فما زال يدعو بالويل والثبور حتى غمضته. ثم دخل علي عمر وقد غمضته، فقال: هل قال بعدي شيئا؟ فعرفته ما قال. فقال عمر: يرحم الله خليفة رسول الله، اكتمه فإن هذا هذيان، وأنتم أهل بيت معروف لكم في مرضكم الهذيان فقالت عائشة: صدقت وقالوا لي جميعا: لا يسمعن أحد منكم من هذا شيئا فيشمت به ابن أبي طالب وأهل بيته. قال سليم: فقلت لمحمد: من تراه حدث أمير المؤمنين عليه السلام عن هؤلاء الخمسة بما قالوا؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله، وإنه يراه في منامه كل ليلة، وحديثه إياه في المنام مثل حديثه إياه في الحياة واليقظة، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي في نوم ولا يقظة ولا بأحد من أوصيائي إلى يوم القيامة).

(هامش)

= للإنسان خذولا، وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا، وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا). وقال تعالى في سورة زخرف: الآيات 39 - 36: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين، وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون، حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين، ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون). وروي في الكافي - كتاب الروضة - ص 27 في حديث طويل بأسناده عن الإمام الباقر عليه السلام: أن أمير المؤمنين عليه السلام خطب الناس بالمدينة بعد سبعة أيام من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، وذلك حين فرغ من جمع القرآن وتأليفه، فقال:... ولئن تقمصها دوني الأشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا ولبئس ما لأنفسهما مهدا، يتلاعنان في دورهما ويتبرء كل واحد منهما من صاحبه. يقول لقرينه إذا التقيا: (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين). فيجيبه الأشقى على رثوثة: (يا ليتني لم أتخذك خليلا، لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا). فأنا الذكر الذي عنه ضل والسبيل الذي عنه مال والإيمان الذي به كفر والقرآن الذي إياه هجر والدين الذي به كذب والصراط الذي عنه نكب. ولئن رتعا في الحطام المنصرم والغرور المنقطع وكانا منه على شفا حفرة من النار، لهما على شر ورود في أخيب وفود وألعن مورود، يتصارخان باللعنة ويتناعقان بالحسرة، ما لهما من راحة ولا عن عذابهما من مندوحة... (*)

ص 351

قال سليم: فقلت لمحمد بن أبي بكر: من حدثك بهذا؟ قال: علي عليه السلام. فقلت: وأنا سمعته أيضا منه كما سمعت أنت. فقلت لمحمد: فلعل ملكا من الملائكة حدثه؟ قال: أو ذاك؟ قلت: وهل تحدث الملائكة إلا الأنبياء؟ قال: أما تقرأ القرآن: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث)؟(1) قال: قلت له: أمير المؤمنين عليه السلام محدث هو؟ قال: نعم، وكانت فاطمة عليها السلام محدثة ولم تكن نبية، ومريم كانت محدثة ولم تكن نبية، وأم موسى ما كانت نبية وكانت محدثة، وكانت سارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ولم تكن نبية. توثيق أمير المؤمنين عليه السلام لهذا الحديث مرة ثانية قال سليم: فلما قتل محمد بن أبي بكر بمصر ونعي عزيت به أمير المؤمنين عليه السلام (2) وخلوت به فحدثته بما حدثني به محمد بن أبي بكر وخبرته بما خبرني به

(هامش)

(1). سورة الحج: الآية 52، وفي المصحف: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته...) وقد ورد روايات متضافرة أنه في قراءة أهل البيت عليهم السلام: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث...) كما في المتن، وروى ابن شهرآشوب في المناقب: ج 3ص 336: أن ابن عباس أيضا قرأ: (ولا محدث) كما روى الصفار في بصائر الدرجات: ص 321 ح 8 عن قتادة أنه قرأ: (ولا محدث). راجع عن آية المحدث وبيان معناها بصائر الدرجات للصفار: ص 324 - 320، الكافي للكليني: ج 1 ص 176 و177 و270، الإختصاص للشيخ المفيد:ص 323، أمالي الطوسي: ج 2ص 21. وقد أورد العلامة الأميني في الغدير: ج 5 ص 42 بحثا إضافيا حول آية المحدث ومعنى المحدث عند الشيعة وغيرهم، ونقل عن القسطلاني في إرشاد الساري شرح صحيح البخاري: ج 6 ص 99 قراءة ابن عباس (... ولا نبي ولا محدث). وكذلك نقله عن أبي جعفر الطحاوي في مشكل الآثار: ج 2 ص 257 وعن القرطبي في تفسيره: ج 12ص 79. راجع أيضا البحار: ج 26 ص 66 ب 2. (2). ذكر في مجمع النورين للمرندي: ص 206 أن أمير المؤمنين عليه السلام جلس للتعزية بمحمد بن أبي بكر ثلاثة أيام لأنه ولده. (*)

