الصفحة السابقة الصفحة التالية

مغني اللبيب ج1

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 120

حرف الجيم

(جير)  

بالكسر على أصل التقاء الساكنين كأمس، وبالفتح للتخفيف كأين وكيف - حرف جواب بمعنى نعم، لا اسم بمعنى حقا فتكون مصدرا، ولا بمعنى أبدا فتكون ظرفا، وإلا لاعربت ودخلت عليها أل، ولم تؤكد أجل بجير في قوله: 177 - [وقلن على الفردوس أول مشرب] * أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره ولا قوبل بها (لا) في قوله: 178 - إذا تقول لا ابنة العجير * تصدق، لا إذا تقول جير وأما قوله: 179 - وقائلة: أسيت، فقلت: جير * أسى إننى من ذاك إنه فخرج على وجهين، أحدهما: أن الاصل جير إن، بتأكيد جير بإن التى بمعنى نعم، ثم حذفت همزة إن وخففت. الثاني: أن يكون شبه آخر النصف بآخر البيت، فنونه تنوين الترنم، وهو غير مختص بالاسم، ووصل بنية الوقف.

(جلل)  

حرف بمعنى نعم، حكاه الزجاج في كتاب الشجرة، واسم بمعنى عظيم أو يسير أو أجل. فمن الاول قوله: 180 - قومي هم قتلوا - أميم - أخى * فإذا رميت يصيبني سهمي فلئن عفوت لاعفون جللا * ولئن سطوت لاوهنن عظمي ومن الثاني قول امرئ القيس وقد قتل أبوه: 181 - * ألا كل شيء سواه جلل * ومن الثالث قولهم (فعلت كذا من جلك) وقال جميل:

ص 121

182 - رسم دار وقفت في طلله * كدت أقضى الحياة من جلله (1) [ص 136] فقيل: أراد من أجله، وقيل: أراد من عظمه في عينى.

حرف الحاء المهملة

(حاشا)  

على ثلاثة أوجه: أحدها: أن تكون فعلا متعديا متصرفا، تقول (حاشيته) بمعنى استثنيته، ومنه الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال: (أسامة أحب الناس إلى) ما حاشى فاطمة، ما: نافية، والمعنى أنه عليه الصلاة والسلام لم يستثن فاطمة، وتوهم ابن مالك أنها ما المصدرية، وحاشا الاستثنائية، بناء على أنه من كلامه عليه الصلاة والسلام، فاستدل به على أنه قد يقال (قام القوم ما حاشا زيدا) كما قال: 183 - رأيت الناس ما حاشا قريشا * فإنا نحن أفضلهم فعالا ويرده أن في معجم الطبراني (ما حاشا فاطمة ولا غيرها) ودليل تصرفه قوله: 184 - ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه * ولا أحاشى من الاقوام من أحد وتوهم المبرد أن هذا مضارع حاشا التى يستثنى بها، وإنما تلك حرف أو فعل جامد لتضمنه معنى الحرف. الثاني: أن تكون تنزيهية، نحو (حاش لله) وهى عند المبرد وابن جنى والكوفيين فعل، قالوا: لتصرفهم فيها بالحذف، ولادخالهم إياها على الحرف، وهذان الدليلان ينفيان الحرفية، ولا يثبتان الفعلية، قالوا: والمعنى في الآية جانب يوسف المعصية لاجل الله، ولا يتأتى هذا التأويل في مثل (حاش لله ما هذا بشرا)

(هامش)

(1) يروى * كدت أقضى الغداة من جلله * (*)

ص 122

والصحيح أنها اسم مرداف للبراءة [من كذا]، بدليل قراءة بعضهم (حاشا لله) بالتنوين، كما يقال (براءة لله من كذا) وعلى هذا فقراءة ابن مسعود رضى الله عنه (حاش الله) كمعاذ الله ليس جارا ومجرورا كما وهم ابن عطية، لانها إنما تجر في الاستثناء، ولتنوينها في القراءة الاخرى، ولدخولها على اللام في قراءة السبعة، والجار لا يدخل على الجار، وإنما ترك التنوين في قراءتهم لبناء حاشا لشبهها بحاشا الحرفية، وزعم بعضهم أنها اسم فعل ماض بمعنى أتبرأ، أو برئت، وحامله على ذلك بناؤها، ويرده إعرابها في بعض اللغات. الثالث: أن تكون للاستثناء، فذهب سيبويه وأكثر البصريين إلى أنها حرف دائما بمنزلة إلا، لكنها تجر المستثنى، وذهب الجرمى والمازني والمبرد والزجاج والاخفش وأبو زيد والفراء وأبو عمر والشيبانى إلى أنها تستعمل كثيرا حرفا جارا وقليلا فعلا متعديا جامدا لتضمنه معنى إلا، وسمع (اللهم اغفر لى ولمن يسمع حاشا الشيطان وأبا الاصبغ) وقال: 185 - حاشا أبا ثوبان، إن به * ضنا على الملحاة والشتم ويروى أيضا (حاشا أبى) بالياء، ويحتمل أن تكون رواية الالف على لغة من قال: إن أباها وأبا أباها * [قد بلغا في المجد غايتاها] [51] وفاعل حاشا ضمير مستتر عائد على مصدر الفعل المتقدم عليها، أو اسم فاعله، أو البعض المفهوم من الاسم العام، فإذا قيل (قام القوم حاشا زيدا) فالمعنى جانب هو - أي قيامهم، أو القائم منهم، أو بعضهم - زيدا.

(حتى)  

حرف يأتي لاحد ثلاثة معان: انتهاء الغاية، وهو الغالب، والتعليل، وبمعنى إلا في الاستثناء، وهذا أقلها، وقل من يذكره.

ص 123

وتستعمل على ثلاثة أوجه: أحدها: أن تكون حرفا جارا بمنزلة إلى في المعنى والعمل، ولكنها تخالفها في ثلاثة أمور: أحدها: أن لمخفوضها شرطين، أحدهما عام، وهو أن يكون ظاهرا لا مضمرا، خلافا للكوفيين والمبرد، فأما قوله: 186 - أتت حتاك تقصد كل فج * ترجى منك أنها لا تخيب فضرورة، واختلف في علة المنع، فقيل: هي أن مجرورها لا يكون إلا بعضا مما قبلها أو كبعض منه، فلم يمكن عود ضمير البعض على الكل، ويرده أنه قد يكون ضميرا حاضرا كما في البيت فلا يعود على ما تقدم، وأنه قد يكون ضميرا غائبا عائدا على ما تقدم غير الكل، كقولك (زيد ضربت القوم حتاه) وقيل: العلة خشية التباسها بالعاطفة، ويرده أنها لو دخلت عليه لقيل في العاطفة (قاموا حتى أنت، وأكرمتهم حتى إياك) بالفصل، لان الضمير لا يتصل إلا بعامله، وفى الخافضة (حتاك) بالوصل كما في البيت، وحينئذ فلا التباس، ونظيره أنهم يقولون في توكيد الضمير المنصوب (رأيتك أنت) وفى البدل منه (رأيتك إياك) فلم يحصل لبس، وقيل: لو دخلت عليه قلبت ألفها ياء كما في إلى، وهى فرع عن إلى، فلا تحتمل ذلك، والشرط الثاني خاص بالمسبوق بذى أجزاء، وهو أن يكون المجرور آخرا نحو (أكلت السمكة حتى رأسها) أو ملاقيا لآخر جزء نحو (سلام هي حتى مطلع الفجر) ولا يجوز سرت البارحة حتى ثلثها أو نصفها، كذا قال المغاربة وغيرهم، وتوهم ابن مالك أن ذلك لم يقل به إلا الزمخشري، واعترض عليه بقوله: 187 - عينت ليلة، فما زلت حتى * نصفها راجيا، فعدت يؤوسا

ص 124

وهذا ليس محل الاشتراط، إذ لم يقل فما زلت في تلك الليلة حتى نصفها، وإن كان المعنى عليه، ولكنه لم يصرح به. الثاني: أنها إذا لم يكن معها قرينة تقتضي دخول ما بعدها كما في قوله: 188 - ألقى الصحيفة كى يخفف رحله * والزاد، حتى نعله ألقاها [ص 127 و 130] أو عدم دخوله كما في قوله: 189 - سقى الحيا الارض حتى أمكن عزيت * لهم، فلا زال عنها الخير مجدودا حمل على الدخول، ويحكم في مثل ذلك لما بعد إلى بعدم الدخول، حملا على الغالب في البابين، هذا هو الصحيح في البابين، وزعم الشيخ شهاب الدين القرافى أنه لا خلاف في وجوب دخول ما بعد حتى، وليس كذلك، بل الخلاف فيها مشهور، وإنما الاتفاق في حتى العاطفة، لا الخافضة، والفرق أن العاطفة بمعنى الواو. والثالث: أن كلا منهما قد ينفرد بمحل لا يصلح للآخر. فمما انفردت به (إلى) أنه يجوز (كتبت إلى زيد وأنا إلى عمرو) أي هو غايتي، كما جاء في الحديث (أنابك وإليك) و (سرت من البصرة إلى الكوفة) ولا يجوز: حتى زيد، وحتى عمرو، وحتى الكوفة، أما الاولان فلان حتى موضوعة لافادة تقضى الفعل قبلها شيءا فشيءا إلى الغاية، وإلى ليست كذلك وأما الثالث فلضعف حتى في الغاية، فلم يقابلوا بها ابتداء الغاية. ومما انفردت به (حتى) أنه يجوز وقوع المضارع المنصوب بعدها نحو (سرت حتى أدخلها) [وذلك] بتقدير حتى أن أدخلها، وأن المضمرة والفعل في تأويل مصدر مخفوض

