ص 393
الثالثة: قال الشيخ (1) رحمه الله: لا يجب على الشهود حضور موضع الرجم. ولعل الاشبه
الوجوب، لوجوب بدأتهم بالرجم. الرابعة: إذا كان الزوج أحد الاربعة، فيه روايتان.
ووجه الجمع: سقوط الحد إن اختل بعض شروط الشهادة، مثل: أن يسبق الزوج بالقذف، فيحد
الزوج، أو يدرؤه باللعان، ويحد الباقون. وثبوت الحد، إن لم يسبق بالقذف، ولم يختل
بعض الشرائط.
يريد ما يعمه حيث يتعذر حضورهم. ووجه عدم الوجوب حينئذ ظاهر، لان
إقامة الحد ليس من وظيفة الشاهد، والاصل عدم اشتراط أمر زائد على شهادتهم، فيقام
وإن ماتوا أو غابوا، خلافا لابي (2) حنيفة، حيث نفى الحد بذلك. هذا [كله] (3) إذا
لم تكن الغيبة فرارا، وإلا تربص بالحد إلى حضورهم، لحصول الشبهة حينئذ. ولا حد
عليهم، لانه ليس برجوع. قوله: (قال الشيخ رحمه الله: لا يجب... إلخ). وجوب حضور
الشهود موضع الرجم مبني على وجوب بدأتهم به، وقد تقدم (4) ضعف مستند الوجوب، وأن
الاستحباب أقوى، فيكون الحكم في حضورهم كذلك، لانه مقدمة الفعل الواجب أو المستحب.
قوله: (إذا كان الزوج... إلخ).
(هامش)
(1) الخلاف 5: 376 مسألة (14). (2) بدائع الصنائع 7: 58، حلية العلماء 8: 31. (3)
من الحجريتين. (4) في ص: 386. (*)
ص 394
قد عرفت فيما سلف (1) أن شهادة الزوج لزوجته وعليها مقبولة، ومقتضى ذلك أنه لو شهد
عليها أربعة بالزنا أحدهم الزوج قبل وثبت عليها الحد، لوجود المقتضي له وانتفاء
المانع. ويؤيده رواية إبراهيم بن نعيم عن الصادق عليه السلام: (أنه سأله عن أربعة
شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها، قال: تجوز شهادتهم) (2). والمراد بالجواز هنا
الصحة. وهذا مذهب الاكثر (3). ولكن ورد هنا رواية بالمنع من قبول شهادتهم، والحكم
بجلد الشهود عدا الزوج، فله درؤه (4) باللعان. وهي رواية زرارة عن أحدهما عليهما
السلام: (في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها، قال: يلاعن، ويجلد الاخرون)
(5). وعمل بمضمونها جماعة (6) منهم الصدوق (7) والقاضي (8). وقد عرفت أن الرواية
مخالفة لاصول المذهب. وهي مع ذلك ضعيفة السند، لان في طريقها محمد بن عيسى
اليقطيني، وحاله مشهور، وإسماعيل بن خراش، وهو مجهول. ولو اضطررنا إلى الجمع بينهما
فالامر كما ذكره المصنف
(هامش)
(1) في ص: 197. (2) التهذيب 6: 282 ح 776، الاستبصار 3: 35 ح 118، الوسائل 15: 606
ب (12) من أبواب كتاب اللعان ح 1. (3) النهاية: 690، الوسيلة: 410، السرائر 3: 430،
قواعد الاحكام 2: 256.(4) في (أ، ت، ث، خ): رده. (5) التهذيب 8: 184 ح 643،
الاستبصار 3: 36 ح 119، الوسائل 15: 606 ب (12) من أبواب اللعان ح 2. (6) الكافي في
الفقه: 415، إيضاح الفوائد 3: 457 - 458. (7) المقنع: 440. (8) المهذب 2: 525. (*)
ص 395
الخامسة: يجب على الحاكم إقامة حدود الله تعالى بعلمه، كحد الزنا. أما حقوق الناس،
فتقف إقامتها على المطالبة، حدا كان أو تعزيرا.
رحمه الله، بحمل الثانية على ما لو
اختل بعض شروط الشهادة، ومنه سبق الزوج بالقذف، وثبوت الحد عليها مع اجتماع الشروط.
وقد تقدم البحث في هذه المسألة مستوفى في كتاب اللعان (1). قوله: (يجب على
الحاكم... إلخ). قد تقدم (2) البحث والمختار في أن الحاكم يحكم بعلمه مطلقا، لانه
أقوى من البينة، ومن جملته الحدود. ثم إن كانت لله تعالى فهو المطالب بها والمستوفي
لها. وإن كانت من حقوق الناس كحد القذف توقف إقامتها على مطالبة المستحق، فإذا طالب
بها حكم بعلمه فيها، لان الحكم بحق الادمي مطلقا يتوقف على التماسه، كما تقدم.
ويؤيد هذا التفصيل هنا رواية الحسين بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(سمعته يقول: الواجب على الامام إذا نظر إلى رجل يزني أو يشرب الخمر أن يقيم عليه
الحد، ولا يحتاج إلى بينة مع نظره، لانه أمين الله في خلقه، وإذا نظر إلى رجل يسرق
فالواجب عليه أن يزبره وينهاه ويمضي ويدعه، قلت: كيف ذاك؟ قال: لان الحق إذا كان
لله تعالى فالواجب على الامام إقامته، وإذا كان للناس فهو للناس) (3).