ص 352

عبد الرحمن بن غنم، قال: صدق محمد رحمه الله، أما إنه شهيد حي يرزق.(1) خصائص الأئمة الاثني عشر عليهم السلام يا سليم، إن أوصيائي أحد عشر رجلا من ولدي أئمة هداة مهديون كلهم محدثون. قلت: يا أمير المؤمنين، ومن هم؟ قال: ابني هذا الحسن، ثم ابني هذا الحسين، ثم ابني هذا - وأخذ بيد ابن ابنه علي بن الحسين وهو رضيع - ثم ثمانية من ولده (2) واحدا بعد واحد. وهم الذين أقسم الله بهم فقال: (ووالد وما ولد) (3)، فالوالد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا، و(ما ولد) يعني هؤلاء الأحد عشر وصيا صلوات الله عليهم. قلت: يا أمير المؤمنين، فيجتمع إمامان؟ قال: نعم، إلا أن واحدا صامت لا ينطق حتى يهلك الأول. نقل لنا فقرة عن النسخة 68 من مخطوطات الكتاب، نوردها هنا لتناسبها مع هذا الحديث: موت أصحاب الصحيفة على الجاهلية هذا ما خطه بيده أبان عن لسان سليم: (إن القوم - وهم أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وأنس وسعد وعبد الرحمن بن عوف - شهدوا على أنفسهم عند مماتهم: أنهم ماتوا على ما مات عليه آبائهم في الجاهلية...).

(هامش)

(1). ليعلم أن محمد بن أبي بكر كان ربيب علي بن أبي طالب عليه السلام وخريجه وجاريا عنده مجرى أولاده، ورضيع الولاء والتشيع منذ زمن الصبا فنشأ عليه، فلم يكن يعرف أبا غير علي عليه السلام ولا يعتقد لأحد فضيلة غيره. (2). أي من ولد علي بن الحسين عليه السلام. (3). سورة البلد: الآية 3. (*)

ص 353

(38) افتراق الأمة إلى أهل حق وأهل باطل ومذبذبين

 

أبان عن سليم: قال: سمعت سلمان وأبا ذر والمقداد يقولون: إنا لقعود عند رسول الله صلى الله عليه وآله ما معنا غيرنا، إذ أقبل ثلاثة رهط من المهاجرين كلهم بدريون. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ستفترق أمتي بعدي ثلاث فرق: فرقة حق لا يشوبه شيء من الباطل، مثلهم كمثل الذهب الأحمر كلما سبكته على النار ازداد جودة وطيبا، إمامهم أحد هذه الثلاثة، وفرقة أهل باطل لا يشوبه شيئ من الحق، مثلهم كمثل خبث الحديد كلما فتنته بالنار ازداد خبثا ونتنا، إمامهم أحد هذه الثلاثة، وفرقة أخرى ضلال مذبذبون، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، إمامهم أحد هذه الثلاثة. فسألتهم عن الثلاثة، فقالوا: إمام الحق والهدى علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص إمام المذبذبين، وحرصت عليهم أن يسموا لي الثالث فأبوا علي وعرضوا لي(1) حتى عرفت من يعنون به. قال سليم: فحدثت أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة بما حدثني به سلمان وأبو ذر والمقداد من قول رسول الله صلى الله عليه وآله حين رآى الثلاثة من أهل بدر من المهاجرين من قريش مقبلين، قال: (تفترق أمتي بعدي ثلاث فرق) فسموك وسموا سعدا، والثالث لم يسموا إلا بالمعاريض حتى علمت من عنوا.