ص 125

بحتى، ولا يجوز: سرت إلى أدخلها، وإنما قلنا إن النصب بعد حتى بأن مضمرة لا بنفسها كما يقول الكوفيون لان حتى قد ثيت أنها تخفض الاسماء، وما يعمل في الاسماء لا يعمل في الافعال، وكذا العكس. ولحتى الداخلة على المضارع المنصوب ثلاثة معان: مرادفة إلى نحو (حتى يرجع إلينا موسى) ومرادفة كى التعليلية نحو (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم) (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا) وقولك (أسلم حتى تدخل الجنة) ويحتملها (فقاتلوا التى تبغى حتى تفئ إلى أمر الله) ومرادفة إلا في الاستثناء، وهذا المعنى ظاهر من قول سيبويه في تفسير قولهم (والله لا أفعل إلا أن تفعل) المعنى حتى أن تفعل، وصرح به ابن هشام الخضراوي وابن مالك، ونقله أبو البقاء عن بعضهم في (وما يعلمان من أحد حتى يقولا) والظاهر في هذه الآية [خلافه، و] أن المراد معنى الغاية، نعم هو ظاهر فيما أنشده ابن مالك في قوله: 190 - ليس العطاء من الفضول سماحة * حتى تجود وما لديك قليل وفى قوله: 191 - والله لا يذهب شيخي باطلا * حتى أبير مالكا وكاهلا لان ما بعدهما ليس غاية لما قبلهما ولا مسببا عنه، وجعل ابن هشام من ذلك الحديث (كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه) إذ زمن الميلاد لا يتطاول فتكون حتى فيه للغاية، ولا كونه يولد على الفطرة علته اليهودية والنصرانية فتكون فيه للتعليل، ولك أن تخرجه على أن فيه حذفا، أي يولد على الفطرة ويستمر على ذلك حتى يكون.

ص 126

ولا ينتصب الفعل بعد (حتى) إلا إذا كان مستقبلا، ثم إن كان استقباله بالنظر إلى زمن التكلم فالنصب واجب، نحو (لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى) وإن كان بالنسبة إلى ما قبلها خاصة فالوجهان، نحو (وزلزلوا حتى يقول الرسول) الآية، فإن قولهم إنما هو مستقبل بالنظر إلى الزلزال، لا بالنظر إلى زمن قص ذلك علينا. وكذلك لا يرتفع الفعل بعد (حتى) إلا إذا كان حالا، ثم إن كانت حاليته بالنسبة إلى زمن التكلم فالرفع واجب، كقولك (سرت حتى أدخلها) إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول، وإن كانت حاليته ليست حقيقية - بل كانت محكية - رفع، وجاز نصبه إذا لم تقدر الحكاية نحو (وزلزلوا حتى يقول الرسول) قراءة نافع بالرفع بتقدير حتى حالتهم حينئذ أن الرسول والذين آمنوا معه يقولون كذا وكذا. واعلم أنه لا يرتفع الفعل بعد حتى إلا بثلاثة شروط: أحدها أن يكون حالا أو مؤولا بالحال كما مثلنا، والثانى أن يكون مسببا عما قبلها. فلا يجوز (سرت حتى تطلع الشمس) ولا (ما سرت حتى أدخلها، وهل سرت حتى تدخلها) أما الاول فلان طلوع الشمس لا يتسبب عن السير، وأما الثاني فلان الدخول لا يتسبب عن عدم السير، وأما الثالث فلان السبب لم يتحقق وجوده، ويجوز (أيهم سار حتى يدخلها) و (متى سرت حتى تدخلها) لان السير محقق، وإنما الشك في عين الفاعل وفى عين الزمان، وأجاز الاخفش الرفع بعد النفى على أن يكون أصل الكلام إيجابا ثم أدخلت أداة النفى على الكلام بأسره، لا على ما قبل حتى خاصة، ولو عرضت هذه المسأله بهذا المعنى على سيبويه لم يمنع الرفع فيها، وإنما منعه إذا كان النفى مسلطا على السبب خاصة، وكل أحد يمنع ذلك، والثالث أن يكون فضلة، فلا يصح في نحو (سيرى حتى أدخلها) لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر،

ص 127

ولا في نحو (كان سيرى حتى أدخلها) إن قدرت كان ناقصة، فإن قدرتها تامة أو قلت (سيرى أمس حتى أدخلها) جاز الرفع، إلا إن علقت أمس بنفس السير، لا باستقرار محذوف. الثاني من أوجه حتى: أن تكون عاطفة بمنزلة الواو، إلا أن بينهما فرقا من ثلاثة أوجه: أحدها: أن لمعطوف حتى ثلاثة شروط، أحدها أن يكون ظاهرا لا مضمرا كما أن ذلك شرط مجرورها، ذكره ابن هشام الخضراوي، ولم أقف عليه لغيره، والثانى أن يكون إما بعضا من جمع قبلها ك‍ (قدم الحاج حتى المشاة) أو جزأ من كل نحو (أكلت السمكة حتى رأسها) أو كجزء نحو أعجبتني الجارية حتى حديثها ويمتنع أن تقول (حتى ولدها) والذى يضبط لك ذلك أنها تدخل حيث يصح دخول الاستثناء، وتمتنع حيث يمتنع، ولهذا لا يجوز (ضربت الرجلين حتى أفضلهما) وإنما جاز * حتى نعله ألقاها [188] * لان إلقاء الصحيفة والزاد في معنى ألقى ما يثقله، والثالث: أن يكون غاية لما قبلها إما في زيادة أو نقص، فالاول نحو (مات الناس حتى الانبياء) والثانى نحو (زارك الناس حتى الحجامون) وقد اجتمعا في قوله: 192 - قهرناكم حتى الكماة فأنتم * تهابوننا حتى بنينا الاصاغرا الفرق الثاني: أنها لا تعطف الجمل، وذلك لان شرط معطوفها أن يكون جزأ مما قبلها أو كجزء منه، كما قدمناه، ولا يتأتى ذلك إلا في المفردات، هذا هو الصحيح، وزعم ابن السيد في قول مرئ القيس: 193 - سريت بهم حتى تكل مطيهم * [وحتى الجياد ما يقدن بأرسان] [ص 130] فيمن رفع (تكل) أن جملة (تكل مطيهم) معطوفة بحتى على سريت بهم الثالث: أنها إذا عطفت على مجرور أعيد الخافض، فرقا بينها وبين الجارة،

ص 128

فنقول (مررت بالقوم حتى بزيد) ذكر ذلك ابن الخباز وأطلقه، وقيده ابن مالك بأن لا يتعين كونها للعطف نحو (عجبت من القوم حتى بنيهم) وقوله: 194 - جود يمناك فاض في الخلق حتى * بائس دان بالاساءة دينا وهو حسن، ورده أبو حيان، وقال في المثال: هي جارة، إذ لا يشترط في تالى الجارة أن يكون بعضا أو كبعض، بخلاف العاطفة، ولهذا منعوا (أعجبتني الجارية حتى ولدها) قال: وهى في البيت محتملة، انتهى. وأقول: إن شرط الجارة التالية ما يفهم الجمع أن يكون مجرورها بعضا أو كبعض، وقد ذكر ذلك ابن مالك في باب حروف الجر، وأقره أبو حيان عليه، ولا يلزم من امتناع (أعجبتني الجارية حتى ابنها) امتناع (عجبت من القوم حتى بنيهم) لان اسم القوم يشمل أبناءهم، واسم الجارية لا يشمل ابنها، ويظهر لى أن الذى لحظه ابن مالك أن الموضع الذى يصح أن تحل فيه إلى محل حتى العاطفة فهى فيه محتملة للجارة، فيحتاج حينئذ إلى إعادة الجار عند قصد العطف نحو (اعتكفت في الشهر حتى في آخره) بخلاف المثال والبيت السابقين، وزعم ابن عصفور أن إعادة الجار مع حتى أحسن، ولم يجعلها واجبة. تنبيه - العطف بحتى قليل، وأهل الكوفة ينكرونه البتة، ويجملون نحو (جاء القوم حتى أبوك، ورأيتهم حتى أباك، ومررت بهم حتى أبيك) على أن حتى فيه ابتدائية، وأن ما بعدها على إضمار عامل. الثالث من أوجه حتى: أن تكون حرف ابتداء، أي حرفا تبتدأ بعده الجمل، أي تستأنف، فيدخل على الجملة الاسمية، كقول جرير: 195 - فما زالت القتلى تمج دماءها * بدجلة حتى ماء دجلة أشكل [ص 386]

ص 129

وقال الفروزق: 196 - فواعجبا حتى كليب تسبنى * كأن أباها نهشل أو مجاشع ولا بد من تقدير محذوف قبل حتى في هذا البيت يكون ما بعد حتى غاية له، أي فواعجبا يسبنى الناس حتى كليب تسبنى، وعلى الفعلية التى فعلها مضارع كقراءة نافع رحمه الله (حتى يقول الرسول) برفع يقول، وكقول حسان: 197 - يغشون حتى ما تهر كلابهم * لا يسألون عن السواد المقبل [ص 691] وعلى الفعلية التى فعلها ماض نحو (حتى عفوا وقالوا) وزعم ابن مالك أن حتى هذه جارة، وأن بعدها أن مضمرة، ولا أعرف له في ذلك سلفا، وفيه تكلف إضمار من غير ضرورة، وكذا قال في حتى الداخلة على إذا في نحو (حتى إذا فشلتم وتنازعتم) إنها الجارة، وإن إذا في موضع جربها، وهذه المقالة سبقه إليها الاخفش وغيره، والجمهور على خلافها وأنها حرف ابتداء، و [أن] إذا في موضع نصب بشرطها أو جوابها، والجواب في الآية محذوف، أي امتحنتم، أو انقسمتم قسمين، بدليل (منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة) ونظيره حذف جواب لما في قوله تعالى (فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد) أي انقسموا قسمين فمنهم مقتصد ومنهم غير ذلك، وأما قول ابن مالك إن (فمنهم مقتصد) هو الجواب فمبنى على صحة مجئ جواب لما مقرونا بالفاء، ولم يثبت، وزعم بعضهم أن الجواب في الآية الاولى مذكور وهو (عصيتم) أو (صرفكم) وهذا مبنى على زيادة الواو وثم، ولم يثبت ذلك. وقد دخلت (حتى) الابتدائية على الجملتين الاسمية والفعلية في قوله: (9 - مغنى اللبيب 1)

ص 130

سريت بهم حتى تكل مطيهم * وحتى الجياد ما يقدن بأرسان [193] فيمن رواه برفع تكل، والمعنى حتى كلت، ولكنه جاء [بلفظ المضارع] على حكاية الحال الماضية كقولك (رأيت زيدا أمس وهو راكب) وأما من نصب فهى حتى الجارة كما قدمنا، ولابد على النصب من تقدير زمن مضاف إلى تكل، أي إلى زمان كلال مطيهم وقد يكون الموضع صالحا لاقسام (حتى) الثلاثة، كقولك (أكلت السمكة حتى رأسها) فلك أن تخفض على معنى إلى، وأن تنصب على معنى الواو، وأن ترفع على الابتداء، وقد روى بالاوجه الثلاثة قوله: 198 - عممتهم بالندى حتى غواتهم * فكنت مالك ذى غى وذى رشد [ص 611] وقوله: [ألقى الصحيفة كى يخفف رحله * والزاد] حتى نعله ألقاها [188] إلا أن بينهما فرقا من وجهين: أحدهما: أن الرفع في البيت الاول شاذ، لكون الخبر غير مذكور، ففى الرفع تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه، وهذا قول البصريين، وأوجبوا إذا قلت (حتى رأسها) بالرفع أن تقول (مأكول) والثانى: أن النصب في البيت الثاني من وجهين، أحدهما: العطف، والثانى إضمار العامل على شريطة التفسير، وفى البيت الاول من وجه واحد. وإذا قلت (قام القوم حتى زيد قام) جاز الرفع والخفض دون النصب (1)، وكان لك في الرفع أوجه، أحدها: الابتداء، والثانى العطف، والثالث إضمار الفعل،

(هامش)

(1) لم يجز النصب لان الناصب بعد حتى هو أن مضمرة، وأن المصدرية لا تدخل على الاسماء (*)

ص 131

والجملة التى بعدها خبر على الاول، ومؤكدة على الثاني، كما أنها كذلك مع الخفض، وأما على الثالث فتكون الجملة مفسرة، وزعم بعض المغاربة أنه لا يجوز (ضربت القوم حتى زيد ضربته) بالخفض، ولا بالعطف، بل بالرفع أو بالنصب بإضمار فعل، لانه يمتنع جعل (ضربته) توكيدا لضربت القوم، قال: وإنما جاز الخفض في * حتى نعله * [188] لان ضمير (ألقاها) للصحيفة، ولا يجوز على هذا الوجه أن يقدر أنه للنعل. ولا محل للجملة الواقعة بعد حتى الابتدائية، خلافا للزجاج وابن درستويه، زعما أنها في محل جر بحتى، ويرده أن حروف الجر لا تعلق عن العمل، وإنما تدخل على المفردات أو ما في تأويل المفردات، وأنهم إذا أوقعوا بعدها إن كسروها فقالوا (مرض زيد حتى إنهم لا يرجونه) والقاعدة أن حرف الجر إذا دخل، على أن فتحت همزتها نحو (ذلك بأن الله هو الحق)

(حيث)  

وطيئ تقول: حوث، وفى الثاء فيهما: الضم تشبيها بالغايات، لان الاضافة إلى الجملة كلا إضافة، لان أثرها - وهو الجر - لا يظهر، والكسر على أصل التقاء الساكنين، والفتح للتخفيف. ومن العرب من يعرب حيث، وقراءة من قرأ (من حيث لا يعلمون) بالكسر تحتملها وتحتمل لغة البناء على الكسر. وهى للمكان اتفاقا، قال الاخفش: وقد ترد للزمان، والغالب كونها في محل نصب على الظرفية أو خفض بمن، وقد تخفض بغيرها كقوله: 199 - [فشد ولم ينظر بيوتا كثيرة] * لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم (1) وقد تقع [حيث] مفعولا به وفاقا للفارسي، وحمل عليه (الله أعلم حيث يجعل رسالته) إذ المعنى أنه تعالى يعلم نفس المكان المستحق لوضع الرسالة فيه، لا شيءا في المكان

(هامش)

(1) ويروى * فشد ولم تفزع بيوت كثيرة * (*)

ص 132

وناصبها يعلم محذوفا مدلولا عليه بأعلم، لا بأعلم نفسه، لان أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به، فإن أولته بعالم جاز أن ينصبه في رأى بعضهم، ولم تقع اسما لان، خلافا لابن مالك، ولا دليل له في قوله: 200 - إن حيث استقر من أنت راعي‍ * - ه حمى فيه عزة وأمان لجواز تقدير حيث خبرا، وحمى اسما، فإن قيل: يؤدى إلى جعل المكان حالا في المكان، قلنا: هو نظير قولك (إن في مكة دار زيد) ونظيره في الزمان (إن في يوم الجمعة ساعة الاجابة). وتلزم حيث الاضافة إلى جملة، اسمية كانت أو فعلية، وإضافتها إلى الفعلية أكثر، ومن ثم رجح النصب في نحو (جلست حيث زيد أراه) وندرت إضافتها إلى المفرد كقوله: 201 - [ونطعنهم تحت الكلى بعد ضربهم * ببيض المواضى] حيث لى العمائم [أنشده ابن مالك] والكسائي يقيسه، ويمكن أن يخرج عليه قول الفقهاء (من حيث أن كذا). وأندر من ذلك أضافتها إلى جملة محذوفة كقوله: 202 - إذا ريدة من حيث ما نفحت له * أتاه برياها خليل يواصله (1) أي إذا ريدة نفحت له من حيث هبت، وذلك لان ريدة فاعل بمحذوف يفسره نفحت، فلو كان نفحت مضافا إليه حيث لزم بطلان التفسير، إذ المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، وما لا يعمل لا يفسر عاملا، قال أبو الفتح في كتاب التمام: ومن أضاف حيث إلى المفرد أعربها، انتهى، ورأيت بخط الضابطين:

(هامش)

(1) ريدة: أي ريح لينة الهبوب، و (ما) زائدة، ونفحت: فاحت (*)

ص 133

203 - أما ترى حيث سهيل طالعا * [نجما يضى كالشهاب لامعا] بفتح الثاء من حيث وخفض سهيل، وحيث بالضم وسهيل بالرفع، أي موجود، فحذف الخبر. وإذا اتصلت بها (ما) الكافة ضمنت معنى الشرط وجزمت الفعلين كقوله: 204 - حيثما تستقم يقدر لك الله * نجاحا في غابر الازمان وهذا البيت دليل عندي على مجيئها للزمان.

حرف الخاء المعجمة

(خلا)  

على وجهين: أحدهما: أن تكون حرفا جار للمستثنى، ثم قيل: موضعها نصب عن تمام الكلام، وقيل: تتعلق بما قبلها من فعل أو شبهه على قاعدة أحرف الجر، والصواب عندي الاول، لانها لا تعدى الافعال إلى الاسماء، أي لا توصل معناها إليها، بل تزيل معناها عنها، فأشبهت في عدم التعدية الحروف الزائدة، ولانها بمنزلة إلا وهى غير متعلقة. والثانى: أن تكون فعلا متعديا ناصبا له، وفاعلها على الحد المذكور في فاعل حاشا (1)، والجملة مستأنفة أو حالية، على خلاف في ذلك، وتقول (قاموا خلا زيدا) وإن شيءت خفضت إلا في نحو قول لبيد: 205 - ألا كل شيء ما خلا الله باطل * [وكل نعيم - لا محالة - زائل [ص 96] وذلك لان (ما) [في] هذه مصدرية، فدخولها يعين الفعلية، وموضع ما خلا نصب

(هامش)

(1) انظر كلام المؤلف في ذلك (ص 122). (*)

ص 134

فقال السيرافى: على الحال كما يقع المصدر الصريح في نحو (أرسلها العراك) وقيل : على الظرف لنيابتها وصلتها عن الوقت (1)، فمعنى (قاموا ما خلا زيدا) على الاول: قاموا خالين عن زيد، وعلى الثاني: قاموا وقت خلوهم عن زيد، وهذا الخلاف المذكور في محلها خافضة وناصبة ثابت في حاشا وعدا، وقال ابن خروف: على الاستثناء كانتصاب غير في (قاموا غير زيد) وزعم الجرمى والربعى والكسائي والفارسي وابن جنى أنه قد يجوز الجر على تقدير ما زائدة، فإن قالوا ذلك بالقياس ففاسد، لان ما لا تزاد قبل الجار والمجرور، بل بعده، نحو (عما قليل) (فبما رحمة) وإن قالوه بالسماع فهو من الشذوذ بحيث لا يقاس عليه.