(هامش)
(1) في ج 10: 258. (2) في ج 13: 383. (3) الكافي 7: 262 ح 15، التهذيب 10: 44 ح
157، الاستبصار 4: 216 ح 809، الوسائل 18:344 ب (32) من أبواب مقدمات الحدود ح 3.
(*)
ص 396
السادسة: إذا شهد بعض، وردت شهادة الباقين، قال في الخلاف والمبسوط: إن ردت بأمر
ظاهر، حد الجميع، وإن ردت بأمر خفي، فعلى المردود الحد دون الباقين. وفيه إشكال، من
حيث تحقق القذف العاري عن بينة. ولو رجع واحد بعد شهادة الاربع، حد الراجع دون
غيره.
قوله: (إذا شهد بعض... إلخ). إذا شهد بعض الاربعة بالزنا فقبلت شهادته، وشهد
الباقي فردت شهادته، سواء كان واحدا أم أكثر، ففي حد الشهود قولان: أحدهما - وهو
ظاهر المصنف رحمه الله حيث استشكل التفصيل، وصريح العلامة (1) -: أنه يحد الجميع،
لتحقق القذف العاري عن البينة التي يثبت بها الزنا. والثاني: التفصيل، فإن ردت
الشهادة بأمر ظاهر حد الجميع كما ذكر، للاقدام على القذف مع تحقق عدم السماع. وإن
ردت بأمر خفي على باقي الشهود فلا حد على غير المردود، لعدم تفريطه، إذ لا اطلاع له
على الباطن، وإنما شهد اعتمادا على ظاهر الحال من عدم المانع من قبول شهادتهم،
وثبوت الزنا الموجب لنفي الحد عنهم. ولانه لولا ذلك لم يأمن كل شاهد بالزنا رد
شهادته أو شهادة أصحابه أو بعضهم، فيكون خوف الحد ذريعة إلى ترك الشهادة وتعطيل
الحدود. وفي هذا التفصيل قوة، وإليه ذهب الشيخ في كتابي الفروع (2) وابن إدريس (3).
(هامش)
(1) إرشاد الاذهان 2: 172.(2) المبسوط 8: 9، الخلاف 5: 391 مسألة (33). (3) السرائر
3: 435. (*)
ص 397
السابعة: إذا وجد مع زوجته رجلا يزني بها، فله قتلهما، ولا إثم عليه. وفي الظاهر
عليه القود، إلا أن يأتي على دعواه ببينة، أو يصدقه الولي.
وأما المردود، فإن كان
رده بظاهر (1) فلا إشكال في حده. وإن كان بخفي ففي حده قولان للشيخ في المبسوط (2)
والخلاف (3)، من أنه لا يعلم رد شهادته، فهو كغيره من الشهود، ومن علمه بكونه على
حالة ترد شهادته لو علم به، بخلاف الشهود. وهذا أقوى. ولا إشكال في اختصاص الحد
بالراجع عن الشهادة بعد أداء الجميع، سواء استوفي الحد من المشهود عليه أم لا،
لكمال البينة. قوله: (إذا وجد مع زوجته... إلخ). إذا اطلع الانسان على الزانيين ولم
يكن من أهل الحدود فمقتضى الاصل عدم جواز استيفائه منهما بنفسه، لكن وردت الرخصة في
جواز قتل الزوجة والزاني بها إذا علم الزوج بهما، سواء كان الفعل يوجب الرجم أو
الجلد، كما لو كان الزاني غير محصن أو كانا غير محصنين، وسواء كان الزوجان حرين أم
عبدين أم بالتفريق، وسواء كان الزوج قد دخل أم لا، وسواء كان دائما أم متعة، عملا
بالعموم. وهذه الرخصة منوطة بنفس الامر، أما في الظاهر، فإن ادعى ذلك عليهما لم
يقبل، وحد للقذف بدون البينة. ولو قتلهما أو أحدهما قيد بالمقتول إن لم يقمبينة على
ما يبيح القتل، ولم يصدقه الولي. وإنما وسيلته مع الفعل باطنا الانكار ظاهرا، ويحلف
إن ادعي عليه، ويوري بما يخرجه عن الكذب إن أحسن، لانه محق في نفس الامر مؤاخذ في
ظاهر الحال.
(هامش)
(1) في (د): بأمر ظاهر. (2) انظر الهامش (2) في الصفحة السابقة. (3) انظر الهامش
(2) في الصفحة السابقة. (*)
ص 398
وقد روى داود بن فرقد في الصحيح قال: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن
أصحاب النبي صلى الله عليه وآله قالوا لسعد بن عبادة: أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك
رجلا ما كنت صانعا به؟ قال: كنت أضربه بالسيف، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه
وآله فقال: ماذا يا سعد؟ فذكر له ما قالوه وما أجاب به، فقال رسول الله صلى الله
عليه وآله: يا سعد وكيف بالاربعة الشهود؟ فقال: يا رسول الله بعد رأي عيني وعلم
الله أن قد فعل! قال: إي والله بعد رأي عينك وعلم الله أن قد فعل، لان الله عز وجل
قد جعل لكل شي حدا، وجعل لمن تعدى ذلك الحد حدا) (1). واعلم أن مقتضى قوله: (إلا أن
يأتي ببينة أو يصدقه الولي) أنه لو أتى ببينة على الزنا فلا قود عليه، وهو يشمل
أيضا ما لو كان الزنا يوجب القتل أو الجلد وحده. ويشكل الحكم في الثاني، لعدم ثبوت
مقتضى القتل، والرخصة منوطة بحكمه في نفس الامر لا في الظاهر. إلا أن يقال: إنها
أباحت له قتلهما مطلقا، وإنما يتوقف جريان هذا الحكم ظاهرا على ثبوت أصل الفعل،
ويختص تفصيل الحد بالرجم والجلد وغيرهما بالامام دون الزوج. وهذا أمر يتوقف على
تحقيق النص في ذلك. والرخصة مقصورة على وجدان الزوج ذلك بالمشاهدة، أما البينة
فسماعهامن وظيفة الحاكم. وفي إلحاق الاقرار بالمشاهدة أو بالبينة إشكال. ويظهر من
(هامش)
(1) الكافي 7: 176 ح 12، الفقيه 4: 16 ح 25، التهذيب 10: 3 ح 5، الوسائل 18: 309 ب
(2) من أبواب مقدمات الحدود ح 1. (*)
ص 399
الثامنة: من افتض بكرا بإصبعه، لزمه مهر نسائها. ولو كانت أمة، لزمه عشر قيمتها.
وقيل: يلزمه الارش. والاول مروي. التاسعة: من تزوج أمة على حرة مسلمة، فوطئها قبل
الاذن، كان
الاصحاب جواز إقامة الزوج الحد على الزوجة على القول بجواز توليه (1)
الحد، لكن لا يختص بالقتل كما هو مورد هذه الرخصة، بل هو بحسب ما يوجبه من جلد
وغيره. قوله: (من افتض بكرا... إلخ). القول بلزوم عشر القيمة للشيخ (2) والاكثر
(3)، استنادا إلى الرواية (4) الدالة على ذلك. وقد تقدمت (5) مرارا. والقول بالارش
لابن إدريس (6)، اطراحا للرواية، ورجوعا إلى حكم الاصل من الجناية على الامة، فيضمن
ما نقصت الجناية من قيمتها. والاشهر الاول، وإن كان المستند لا يخلو من ضعف. ولو
قيل بوجوب أكثر الامرين من الارش والعشر كان حسنا، لان الارش على تقدير زيادته بسبب
نقص حدث في المال بجنايته، فيكون مضمونا. ولو كانت المفتضة زوجة فعل حراما، وعزر،
واستقر المسمى.قوله: (من تزوج أمة... إلخ).
(هامش)
(1) في (د، ص): تولية. (2) النهاية: 699. (3) الوسيلة: 411، إصباح الشيعة: 516،
قواعد الاحكام 2: 256، اللمعة الدمشقية: 166. (4) التهذيب 10: 49 ح 183، الوسائل
18: 410 ب (39) من أبواب حد الزنا ح 5. (5) راجع ج 8: 16، 139. (6) السرائر 3: 449.
(*)
ص 400
عليه ثمن حد الزاني. العاشرة: من زنى في شهر رمضان، نهارا كان أو ليلا، عوقب زيادة
على الحد، لانتهاكه الحرمة. وكذا لو كان في مكان شريف أو زمان شريف.
هو اثنا عشر
سوطا ونصف. وكيفية التنصيف أن يقبض على نصف السوط ويضرب به. وقيل: ضربا بين ضربين.
قوله: (من زنى في شهر رمضان... إلخ). المرجع في الزيادة إلى نظر الحاكم. وفي حكم
رمضان غيره من الازمنة الشريفة، كالاعياد والجمعة ويوم عرفة، كما أن المكان الشريف
مطلق (1).
(هامش)
(1) في (ت، ط): مطلقا، ولعل في العبارة سقطا، تقديره:... مطلقا كذلك. (*)
ص 401
الباب الثاني في اللواط، والسحق، والقيادة

أما اللواط: فهو وط الذكران، بإيقاب
وغيره. وكلاهما لا يثبتان إلا بالاقرار أربع مرات، أو شهادة أربعة رجال بالمعاينة.
ويشترط في المقر: البلوغ، وكمال العقل، والحرية، والاختيار، فاعلا كان أو مفعولا.
ولو أقر دون أربع، لم يحد وعزر. ولو شهد بذلك دون الاربعة لم يثبت، وكان عليهم الحد
للفرية.
قوله: (أما اللواط... إلخ). أراد بالايقاب إدخال الذكر ولو ببعض الحشفة،
لان الايقاب لغة الادخال، فيتحقق الحكم وإن لم يجب الغسل. واعتبر في القواعد (1) في
الايقاب غيبوبة الحشفة. ومطلق الايقاب لا يدل عليه. وبغيره نحو التفخيذ وبين
الاليتين. وكلاهما يطلق عليه اسم اللواط، وإن كان حكمه مختلفا. وإطلاق الوطي على
هذا القسم في هذا الباب متجوز. ولو أطلق الوطي (2) على الايقاب، وخص غيره باسم آخر
وإن أوجب الحد المخصوص، كان أوفق بالاصطلاح. ولكنه تبع في إطلاقه على ذلك الروايات،
فإن في بعضها دلالة عليه، ففي رواية حذيفة بن منصور عن الصادق عليه السلام أنه سأله
عن اللواط فقال:
(هامش)
(1) قواعد الاحكام 2: 256. (2) في الحجريتين: اللواط. (*)
ص 402
ويحكم الحاكم فيه بعلمه، إماما كان أو غيره، على الاصح. وموجب الايقاب: القتل، على
الفاعل والمفعول، إذا كان كل منهما عاقلا. ويستوي في ذلك: الحر، والعبد، والمسلم،
والكافر، والمحصن، وغيره.