(هامش)

(1). أي لم يصرحوا باسمه وذكروه بالتعريض. (*)

ص 354

فقال عليه السلام: لا تلمهم يا سليم، فإن الأمة قد أشربت قلوبهم حبه كما أشربت قلوب بني إسرائيل حب العجل. يا سليم، أفي شك أنت فيه من هو؟ قال: قلت: بلى(1)، ولكن أحب أن تسميه لي وأسمعه منك فأزداد يقينا. قال: هو عتيق. أمر الولاية أشد خبرية من الذهب والفضة إن هذا الأمر الذي عرفكم الله ومن به عليكم أشد خبرية من الذهب والفضة، وأقل الأمة الذين يعرفونه، ولقد ماتت أم أيمن وإنها لمن أهل الجنة وما كانت تعرف ما عرفك الله (2)، فاحمد الله وخذ ما أعطاك الله وخصك به بشكر. واعلم أن الله تعالى يعطي الدنيا البر والفاجر، وإن هذا الأمر الذي أنت فيه إنما يعطيه الله صفوته من خلقه. إن أمرنا لا يعرفه إلا ثلاثة من الخلق: ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان. يا سليم، إن ملاك هذا الأمر الورع لأنه لا ينال ولايتنا إلا بالورع.

(هامش)

(1). أي بلى أعرفه ولا أشك فيه. (2). روي في البحار: ج 22 ص 265 ح 8 والكافي: ج 2 ص 405 عن أبي جعفر عليه السلام قال: أرأيت أم أيمن، فإني أشهد أنها من أهل الجنة، وما كانت تعرف ما أنتم عليه. (*)

ص 355

(39) غدير خم

 

أبو سعيد الخدري يروي بيعة الغدير أبان بن أبي عياش عن سليم، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا الناس بغدير خم، فأمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم، وكان ذلك يوم الخميس. ثم دعا الناس إليه وأخذ بضبع علي بن أبي طالب عليه السلام فرفعها حتى نظرت إلى بياض إبط رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله). قال أبو سعيد: فلم ينزل عن المنبر حتى نزلت هذه الآية: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).(1) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي وبولاية علي من بعدي. شعر حسان في غدير خم بشهادة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال حسان بن ثابت: يا رسول الله، ائذن لي لأقول في علي عليه السلام أبياتا. فقال صلى الله عليه وآله: قل على بركة الله. فقال حسان: يا مشيخة قريش، اسمعوا قولي بشهادة من رسول الله. ثم أنشأ يقول:

(هامش)

(1). سورة المائدة: الآية 3. (*)

ص 356

ألم تعلموا أن النبي محمدا * لدى دوح خم حين قام مناديا وقد جاء جبريل من عند ربه * بأنك معصوم فلا تك وانيا وبلغهم ما أنزل الله ربهم وإن * أنت لم تفعل وحاذرت باغيا عليك فما بلغتهم عن إلههم * رسالته إن كنت تخشى الأعاديا فقام به إذ ذاك رافع كفه * بيمنى يديه معلن الصوت عاليا فقال لهم: من كنت مولاه منكم * وكان لقولي حافظا ليس ناسيا فمولاه من بعدي علي وإنني * به لكم دون البرية راضيا فيا رب من والى عليا فواله * وكن للذي عادى عليا معاديا ويا رب فانصر ناصريه لنصرهم * إمام الهدى كالبدر يجلو الدياجيا ويا رب فاخذل خاذليه وكن لهم * إذا وقفوا يوم الحساب مكافيا نقل لنا فقرة عن النسخة 68 من مخطوطات الكتاب، نوردها هنا لتناسبها مع هذا الحديث: اعتراض أبي بكر وعمر في الغدير قام رسول الله صلى الله عليه وآله في وقت الظهيرة وأمر بنصب خيمة وأمر عليا عليه السلام أن يدخل فيها، وأول من أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله هما أبو بكر وعمر. فلم يقوما إلا بعد ما سألا رسول الله صلى الله عليه وآله: هل من أمر الله هذه البيعة؟ فأجابهما: نعم، من أمر الله جل وعلا، واعلما أن من نقض هذه البيعة كافر ومن لم يطع عليا كافر، فإن قول علي قولي وأمره أمري. فمن خالف قول علي وأمره فقد خالفني. وبعد ما أكد عليهم هذا الكلام أمرهم بالإسراع في البيعة. فقاما ودخلا على علي عليه السلام وبايعاه بإمرة المؤمنين. وقال عمر عند البيعة: بخ بخ لك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله سلمان وأبا ذر بالبيعة، فقاما ولم يقولا شيئا....

ص 357

(40) من خصال أمير المؤمنين عليه السلام

 

أبان عن سليم بن قيس قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: كانت لي من رسول الله صلى الله عليه وآله عشر خصال ما يسرني بإحديهن ما طلعت عليه الشمس وما غربت. فقيل له: بينها لنا يا أمير المؤمنين. فقال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي، أنت الأخ وأنت الخليل وأنت الوصي وأنت الوزير، وأنت الخليفة في الأهل والمال وفي كل غيبة أغيبها. ومنزلتك منى كمنزلتي من ربي، وأنت الخليفة في أمتي. وليك وليي وعدوك عدوي، وأنت أمير المؤمنين وسيد المسلمين من بعدي. أثر حب أهل البيت عليهم السلام في ثبات الإيمان ثم أقبل علي عليه السلام على أصحابه فقال: يا معشر الصحابة، والله ما تقدمت على أمر إلا ما عهد إلي فيه رسول الله صلى الله عليه وآله. فطوبى لمن رسخ حبنا أهل البيت في قلبه. ليكون الإيمان أثبت في قلبه من جبل أحد في مكانه، ومن لم تصر مودتنا في قلبه إنماث(1) الإيمان في قلبه كانمياث الملح في الماء. والله ثم والله، ما ذكر في العالمين ذكر أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مني، ولا صلى القبلتين كصلاتي. صليت صبيا ولم أرهق حلما.

(هامش)

(1). أي ذاب. (*)

ص 358

وهذه فاطمة بضعة من رسول الله صلى الله عليه وآله تحتي، هي في زمانها كمريم بنت عمران في زمانها. وأقول لكم الثالثة: إن الحسن والحسين سبطا هذه الأمة، وهما من محمد كمكان العينين من الرأس، وأما أنا فكمكان اليدين من البدن، وأما فاطمة فكمكان القلب من الجسد. مثلنا مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق.

ص 359

(41) كلمة رسول الله صلى الله عليه وآله الأخيرة عن الشيعة

 

أبان عن سليم، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله يوم توفي وقد أسندته إلى صدري وإن رأسه عند أذني، وقد أصغت المرأتان(1) لتسمعا الكلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم سد مسامعهما. ثم قال لي: يا علي، أرأيت قول الله تبارك وتعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) (2)، أتدري من هم؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنهم شيعتك وأنصارك، وموعدي وموعدهم الحوض يوم القيامة إذا جثت الأمم على ركبها وبدا لله تبارك وتعالى في عرض خلقه ودعا الناس إلى ما لا بد لهم منه. فيدعوك وشيعتك، فتجيئون غرا محجلين شباعا مرويين. يا علي، (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية) (3)، فهم اليهود وبنو أمية وشيعتهم، يبعثون يوم القيامة أشقياء جياعا عطاشى مسودة وجوههم.

(هامش)

(1). أي عائشة وحفصة. (2). سورة البينة: الآية 7. (3). سورة البينة: الآية 6. (*)

ص 360

يوجد في آخر نسخ (ب) و(د) من كتاب سليم هذه الزيادة: الأمر بحفظ الكتاب حتى ظهور الحق صن هذا الكتاب يا جابر(1)، فالملك لبني العباس حتى يختم بعباد الله ذو العين الآخرة (2) ويظهر ناد (3) بالحجاز ويخرب جامع الكوفة وما شيده الثاني بالفرات. وإذا هلك ملك الترك تميد (4) لسان الشام ويكثر الملوك ويظهر الحق والحمد لله.

(هامش)

(1). لعل هذا خطاب من الإمام المعصوم عليه السلام إلى جابر بن عبد الله أو جابر بن يزيد الجعفي يأمره بالاحتفاظ بكتاب سليم. هذا وإن بقية الكلام إخبار عن بعض الملاحم بصورة مجملة. (2). روى الشيخ الطوسي في الغيبة: ص 285 عن كعب الأحبار أنه قال: إذا ملك رجل من بني العباس يقال له (عبد الله)، وهو ذو العين، بها افتتحوا وبها يختمون، وهو مفتاح البلاء وسيف الفناء. (3). (ب): نار. (4). أي تضطرب. (*)

ص 361

(42)* 1 * احتجاجات عبد الله بن جعفر على معاوية

 

أبان عن سليم، قال: حدثني عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: كنت عند معاوية ومعنا الحسن والحسين وعنده عبد الله بن العباس والفضل بن العباس. فالتفت إلي معاوية فقال: يا عبد الله بن جعفر، ما أشد تعظيمك للحسن والحسين والله ما هما بخير منك ولا أبوهما خير من أبيك، ولولا أن فاطمة بنت رسول الله أمهما لقلت: ما أمك أسماء بنت عميس دونها فغضبت من مقالته وأخذني ما لم أملك معه نفسي، فقلت: والله إنك لقليل المعرفة بهما وبأبيهما وبأمهما. بل والله لهما خير مني ولأبوهما خير من أبي ولأمهما خير من أمي. يا معاوية، إنك لغافل عما سمعته أنا من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول فيهما وفي أبيهما وفي أمهما، قد حفظته ووعيته ورويته. قال معاوية: هات ما سمعت - وفي مجلسه الحسن والحسين وعبد الله بن عباس والفضل بن عباس وابن أبي لهب - فوالله ما أنت بكذاب ولا متهم. فقلت: إنه أعظم مما في نفسك. قال: وإن كان أعظم من أحد وحراء جميعا، فلست أبالي إذا لم يكن في المجلس أحد من أهل الشام وإذ قتل الله صاحبك وفرق جمعكم وصار الأمر في أهله ومعدنه فحدثنا فإنا لا نبالي ما قلتم ولا ما ادعيتم.

ص 362

بنو أمية الشجرة الملعونة في القرآن قلت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله - وقد سئل عن هذه الآية: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن)(1) - فقال: (إني رأيت اثني عشر رجلا من أئمة الضلالة يصعدون منبري وينزلون، يردون أمتي على أدبارهم القهقرى. فيهم رجلان من حيين من قريش مختلفين تيم وعدي، وثلاثة من بني أمية، وسبعة من ولد الحكم بن أبي العاص). وسمعته يقول: (إن بني أبي العاص إذا بلغوا ثلاثين رجلا جعلوا كتاب الله دخلا وعباد الله خولا ومال الله دولا). نص رسول الله صلى الله عليه وآله على الأئمة الاثني عشر عليهم السلام يا معاوية، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول - وهو على المنبر وأنا بين يديه وعمر بن أبي سلمة وأسامة بن زيد وسعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي وأبو ذر والمقداد والزبير بن العوام - وهو يقول: (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم)؟ فقلنا: بلى، يا رسول الله. قال: (أليس أزواجي أمهاتكم)؟ قلنا: بلى، يا رسول الله. قال: (من كنت مولاه فعلي مولاه - وضرب بيديه على منكب علي عليه السلام - اللهم وال من والاه وعاد من عاداه). (أيها الناس، أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ليس لهم معي أمر. وعلي من بعدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ليس لهم معه أمر. ثم ابني الحسن من بعد أبيه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ليس لهم معه أمر. ثم ابني الحسين من بعد أخيه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ليس لهم معه أمر). إخبار رسول الله صلى الله عليه وآله عن شهادة نفسه والأئمة عليهم السلام ثم عاد صلى الله عليه وآله فقال: (أيها الناس، إذا أنا استشهدت فعلي أولى بكم من أنفسكم، فإذا استشهد علي فابني الحسن أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم، فإذا استشهد ابني الحسن

(هامش)

(1). سورة الأسراء: الآية 60. (*)  

الصفحة السابقة الصفحة التالية

كتاب سليم بن قيس الهلالي

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب