مغني اللبيب ج1 |
ص 2 بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على سابغ نعمائه، والشكر له سبحانه على وافر آلائه، وصلاته وسلامه على
صفوة الصفوة من رسله وأنبيائه، وعلى آله وصحبه وسائر أوليائه. اللهم إنى أحمدك حمد
المعترف بتقصيره وقصوره، المقر بخطاياه وذنوبه، المؤمل في واسع رحمتك وعظيم فضلك،
أن تشمله بعفوك، وتسبل عليه جميل سترك، فإنك - يا رب - أنعمت متفضلا، وتطولت
مبتدئا، ولن يخيب راجيك، ولن يرد سائلك. وبعد، فإنى منذ أكثر من عشرين عاما أنشأت
شرحا على كتاب (مغنى اللبيب، عن كتب الاعاريب) أوعب كتب العلامة أبى محمد عبد الله
جمال الدين بن هشام الانصاري، المصرى، وكنت قد تنوقت في هذا الشرح على قدر ما
يستحقه الاصل من العناية وبذل الوسع، وكنت أعود إليه بين الحين والحين فأزيد فيه ما
يجد لى من البحث، حتى أوفيت على الغاية، وبلغت من ذلك ما تمنيت. ولكني لم أظفر إلى
يوم الناس هذا بناشر يقوم بإظهاره لقراء العربية، إذ كان الناشرون لهذا النوع من
المؤلفات إنما يقدمون على نشر ما يعتقدون أنهم رابحون من ورائه الربح الجزيل، فهم
يقدرون ويقدرون ويقدرون ثم يقدمون أو يحجمون وقد كان من نصيب هذا الكتاب أن يحجم من
عرفت من الناشرين عن الانفاق عليه، رغم تهافت كثرتهم على مؤلفاتي، وليس فيه من عيب
عندهم إلا أنه كتاب كبير الحجم، وقراؤه في طبعات شروحه القديمة قلة لا نسد نهمهم،
ولا تغنى عندهم، ومن آيات ذلك أنى عرضت على ثلاثة من الناشرين الواحد بعد الآخر
التوفر على نشر هذا الكتاب، وكان أحدهم يوافق رضيّ النفس منشرح الصدر، حتى إذا علم
أن الكتاب يقع في أربع مجلدات ضخام أوسعني عذرا.
ص 3
يطلب من المكتبة التجارية الكبرى بمصر ص. ب 578 مطبعة المدنى 68 شارع العباسية -
القاهرة
ص 4
ولقد رأيت أن أحتال لظهور هذا الكتاب، فأظهر كتاب (مغنى اللبيب) أول الامر مجردا عن
شرحي عليه: في مظهر يدعو إلى الرغبة فيه والاقبال عليه، حتى إذا عرفه من لم يكن
يعرفه، وتطلبه من ليست له به سابقة، استطعت - إن كان في الاجل بقية - أن أخرجه مرة
أخرى مع الشرح. فإلى إخوانى في مشارق البلاد العربية ومغاربها الذين أحسنوا الظن بى
فرغبوا في أن أذيع هذا الشرح، وما فتئوا يتقاضونني أن أخرجه لهم، أقدم كتاب (مغنى
اللبيب) في مرأى يسر نواظرهم، ويطمئن قلوبهم، وأنا على موعدة معهم - إن شاء الله
تعالى - أن أظهرهم على ما في هذا الكتاب الجليل من محاسن، وما بذله مؤلفه فيه من
جهد، وما أفرغ في جمعه وتحقيقه من طاقة، والله المسئول أن يحقق لى ولهم الامال، وأن
يجنبنى وإياهم الخطأ والخطل والزيغ، إنه سبحانه أكرم مسئول، وهو حسبى وإياهم ونعم
الوكيل
كتبه المعتز بالله تعالى
محمد محيى الدين عبد الحميد
ص 5
ترجمة ابن هشام صاحب كتاب (مغنى اللبيب، عن كتب الاعاريب) هو الامام الذى فاق
أقرانه، وشأى من تقدمه، وأعيا من يأتي بعده، الذى لا يشق غباره في سعة الاطلاع وحسن
العبارة وجمال التعليل، الصالح الورع، أبو محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف بن
أحمد بن عبد الله بن هشام، الانصاري، المصرى. ولد بالقاهرة، في ذى القعدة من عام
ثمان وسبعمائة من الهجرة (سنة 1309 من الميلاد). لزم الشهاب عبد اللطيف بن المرحل،
وتلا على ابن السراج، وسمع على أبى حيان ديوان زهير بن أبى سلمى المزني، ولم يلازمه
ولا قرأ عليه غيره، وحضر دروس التاج التبريزي، وقرأ على التاج الفاكهانى شرح
الاشارة له إلا الورقة الاخيرة، وحدث عن ابن جماعة بالشاطبية، وتفقه أول الامر على
مذهب الشافعي، ثم تحنبل فحفظ مختصر الخرقى قبيل وفاته بخمس سنين. تخرج به جماعة من
أهل مصر وغيرهم، وتصدر لنفع الطالبين، وانفرد بالفوائد الغريبة، والمباحث الدقيقة،
والاستدراكات العجيبة، والتحقيق البارع، والاطلاع المفرط، والاقتدار على التصرف في
الكلام، وكانت له ملكة يتمكن بها من التعبير عن مقصوده بما يريد مسهبا وموجزا، وكان
- مع ذلك كله - متواضعا، برا، دمث الخلق، شديد الشفقة، رقيق القلب.
ص 6
قال عنه أبن خلدون: (مازلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له
ابن هشام أنحى من سيبويه) وقال عنه مرة أخرى: (إن ابن هشام على علم جم يشهد بعلو
قدره في صناعة النحو، وكان ينحو في طريقته منحاة أهل الموصل الذين اقتفوا أثر ابن
جنى واتبعوا مصطلح تعليمه، فأتى من ذلك بشيء عجيب دال على قوة ملكته واطلاعه).
ولابن هشام مصنفات كثيرة كلها نافع مفيد تلوح منه أمارات التحقيق وطول الباع،
وتطالعك من روحه علائم الاخلاص والرغبة عن الشهرة وذيوع الصيت، ونحن نذكر لك من ذلك
ما اطلعنا عليه أو بلغنا علمه مرتبا على حروف المعجم، وندلك على مكان وجوده إن
علمنا أنه موجود، أو نذكر لك الذى حدث به إن لم نعلم وجوده، وهاكها: (1) الاعراب عن
قواعد الاعراب، طبع في الآستانة وفى مصر، وشرحه الشيخ خالد الازهرى، وقد طبع هو
وشرحه مرارا أيضا. (2) الالغاز، وهو كتاب في مسائل نحوية، صنفه لخزانة السلطان
الملك الكامل، طبع في مصر. (3) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، طبع مرارا، وشرحه
الشيخ خالد، ولنا عليه ثلاثة شروح: أحدها وجيز وقد طبع مرارا، وثانيها بسيط لا يزال
رهين القماطر، وثالثها وسيط، مطبوع في ثلاثة أجزاء. (4) التذكرة، ذكر السيوطي أنه
كتاب في خمسة عشر مجلدا، ولم نطلع على شيء منه (5) التحصيل والتفصيل، لكتاب التذييل
والتكميل، ذكر السيوطي أنه عدة مجلدات. (6) الجامع الصغير، ذكره السيوطي، ويوجد في
مكتبة باريس.
ص 7
(7) الجامع الكبير، ذكره السيوطي. (8) رسالة في انتصاب (لغة) و (فضلا) وإعراب
(خلافا) و (أيضا) و (هلم جرا) ونحو ذلك، وهى موجودة في دار الكتب المصرية وفى
مكتبتي برلين وليدن، وهى برمتها في كتاب (الاشباه والنظائر النحوية) للسيوطي. (9)
رسالة في استعمال المنادى في تسع آيات من القرآن الكريم، موجودة في مكتبة برلين.
(10) رفع الخصاصة، عن قراء الخلاصة، ذكره السيوطي، وذكر أنه أربع مجلدات. (11)
الروضة الادبية، في شواهد علوم العربية، يوجد بمكتبة برلين، وهو شرح شواهد كتاب
اللمع لابن جنى. (12) شذور الذهب، في معرفة كلام العرب، طبع مرارا. (13) شرح
البردة، ذكره السيوطي، ولعله شرح (بانت سعاد) الآتى. (14) شرح شذور الذهب المتقدم،
طبع مرارا، ولنا عليه شرح طبع مرارا أيضا. (15) شرح الشواهد الصغرى، ذكره السيوطي،
ولا ندرى أهو الروضة الادبية السابق ذكره، أم هو كتاب آخر ؟ (16) شرح الشواهد
الكبرى، ذكره السيوطي أيضا، ولا ندرى حقيقة حاله. (17) شرح قصيدة (بانت سعاد) طبع
مرارا. (18) شرح القصيدة اللغزية في المسائل النحوية، يوجد في مكتبة ليدن. (19) شرح
قطر الندى، وبل الصدى، الآتى ذكره، طبع مرارا، ولنا عليه شرح طبع مرارا أيضا.
ص 8
(21) عمدة الطالب، في تحقيق صرف ابن الحاجب، ذكره السيوطي، وذكر أنه في مجلدين.
(22) فوح الشذا، في مسألة كذا، وهو شرح لكتاب (الشذا، في مسألة كذا) تصنيف أبى
حيان، يوجد في ضمن كتاب (الاشباه والنظائر النحوية) للسيوطي. (23) قطر الندى وبل
الصدى، طبع مرارا، ولنا عليه شرح مطبوع. (24) القواعد الصغرى، ذكره السيوطي. (25)
القواعد الكبرى، ذكره السيوطي. (26) مختصر الانتصاف من الكشاف، وهو اختصار لكتاب
صنفه ابن المنير في الرد على آراء المعتزلة التى ذكرها الزمخشري في تفسير الكشاف،
واسم كتاب ابن المنير (الانتصاف من الكشاف) وكتاب ابن هشام يوجد في مكتبة برلين.
(27) المسائل السفرية في النحو، ذكره السيوطي. (28) مغنى اللبيب عن كتب الاعاريب،
طبع في طهران والقاهرة مرارا، وعليه شروح كثيرة، طبع منها عدد واف، من ذلك شرح
للدمامينى وآخر للشمنى، وحاشية للامير وأخرى للدسوقي، ولنا عليه شرح مسهب، نسأل
الله أن يوفق إلى طبعه، ومغنى اللبيب هذا هو الذى أقدمه اليوم في هذا الثوب القشيب.
(29) موقد الاذهان وموقظ الوسنان، تعرض فيه لكثير من مشكلات النحو، يوجد في دار
الكتب المصرية وفى مكتبتي برلين وباريس. وتوفى رحمه الله تعالى في ليلة الجمعة -
وقيل: ليلة الخميس - الخامس من ذى القعدة سنة إحدى وستين وسبعمائة (سنة 1360 من
الميلاد) رحمه الله رحمة واسعة وأسبغ على جدثه حلل الرضوان. |
مغني اللبيب ج1 |