(بين الفخذين، وسأله عن الموقب، فقال: ذاك الكفر بما أنزل
الله على نبيه صلى الله عليه وآله) (1). وعلى التقديرين، فطريق ثبوته طريق الزنا في
الاقرار والبينة، وفي ترتبالاحكام السابقة على ما دون ذلك في الاقرار والبينة.
قوله: (ويحكم الحاكم فيه بعلمه... إلخ). هذا الحد من حقوق الله تعالى، وقد تقدم
الخلاف في باب القضاء (2) في حكم الحاكم بعلمه فيه، وأن الاصح ثبوته [فيه] (3)
كغيره. قوله: (وموجب الايقاب... إلخ). لا خلاف في وجوب قتل اللائط الموقب إذا كان
مكلفا، والاخبار (4) به متظافرة. والعبد هنا كالحر بالاجماع، وإن كان الحد بغير
القتل. وليس في الباب مستند ظاهر غيره. وأما استواء الباقين في ذلك فمستنده النصوص
(5)، وهي كثيرة.
(هامش)
(1) التهذيب 10: 53 ح 197، الوسائل 14: 257 ب (20) من أبواب النكاح المحرم ح 3. (2)
في ج 13: 383. (3) من (أ). (4) الوسائل 18: 416 ب (1 - 3) من أبواب حد اللواط. (5)
ليس في النصوص تصريح باستواء المذكورين في القتل. نعم، إطلاق بعض الاخبار يشملهم،
راجع الوسائل 18: 416 ب (1) من أبواب حد اللواط ح 2، وب (3) ح 2، 5، 6 وفي ح (8) من
ب (11) تصريح باستواء المحصن وغيره فقط. (*)
ص 403
ولو لاط البالغ بالصبي موقبا، قتل البالغ، وأدب الصبي. وكذا لو لاط بمجنون. ولو لاط
بعبده، حدا قتلا أو جلدا. ولو ادعى العبد الاكراه سقط عنه دون المولى.
قوله: (ولو
لاط البالغ... إلخ). أما قتل المكلف فلانه حده. وأما الصبي والمجنون فيؤدبان بما
يراه الحاكم صلاحا، لعدم التكليف في حقهما الذي هو مناط الحدود. وقد روى أبو
بكرالحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (أتي أمير المؤمنين عليه السلام برجل
وامرأة وقد لاط زوجها بابنها من غيره وثقبه، وشهد عليه بذلك الشهود، فأمر به أمير
المؤمنين عليه السلام فضرب بالسيف حتى قتل، وضرب الغلام دون الحد، وقال: لو كنت
مدركا لقتلتك، لامكانك إياه من نفسك) (1). قوله: (ولو لاط بعبده... إلخ). أي: قتلا
مع الايقاب وجلدا بدونه، لتحقق اللواط المحرم، فيثبت موجبه. ونبه بذلك على خلاف بعض
(2) العامة حيث نفى الحد بوطي المملوك، لشبهة عموم تحليل ملك اليمين. قوله: (ولو
ادعى العبد الاكراه... إلخ). لقيام القرينة بكون العبد محل الاكراه، فلذلك قبل قوله
فيه، بخلاف غيره. وينبغي قبول دعوى الاكراه ممن يمكن في حقه ذلك، لقيام الشبهة
الدارئة للحد.
(هامش)
(1) الكافي 7: 199 ح 4، التهذيب 10: 51 ح 192، الاستبصار 4: 219 ح 818، الوسائل 18:
418 ب (2) من أبواب حد اللواط ح 1. (2) تبيين الحقائق 3: 181. (*)
ص 404
ولو لاط مجنون بعاقل، حد العاقل. وفي ثبوته على المجنون قولان، أشبههما السقوط. ولو
لاط الذمي بمسلم، قتل وإن لم يوقب. ولو لاط بمثله، كان الامام مخيرا بين إقامة الحد
عليه، وبين دفعه إلى أهله، ليقيموا عليهحدهم.
قوله: (ولو لاط مجنون بعاقل... إلخ).
القول بوجوب الحد على المجنون للشيخين (1) وأتباعهما (2)، استنادا إلى وجوبه عليه
مع الزنا. والاصل عندنا ممنوع. والاصح ما اختاره المصنف - رحمه الله - من عدم وجوبه
عليه كالزنا، لعدم التكليف الذي هو مناط الحدود على المعاصي. قوله: (ولو لاط الذمي
بمسلم... إلخ). إذا لاط الذمي بمسلم، فإن كان بموجب القتل فلا كلام في قتله. وإن
كان بما دون ذلك قتل، كما لو زنى على وجه يوجب الجلد على المسلم، لما روي من أن حد
اللوطي مثل حد الزاني، ولمناسبة عقوبة الزنا. وإن كان فعله مع مثله تخير الامام بين
الحكم عليه بحكم شرع الإسلام، لعموم الاية (3)، وبين رده إلى أهل دينه ليقيموا عليه
بمقتضى دينهم. وقد تقدم (4) توجيه ذلك في الزنا. ولا نص [عليه] (5) هنا في هذا
الباب بخصوصه.
(هامش)
(1) المقنعة: 786، النهاية: 705. (2) الوسيلة: 413، المهذب 2: 531. (3) المائدة:
42. (4) في ص: 375. (5) من الحجريتين. (*)
ص 405
وكيفية إقامة هذا الحد: القتل، إن كان اللواط إيقابا. وفي رواية: إن كان محصنا رجم،
وإن كان غير محصن جلد. والاول أشهر.
قوله: (وكيفية إقامة هذا الحد... إلخ). مذهب
الاصحاب أن حد اللائط الموقب القتل ليس إلا. ويتخير الامام في جهة قتله، فإن شاء
قتله بالسيف، وإن شاء ألقاه من شاهق، وإن شاء أحرقه بالنار، وإن شاء رجمه.وهو في
عدة روايات، منها رواية مالك بن عطية الحسنة عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(بينا أمير المؤمنين عليه السلام في ملا من أصحابه إذ أتاه رجل فقال: يا أمير
المؤمنين إني قد أوقبت على غلام فطهرني. فقال له: يا هذا امض إلى منزلك لعل مرارا
هاج بك. فلما كان من غد عاد إليه فقال له مثل ذلك، فأجابه كذلك، إلى أن فعل ذلك
أربع مرات. فلما كان الرابعة قال له: يا هذا إن رسول الله صلى الله عليه وآله حكم
في مثلك بثلاثة أحكام فاختر أيهن شئت: ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت، أو دهداه
من جبل مشدود اليدين والرجلين، أو إحراق بالنار. فقال: يا أمير المؤمنين أيهن أشد
علي؟ قال: الاحراق بالنار. قال: فإني قد اخترتها يا أمير المؤمنين) (1). الحديث.
ولم ينقل الاصحاب خلافا في ذلك، لكن وردت روايات بالتفصيل كما
(هامش)
(1) الكافي 7: 201 ح 1، التهذيب 10: 53 ح 198، الوسائل 18: 422 ب (5) من أبواب حد
اللواط ح 1. (*)
ص 406
ذكره المصنف - رحمه الله -، منها رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: (الملوط
حده حد الزاني) (1). والتفصيل واقع في حد الزاني. ورواية العلا بن الفضيل عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: (حد اللوطي مثل حد الزاني) (2). وقال: (إن كان قد أحصن
رجم وإلا جلد) (3). ورواية حماد بن عثمان قال: (قلت لابي عبد الله عليه السلام: رجل
أتى رجلا، قال: إن كان محصنا فعليه القتل، وإن لم يكن محصنا فعليه الجلد، قال: قلت:
فما على المؤتى؟ قال: عليه القتل على كل حال، محصنا كان أو غيرمحصن) (4). ورواية
أبي بصير قال: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: في كتاب علي عليه السلام إذا
ثقب وكان محصنا الرجم) (5). وهذه الاخبار مع كثرتها مشتركة في ضعف السند. ففي طريق
الاولى أبان، وهو مشترك بين الثقة وغيره. وفي طريق الثانية محمد بن سنان، وضعفه
مشهور. وفي طريق الثالثة معلى بن محمد وغيره. وفي الرابعة اشتراك أبي بصير. مع أنها
لا تنافي المطلوب، لان إثبات الرجم على المحصن لا ينافي الحكم بقتل غيره
(هامش)
(1) الكافي 7: 200 ح 8، التهذيب 10: 55 ح 202، الاستبصار 4: 221 ح 826، الوسائل 18:
416 ب (1) من أبواب حد اللواط ح 1. (2) الكافي 7: 198 ح 1، التهذيب 10: 54 ح 200،
الاستبصار 4: 220 ح 824، الوسائل 18: 417 الباب المتقدم ح 3. (3) الكافي 7: 198 ح
1، التهذيب 10: 54 ح 200، الاستبصار 4: 220 ح 824، الوسائل 18: 417 الباب المتقدم ح
3. (4) الكافي 7: 198 ح 2، الفقيه 4: 30 ح 85، التهذيب 10: 55 ح 201، الاستبصار 4:
220 ح 825، الوسائل 18: 417 ب (1) من أبواب حد اللواط ح 4. (5) الكافي 7: 200 ح 12،
التهذيب 10: 55 ح 203، الاستبصار 4: 221 ح 827، الوسائل 18: 421 ب (3) من أبواب حد
اللواط ح 7. (*)
ص 407
ثم الامام مخير في قتله، بين ضربه بالسيف، أو تحريقه، أو رجمه، أو إلقائه من شاهق،
أو إلقاء جدار عليه. ويجوز أن يجمع، بين أحد هذه وبين تحريقه. وإن لم يكن إيقابا،
كالتفخيذ أو بين الاليتين، فحده مائة جلدة. وقال في النهاية: يرجم إن كان محصنا،
ويجلد إن لم يكن. والاول أشبه.
لغير ذلك. وقد تقدم (1) أن الامام عليه السلام يتخير
في جهة القتل، فإذا رأى رجم المحصن أو تخصيصه (2) بالرجم فله ذلك. والشيخ (3) -
رحمه الله - حمل الروايات غير الرابعة على ما إذا كان الفعل دون الايقاب، لما سيأتي
(4) من حكمه فيه. قوله: (ثم الامام مخير... إلخ). قد تقدم (5) في الرواية السابقة
ما يدل على التخيير. ويدل على الجمع بين تحريقه وقتله ما روي (6) من أمر علي عليه
السلام بذلك في زمن عمر في رجل شهد عليه بذلك. قوله: (وإن لم يكن إيقابا... إلخ).
هذا هو القسم الثاني من اللواط الذي سماه المصنف - رحمه الله - وطاء بغير
(هامش)
(1) في ص: 405. (2) في (خ، ص، م): أو المحصنة بالرجم. (3) التهذيب 10: 55 ذيل ح
203، الاستبصار 4: 221 ذيل ح 827. (4) في الصفحة التالية. (5) في الصفحة التالية.
(6) الكافي 7: 199 ح 5، التهذيب 10: 52 ح 195، الاستبصار 4: 219 ح 819، الوسائل 18:
420 ب (3) من أبواب حد اللواط ح 3. (*)
ص 408
الايقاب، وهو ما إذا فعل بين الاليتين أو بين الفخذين. وقد اختلف الاصحاب في حكمه،
فالمشهور الجلد مائة لكل منهما. ذهب إلى ذلك المفيد (1) والمرتضى (2) وابن أبي عقيل
(3) وسلا ر (4) وأبو الصلاح (5) وابن إدريس (6) والمصنف - رحمه الله - وسائر
المتأخرين، للاصل، والشك في وجوب الزائد، فيكون شبهة يدرأ بها، ولرواية سليمان بن
هلال عن الصادق عليه السلام: (في الرجل يفعل بالرجل، فقال: إن كان دون الثقب فالحد،
وإن كان ثقب أقيم قائما ثم ضرب بالسيف) (7). وظاهره أن المراد بالحد الجلد.وقال
الشيخ - رحمه الله - في النهاية (8) وكتابي (9) الاخبار، وتبعه القاضي (10) وجماعة
(11): يرجم إن كان محصنا، وإلا جلد مائة، جمعا بين الروايات السابقة وبين ما روي
(12) من قتل اللائط مطلقا، بحمل الاولى على غير
(هامش)
(1) المقنعة: 785. (2) الانتصار: 251. (3) حكاه عنه العلامة في المختلف: 764. (4)
المراسم: 253. (5) الكافي في الفقه: 408. (6) السرائر 3: 458. (7) الكافي 7: 200 ح
7، التهذيب 10: 52 ح 194، الاستبصار 4: 219 ح 820، الوسائل 18: 416 ب (1) من أبواب
حد اللواط ح 2. (8) النهاية: 704. (9) التهذيب 10: 55 ذيل ح 203، الاستبصار 4: 221
ذيل ح 827. (10) المهذب 2: 530. (11) الوسيلة: 413. (12) انظر الوسائل 18: 419 ب
(2) من أبواب حد اللواط ح 2 وب (3) ح 2. (*)
ص 409
ويستوي فيه: الحر، والعبد، والمسلم، والكافر، والمحصن، وغيره.
الموقب، والثانية
عليه. ونفى في المختلف (1) عنه البأس. ويظهر من الصدوقين (2) وابن الجنيد (3) وجوب
القتل مطلقا، لانهم فرضوه في غير الموقب، وجعلوا الايقاب هو الكفر بالله تعالى،
أخذا من رواية حذيفة بن منصور عن الصادق عليه السلام: (أنه سأله عن اللواط، فقال:
بين الفخذين،وسأله عن الموقب، فقال: ذاك الكفر بما أنزل الله على نبيه صلى الله
عليه وآله) (4). وحمل على المبالغة في الذنب، أو على المستحل. مع أن حذيفة بن منصور
ضعيف، وسليمان بن هلال مجهول، فالروايتان تصلحان شاهدا لا دليلا. قوله: (ويستوي فيه
الحر والعبد... إلخ). استواء الحر والعبد يظهر في صورة وجوب الجلد، بمعنى أنه لا
ينتصف هنا على العبد، بخلاف الزنا. وجعل في شرح الارشاد (5) مستند ذلك إجماع
الاصحاب. وأما مع إيجابه القتل فالاستواء واضح. وأما استواء المسلم والكافر فيتم مع
عدم كون الفاعل كافرا والمفعول مسلما، وإلا قتل الكافر مطلقا كما مر (6)، فلا يتم
التسوية بينهما في القسمين.
(هامش)
(1) المختلف: 764 - 765. (2) المقنع: 430، وحكاه عنهما العلامة في المختلف: 764.
(3) حكاه عنه العلامة في المختلف: 764. (4) التهذيب 10: 53 ح 197، الوسائل 14: 257
ب (20) من أبواب النكاح المحرم ح 3. (5) غاية المراد: 342. (6) في ص: 404. (*)
ص 410
ولو تكرر منه الفعل، وتخلله الحد مرتين، قتل في الثالثة. وقيل: في الرابعة. وهو
أشبه. والمجتمعان تحت إزار واحد مجردين، وليس بينهما رحم، يعزران من ثلاثين سوطا
إلى تسعة وتسعين سوطا. ولو تكرر ذلك منهما وتخلله التعزير، حدا في الثالثة.
قوله:
(ولو تكرر منه الفعل... إلخ). هذا متفرع على القول بوجوب الجلد على غير الموقب.
والقول بقتله في الثالثة لابن إدريس (1). وقد تقدم (2) في حد الزنا أنه أصح رواية،
وإن كان القول بقتله في الرابعة أحوط في الدماء، وإليه ذهب الاكثر. والتقريب هنا
كما تقدم، لان المستند صحيحة يونس العامة في أصحاب الكبائر. قوله: (والمجتمعان تحت
إزار... إلخ). قد اختلفت الاقوال والروايات في حد المجتمعين تحت إزار واحد ونحوه،
فذهب الشيخ (3) وابن إدريس (4) والمصنف وأكثر المتأخرين (5) إلى أنهما يعزران من
ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين. أما عدم بلوغ المائة فلعدم بلوغهم الفعل الموجب للحد
الكامل. وأما عدم نقصان التعزير عن ثلاثين فلرواية سليمان بن هلال قال: (سألبعض
أصحابنا أبا عبد الله عليه السلام فقال: جعلت فداك الرجل ينام مع الرجل
(هامش)
(1) السرائر 3: 461 - 462. (2) في ص: 371. (3) النهاية: 705. (4) السرائر 3: 460.
(5) إرشاد الاذهان 2: 175، اللمعة الدمشقية: 167، التنقيح الرائع 4: 352. (*)
ص 411
في لحاف واحد، فقال: أذو رحم؟ فقال: لا، فقال: أمن ضرورة؟ قال: لا، قال: يضربان
ثلاثين سوطا) (1) الحديث. وفي رواية ابن سنان عنه عليه السلام: (يجلدان حدا غير
سوط) (2). فيكون الحكم في الغايتين وما بينهما منوطا بنظر الامام. والمستند في
الطرفين ضعيف. وقال الصدوق (3) وابن الجنيد (4): إنهما يجلدان مائة جلدة تمام الحد.
وبه أخبار كثيرة، منها حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (حد الجلد أن
يوجدا في لحاف واحد، والرجلان يجلدان إذا وجدا في لحاف واحد الحد، والمرأتان تجلدان
إذا وجدتا في لحاف واحد الحد) (5). وحسنة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: (كان علي عليه السلام إذا أخذ الرجلين في لحاف واحد ضربهما الحد،
وإذا أخذ المرأتين في لحاف واحد ضربهما الحد) (6). ومثلها حسنة أبي عبيدة (7) عن
أبي
(هامش)
(1) الفقيه 4: 14 ح 21، التهذيب 10: 41 ح 146، الاستبصار 4: 213 ح 797، الوسائل 18:
367 ب (100) من أبواب حد الزنا ح 21. (2) التهذيب 10: 40 ح 143، الاستبصار 4: 213 ح
794، الوسائل 18: 367 الباب المتقدم ح 18. (3) المقنع: 433. (4) حكاه عنه العلامة
في المختلف: 765. (5) الكافي 7: 181 ح 1، التهذيب 10: 42 ح 148، الاستبصار 4: 214 ح
799، الوسائل 18: 363 الباب المتقدم ح 1. (6) الكافي 7: 181 ح 7، التهذيب 10: 42 ح
151، الاستبصار 4: 214 ح 802، الوسائل 18: 365 ب (10) من أبواب حد الزنا ح 6. (7)
الكافي 7: 182 ح 10، الوسائل 18: 366 ب (10) من أبواب حد الزنا ح 15. (*)
ص 412
وكذا يعزر من قبل غلاما ليس له بمحرم بشهوة.
جعفر عليه السلام، وغيرها من الاخبار
(1) المعتبرة الاسناد. وأجاب في المختلف (2) بحمل الحد على أقصى نهايات التعزير،
وهي مائة سوط غير سوط، جمعا بين الادلة. وفيه نظر، لان هذه أكثر وأجود سندا. وليس
فيها التقييد بعدم المحرمية بينهما. وعدم القيد أجود، لان المحرمية لا تجوز
الاجتماع المذكور إن لم تؤكد التحريم. والمراد بالرحم حيث يطلق مطلق القرابة، وهو
أعم من المحرمية التي هي عبارة عن تحريم النكاح مؤبدا. وهو يؤيد عدم فائدة هذا
القيد، لان القرابة لا دخل لها في تحقيق (3) هذا الحكم. قوله: (وكذا يعزر من قبل
غلاما...). لانه فعل محرم فيستحق فاعله التعزير مطلقا كغيره من المحرمات، بل الامر
فيه آكد، فقد روي أن: (من قبل غلاما بشهوة لعنته ملائكة السماء وملائكة الارضين،
وملائكة الرحمة وملائكة الغضب، وأعد له جهنم وسأت مصيرا) (4). وفي حديث آخر: (من
قبل غلاما بشهوة ألجمه الله بلجام من نار) (5). ولا وجه للتقييد بعدم المحرمية مع
كون التقبيل بشهوة، لتحريمه حينئذ مطلقا، ولذلك أطلق في الاخبار (6). وروى إسحاق بن
عمار قال: (قلت لابي
(هامش)
(1) الوسائل 18: 364 ب (10) من أبواب حد الزنا ح 4، 5، 7، 9، 10، 22، 24. (2)
المختلف: 765. (3) في (د): تحقق، وفي (م): تخفيف. (4) فقه الرضا عليه السلام: 278.
(5) الكافي 5: 548 ح 10، الوسائل 14: 257 ب (21) من أبواب النكاح المحرم ح 1. (6)
الوسائل 14: 257 ب (21) من أبواب النكاح المحرم. (*)
ص 413
وإذا تاب اللائط قبل قيام البينة، سقط [عنه] الحد. ولو تاب بعده لم يسقط. ولو كان
مقرا، كان الامام مخيرا في العفو أو الاستيفاء. والحد في السحق: مائة جلدة، حرة
كانت أو أمة، مسلمة أو كافرة، محصنة [كانت] أو غير محصنة، للفاعلة والمفعولة. وقال
في النهاية: ترجم مع الاحصان، وتحد مع عدمه. والاول أولى.
عبد الله عليه السلام:
محرم قبل غلاما من شهوة، قال: يضرب مائة سوط) (1). قوله: (وإذا تاب اللائط... إلخ).
الكلام هنا كالكلام في الزاني، وقد تقدم (2). قوله: (والحد في السحق... إلخ).ما
اختاره المصنف - رحمه الله - من وجوب الجلد مطلقا هو المشهور بين الاصحاب، ذهب إليه
المفيد (3) والمرتضى (4) وأبو الصلاح (5) وابن إدريس (6) والمتأخرون (7)، لرواية
زرارة (8) عن الباقر عليه السلام أنه قال: (المساحقة
(هامش)
(1) الكافي 7: 200 ح 9، التهذيب 10: 57 ح 206، الوسائل 18: 422 ب (4) من أبواب حد
اللواط. (2) في ص: 358. (3) المقنعة: 787 - 788. (4) الانتصار: 253. (5) الكافي في
الفقه: 409. (6) السرائر 3: 463. (7) الجامع للشرائع: 555، قواعد الاحكام 2: 257،
اللمعة الدمشقية: 167، المقتصر: 408. (8) في هامش (خ): (في طريقها أبان بن عثمان،
وهو فاسد المذهب، لكن قال الكشي: إن العصابة أجمعت على تصحيح ما يصح عنه. وفي هذا
القول نظر. والمصنف - رحمه الله - حكم بضعفه في بعض المواضع. وفيه أيضا علي بن
الحكم، وهو مشترك بين الثقة وغيره. منه قدس سره). انظر رجال الكشي: 375 رقم (705)،
شرائع الإسلام 4: 240. (*)
ص 414
تجلد) (1). والمراد بالجلد الحد المغاير للرجم، وهو مائة، لان ذلك هو الظاهر منه،
ولاصالة البرأة من الزائد عن ذلك. وفيه نظر، لان المفرد المعرف لا يعم، والحكم
بالجلد على المساحقة في الجملة لا إشكال فيه، وإنما يتم المطلوب مع عمومه. مع أن في
سند الرواية كلاما. وقال الشيخ في النهاية (2)، وتبعه القاضي (3) وابن حمزة (4):
ترجم المحصنة وتجلد غيرها، لحسنة ابن أبي حمزة وهشام وحفص عن الصادق عليه السلام
أنه: (دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق، فقال: حدها حد الزاني، فقالت
المرأة: ما ذكر الله ذلك في القرآن!! قال: بلى، فقالت: وأين؟ قال: هن أصحاب الرس)
(5). وحد الزاني مشترك بين الجلد والرجم، فيكون ذلك الحد مشتركا.وأجيب بأن المشترك
لا يحمل على معنييه إلا مجازا، والاصل عدمه، بل
(هامش)
(1) الكافي 7: 202 ح 3، التهذيب 10: 58 ح 209، الوسائل 18: 425 ب (1) من أبواب حد
السحق ح 2. (2) النهاية: 706. (3) المهذب 2: 531 - 532. (4) الوسيلة: 414. (5)
الكافي 7: 202 ح 1، الفقيه 4: 31 ح 86، التهذيب 10: 58 ح 210، الوسائل 18: 424 ب
(1) من أبواب حد السحق ح 1. (*)
ص 415
وإذا تكررت المساحقة مع إقامة الحد ثلاثا، قتلت في الرابعة. ويسقط الحد بالتوبة قبل
البينة، ولا يسقط بعدها. ومع الاقرار والتوبة، يكون الامام مخيرا.
على أحدهما
بقرينة، وهو هنا الجلد، جمعا بين الاخبار. وفيه نظر، لجواز إرادة القدر المشترك،
وهو العقوبة الشاملة للامرين، فلا يكون على خلاف الاصل. مع أنه سيأتي (1) خبر صحيح
يدل على رجم المحصنة، وآخر دال عليه أيضا، فترجيح رواية (2) زرارة - مع ما فيها -
على جميع هذه الاخبار مشكل. واعلم أن المراد بقول المرأة في الخبر السابق: (ما ذكر
الله ذلك في القرآن) إشارة إلى السحق نفسه، لا إلى حده وإن كان السؤال عقيبه (3)،
لانه عليه السلام أجابها بأنهن أصحاب الرس، ورضيت بالجواب، ومعلوم أنه ليس في
القرآن بيان حدهن، فدل على أن المقصود مجرد ذكرهن. وقد روي أن ذلك الفعل كان في
أصحاب الرس، كما كان اللواط في قوم (4) لوط. قوله: (وإذا تكررت المساحقة... إلخ).
بناء على أنها لا توجب القتل ابتداء، فتقتل في الثالثة أو الرابعة مع تخلل الحد،
كما تقدم في نظائره من الكبائر. ولم يذكر هنا الخلاف في الثالثة مع أن
(هامش)
(1) في ص: 419. (2) راجع ص: 413. (3) في (ت، ط): عنه. (4) في (ث، ط، م): أصحاب. (*)