حرف الراء

ُبَّ) حرف جر

خلافا للكوفيين في دعوى اسميته، وقولهم إنه أخبر عنه في قوله: إن يقتلوك فإن قتلك لم يكن * عارا عليك، ورب قتل عار [31] ممنوع، بل (عار) خبر لمحذوف، والجملة صفة للمجرور، أو خبر للمجرور، إذ هو في موضع مبتدأ كما سيأتي. وليس معناها التقليل دائما، خلافا للاكثرين، ولا التكثير دائما، خلافا لابن درستويه وجماعة، بل ترد للتكثير كثيرا وللتقليل قليلا. فمن الاول (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) وفى الحديث (يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة) وسمع أعرابي يقول بعد انقضاء رمضان (يا رب صائمه لن يصومه، ويا رب قائمه لن يقومه) وهو مما تمسك به الكسائي على إعمال اسم الفاعل المجرد بمعنى الماضي، وقال الشاعر:

(هامش)

(1) في نسخة (قيل: على الظرف، على نيابتها وصلتها عن الوقت). (*)

ص 135

206 - فيارب يوم قد لهوت وليلة * بآنسة كأنها خط تمثال [ص 587] وقال آخر: 207 - ربما أوفيت في علم * ترفعن ثوبي شمالات [ص 137 و 309] ووجه الدليل أن الآية والحديث والمثال مسوقة للتخويف، والبيتين مسوقان للافتخار، ولا يناسب واحدا منهما التقليل. ومن الثاني قول أبى طالب [في النبي صلى الله عليه وسلم]: 208 - وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة لارامل [ص 136] وقول الآخر: 209 - ألا رب مولود وليس له أب * وذى ولد لم يلده أبوان وذى شامة غراء في حر وجهه * مجللة لا تنقضي لاوان ويكمل في تسع وخمس شبابه * ويهرم في سبع معا وثمان أراد عيسى وآدم عليهما السلام والقمر، ونظير رب في إفادة التكثير (كم) الخبرية، وفى إفادته تارة وإفادة التقليل أخرى (قد)، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى في حرف القاف، وصيغ التصغير، تقول: حجير ورجيل، فتكون للتقليل، وقال: 210 - فويق جبيل شامخ لن تناله * بقنته حتى تكل وتعملا

ص 136

وقال لبيد: [وكل أناس سوف تدخل بينهم] * دويهية تصفر منها الانامل [62] إلا أن الغالب في قد والتصغير إفادتهما التقليل، ورب بالعكس. وتنفرد رب بوجوب تصديرها، ووجوب تنكير مجروها، ونعته إن كان ظاهرا، وإفراده، وتذكيره، وتمييزه بما يطابق المعنى إن كان ضميرا، وغلبة حذف معداها، ومضيه، وإعمالها محذوفة بعد الفاء كثيرا، وبعد الواو أكثر، وبعد بل قليلا، وبدونهن أقل، كقوله: 211 - فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع * [فألهيتها عن ذى تمائم محول] [ص 161] وقوله: * وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * [208] وقوله: 212 - * بل بلد ذى ضعد وآكام * وقوله: * رسم دار وقفت في طلله * [182] وبأنها زائدة في الاعراب دون المعنى، فمحل مجرورها في نحو (رب رجل صالح عندي) رفع على الابتدائية، وفى نحو (رب رجل صالح لقيت) نصب على المفعولية، وفى نحو (رب رجل صالح لقيته) رفع أو نصب، كما في قولك (هذا لقيته) ويجوز مراعاة محله كثيرا وإن لم يجز نحو (مررت بزيد وعمرا) إلا قليلا، قال 213 - وسن كسنيق سناء وسنما * ذعرت بمدلاح الهجير نهوض (1)

(هامش)

(1) ذعرت: أخفت، ومدلاح الهجير: أراد به فرسا كثير العرق في وقت الهاجرة. (*)

ص 137

فعطف (سنما) على محل سن، والمعنى ذعرت بهذا الفرس ثورا وبقرة عظيمة، وسنيق: اسم جبل بعينه، وسناء: ارتفاعا. وزعم الزجاج وموافقوه أن مجرورها لا يكون إلا في محل نصب، والصواب ما قدمناه. وإذا زيدت (ما) بعدها فالغالب أن تكفها عن العمل، وأن تهيئها للدخول على الجمل الفعلية، وأن يكون الفعل ماضيا لفظا ومعنى، كقوله: ربما أوفيت في علم * ترفعن ثوبي شمالات [207] ومن إعمالها قوله: 214 - ربما ضربة بسيف صقيل * بين بصرى وطعنة نجلاء [ص 312] ومن دخولها على [الجملة] الاسمية قول أبى داود: 215 - ربما الجامل المؤبل فيهم * وعناجيج بينهن المهار [ص 310] وقيل: لا تدخل المكفوفة على الاسمية أصلا، وإن (ما) في البيت نكرة موصوفة، والجامل: خبر لهو محذوفا، والجملة صفة لما. ومن دخولها على الفعل المستقبل قوله تعالى: (ربما يود الذين كفروا) وقيل: هو مؤول بالماضي، على حد قوله تعالى: (ونفخ في الصور) وفيه تكلف، لافتضائه أن الفعل المستقبل عبر به عن ماض متجوز به عن المستقبل، والدليل على صحة استقبال ما بعدها قوله: 216 - فإن أهلك فرب فتى سيبكى * على مهذب رخص البنان وقوله: 217 - يا رب قائلة غدا * يا لهف أم معاويه

ص 138

وفى رب ست عشرة لغة: ضم الراء، وفتحها، وكلاهما مع التشديد والتخفيف، والاوجه الاربعة مع تاء التأنيث ساكنة أو محركة ومع التجرد منها: فهذه اثنتا عشرة، والضم والفتح مع إسكان الباء، وضم الحرفين مع التشديد ومع التخفيف.

حرف السين المهملة

السين المفردة:

حرف يختص بالمضارع، ويخلصه للاستقبال، وينزل منه منزلة الجزء، ولهذا لم يعمل فيه مع اختصاصه به، وليس مقتطعا من (سوف) خلافا للكوفيين، ولا مدة الاستقبال معه أضيق منها مع سوف خلافا للبصريين، ومعنى قول المعربين فيها (حرف تنفيس) حرف توسيع، وذلك أنها نقلت (1) المضارع من الزمن الضيق - وهو الحال - إلى الزمن الواسع وهو الاستقبال، وأوضح من عبارتهم قول الزمخشري وغيره (حرف استقبال) وزعم بعضهم أنها قد تأتى للاستمرار لا للاستقبال، ذكر ذلك في قوله تعالى: (ستجدون آخرين) الآية، واستدل عليه بقوله تعالى: (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم) مدعيا أن ذلك إنما نزل بعد قولهم (ما ولاهم) قال: فجاءت السين إعلاما بالاستمرار لا بالاستقبال، انتهى. وهذا الذى قاله لا يعرفه النحويون، وما استند إليه من أنها نزلت بعد قولهم (ما ولاهم) غير موافق عليه، قال الزمخشري: فإن قلت: أي فائدة في الاخبار بقولهم قبل وقوعه ؟ قلت: فائدته أن المفاجأة للمكروه أشد، والعلم به قبل وقوعه أبعد عن الاضطراب إذا وقع، انتهى. ثم لو سلم فالاستمرار إنما استفيد من المضارع، كما تقول (فلان يقرى الضيف ويصنع الجميل) تريد أن ذلك دأبه، والسين مفيدة للاستقبال، إذ الاستمرار إنما يكون في المستقبل، وزعم الزمخشري أنها إذا دخلت على فعل محبوب أو مكروه أفادت أنه واقع لا محالة، ولم أر من فهم وجه ذلك، ووجهه أنها تفيد الوعد

(هامش)

(1) في عدة نسخ (تقلب). (*)

ص 139

صول الفعل، فدخولها على ما يفيد الوعد أو الوعيد مقتض لتوكيده وتثبيت معناه، وقد أومأ إلى ذلك في سورة البقرة فقال في (فسيكفيكهم الله): ومعنى السين أن ذلك كأئن لا محالة وإن تأخر إلى حين، وصرح به في سورة براءة فقال في (أولئك سيرحمهم الله): السين مفيدة وجود الرحمة لا محالة، فهى تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد إذا قلت (سأنتقم منك).

(سوف)

مرادفة للسين، أو أوسع منها، على الخلاف (1)، وكأن القائل بذلك نظر إلى أن كثرة الحروف تدل على كثرة المعنى، وليس بمطرد، ويقال فيها (سف) بحذف الوسط، و (سو) بحذف الاخير، و (سى) بحذفه وقلب الوسط ياء مبالغة في التخفيف، حكاها صاحب المحكم. وتنفرد عن السين بدخول اللام عليها نحو (ولسوف يعطيك ربك فترضى) وبأنها قد تفصل بالفعل الملغى، كقوله: وما أدرى وسوف إخال أدرى * أقوم آل حصن أم نساء ؟ [51] (سى) من (لا سيما) - اسم بمنزلة مثل وزنا ومعنى، وعينه في الاصل واو، وتثنيته سيان، وتستغني حينئذ عن الاصافة كما استغنت عنها مثل في قوله: * والشر بالشر عند الله مثلان * [81] واستغنوا بتثنيته عن تثنية سواء، فلم يقولوا سواآن إلا شاذا كقوله: 218 - فيا رب إن لم تقسم الحب بيننا * سواءين فاجعلني على حبها جلدا وتشديد يائه ودخول (لا) عليه ودخول الواو على (لا) واجب، قال ثعلب: من استعمله على خلاف ما جاء في قوله:

(هامش)

(1) يريد خلاف البصريين الذين يقولون: إن المدة مع سوف أوسع منها مع السين، والكوفيين الذين يقولون: إنهما مترادفان وليست المدة مع سوف أوسع، بل هما مستويان. (*)

ص 140

219 - [ألا رب يوم صالح لك منهما] * ولا سيما يوم بدارة جلجل [ص 313 و 421] فهو مخطئ، اه‍. وذكر غيره أنه قد يخفف، وقد تحذف الواو، كقوله: 220 - فه بالعقود وبالايمان، لا سيما * عقد وفاء به من أعظم القرب وهى عند الفارسى نصب على الحال، فإذا قيل (قاموا لا سيما زيد) فالناصب قام، ولو كان كما ذكر لامتنع دخول الواو، ولوجب تكرار (لا) كما تقول (رأيت زيدا لا مثل عمرو ولا مثل خالد) وعند غيره هو اسم للا التبرئة، ويجوز في الاسم الذى بعدها الجر والرفع مطلقا، والنصب أيضا إذا كان نكرة، وقد روى بهن * ولا سيما يوم * [219] والجر أرجحها، وهو على الاضافة، وما زائدة بينهما مثلها في (أيما الاجلين قضيت) والرفع على أنه خبر لمضمر محذوف، وما موصولة أو نكرة موصوفة بالجملة، والتقدير: ولا مثل الذى هو يوم، أولا مثل شيء هو يوم، ويضعفه في نحو (ولا سيما زيد) حذف العائد المرفوع مع عدم الطول، وإطلاق (ما) على من يعقل، وعلى الوجهين ففتحة سى إعراب، لانه مضاف، والنصب على التمييز كما يقع التمييز بعد مثل في نحو (ولو جئنا بمثله مددا) وما كافة عن الاضافة، والفتحة بناء مثلها في (لا رجل) وأما انتصاب المعرفة نحو (ولا سيما زيدا) فمنعه الجمهور، وقال ابن الدهان: لا أعرف له وجها، ووجهه بعضهم بأن ما كافة، وأن لاسيما نزلت منزلة إلا في الاستثناء، ورد بأن المستثنى مخرج، وما بعدها داخل من باب أولى، وأجيب بأنه مخرج مما أفهمه الكلام السابق من مساواته لما قبلها، وعلى هذا فيكون استثناء منقطعا.

(سواء)

تكون بمعنى مستو [ويوصف به المكان بمعنى أنه نصف بين مكانين] (1)

(هامش)

(1) هذه العبارة ساقطة من النسخة التى شرح عليها الدسوقي. (*)

ص 141

والافصح فيه حينئذ أن يقصر مع الكسر (1) نحو (مكانا سوى) وهو أحد الصفات التى جاءت على فعل كقولهم (ماء روى) و (قوم عدى) وقد تمد مع الفتح نحو (مررت برجل سواء والعدم). وبمعنى الوسط، وبمعنى التام، فتمد فيهما مع الفتح، نحو قوله تعالى (في سواء الجحيم)، وقولك (هذا درهم سواء). وبمعنى القصد، فتقصر مع الكسر، وهو أغرب معانيها، كقوله: 221 - فلاصرفن سوى حذيفة مدحتي * لفتى العشى وفارس الاحزاب ذكره ابن الشجرى. وبمعنى مكان أو غير، على خلاف في ذلك، فتمد مع الفتح وتقصر مع الضم ويجوز الوجهان مع الكسر، وتقع هذه صفة واستثناء كما تقع غير، وهو عند الزجاجي وابن مالك كغير في المعنى والتصرف، فتقول (جاءني سواك) بالرفع على الفاعلية، و (رأيت سواك) بالنصب على المفعولية، و (ما جاءني أحد سواك) بالنصب والرفع وهو الارجح، وعند سيبويه والجمهور أنها ظرف مكان ملازم للنصب، لا يخرج عن ذلك إلا في الضرورة، وعند الكوفيين وجماعة أنها ترد بالوجهين، ورد على من نفى ظرفيتها بوقوعها صلة، قالوا (جاء الذى سواك) وأجيب بأنه على تقدير سوى خبرا لهو محذوفا أو حالا لثبت مضمرا كما قالوا (لا أفعله ما أن حراء مكانه) ولا يمنع الخبرية قولهم (سواءك) بالمد والفتح، لجواز أن يقال: إنها بنيت لاضافتها إلى المبنى كما في غير. (تنبيه) يخبر لسواء التى بمعنى مستو عن الواحد فما فوقه، نحو (ليسوا سواء) لانها في الاصل مصدر بمعنى الاستواء، وقد أجيز في قوله تعالى (سواء عليهم

(هامش)

(1) في نسخة (فتقصر مع الكسر). [*)

ص 142

أأنذرتهم أم لم تنذرهم) كونها خبرا عما قبلها أو عما بعدها أو مبتدأ وما بعدها فاعل على الاول ومبتدأ على الثاني وخبر على الثالث، وأبطل ابن عمرون الاول بأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، والثانى بأن المبتدأ المشتمل على الاستفهام واجب التقديم، فيقال له: وكذا الخبر، فإن أجاب بأنه مثل (زيد أين هو) منعناه وقلنا له: بل مثل (كيف زيد) لان (أأنذرتم) إذا لم يقدر بالمفرد لم يكن خبرا، لعدم تحمله ضمير سواء، وأما شبهته فجوابها أن الاستفهام هنا ليس على حقيقته، فإن أجاب بأنه كذلك في نحو (علمت أزيد قائم) وقد أبقى عليه استحقاق الصدرية بدليل التعليق، قلنا: بل الاستفهام مراد هنا، إذ المعنى علمت ما يجاب به قول المستفهم أزيد قائم، وأما في الآية ونحوها فلا استفهام البتة، لا من قبل المتكلم ولا غيره.

حرف العين المهملة

(عدا)  

مثل خلا، فيما ذكرناه من القسمين (1)، وفى حكمها مع (ما) والخلاف في ذلك، ولم يحفظ سيبويه فيها إلا الفعلية.

(على)

على وجهين: أحدهما: أن تكون حرفا، وخالف في ذلك جماعة، فزعموا أنها لا تكون إلا اسما، ونسبوه لسيبويه، ولنا أمران: أحدهما قوله: 222 - تحن فتبدى ما نها من صبابة * وأخفى الذى لو لا الاسى لقضانى [ص 577] أي لقضى على، فحذفت (على) وجعل مجرورها مفعولا، وقد حمل الاخفش على ذلك (ولكن لا تواعدوهن سرا) أي على سر، أي نكاح، وكذلك (لاقعدن لهم صراطك المستقيم) أي على صراطك.

(هامش)

(1) انظر قول المؤلف في ذلك (ص 133) (*)

ص 143

والثانى: أنهم يقولون (نزلت على الذى نزلت) أي عليه كما جاء (ويشرب مما تشربون) أي منه. ولها تسعة معان: أحدها: الاستعلاء، إما على المجرور وهو الغالب نحو (وعليها وعلى الفلك تحملون) أو على ما يقرب منه نحو (أو أجد على النار هدى) وقوله: * وبات على النار الندى والمحلق * [141] وقد يكون الاستعلاء معنويا نحو (ولهم على ذنب) ونحو (فضلنا بعضهم على بعض). الثاني: المصاحبة كمع نحو (وآتى المال على حبه) (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم). الثالث: المجاوزة كعن كقولة: 223 - إذا رضيت على بنو قشير * لعمر الله أعجبني رضاها [ص 677] أي عنى، ويحتمل أن (رضى) ضمن معنى عطف، وقال الكسائي: حمل على نقيضه وهو سخط، وقال: 224 - في ليلة لا نرى بها أحدا * يحكى علينا إلا كواكبها [ص 563 و 678] أي عنا، وقد يقال: ضمن يحكى معنى ينم. الرابع: التعليل كاللام، نحو (ولتكبروا الله على ما هداكم) أي لهدايته إياكم، وقوله: 225 - علام تقول الرمح يثقل عاتقي * إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت (1)

(هامش)

(1) (تقول) في هذا البيت بمعنى تظن، فينتصب بها المبتدأ والخبر. (*)

ص 144

الخامس: الظرفية كفى نحو (ودخل المدينة على حين غفلة) ونحو (واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان) أي: [في] زمن ملكه، ويحتمل أن (تتلو) مضمن معنى تتقول، فيكون بمنزلة (ولو تقول علينا بعض الاقاويل). السادس: موافقة من نحو (إذا اكتالوا على الناس يستوفون). السابع: موافقة الباء نحو (حقيق على أن لا أقول) وقد قرأ أبى بالباء. وقالوا: اركب على اسم الله. الثامن: أن تكون زائدة: للتعويض، أو غيره. فالاول كقوله: 226 - إن الكريم وأبيك يعتمل * إن لم يجد يوما على من يتكل أي: من يتكل عليه، فحذف (عليه) وزاد على قبل الموصول تعويضا له، قاله ابن جنى، وقيل: المراد إن لم يجد يوما شيءا، ثم ابتدأ مستفهما فقال: على من يتكل ؟ وكذا قيل في قوله: 227 - ولا يؤاتيك فيما ناب من حدث * إلا أخو ثقة، فانظر بمن تثق [ص 170] إن الاصل فانظر لنفسك، ثم استأنف الاستفهام، وابن جنى يقول في ذلك أيضا: إن الاصل فانظر من تثق به، فحذف الباء ومجرورها، وزاد الباء عوضا، وقيل: بل تم الكلام عند قوله فانظر، ثم ابتدأ مستفهما، فقال: بمن تثق ؟ والثانى قول حميد بن ثور: 228 - أبى الله إلا أن سرحة مالك * على كل أفنان العضاه تروق قاله ابن مالك، وفيه نظر، لان (راقه الشيء) بمعنى أعجبه، ولا معنى له هنا، وإنما المراد تعلو وترتفع.

ص 145

التاسع: أن تكون للاستدراك والاضراب، كقولك: فلان لا يدخل الجنة لسوء صنيعه على أنه لا ييأس من رحمة الله تعالى، وقوله: 229 - فوالله لا أنسى قتيلا رزئته * بجانب قوسى ما بقيت على الارض على أنها تعفو الكلوم، وإنما * نوكل بالادنى وإن جل ما يمضى أي على أن العادة نسيان المصائب البعيدة العهد، وقوله: 230 - بكل تداوينا فلم يشف مابنا * على أن قرب الدار خير من البعد ثم قال: على أن قرب الدار ليس بنافع * إذا كان من تهواه ليس بذى ود أبطل بعلى الاولى عموم قوله (لم يشف مابنا) فقال: بلى إن فيه شفاءما، ثم أبطل بالثانية قوله (على أن قرب الدار خير من البعد). وتعلق على هذه بما قبلها [عند من قال به] كتعلق حاشا بما قبلها عند من قال به، لانها أوصلت معناه إلى ما بعدها على وجه الاضراب والاخراج، أو هي خبر لمبتدأ محذوف، أي والتحقيق على كذا، وهذا الوجه اختاره ابن الحاجب، قال: ودل على ذلك أن الجملة الاولى وقعت على غير التحقيق، ثم جئ بما هو التحقيق فيها. والثانى: من وجهى على: أن تكون اسما بمعنى فوق، وذلك إذا دخلت عليها من، كقوله:

ص 146

231 - غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها * [تصل وعن قيض بزيزاء مجهل] [ص 532] وزاد الاخفش موضعا آخر، وهو أن يكون مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى واحد، نحو قوله تعالى (أمسك عليك زوجك) وقول الشاعر: 232 - هون عليك، فإن الامور * بكف الاله مقادرها [ص 487 و 532] لانه لا يتعدى فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل في غير باب ظن وفقد وعدم، لا يقال (ضربتني) ولا (فرحت بى). وفيه نظر، لانها لو كانت اسما في هذه المواضع لصح حلول فوق محلها، ولانها لو لزمت اسميتها لما ذكر لزم الحكم باسمية إلى في نحو (فصرهن إليك) (واضمم إليك) (وهزى إليك) وهذا كله يتخرج إما على التعلق بمحذوف كما قيل في اللام في (سقيا لك) وإما على حذف مضاف، أي: هون على نفسك، واضمم إلى نفسك، وقد خرج ابن مالك على هذا قوله: 233 - وما أصاحب من قوم فأذكرهم * إلا يزيدهم حبا إلى هم فادعى أن الاصل: يزيدون أنفسهم، ثم صار يزيدونهم، ثم فصل ضمير الفاعل للضرورة وأخر عن ضمير المفعول، وحامله على ذلك ظنه أن الضميرين لمسمى واحد، وليس كذلك، فإن مراده أنه ما يصاحب قوما فيذكر قومه لهم إلا ويزيد هؤلاء القوم قومه حبا إليه، لما يسمعه من ثنائهم عليهم، والقصيدة في حماسة أبى تمام، ولا يحسن تخريج ذلك على ظاهره، كما قيل في قوله: 234 - قد بت أحرسني وحدي، ويمنعنى * صوت السباع به يضبحن والهام لان ذلك شعر، فقد يستسهل فيه مثل هذا، ولا على قول ابن الانباري إن إلى قد

ص 147

ترد اسما، فيقال (انصرفت من إليك) كما يقال (غدوت من عليك) لانه إن كان ثابتا ففى غاية الشذوذ، ولا على قول ابن عصفور إن إليك في (واضمم إليك) إغراء، والمعنى خذ جناحك، أي عصاك، لان إلى لا تكون بمعنى خذ عند البصريين، ولان الجناح ليس بمعنى العصا إلا عند الفراء وشذوذ من المفسرين.

(عن)  

على ثلاثة أوجه: أحدها: أن تكون حرف جر (1)، وجميع ما ذكر لها عشرة معان: أحدها: المجاوزة، ولم يذكر البصريون سواه، نحو (سافرت عن البلد) و (رغبت عن كذا) و (رميت السهم عن القوس) وذكر لها في هذا المثال معنى غير (2) هذا، وسيأتى. الثاني: البدل، نحو (واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيءا) وفى الحديث (صومي عن أمك). الثالث: الاستعلاء، نحو (فإنما يبخل عن نفسه) وقول ذى الاصبع: 235 - لاه ابن عمك، لا أفضلت في حسب * عنى، ولا أنت ديانى فتخزونى أي لله در ابن عمك لا أفضلت في حسب على ولا أنت مالكى فتسوسنى، وذلك لان المعروف أن يقال (أفضلت عليه) قيل: ومنه قوله تعالى (إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى) أي قدمته عليه، وقيل: هي على بابها، وتعلقها بحال محذوفة، أي منصرفا عن ذكر ربى، وحكى الرماني عن أبى عبيدة أن أحببت من (أحب البعير إحبابا) إذا برك فلم يثر، فعن متعلقة به باعتبار معناه التضمنى، وهى على حقيقتها، أي إنى تثبطت عن ذكر ربى، وعلى هذا فحب الخير مفعول لاجله.

(هامش)

(1) في نسخة (حرفا جارا). (2) في نسخة (معنى آخر). (*)

ص 148

الرابع: التعليل، نحو (وما كان استغفار إبراهيم لابيه إلا عن موعدة) ونحو (وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك) ويجوز أن يكون حالا من ضمير (تاركى) أي ما نتركها صادرين عن قولك، وهو رأى الزمخشري، وقال في فأزلهما الشيطان عنها): إن كان الضمير للشجرة فالمعنى حملهما على الزلة بسببها، وحقيقته أصدر الزلة عنها، ومثله (وما فعلته عن أمرى) وإن كان للجنة فالمعنى نحاهما عنها. الخامس: مرادفة بعد، نحو (عما قليل ليصبحن نادمين) (يحرفون الكلم عن مواضعه) بدليل أن في مكان آخر (من بعد مواضعه) ونحو (لتركبن طبقا عن طبق) إى حالة بعد حالة، وقال: 236 - * ومنهل وردته عن منهل * السادس: الظرفية كقوله: 237 - وآس سراة الحى حيث لقيتهم * ولاتك عن حمل الرباعة وانيا الرباعة: نجوم الحمالة، قيل: لان ونى لا يتعدى إلا بفى، بدليل (ولا تنيا في ذكرى) والظاهر أن معنى (ونى عن كذا) جاوزه ولم يدخل فيه، وونى فيه دخل فيه وفتر. السابع: مرادفة من، نحو (وهو الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات) الشاهد في الاولى (أولئك الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا) بدليل (فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر) (ربنا تقبل منا). الثامن: مرادفة الباء، نحو (وما ينطق عن الهوى) والظاهر أنها على حقيقتها، وأن المعنى وما يصدر قوله عن هوى.

ص 149

التاسع: الاستعانة، قاله ابن مالك، ومثله برميت عن القوس، لانهم يقولون أيضا: رميت بالقوس، حكاهما الفراء، وفيه رد على الحريري في إنكاره أن يقال ذلك، إلا إذا كانت القوس هي المرمية، وحكى أيضا (رميت على القوس). العاشر: أن تكون زائدة للتعويض من أخرى محذوفة، كقوله: 238 - أتجزع إن نفس أتاها حمامها * فهلا التى عن بين جنبيك تدفع قال ابن جنى: أراد فهلا تدفع عن التى بين جنبيك، فحذفت عن من أول الموصول، وزيدت بعده. الوجه الثاني: أن تكون حرفا مصدريا، وذلك أن بنى تميم يقولون في نحو أعجبني أن تفعل: عن تفعل، قال ذو الرمة: 239 - أعن ترسمت من خرقاء منزلة * ماء الصبابة من عينيك مسجوم (1) يقال (ترسمت الدار (1)) أي تأملتها، وسجم الدمع: سال، وسجمته العين: أسالته، وكذا يفعلون في أن المشددة، فيقولون: أشهد عن محمدا رسول الله، وتسمى عنعنة تميم. الثالث: أن تكون اسما بمعنى جانب، وذلك يتعين في ثلاثة مواضع: أحدها: أن يدخل عليها من، وهو كثير كقوله: 240 - فلقد أرانى للرماح دريئة * من عن يمينى تارة وأمامي (2) [ص 532] ويحتمله عندي (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم) فتقدر معطوفة على مجرور من، لا على من ومجرورها، ومن الداخلة على عن زائدة عند ابن مالك، ولابتداء الغاية عند غيره، قالوا: فإذا قيل (فعدت عن

(هامش)

(1) في نسخة (توسمت من خرقاء) بالواو.
(2) في نسخة (مرة وأمامي) (*)

ص 150

يمينه) فالمعنى في جانب يمينه، وذلك محتمل للملاصقة ولخلافها، فإن جئت بمن تعين كون القعود ملاصقا لاول الناحية. والثانى: أن يدخل عليها على، وذلك نادر، والمحفوظ منه بيت واحد، وهو قوله: 241 - على عن يمينى مرت الطير سنحا * [وكيف سنوح واليمين قطيع ؟] الثالث: أن يكون مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى واحد، قاله الاخفش، وذلك كقول امرئ القيس: 242 - ودع عنك نهبا صيح في حجراته * [ولكن حديث ما حديث الرواحل (1)] [ص 532] وقول أبى نواس: 243 - دع عنك لومى فإن اللوم إغراء * [وداونى بالتى كانت هي الداء] وذلك لئلا يؤدى إلى تعدى فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل، وقد تقدم الجواب عن هذا، ومما يدل على أنها ليست هنا اسما أنه لا يصح حلول الجانب محلها

(عوض) ظرف لاستغراق المستقبل

مثل (أبدا)، إلا أنه مختص بالنفى، وهو معرب إن أضيف، كقولهم (لا أفعله عوض العائضين) مبنى إن لم يضف، وبناؤه إما على الضم كقبل، أو على الكسر كأمس، أو على الفتح كأين، وسمى الزمان عوضا لانه كلما مضى جزء منه عوضه جزء آخر، وقيل: بل لان الدهر في زعمهم يسلب ويعوض، واختلف في قول الاعشيء: 244 - رضيعى لبان ثدى أم، تحالفا * بأسحم داج عوض لا نتفرق [ص 209 و 591]

(هامش)

(1) ويروى (ولكن حديثا). (*)

ص 151

فقيل: ظرف لنتفرق، وقال ابن الكلبى: قسم، وهو اسم صنم كان لبكر بن وائل، بدليل قوله: 245 - حلفت بمائرات حول عوض * وأنصاب تركن لدى السعير والسعير: اسم لصنم كان لعنزة، انتهى. ولو كان كما زعم لم يتجه بناؤه في البيت.

(عسى)  

فعل مطلقا، لا حرف مطلقا خلافا لابن السراج وثعلب، ولا حين يتصل بالضمير المنصوب كقوله: 246 - * يا أبتا علك أو عساكا * [ص 699] خلافا لسيبويه، حكاه عنه السيرافى، ومعناه الترجي في المحبوب والاشفاق في المكروه، وقد اجتمعا في قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيءا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيءا وهو شر لكم). وتستعمل على أوجه: أحدها - أن يقال (عسى زيد أن يقوم) واختلف في إعرابه على أقوال: أحدها - وهو قول الجمهور - أنه مثل كان زيد يقوم، واستشكل بأن الخبر في تأويل المصدر، والمخبر عنه ذات، ولا يكون الحدث عين الذات، وأجيب بأمور، أحدها: أنه على تقدير مضاف: إما قبل الاسم، أي عسى أمر زيد القيام، أو قبل الخبر، أي عسى زيد صاحب القيام، ومثله (ولكن البر من آمن بالله) أي ولكن صاحب البر من آمن بالله، أو ولكن البر بر من آمن بالله، والثانى أنه من باب (زيد عدل، وصوم) ومثله (وما كان هذا القرآن أن يفترى) والثالث أن أن زائدة لا مصدرية، وليس بشيء، لانها قد نصبت، ولانها لا تسقط إلا قليلا. والقول الثاني: أنها فعل متعد بمنزلة قارب معنى وعملا، أو قاصر بمنزلة قرب

ص 152

من أن يفعل، وحذف الجار توسعا، وهذا مذهب سيبويه والمبرد. والثالث: أنها فعل قاصر بمنزلة قرب، وأن يفعل (1): بدل اشتمال من فاعلها، وهو مذهب الكوفيين، ويرده أنه حينئذ يكون بدلا لازما تتوقف عليه فائدة الكلام، وليس هذا شأن البدل. والرابع: أنها فعل ناقص كما يقول الجمهور، وأن والفعل بدل اشتمال كما يقول الكوفيون، وأن هذا البدل سد مسد الجزأين كما سد مسد المفعولين في قراءة حمزة رحمه الله (ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير) بالخطاب، واختاره ابن مالك الاستعمال الثاني: أن نسند إلى أن والفعل، فتكون فعلا تاما، هذا هو المفهوم من كلامهم، وقال ابن مالك: عندي أنها ناقصة أبدا، ولكن سدت أن وصلتها في هذه الحالة مسد الجزأين كما في (أحسب الناس أن يتركوا) إذ لم يقل أحد إن حسب خرجت في ذلك عن أصلها. الثالث والرابع والخامس: أن يأتي بعدها المضارع المجرد، أو المقرون بالسين، أو الاسم المفرد نحو (عسى زيد يقوم، وعسى زيد سيقوم، وعسى زيد قائما) والاول قليل كقوله: 247 - عسى الكرب الذى أمسيت فيه * يكون وراءه فرج قريب [ص 579] والثالث أقل كقوله: 248 - أكثرت في اللؤم ملحا دائما * لا تكثرن إنى عسيت صائما وقولهم في المثل (عسى الغوير أبؤسا) كذا قالوا، والصواب أنهما مما حذف فيه الخبر: أي يكون أبؤسا، وأكون صائما، لان في ذلك إبقاء لها على الاستعمال الاصلى، ولان المرجو كونه صائما، لا نفس الصائم.

(هامش)

(1) في نسخة (وأن والفعل - إلخ). (*)

ص 153

والثانى نادر جدا كقوله: 249 - عسى طيئ من طيئ بعد هذه * ستطفئ غلات الكلى والجوانح وعسى فيهن فعل ناقص بلا إشكال. والسادس: أن يقال (عساى، وعساك، وعساه) وهو قليل، وفيه ثلاثة مذاهب: أحدها: أنها أجريت مجرى لعل في نصب الاسم ورفع الخبر، كما أجريت لعل مجراها في اقتران خبرها بأن، قاله سيبويه، والثانى: أنها باقية على عملها عمل كان ولكن استعير ضمير النصب مكان ضمير الرفع، قاله الاخفش، ويرده أمران، أحدهما: أن إنابة ضمير عن ضمير إنما ثبت في المنفصل، نحو (ما أنا كأنت، ولا أنت كأنا) وأما قوله: 250 - يا أبن الزبير طالما عصيكا * [وطالما عنيتنا إليكا] فالكاف بدل من التاء بدلا تصريفيا، لا من إنابة ضمير عن ضمير كما ظن ابن مالك، والثانى: أن الخبر قد ظهر مرفوعا في قوله: 251 - فقلت عاها نار كأس وعلها * تشكى فأتي نحوها فاعودها والثالث: أنها باقية على إعمالها عمل كان، ولكن قلب الكلام، فجعل المخبر عنه خبرا وبالعكس، قاله المبرد والفارسي، ورد باستلزامه في نحو قوله: * يا أبتا علك أو عساك * [246] الاقتصار على فعل ومنصوبه، ولهما أن يجيبا بأن المنصوب هنا مرفوع في المعنى، إذ مدعاهما أن الاعراب قلب والمعنى بحاله. السابع: (عسى زيد قائم) حكاه ثعلب، ويتخرج هذا على أنها ناقصة، وأن اسمها ضمير الشأن، والجملة الاسمية الخبر.

ص 154

تنبيه - إذا قيل (زيد عسى أن يقوم) احتمل نقصان عسى على تقدير تحملها الضمير، وتمامها على تقدير خلوها منه، وإذا قلت (عسى أن يقوم زيد) احتمل الوجهين أيضا، ولكن يكون الاضمار في يقوم لا في عسى، اللهم إلا أن تقدر العاملين تنازعا زيدا، فيحتمل الاضمار في عسى على إعمال الثاني، فإذا قلت (عسى أن يضرب زيد عمرا) فلا يجوز كون زيد اسم عسى، لئلا يلزم الفصل بين صلة أن ومعمولها وهو عمرا بالأجنبي وهو زيد، ونظير هذا المثال قوله تعالى: (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا).

(عل) بلام خفيفة - اسم بمعنى فوق  

التزموا فيه أمرين، أحدهما، استعماله مجرورا بمن، والثانى: استعماله غير مضاف، فلا يقال (أخذته من على السطح) كما يقال (من علوه، ومن فوقه) وقد وهم في هذا جماعة منهم الجوهرى وابن مالك، وأما قوله: 252 - يا رب يوم لى لا أظلله * أرمض من تحت وأضحى من عله فالهاء للسكت، بدليل أنه مبنى، ولا وجه لبنائه لو كان مضافا. ومتى أريد به المعرفة كان مبنيا على الضم تشبيها له بالغايات كما في هذا البيت، إذ المراد فوقية نفسه، لا فوقية مطلقة، والمعنى أنه تصيبه الرمضاء من تحته وحر الشمس من فوقه. ومثله قول الآخر يصف فرسا: 253 - * أقب من تحت عريض من عل * ومتى أريد به النكرة كان معربا كقوله: 254 - [مكر مفر مقبل مدبر معا] * كجلود صخر عطه السيل من عل إذ المراد تشبيه الفرس في سرعته بجلمود انحط من مكان ما عال، لا من علو مخصوص.

ص 155

(عل) بلام مشددة مفتوحة أو مكسورة: لغة في لعل  

وهى أصلها عند من زعم زيادة اللام، قال: 255 - لا تهين الفقير علك أن * تركع يوما والدهر قد رفعه [ص 642] وهما بمنزلة عسى في المعنى، وبمنزلة أن المشددة في العمل، وعقيل تخفض بهما، وتجيز في لامهما الفتح تخفيفا والكسر على أصل التقاء الساكنين، ويصح النصب في جوابهما عند الكوفيين تمسكا بقراءة حفص (لعلى أبلغ الاسباب أسباب السموات فأطلع) بالنصب، وقوله: 256 - عل صروف الدهر أو دولاتها * تدلننا اللمة من لماتها * فتستريح النفس من زفراتها * وسيأتى البحث في ذلك. وذكر ابن مالك في شرح العمدة أن الفعل قد يجزم بلعل (1) عند سقوط الفاء، وأنشد: 257 - لعل التفاتا منك نحوى مقدر * يمل بك من بعد القساوة للرحم وهو غريب. (عند): اسم للحضور الحسى، نحو (فلما رآه مستقرا عنده) والمعنوي نحو (قال الذى عنده علم من الكتاب) وللقرب كذلك نحو (عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى) ونحو (وإنهم عندنا لمن المصطفين الاخيار)

(هامش)

(1) في نسخة (قد يجزم بعد لعل) وهى خير مما أثبتناه في الاصل. (*)

ص 156

وكسر فائها أكثر من ضمها وفتحها، ولا تقع إلا ظرفا أو مجرورة بمن، وقول العامة (ذهبت إلى عنده) لحن وقول بعض المولدين: 258 - كل عند لك عندي * لا يساوى نصف عند قال الحريري: لحن، وليس كذلك، بل كل كلمة ذكرت مرادا بها لفظها فسائغ أن تتصرف تصرف الاسماء وأن تعرب ويحكى أصلها. تنبيهان - الاول: قولنا (عند اسم للحضور) موافق لعبارة ابن مالك، والصواب اسم لمكان الحضور، فإنها ظرف لا مصدر، وتأتى أيضا لزمانه نحو (الصبر عند الصدمة الاولى) وجئتك عند طلوع الشمس. الثاني: تعاقب عند كلمتان: لدى مطلقا، نحو (لدى الحناجر) (لدى الباب) (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم، وما كنت لديهم إذ يختصمون) ولدن إذا كان المحل محل ابتداء غاية نحو (جئت من لدنه) وقد اجتمعتا في قوله تعالى: (آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما) ولو جئ بعند فيهما أو بلدن لصح، ولكن ترك دفعا للتكرار، وإنما حسن تكرار لدى في (وما كنت لديهم) لتباعد ما بينهما، ولا تصلح لدن هنا، لانه ليس محل ابتداء. ويفترقن من وجه ثان، وهو أن لدن لا تكون إلا فضلة، بخلافهما، بدليل (ولدينا كتاب ينطق بالحق وعندنا كتاب حفيظ). وثالث، وهو أن جرها بمن أكثر من نصبها، حتى إنها لم تجئ في التنزيل منصوبة، وجر عند كثير، وجر لدى ممتنع. ورابع، وهو أنهما معربان، وهى مبنية في لغة الاكثرين. وخامس، وهو أنها قد تضاف للجملة كقوله:

ص 157

259 - [صريع غوان راقهن ورقنه] * لدن شب حتى شاب سود الذوائب وسادس، وهو أنها قد لا تضاف، وذلك أنهم حكوا في غدوة الواقعة بعدها الجر بالاضافة، والنصب على التمييز، والرفع بإضمار (كان) تامة. ثم اعلم أن (عند) أمكن من لدى من وجهين: أحدهما: أنها تكون ظرفا للاعيان والمعاني، تقول (هذا القول عندي صواب، وعند فلان علم به) ويمتنع ذلك في لدى، ذكره ابن الشجرى في أماليه ومبرمان في حواشيه. والثانى: أنك تقول (عندي مال) وإن كان غائبا، ولا تقول (لدى مال) إلا إذا كان حاضرا، قاله الحريري وأبو هلال العسكري وابن الشجرى، وزعم المعرى أنه لا فرق بين لدى وعند، وقول غيره أولى. وقد أغناني هذا البحث عن عقد فصل للدن وللدى في باب اللام.

حرف الغين المعجمة

(غير)  

اسم ملازم للاضافة في المعنى، ويجوز أن يقطع عنها لفظا إن فهم المعنى وتقدمت عليها كلمة ليس، وقولهم (لا غير) لحن، ويقال (قبضت عشرة ليس غيرها) برفع غير على حذف الخبر، أي مقبوضا، وبنصبها على إضمار الاسم، أي ليس المقبوض غيرها، و (ليس غير) بالفتح من غير تنوين على إضمار الاسم أيضا وحذف المضاف إليه لفظا ونية ثبوته كقراءة بعضهم (لله الامر من قبل ومن بعد) بالكسر من غير تنوين، أي من قبل الغلب ومن بعده، و (ليس غير) بالضم من غير تنوين، فقال المبرد والمتأخرون: إنها ضمة بناء، لا إعراب، وإن غير شبهت بالغايات كقبل وبعد، فعلى هذا يحتمل أن يكون

ص 158

اسما وأن يكون خبرا، وقال الاخفش: ضمة إعراب لا بناء، لانه ليس باسم زمان كقبل وبعد ولا مكان كفوق وتحت، وإنما هو بمنزلة كل وبعض، وعلى هذا فهو الاسم، وحذف الخبر، وقال ابن خروف: يحتمل الوجهين، و (ليس غيرا) بالفتح والتنوين، و (ليس غير) بالضم والتنوين: وعليهما فالحركة إعرابية، لان التنوين إما للتمكين فلا يلحق إلا المعربات، وإما للتعويض فكأن المضاف إليه مذكور. ولا تتعرف (غير) بالاضافة، لشدة إبهامها، وتستعمل غير المضافة لفظا على وجهين: أحدهما - وهو الاصل -: أن تكون صفة للنكرة نحو (نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل) أو لمعرفة قريبة منها نحو (صراط الذين أنعمت عليهم) الآية، لان المعرف الجنسى قريب من النكرة، ولان غيرا إذا وقعت بين ضدين ضعف إبهامها، حتى زعم ابن السراج أنها حينئذ تتعرف، ويرده الآية الاولى. والثانى: أن تكون استثناء، فتعرب بإعراب الاسم التالى (إلا) في ذلك الكلام، فتقول (جاء القوم غير زيد) بالنصب، و (ما جاءني أحد غير زيد) بالنصب والرفع، وقال تعالى (لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر) يقرأ برفع غير: إما على أنه صفة للقاعدون لانهم جنس، وإما على أنه استثناء وأبدل على حد (ما فعلوه إلا قليل منهم) ويؤيده قراءة النصب وأن حسن الوصف في (غير المغضوب عليهم) إنما كان لاجتماع أمرين الجنسية والوقوع بين الضدين، والثانى مفقود هنا، ولهذا لم يقرأ بالخفض صفة للمؤمنين إلا خارج السبع، لانه لا وجه لها إلا الوصف، وقرئ (ما لكم من إله غيره) بالجر صفة على اللفظ، وبالرفع على الموضع، وبالنصب على الاستثناء، وهى شاذة، وتحتمل (1) قراءة الرفع الاستثناء على أنه إيدال على المحل مثل (لا إله إلا الله).

(هامش)

(1) في نسخة (ويحتمل على قراءة الرفع الاستثناء - إلخ). (*)

الصفحة السابقة الصفحة التالية

مغني اللبيب ج1

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب