كتاب سليم بن قيس الهلالي

الصفحة السابقة الصفحة التالية

كتاب سليم بن قيس الهلالي

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 363

فابني الحسين أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم، فإذا استشهد ابني الحسين فابني علي بن الحسين أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ليس لهم معه أمر). ثم أقبل على علي عليه السلام فقال: (يا علي، إنك ستدركه فاقرأه عني السلام. فإذا استشهد فابنه محمد أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم، وستدركه أنت يا حسين فاقرأه مني السلام. ثم يكون في عقب محمد رجال واحد بعد واحد وليس لهم معهم أمر). ثم أعادها ثلاثا ثم قال: (وليس منهم أحد إلا وهو أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ليس معه أمر، كلهم هادون مهتدون تسعة من ولد الحسين). فقام إليه علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يبكي، فقال: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، أتقتل؟ قال: (نعم، أهلك شهيدا بالسم، وتقتل أنت بالسيف وتخضب لحيتك من دم رأسك، ويقتل ابني الحسن بالسم، ويقتل ابني الحسين بالسيف، يقتله طاغي بن طاغي، دعي بن دعي، منافق بن منافق. هلاك أبي بكر وعمر وعثمان بتقرير معاوية فقال معاوية: يا بن جعفر، لقد تكلمت بعظيم ولئن كان ما تقول حقا لقد هلكت وهلك الثلاثة قبلي وجميع من تولاهم من هذه الأمة، ولقد هلكت أمة محمد وأصحاب محمد من المهاجرين والأنصار غيركم أهل البيت وأوليائكم وأنصاركم. فقلت: والله إن الذي قلت حق سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال معاوية: يا حسن ويا حسين ويا بن عباس، ما يقول ابن جعفر؟ فقال ابن عباس: إن لا تؤمن بالذي قال فأرسل إلى الذين سماهم فاسألهم عن ذلك. فأرسل معاوية إلى عمر بن أبي سلمة وإلى أسامة بن زيد فسألهما، فشهدا أن الذي قال عبد الله بن جعفر قد سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله كما سمعه. وكان هذا بالمدينة أول سنة جمعت الأمة على معاوية.

ص 364

قال سليم: وسمعت ابن جعفر يحدث بهذا الحديث في زمان عمر بن الخطاب. الحجج المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام فقال معاوية: يا بن جعفر، قد سمعناه في الحسن والحسين وفي أبيهما، فما سمعت في أمهما؟ - ومعاوية كالمستهزء والمنكر -. فقلت: بلى، قد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (ليس في جنة عدن منزل أشرف ولا أفضل ولا أقرب إلى عرش ربي من منزلي. نحن فيه أربعة عشر إنسانا، أنا وأخي علي وهو خيرهم وأحبهم إلي، وفاطمة وهي سيدة نساء أهل الجنة، والحسن والحسين وتسعة أئمة من ولد الحسين. فنحن فيه أربعة عشر إنسانا في منزل واحد أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا، هداة مهديين. أنا المبلغ عن الله وهم المبلغون عني وعن الله عز وجل. وهم حجج الله تبارك وتعالى على خلقه وشهدائه في أرضه وخزانه على علمه ومعادن حكمه. من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله. لا تبقى الأرض طرفة عين إلا ببقائهم، ولا تصلح الأرض إلا بهم. يخبرون الأمة بأمر دينهم وبحلالهم وحرامهم. يدلونهم على رضى ربهم وينهونهم عن سخطه بأمر واحد ونهي واحد، ليس فيهم اختلاف ولا فرقة ولا تنازع. يأخذ آخرهم عن أولهم إملائي وخط أخي علي بيده، يتوارثونه إلى يوم القيامة. أهل الأرض كلهم في غمرة وغفلة وتيه وحيرة غيرهم وغير شيعتهم وأوليائهم. لا يحتاجون إلى أحد من الأمة في شيئ من أمر دينهم، والأمة تحتاج إليهم. وهم الذين عنى الله في كتابه(1) وقرن طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله فقال: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). (2)

(هامش)

(1). (ج): عنى الله في كتابه. فلم يدع آية نزلت فيهم من القرآن إلا ذكرها. (2). سورة النساء: الآية 59. (*)

ص 365

قال: فأقبل معاوية على الحسن والحسين وابن عباس والفضل بن عباس وعمر بن أبي سلمة وأسامة بن زيد، فقال: كلكم على ما قال ابن جعفر؟ فقالوا: نعم. قال: يا بني عبد المطلب، إنكم لتدعون أمرا عظيما وتحتجون بحجج قوية إن كانت حقا. وإنكم لتضمرون على أمر تسرونه والناس عنه في غفلة عمياء. ولئن كان ما تقولون حقا لقد هلكت الأمة وارتدت عن دينها وتركت عهد نبينا غيركم أهل البيت ومن قال بقولكم فأولئك في الناس قليل. * 2 * احتجاجات ابن عباس على معاوية فأقبل ابن عباس على معاوية فقال: قال الله عز وجل في كتابه: (وقليل من عبادي الشكور)(1)، ويقول: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (2)، ويقول: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم) (3)، ويقول لنوح: (وما آمن معه إلا قليل). (4) وتعجب من ذلك يا معاوية؟ وأعجب من أمرنا أمر بني إسرائيل. إن السحرة قالوا لفرعون: (اقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا برب العالمين). (5) فآمنوا بموسى وصدقوه واتبعوه. فسار بهم وبمن تبعه من بني إسرائيل فأقطعهم البحر

(هامش)

(1). سورة سبأ: الآية 13. (2). سورة يوسف: الآية 103. (3). سورة ص: الآية 24. (4). سورة هود: الآية 40. وقوله (يقول لنوح) أي قال لقصة نوح مع قومه لا أن الخطاب إلى نوح. (5). سورة طه: الآية 72. (*)

ص 366

وأراهم الأعاجيب وهم يصدقون به وبالتوراة يقرون له بدينه، فمر بهم على قوم يعبدون أصناما لهم، فقالوا: (يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة)(1)، ثم اتخذوا العجل فعكفوا عليه جميعا غير هارون وأهل بيته، وقال لهم السامري: (هذا إلهكم وإله موسى) (2)، ثم قال لهم بعد ذلك: (ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم). (3) فكان من جوابهم ما قص الله في كتابه: (إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها، فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) (4)، حتى قال موسى: (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) (5)، ثم قال: (فلا تأس على القوم الفاسقين). (6) فاحتذت هذه الأمة ذلك المثال سواء. وقد كانت لهم فضائل وسوابق مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومنازل منه قريبة، ومقرين بدين محمد والقرآن حتى فارقهم نبيهم فاختلفوا وتفرقوا وتحاسدوا وخالفوا إمامهم ووليهم حتى لم يبق منهم على ما عاهدوا عليه نبيهم غير صاحبنا الذي هو من نبينا بمنزلة هارون من موسى ونفر قليل لقوا الله عز وجل على دينهم وإيمانهم، ورجع الآخرون القهقرى على أدبارهم، كما فعل أصحاب موسى عليه السلام باتخاذهم العجل وعبادتهم إياه وزعمهم أنه ربهم وإجماعهم عليه غير هارون وولده ونفر قليل من أهل بيته. ونبينا صلى الله عليه وآله قد نصب لأمته أفضل الناس وأولاهم وخيرهم بغدير خم وفي غير موطن. واحتج عليهم به وأمرهم بطاعته، وأخبرهم أنه منه بمنزلة هارون من موسى، وأنه ولي كل مؤمن بعده، وأن كل من كان هو وليه فعلي وليه ومن كان هو أولى به من نفسه فعلي

(هامش)

(1). سورة الأعراف: الآية 138. (2). سورة طه: الآية 88. (3). سورة المائدة: الآية 21. (4). سورة المائدة: الآية 22. (5). سورة المائدة: الآية 25. (6). سورة المائدة: الآية 26. (*)

ص 367

أولى به من نفسه، وأنه خليفته فيهم ووصيه، وأن من أطاعه أطاع الله ومن عصاه عصى الله ومن والاه والى الله ومن عاداه عادى الله. فأنكروه وجهلوه وتولوا غيره. رسول الله صلى الله عليه وآله لم يرض بانتخاب الناس في الخلافة يا معاوية(1)، أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله حين بعث إلى مؤتة أمر عليهم جعفر بن أبي طالب، ثم قال: (إن هلك جعفر بن أبي طالب فزيد بن حارثة، فإن هلك زيد فعبد الله بن رواحة)، ولم يرض لهم أن يختاروا لأنفسهم، أفكان يترك أمته لا يبين لهم خليفته فيهم؟ بلى والله، ما تركهم في عمياء ولا شبهة، بل ركب القوم ما ركبوا بعد البينة وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله فهلكوا وهلك من شايعهم وضلوا وضل من تابعهم، فبعدا للقوم الظالمين. فقال معاوية: يا بن عباس، إنك لتتفوه بعظيم، والاجتماع عندنا خير من الاختلاف، وقد علمت أن الأمة لم تستقم على صاحبك.

(هامش)

(1). من هنا إلى قوله: (شهادة أن لا إله إلا الله...) في (ج) هكذا: وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله جعفرا إلى مؤتة فقال: (وليت عليكم جعفرا، إن هلك جعفر بن أبي طالب فزيد بن حارثة، فإن هلك زيد فعبد الله بن رواحة)، فقتلوا جميعا. ثم يترك أمته لا يبين لهم من خلفائه من بعده؟ يأمرهم باتباع خيرهم وأعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه ويتركهم يختارون لأنفسهم؟ إذا لكان رأيهم لأنفسهم أهدى لهم وأرشد من رأيه واختياره لهم وما ركب القوم ما ركبوا إلا بعد البينة والحجة، وما تركهم رسول الله صلى الله عليه وآله في عمياء ولا شبهة. وإنما هلك أولئك الأربعة الذين تظاهروا على علي عليه السلام وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (لم يكن الله ليجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة)، فشبهوا على الناس بشهادتهم وكذبهم. فقال معاوية: ما تقول يا حسن؟ فقال عليه السلام: يا معاوية، قد سمعت ما قال ابن جعفر وما قال ابن عباس. والعجب منك يا معاوية ومن قلة حيائك وجرأتك على الله أن تقول: (قد قتل الله طاغيتكم ورد الأمر إلى معدنه) فأنت يا معاوية معدن الخلافة دوننا؟ الويل لك ولثلاثة قبلك الذين أجلسوك هذا المجلس وسنوا لك هذه السنة. لأقولن لك قولا ما أريد بذلك إلا أن يسمعه هؤلاء الذين حولي: إن الناس قد اجتمعوا على أشياء كثيرة وليس بينهم فيها اختلاف. اجتمعوا على شهادة أن لا إله إلا الله.... (*)

ص 368

فقال ابن عباس: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (ما اختلف أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها)، وإن هذه الأمة اجتمعت على أمور كثيرة ليس بينها اختلاف ولا منازعة ولا فرقة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والصلوات الخمس والزكاة المفروضة وصوم شهر رمضان وحج البيت وأشياء كثيرة من طاعة الله، واجتمعوا على تحريم الخمر والزنا والسرقة وقطع الأرحام والكذب والخيانة وأشياء كثيرة من معاصي الله. واختلفت في شيئين: أحدهما اقتتلت عليه وتفرقت فيه وصارت فرقا يلعن بعضها بعضا ويبرء بعضها من بعض، والثاني لم تقتتل عليه ولم تتفرق فيه ووسع بعضهم فيه لبعض وهو كتاب الله وسنة نبيه، وما يحدث زعمت أنه ليس في كتاب الله ولا سنة نبيه. وأما الذي اختلفت فيه وتفرقت وتبرأت بعضها من بعض فالملك والخلافة زعمت أنها أحق بهما من أهل بيت نبي الله صلى الله عليه وآله. فمن أخذ بما ليس فيه بين أهل القبلة اختلاف ورد علم ما اختلفوا فيه إلى الله فقد سلم ونجا من النار ولم يسأله الله عما أشكل عليه من الخصلتين اللتين اختلفت فيهما. ومن وفقه الله ومن عليه ونور قلبه وعرفه ولاة الأمر ومعدن العلم أين هو، فعرف ذلك كان سعيدا ولله وليا. وكان نبي الله صلى الله عليه وآله يقول: (رحم الله عبدا قال حقا فغنم، أو سكت فسلم). جميع العلم عند أهل البيت عليهم السلام فالأئمة من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومنزل الكتاب ومهبط الوحي ومختلف الملائكة، لا تصلح إلا فيها لأن الله خصها وجعلها أهلا في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وآله. فالعلم فيهم وهم أهله، وهو عندهم كله بحذافيره، باطنه وظاهره ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه.

ص 369

جمع وحفظ القرآن يا معاوية، إن عمر بن الخطاب أرسلني في إمارته(1) إلى علي بن أبي طالب عليه السلام: (إني أريد أن أكتب القرآن في مصحف، فابعث إلينا ما كتبت من القرآن). فقال عليه السلام: تضرب والله عنقي قبل أن تصل إليه. فقلت: ولم؟ قال عليه السلام (2): لأن الله يقول: (لا يمسه إلا المطهرون) (3)، يعني لا يناله كله إلا المطهرون. إيانا عنى، نحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا. وقال: (وأورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (4)، فنحن الذين اصطفانا الله من عباده ونحن صفوة الله ولنا ضربت الأمثال وعلينا نزل الوحي. قال: فغضب عمر وقال: إن ابن أبي طالب يحسب أنه ليس عند أحد علم غيره فمن كان يقرأ من القرآن شيئا فليأتنا به فكان إذا جاء رجل بقرآن فقرأه ومعه آخر كتبه، وإلا لم يكتبه. فمن قال - يا معاوية - إنه ضاع من القرآن شيئ فقد كذب، هو عند أهله مجموع محفوظ. أول إعلان رسمي عن إعمال الرأي في دين الله ثم أمر عمر قضاته وولاته فقال: (اجتهدوا رأيكم واتبعوا ما ترون أنه الحق) فلم يزل هو وبعض ولاته وقد وقعوا في عظيمة، فكان علي بن أبي طالب عليه السلام يخبرهم بما يحتج به عليهم. وكان عماله وقضاته يحكمون في شيئ واحد بقضايا مختلفة فيجيزها لهم، لأن الله لم يؤته الحكمة وفصل الخطاب.

(هامش)

(1). راجع عن طلب عمر قرآن أمير المؤمنين عليه السلام: الحديث 4 من هذا الكتاب. (2). زاد في الإحتجاج هنا: قال: لأن الله تعالى قال: (والراسخون في العلم)، إيانا عنى ولم يعنك ولا أصحابك. (3). سورة الواقعة: الآية 79. (4). سورة فاطر: الآية 32. (*)

ص 370

وزعم كل صنف من أهل القبلة أنهم معدن العلم والخلافة دونهم فبالله نستعين على من جحدهم حقهم وسن للناس ما يحتج به مثلك عليهم. حسبنا الله ونعم الوكيل. الناس تجاه أهل البيت عليهم السلام ثلاثة إنما الناس ثلاثة: مؤمن يعرف حقنا ويسلم لنا ويأتم بنا، فذلك ناج نجيب لله ولي، وناصب لنا العداوة يتبرأ منا ويلعننا ويستحل دمائنا ويجحد حقنا ويدين بالبراءة منا، فهذا كافر به مشرك ملعون، ورجل آخذ بما لا يختلفون فيه ورد علم ما أشكل عليه إلى الله من ولايتنا ولم يعادنا، فنحن نرجو له فأمره إلى الله. فلما سمع ذلك معاوية أمر للحسن والحسين عليهما السلام بألف ألف درهم، لكل واحد بخمسمائة ألف.

ص 371

(43) خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في وصف المتقين

 

وعن أبان بن أبي عياش عن سليم، قال: قام رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يقال له (همام)(1) - وكان عابدا مجتهدا - فقال: يا أمير المؤمنين، صف لي المؤمنين كأني أنظر إليهم. فتثاقل أمير المؤمنين عليه السلام عن جوابه، ثم قال: يا همام، اتق الله وأحسن، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. فقال له همام: أسألك بالذي أكرمك وخصك وحباك وفضلك بما آتاك لما وصفتهم لي. فقام أمير المؤمنين عليه السلام على رجليه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم، ثم قال: أما بعد، فإن الله خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم، لأنه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه منهم. فقسم بينهم معايشهم ووضعهم من الدنيا مواضعهم. وإنما أهبط آدم إليها عقوبة لما صنع حيث نهاه الله فخالفه وأمره فعصاه. المؤمن في الدنيا فالمؤمنون فيها هم أهل الفضائل، منطقهم الصواب وملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع. خضعوا لله بالطاعة فمضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم، واقفين

(هامش)

(1). هو همام بن شريح بن زيد بن مرة بن عمرو. راجع البحار: ج 67ص 317، ج 68 ص 192 و196. (*)

ص 372

أسماعهم على العلم. نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت في الرخاء، رضى عن الله بالقضاء. لولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين، شوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب. عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم. المؤمن والجنة والنار فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون. قلوبهم محزونة، وحدودهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحوائجهم خفيفة وأنفسهم عفيفة، ومعونتهم في الإسلام عظيمة. صبروا أياما قصارا أعقبتهم راحة طويلة. تجارة مربحة يسرها لهم رب كريم. أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها. المؤمن في يومه ليلته أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا يحزنون به أنفسهم ويستثيرون به دواء دائهم، وتهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ووجع كلوم(1) جوانحهم. فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا وتطلعت إليها أنفسهم شوقا فظنوا أنها نصب أعينهم، حافين على أوساطهم، يمجدون جبارا عظيما، مفترشين جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم من النار. وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم، واقشعرت منها جلودهم ووجلت منها قلوبهم وظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم.

(هامش)

(1). جمع الكلم بمعنى الجرح. (*)

ص 373

وأما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء، برأهم الخوف فهم أمثال القداح(1)، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض، أو قد خولطوا، قد خالط القوم أمر عظيم. إذا ذكروا عظمة الله وشدة سلطانه مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة، فزع ذلك قلوبهم وطاشت له حلومهم وذهلت عنهم عقولهم واقشعرت منها جلودهم. وإذا استفاقوا من ذلك بادروا إلى الله بالأعمال الزكية، لا يرضون لله بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل. علامات المؤمن الظاهرية فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون. إن زكي أحدهم خاف مما يقولون وقال: (أنا أعلم بنفسي من غيري، وربي أعلم بي من غيري. اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون، فإنك علام الغيوب وساتر العيوب). ومن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في يقين، وحرصا على علم، وفهما في فقه، وعلما في حلم، وشفقة في نفقة، وكيسا في رفق، وقصدا في غنى، وخشوعا في عبادة، وتحملا في فاقة، وصبرا في شدة، ورحمة للمجهود (2)، وإعطاء في حق، ورفقا في كسب، وطيبا في الحلال، ونشاطا في الهدى، وتحرجا عن الطمع، وبرا في استقامة، واعتصاما عند شهوة. علامات المؤمن الباطنية لا يغره ثناء من جهله ولا يدع إحصاء عمله، مستبطأ لنفسه في العمل، يعمل الأعمال الصالحة.

(هامش)

(1). برأهم الخوف كالقداح أي جعلهم الخوف كالسهام، والقداح هو السهم قبل أن ينصل ويراش. (2). المجهود: الطاقة والاستطاعة. (*)

ص 374

وهو رجل يمسي وهمه الشكر ويصبح وشغله الذكر. يبيت حذرا ويصبح فرحا، حذرا لما حذر وفرحا لما أصاب من الفضل والرحمة. وإن استصعب عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما إليه بشره. ففرحه فيما يخلد ويطول، وقرة عينه فيما لا يزول. رغبته فيما يبقى وزهادته فيما يفنى. يمزج الحلم بالعلم والعلم بالعقل. تراه بعيدا كسله، دائما نشاطه، قريبا أمله، قليلا زلله، متوقعا أجله، خاشعا قلبه، قانعة نفسه، متغيبا جهله، سهلا أمره، حريزا لدينه، ميتة شهوته، مكظوما غيظه، صافيا خلقه، آمنا منه جاره، ضعيفا كبره، قانعا بالذي قدر له، متينا صبره، محكما أمره، كثيرا ذكره. لا يحدث بما اؤتمن عليه الأصدقاء، ولا يكتم شهادة الأعداء، ولا يعمل شيئا من الحق رياء ولا يتركه حياء. الخير منه مأمول، والشر منه مأمون. يعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه ويصل من قطعه. لا يعزب حلمه ولا يعجل فيما يريبه، ويصفح عما تبين له. بعيد جهله، لين قوله، عائب منكره، قريب معروفه، صادق قوله، حسن فعله، مقبل خيره، مدبر شره. وهو في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور. المؤمن والناس لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيما يحب، ولا يدعى ما ليس له، ولا يجحد حقا هو عليه. يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه. لا يضيع ما استحفظ عليه، ولا ينابز بالألقاب، ولا يبغي على أحد، ولا يهم بالحسد، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصائب. مؤد للأمانات، سريع إلى الصلوات، بطيئ عن المنكرات، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. لا يدخل في الأمور بجهل ولا يخرج من الحق بعجز.

ص 375

إن صمت لم يغمه الصمت، وإن نطق لم يقل خطأ، وإن ضحك لم يعل صوته. قانع بالذي قدر له. لا يجمح به الغيظ ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشح، ولا يطمع فيما ليس له. يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ويتجر ليغنم، ويبحث ليعلم. لا ينصت للخير ليفخر به، ولا يتكلم ليتجبر على من سواه. نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة. أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من نفسه. إن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو المنتصر له. بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة. ليس تباعده تكبرا ولا عظمة، ولا دنوه خديعة ولا خلابة، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير. فهو إمام لمن خلفه من أهل البر. تأثير خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في همام قال: فصاح همام صيحة، ثم وقع مغشيا عليه. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما والله لقد كنت أخافها عليه، وقال: (هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها). فقال له قائل: فما بالك أنت يا أمير المؤمنين؟ قال: لكل أجل لن يعدوه وسبب لا يجاوزه. فمهلا لا تعد، فإنما نفث على لسانك الشيطان. ثم رفع همام رأسه فصعق صعقة وفارق الدنيا، رحمه الله.

ص 376

(44) قوله صلى الله عليه وآله: (سلوني عما بدا لكم)

 

أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، عن سلمان وأبي ذر والمقداد: إن نفرا من المنافقين اجتمعوا فقالوا: إن محمدا ليخبرنا عن الجنة وما أعد الله فيها من النعيم لأوليائه وأهل طاعته، وعن النار وما أعد الله فيها من الأنكال والهوان لأعدائه وأهل معصيته. فلو أخبرنا عن آبائنا وأمهاتنا ومقعدنا في الجنة والنار، فعرفنا الذي يبنى عليه في العاجل والآجل فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، فأمر بلالا فنادى بالصلاة جامعة. فاجتمع الناس حتى غص المسجد وتضايق بأهله. فخرج مغضبا حاسرا عن ذراعيه وركبتيه حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، أنا بشر مثلكم أوحى إلي ربي، فاختصني برسالته واصطفاني لنبوته وفضلني على جميع ولد آدم وأطلعني على ما شاء من غيبه. فاسألوني عما بدا لكم. فوالذي نفسي بيده لا يسألني رجل منكم عن أبيه وأمه وعن مقعده من الجنة والنار إلا أخبرته. هذا جبرئيل عن يميني يخبرني عن ربي فاسألوني. سؤال الناس عن أنسابهم وعن الجنة والنار فقام رجل مؤمن يحب الله ورسوله، فقال: يا نبي الله، من أنا؟ قال: أنت عبد الله بن جعفر، فنسبه إلى أبيه الذي كان يدعى به، فجلس قريرة عينه.

ص 377

ثم قام منافق مريض القلب مبغض لله ولرسوله فقال: يا رسول الله، من أنا؟ قال: أنت فلان بن فلان راع لبني عصمة وهم شر حي في ثقيف، عصوا الله فأخزاهم. فجلس وقد أخزاه الله وفضحه على رؤوس الأشهاد، وكان قبل ذلك لا يشك الناس أنه صنديد من صناديد قريش وناب من أنيابهم ثم قام ثالث منافق مريض القلب، فقال: يا رسول الله، أفي الجنة أنا أم في النار؟ قال: في النار ورغما فجلس وقد أخزاه الله وفضحه على رؤوس الأشهاد. فقام عمر بن الخطاب فقال: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبك يا رسول الله نبيا، ونعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله. اعف عنا يا رسول الله عفا الله عنك، واستر سترك الله. فقال صلى الله عليه وآله: عن غير هذا - أو تطلب سواه(1) - يا عمر. فقال: يا رسول الله، العفو عن أمتك. خلق رسول الله وعلي عليهما السلام فقام علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا رسول الله، انسبني من أنا، ليعرف الناس قرابتي منك. فقال: يا علي، خلقت أنا وأنت من عمودين من نور معلقين من تحت العرش، يقدسان الملك (2) من قبل أن يخلق الخلق بألفي عام. ثم خلق من ذينك العمودين نطفتين بيضاوين ملتويتين. ثم نقل تلك النطفتين في الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الزكية الطاهرة، حتى جعل نصفها في صلب عبد الله ونصفها في صلب أبي طالب. فجزء أنا وجزء أنت، وهو قول الله عز وجل: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا

(هامش)

(1). الظاهر أن المراد: عن غير هذا كنت تسأل، أو قال: (كنت تطلب سواه). ولعل كلا الجملتين معطوفتان للتوضيح لا من ترديد الراوي. (2). أي الله تعالى. (*)

ص 378

وصهرا وكان ربك قديرا).(1) علي عليه السلام السبب بين الله وخلقه يا علي، أنت مني وأنا منك. سيط (2) لحمك بلحمي ودمك بدمي. وأنت السبب فيما بين الله وبين خلقه بعدي. فمن جحد ولايتك قطع السبب الذي فيما بينه وبين الله وكان ماضيا في الدركات. يا علي، ما عرف الله إلا بي ثم بك. من جحد ولايتك جحد الله ربوبيته يا علي، أنت علم الله بعدي الأكبر في الأرض، وأنت الركن الأكبر في القيامة. فمن استظل بفيئك كان فائزا، لأن حساب الخلائق إليك ومآبهم إليك، والميزان ميزانك والصراط صراطك والموقف موقفك والحساب حسابك. فمن ركن إليك نجا، ومن خالفك هوى وهلك. اللهم اشهد، اللهم اشهد. ثم نزل صلى الله عليه وآله.

(هامش)

(1). سورة الفرقان: الآية 54. (2). أي اختلط. (*)

ص 379

(45) كلمة رسول الله صلى الله عليه وآله عن علي والأئمة عليهم السلام

 

أبان عن سليم عن سلمان، قال: كانت قريش إذا جلست في مجالسها فرأت رجلا من أهل البيت قطعت حديثها. فبينما هي جالسة إذ قال رجل منهم: (ما مثل محمد في أهل بيته إلا كمثل نخلة نبتت في كناسة) فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فغضب، ثم خرج فأتى المنبر فجلس عليه حتى اجتمع الناس، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله. قال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، ثم مضى في نسبه حتى انتهى إلى نزار.(1) خلق أهل البيت عليهم السلام ونسبهم ثم قال: ألا وإني وأهل بيتي كنا نورا نسعى بين يدي الله قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام، وكان ذلك النور إذا سبح سبحت الملائكة لتسبيحه. فلما خلق آدم وضع ذلك النور في صلبه ثم أهبط إلى الأرض في صلب آدم. ثم حمله في السفينة في صلب نوح، ثم قذفه في النار في صلب إبراهيم. ثم لم يزل ينقلنا في أكارم الأصلاب حتى أخرجنا من أفضل المعادن محتدا (2) وأكرم المغارس منبتا بين الآباء والأمهات، لم يلتق أحد منهم على سفاح قط.

(هامش)

(1) راجع عن نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وأسماء آبائه: الحديث 14 من هذا الكتاب. (2) أي أخلصهما أصلا. (*)

ص 380

ألا ونحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة: أنا وعلي وجعفر وحمزة والحسن والحسين وفاطمة والمهدي. اختار الله محمدا وعليا والأئمة عليهم السلام حججا ألا وإن الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختار منهم رجلين: أحدهما أنا فبعثني رسولا ونبيا، والآخر علي بن أبي طالب، وأوحى إلي أن أتخذه أخا وخليلا ووزيرا ووصيا وخليفة. ألا وإنه ولي كل مؤمن بعدي، من والاه والاه الله ومن عاداه عاداه الله. لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر. هو زر الأرض بعدي وسكنها، وهو كلمة الله التقوى وعروته الوثقى. (يريدون أن يطفؤوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون).(1) ألا وإن الله نظر نظرة ثانية فاختار بعدنا اثني عشر وصيا (2) من أهل بيتي، فجعلهم خيار أمتي واحدا بعد واحد، مثل النجوم في السماء، كلما غاب نجم طلع نجم. هم أئمة هداة مهتدون لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم. هم حجج الله في أرضه، وشهدائه على خلقه، وخزان علمه، وتراجمة وحيه، ومعادن حكمته. من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله. هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه حتى يردوا علي الحوض. فليبلغ الشاهد الغائب. اللهم اشهد، اللهم اشهد - ثلاث مرات -.

(هامش)

(1). إشارة إلى سورة الصف: الآية 8، وفي القرآن: (ليطفؤوا). (2). إن التصحيف إما في (بعدنا) وأنه كان في الأصل (بعدي)، أو في (اثني عشر) وأنه كان في الأصل (أحد عشر). (*)

ص 381

( 46 ) أعظم مناقب أمير المؤمنين عليه السلام على لسان أبي ذر والمقداد

 

أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، قال: قلت لأبي ذر: حدثني رحمك الله بأعجب ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في علي بن أبي طالب عليه السلام. طاعة علي عليه السلام والبراءة من أعدائه عند الملائكة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (إن حول العرش لتسعين ألف ملك ليس لهم تسبيح ولا عبادة إلا الطاعة لعلي بن أبي طالب والبراءة من أعدائه والاستغفار لشيعته). قلت: فغير هذا، رحمك الله. قال: سمعته يقول: (إن الله خص جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بطاعة علي والبراءة من أعدائه والاستغفار لشيعته). احتجاج الله على الأمم السالفة بعلي عليه السلام قلت: فغير هذا رحمك الله. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (لم يزل الله يحتج بعلي في كل أمة فيها نبي مرسل، وأشدهم معرفة لعلي أعظمهم درجة عند الله). علي عليه السلام الستر والحجاب بين الله وبين خلقه قلت: فغير هذا، رحمك الله. قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (لولا أنا وعلي ما عرف الله، ولولا أنا وعلي ما عبد الله، ولولا أنا وعلي ما كان ثواب ولا عقاب. ولا يستر عليا عن الله ستر، ولا يحجبه عن الله حجاب، وهو الستر والحجاب فيما بين الله وبين خلقه).

ص 382

ولاية علي عليه السلام تطهير للقلب قال سليم: ثم سألت المقداد فقلت: حدثني - رحمك الله - بأفضل ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في علي بن أبي طالب. قال: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الله توحد بملكه، فعرف أنواره نفسه(1)، ثم فوض إليهم أمره وأباحهم جنته. فمن أراد أن يطهر قلبه من الجن والأنس عرفه ولاية علي بن أبي طالب، ومن أراد أن يطمس على قلبه أمسك عنه معرفة علي بن أبي طالب. منزلة الأنبياء عليهم السلام بالإقرار للنبي وعلي عليهما السلام والذي نفسي بيده، ما استوجب آدم أن يخلقه الله وينفخ فيه من روحه وأن يتوب عليه ويرده إلى جنته إلا بنبوتي والولاية لعلي بعدي. والذي نفسي بيده، ما أري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ولا اتخذه خليلا إلا بنبوتي والإقرار لعلي بعدي. والذي نفسي بيده، ما كلم الله موسى تكليما ولا أقام عيسى آية للعالمين إلا بنبوتي ومعرفة علي بعدي. والذي نفسي بيده، ما تنبأ نبي قط إلا بمعرفته والإقرار لنا بالولاية، ولا استأهل خلق من الله النظر إليه إلا بالعبودية له والإقرار لعلي بعدي. ثم سكت، فقلت: فغير هذا رحمك الله. علي عليه السلام الموكل بحساب الأمة قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (علي ديان هذه الأمة والشاهد عليها

(هامش)

(1). المراد من الأنوار المعصومون عليهم السلام ظاهرا أي عرفهم الله نفسه. (*)

ص 383

والمتولي لحسابها. وهو صاحب السنام الأعظم وطريق الحق الأبهج السبيل، وصراط الله المستقيم. به يهتدى بعدي من الضلالة ويبصر به من العمى. به ينجو الناجون ويجار من الموت ويؤمن من الخوف، ويمحى به السيئات ويدفع الضيم وينزل الرحمة. وهو عين الله الناظرة، وأذنه السامعة، ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة على عباده بالرحمة، ووجهه في السماوات والأرض وجنبه الظاهر اليمين، وحبله القوي المتين، وعروته الوثقى التي لا انفصام لها، وبابه الذي يؤتى منه، وبيته الذي من دخله كان آمنا. وعلمه على الصراط في بعثه. من عرفه نجا إلى الجنة ومن أنكره هوى إلى النار.

ص 384

(47) ولاية علي عليه السلام هي الفارق بين الإيمان والكفر

 

وعنه عن سليم بن قيس، قال: سمعت سلمان الفارسي يقول: إن عليا باب فتحه الله، من دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا.(1)

(هامش)

(1). أورد الطبرسي في الإحتجاج: ج 1ص 66، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في خطبته يوم الغدير: (قال الله تعالى: جعلت (عليا) علما بيني وبين خلقي، من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن أشرك بيعته كان مشركا ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار). (*)

 

ص 385

(48) وقائع السقيفة على لسان ابن عباس

 

أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، قال: كنت عند عبد الله بن عباس في بيته ومعنا جماعة من شيعة علي عليه السلام، فحدثنا فكان فيما حدثنا أن قال: يا إخوتي، توفي رسول الله صلى الله عليه وآله يوم توفي فلم يوضع في حفرته حتى نكث الناس وارتدوا وأجمعوا على الخلاف. واشتغل علي بن أبي طالب عليه السلام برسول الله صلى الله عليه وآله حتى فرغ من غسله وتكفينه وتحنيطه ووضعه في حفرته. ثم أقبل على تأليف القرآن وشغل عنهم بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يكن همته الملك لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله أخبره عن القوم. * 1 * أخذ البيعة من علي عليه السلام بالإكراه فلما افتتن الناس بالذي افتتنوا به من الرجلين، فلم يبق إلا علي وبنو هاشم وأبو ذر والمقداد وسلمان في أناس معهم يسير، قال عمر لأبي بكر: (يا هذا، إن الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا الرجل وأهل بيته وهؤلاء النفر، فابعث إليه). فبعث إليه ابن عم لعمر يقال له (قنفذ) فقال له: (يا قنفذ، انطلق إلى علي فقل له: أجب خليفة رسول الله). فانطلق فأبلغه. فقال علي عليه السلام: (ما أسرع ما كذبتم على رسول الله، نكثتم وارتددتم.

ص 386

والله ما استخلف رسول الله غيري. فارجع يا قنفذ فإنما أنت رسول، فقل له: قال لك علي: والله ما استخلفك رسول الله وإنك لتعلم من خليفة رسول الله). فأقبل قنفذ إلى أبي بكر فبلغه الرسالة. فقال أبو بكر: (صدق علي، ما استخلفني رسول الله) فغضب عمر ووثب وقام. فقال أبو بكر: (إجلس). ثم قال لقنفذ: (إذهب إليه فقل له: (أجب أمير المؤمنين أبا بكر) فأقبل قنفذ حتى دخل على علي عليه السلام فأبلغه الرسالة. فقال عليه السلام: (كذب والله، انطلق إليه فقل له: والله لقد تسميت باسم ليس لك، فقد علمت أن أمير المؤمنين غيرك). فرجع قنفذ فأخبرهما. فوثب عمر غضبان فقال: (والله إني لعارف بسخفه وضعف رأيه وإنه لا يستقيم لنا أمر حتى نقتله فخلني آتك برأسه) فقال أبو بكر: (إجلس)، فأبى فأقسم عليه فجلس. ثم قال: يا قنفذ، انطلق فقل له: (أجب أبا بكر). فأقبل قنفذ فقال: (يا علي، أجب أبا بكر). فقال علي عليه السلام: (إني لفي شغل عنه، وما كنت بالذي أترك وصية خليلي وأخي، وأنطلق إلى أبي بكر وما اجتمعتم عليه من الجور). هجومهم على بيت فاطمة عليها السلام وإحراقه فانطلق قنفذ فأخبر أبا بكر. فوثب عمر غضبان، فنادى خالد بن الوليد وقنفذا فأمرهما أن يحملا حطبا ونارا. ثم أقبل حتى انتهى إلى باب علي عليه السلام، وفاطمة عليها السلام قاعدة خلف الباب، قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله. فأقبل عمر حتى ضرب الباب، ثم نادى: (يا بن أبي طالب، افتح الباب). فقالت فاطمة عليها السلام: (يا عمر، ما لنا ولك؟ لا تدعنا وما نحن فيه). قال: (افتحي الباب وإلا أحرقناه عليكم)

ص 387

فقال: (يا عمر، أما تتقي الله عز وجل، تدخل على بيتي وتهجم على داري)؟ فأبى أن ينصرف. ثم دعا عمر بالنار فأضرمها في الباب فأحرق الباب، ثم دفعه عمر. ضرب الصديقة الطاهرة عليها السلام فاستقبلته فاطمة عليها السلام وصاحت: (يا أبتاه يا رسول الله) فرفع السيف وهو في غمده فوجأ به جنبها فصرخت. فرفع السوط فضرب به ذراعها فصاحت: (يا أبتاه) أمير المؤمنين عليه السلام يهم بقتل عمر فوثب علي بن أبي طالب عليه السلام فأخذ بتلابيب عمر ثم هزه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله، فذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وما أوصى به من الصبر والطاعة، فقال: (والذي كرم محمدا بالنبوة يا بن صهاك، لولا كتاب من الله سبق لعلمت أنك لا تدخل بيتي). يريدون قتل الزهراء عليها السلام بالسيف فأرسل عمر يستغيث. فأقبل الناس حتى دخلوا الدار. وسل خالد بن الوليد السيف ليضرب فاطمة عليها السلام فحمل عليه بسيفه، فأقسم على علي عليه السلام فكف. إخراج أمير المؤمنين عليه السلام من البيت وأقبل المقداد وسلمان وأبو ذر وعمار وبريدة الأسلمي حتى دخلوا الدار أعوانا لعلي عليه السلام، حتى كادت تقع فتنة. فأخرج علي عليه السلام واتبعه الناس واتبعه سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وبريدة الأسلمي رحمهم الله وهم يقولون: (ما أسرع ما خنتم رسول الله صلى الله عليه وآله وأخرجتم الضغائن التي في صدوركم). وقال بريدة بن الخصيب الأسلمي: (يا عمر، أتثب على أخي رسول الله ووصيه وعلى ابنته فتضربها، وأنت الذي يعرفك قريش بما يعرفك به). فرفع خالد بن الوليد السيف ليضرب به بريدة وهو في غمده، فتعلق به عمر ومنعه من ذلك.

ص 388

* 2 * كيفية البيعة الجبرية أول ما قال أمير المؤمنين عليه السلام عند البيعة الجبرية فانتهوا بعلي عليه السلام إلى أبي بكر ملببا. فلما بصر به أبو بكر صاح: (خلوا سبيله) فقال علي عليه السلام: (ما أسرع ما توثبتم على أهل بيت نبيكم يا أبا بكر، بأي حق وبأي ميراث وبأي سابقة تحث الناس إلى بيعتك؟ ألم تبايعني بالأمس بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله)؟ التهديد الأول لعلي عليه السلام فقال عمر: دع عنك هذا يا علي، فوالله إن لم تبايع لنقتلنك فقال علي عليه السلام: (إذا والله أكون عبد الله وأخا رسول الله المقتول). فقال عمر: (أما عبد الله المقتول فنعم، وأما أخو رسول الله فلا) فقال علي عليه السلام: (أما والله، لولا قضاء من الله سبق وعهد عهده إلي خليلي لست أجوزه لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا)، وأبو بكر ساكت لا يتكلم. فقام بريدة فقال: يا عمر، ألستما اللذين قال لكما رسول الله صلى الله عليه وآله: (انطلقا إلى علي فسلما عليه بإمرة المؤمنين)، فقلتما: أعن أمر الله وأمر رسوله؟ فقال: نعم. فقال أبو بكر: قد كان ذلك يا بريدة، ولكنك غبت وشهدنا، والأمر يحدث بعده الأمر فقال عمر: وما أنت وهذا يا بريدة؟ وما يدخلك في هذا؟ فقال بريدة: (والله لا سكنت في بلدة أنتم فيها أمراء). فأمر به عمر فضرب وأخرج. ثم قام سلمان فقال: (يا أبا بكر، اتق الله وقم عن هذا المجلس، ودعه لأهله يأكلوا به رغدا إلى يوم القيامة، لا يختلف على هذه الأمة سيفان)، فلم يجبه أبو بكر. فأعاد

ص 389

سلمان فقال مثلها. فانتهره عمر وقال: ما لك ولهذا الأمر؟ وما يدخلك فيما هيهنا؟ فقال: مهلا يا عمر، قم يا أبا بكر عن هذا المجلس، ودعه لأهله يأكلوا به والله خضرا إلى يوم القيامة، وإن أبيتم لتحلبن به دما وليطمعن فيه الطلقاء والطرداء والمنافقون. والله لو أعلم أني أدفع ضيما أو أعز لله دينا لوضعت سيفي على عاتقي ثم ضربت به قدما. أتثبون على وصي رسول الله؟ فأبشروا بالبلاء وأقنطوا من الرخاء. ثم قام أبو ذر والمقداد وعمار، فقالوا لعلي عليه السلام: (ما تأمر؟ والله إن أمرتنا لنضربن بالسيف حتى نقتل). فقال علي عليه السلام: (كفوا رحمكم الله واذكروا عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وما أوصاكم به)، فكفوا. التهديد الثاني لعلي عليه السلام فقال عمر لأبي بكر - وهو جالس فوق المنبر -: ما يجلسك فوق المنبر وهذا جالس محارب لا يقوم فينا فيبايعك؟ أو تأمر به فيضرب عنقه؟ - والحسن والحسين عليهما السلام قائمان على رأس علي عليه السلام - فلما سمعا مقالة عمر بكيا ورفعا أصواتهما: (يا جداه يا رسول الله) فضمهما علي عليه السلام إلى صدره وقال: (لا تبكيا، فوالله لا يقدران على قتل أبيكما، هما أقل وأذل وأدخر(1) من ذلك. وأقبلت أم أيمن النوبية حاضنة رسول الله صلى الله عليه وآله وأم سلمة فقالتا: (يا عتيق، ما أسرع ما أبديتم حسدكم لآل محمد). فأمر بهما عمر أن تخرجا من المسجد، وقال: (ما لنا وللنساء)

(هامش)

(1) أي أصغر وأذل. (*)

ص 390

التهديد الثالث لعلي عليه السلام ثم قال: يا علي، قم بايع. فقال علي عليه السلام: إن لم أفعل؟ قال: إذا والله نضرب عنقك. قال عليه السلام: كذبت والله يا بن صهاك، لا تقدر على ذلك. أنت ألأم وأضعف من ذلك. التهديد الرابع لعلي عليه السلام فوثب خالد بن الوليد واخترط سيفه وقال: (والله إن لم تفعل لأقتلنك). فقام إليه علي عليه السلام وأخذ بمجامع ثوبه ثم دفعه حتى ألقاه على قفاه ووقع السيف من يده التهديد الخامس لعلي عليه السلام فقال عمر: قم يا علي بن أبي طالب فبايع. قال عليه السلام: فإن لم أفعل؟ قال: (إذا والله نقتلك). واحتج عليهم علي عليه السلام ثلاث مرات، ثم مد يده من غير أن يفتح كفه فضرب عليها أبو بكر ورضي منه بذلك. ثم توجه إلى منزله وتبعه الناس. * 3 * غصبهم فدكا هدية النبي صلى الله عليه وآله للزهراء عليها السلام احتجاج الزهراء عليها السلام لإعادة فدك قال: ثم إن فاطمة عليها السلام بلغها أن أبا بكر قبض فدك. فخرجت في نساء بني هاشم حتى دخلت على أبي بكر فقالت: يا أبا بكر، تريد أن تأخذ مني أرضا جعلها لي رسول الله صلى الله عليه وآله وتصدق بها علي من الوجيف الذي لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب؟ أما كان قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (المرء يحفظ في ولده بعده)؟ وقد علمت أنه لم يترك لولده شيئا غيرها.

ص 391

منع عمر من كتاب أبي بكر برد فدك فلما سمع أبو بكر مقالتها والنسوة معها دعا بدواة ليكتب به لها. فدخل عمر فقال: يا خليفة رسول الله، لا تكتب لها حتى تقيم البينة بما تدعي. فقالت فاطمة عليها السلام: نعم، أقيم البينة. قال: من؟ قالت: علي وأم أيمن. فقال عمر: (لا تقبل شهادة امرأة عجمية لا تفصح، وأما علي فيحوز النار إلى قرصه). فرجعت فاطمة عليها السلام وقد جرعها من الغيظ ما لا يوصف، فمرضت. أبو بكر وعمر يعودان فاطمة عليها السلام وكان علي عليه السلام يصلي في المسجد الصلوات الخمس. فكلما صلى قال له أبو بكر وعمر: (كيف بنت رسول الله)؟ إلى أن ثقلت، فسألا عنها وقالا: (قد كان بيننا وبينها ما قد علمت، فإن رأيت أن تأذن لنا فنعتذر إليها من ذنبنا)؟ قال عليه السلام: ذاك إليكما. فقاما فجلسا بالباب، ودخل علي عليه السلام على فاطمة عليها السلام فقال لها: (أيتها الحرة، فلان وفلان بالباب يريدان أن يسلما عليك، فما ترين)؟ قالت عليها السلام: البيت بيتك والحرة زوجتك، فافعل ما تشاء. فقال: (شدي قناعك)، فشدت قناعها وحولت وجهها إلى الحائط. دعاء فاطمة عليها السلام على أبي بكر وعمر فدخلا وسلما وقالا: ارضي عنا رضي الله عنك. فقالت: ما دعاكما إلى هذا؟ فقالا: اعترفنا بالإساءة ورجونا أن تعفي عنا وتخرجي سخيمتك. فقالت: فإن كنتما صادقين فأخبراني عما أسألكما عنه، فإني لا أسألكما عن أمر إلا وأنا عارفة بأنكما تعلمانه، فإن صدقتما علمت أنكما صادقان في مجيئكما. قالا: سلي عما بدا لك. قالت: نشدتكما بالله هل سمعتما رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (فاطمة بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني)؟ قالا: نعم. فرفعت يدها إلى السماء فقالت: (اللهم إنهما قد آذياني، فأنا أشكوهما إليك وإلى

ص 392

رسولك. لا والله لا أرضى عنكما أبدا حتى ألقى أبي رسول الله وأخبره بما صنعتما، فيكون هو الحاكم فيكما). قال: فعند ذلك دعا أبو بكر بالويل والثبور وجزع جزعا شديدا. فقال عمر: تجزع يا خليفة رسول الله من قول امرأة؟ * 4 * وصية فاطمة الزهراء عليها السلام وشهادتها قال: فبقيت فاطمة عليها السلام بعد وفاة أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله أربعين ليلة. فلما اشتد بها الأمر دعت عليا عليه السلام وقالت: (يا بن عم، ما أراني إلا لما بي، وأنا أوصيك أن تتزوج بنت أختي لي. وأن لا يشهد أحد من أعداء الله جنازتي ولا دفني ولا الصلاة علي). قال ابن عباس: وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام: (أشياء لم أجد إلى تركهن سبيلا، لأن القرآن بها أنزل على قلب محمد صلى الله عليه وآله: قتال الناكثين والقاسطين والمارقين الذي أوصاني وعهد إلي خليلي رسول الله بقتالهم، وتزويج أمامة بنت زينب أوصتني بها فاطمة عليها السلام). قال ابن عباس: فقبضت فاطمة عليها السلام من يومها، فارتجت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله. فأقبل أبو بكر وعمر يعزيان عليا عليه السلام ويقولان له: (يا أبا الحسن، لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله).  

الصفحة السابقة الصفحة التالية

كتاب سليم بن قيس الهلالي

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب