ص 420
السابع: الاسنان
وفيها الدية كاملة. وتقسم على ثمانية وعشرين سنا. اثنا عشر في مقدم
الفم، وهي: ثنيتان، ورباعيتان، ونابان، ومثلها من أسفل. وستة عشر في مؤخره، وهي:
ضاحك، وثلاثة أضراس من كل جانب، ومثلها من أسفل. ففي المقاديم ستمائة دينار، حصة كل
سن خمسون دينارا. وفي الماخير أربع مائة دينار، حصة كل ضرس خمسة وعشرون دينارا.
وتستوي البيضاء والسوداء خلقة. وكذا الصفراء وإن جني عليها.
قد تقدم (1) في قصاص
الطرف حكم المصنف بأن سن المثغر إذا عادت كما كانت فلا قصاص ولا دية، بل الارش
خاصة. ولم يتعرض لحكاية هذا القول، مع أن هذا قول وجيه، لقضاء العادة بأن العائدة
من سن المثغر غير الاولى، وأنها هبة من الله تعالى جديدة. ولكن يلزم من هذا ثبوت
القصاص أو الدية في قلعها، سواءعادت أم لا، وسواء قضى أهل الخبرة بعودها أم لا، بل
لا يتجه حكم أهل الخبرة بذلك أيضا، لانه خلاف الضرورة فضلا عن العادة. قوله:
(الاسنان وفيها الدية... إلخ). لا خلاف في ثبوت الدية لجملة الاسنان، سواء زادت أم
نقصت. وأما قسمتها على ثمانية وعشرين، وتفصيلها على الوجه الذي ذكره، فهو المعروف
من مذهب الاصحاب، وبه رواية ضعيفة (2)، لكنها مشهورة
(هامش)
(1) في ص: 287. (2) الكافي 7: 329 ح 1، الفقيه 4: 104 ح 351، التهذيب 10: 254 ح
1005، الاستبصار 4: 288 ح 1089، الوسائل 19: 262 ب (38) من أبواب ديات الاعضاء ح 2.
(*)
ص 421
وليس للزائدة دية، إن قلعت منضمة إلى البواقي. وفيها ثلث دية الاصلي، لو قلعت
منفردة. وقيل: فيها الحكومة. والاول أظهر.
مجبورة بذلك على قاعدتهم. مع أنهم رووا
في الصحيح عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (الاسنان كلها
سواء، في كل سن خمسمائة درهم) (1). وفي كتاب ظريف بن ناصح أيضا عن أمير المؤمنين
عليه السلام قال: (وجعل الاسنان سواء) (2). ورواه العامة عن النبي صلى الله عليه
وآله أنه كتب لعمرو بن حزم: (وفي السن خمس من الابل) (3). وروى أصحابنا مثل ذلك
أيضا (4). وعلى التقسيم المشهور بين الاصحاب، فما زاد عن الثمانية والعشرينيجعل
بمنزلة السن الزائدة، فيها ثلث دية الاصلية بحسب محلها. لكن ذلك مع تمييزها عن
الاصلية، أما مع اشتباهها بها - كما هو الغالب من بلوغ الاسنان اثنين وثلاثين من
غير أن يتميز بعضها عن بعض - يشكل الحكم. قوله: (وليس للزائدة... إلخ). القول
بالحكومة للمفيد (5)، نظرا إلى عدم نص على ديتها بخصوصها. ووجه ما استظهره المصنف
من وجوب ثلث دية الاصل ما تقرر في
(هامش)
(1) التهذيب 10: 255 ح 1006، الاستبصار 4: 289 ح 1090، الوسائل 19: 262 الباب
المتقدم ح 3. (2) الكافي 7: 333 ح 5، الفقيه 4: 58 ح 194، التهذيب 10: 300 ح 1148،
الوسائل 19: 224 ب (8) من أبواب ديات الاعضاء ح 1. (3) سنن البيهقي 8: 89، تلخيص
الحبير 4: 28 ذيل ح 1708. (4) التهذيب 10: 261 ح 1030، الاستبصار 4: 289 ح 1093،
الوسائل 19: 263 ب (38) من أبواب ديات الاعضاء ح 6. (5) المقنعة: 756. (*)
ص 422
ولو اسودت بالجناية ولم تسقط فثلثا ديتها. وفيها بعد الاسوداد الثلث، على الاشهر.
غيرها (1) من وجوب ثلث دية الاصل لكل عضو زائد، فيكون هنا كذلك. وهذا هو الاشهر.
قوله: (ولو اسودت بالجناية... إلخ). القول بوجوب ثلثي ديتها في اسودادها (2)
بالجناية للشيخ في النهاية (3).واختاره المصنف والعلامة (4)، لصحيحة عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (السن إذا ضربت انتظر بها سنة، فإن وقعت
أغرم الضارب خمسمائة درهم، وإن لم تقع واسودت أغرم ثلثي ديتها) (5). ولان ذلك
كشللها. وادعى الشيخ في الخلاف (6) إجماع الفرقة وأخبارهم على وجوب ثلث ديتها إذا
قلعها بعد الاسوداد، ولرواية العرزمي، عن أبيه، عن الصادق عليه السلام، عن أبيه
عليهما السلام: (أن في السن السوداء ثلث ديتها) (7). وقول الباقر عليه السلام: (وما
كان من شلل فهو على الثلث) (8).
(هامش)
(1) انظر الوسائل 19: 264 ب (39) من أبواب ديات الاعضاء ح 2، وب (43) ح 1. (2) في
(أ، ث، ط): لاسودادها. (3) النهاية: 768. (4) المختلف: 805 - 806.(5) الكافي 7: 334
ح 9، الفقيه 4: 102 ح 346، التهذيب 10: 255 ح 1008، الاستبصار 4: 290ح 1095،
الوسائل 19: 225 ب (8) من أبواب ديات الاعضاء ح 4. (6) الخلاف 5: 246 مسألة (46).
(7) التهذيب 10: 275 ح 1074، الوسائل 19: 268 ب (43) من أبواب ديات الاعضاء ح 2.
(8) الكافي 7: 330 ح 2، التهذيب 10: 254 ح 1004، الوسائل 19: 263 ب (39) من أبواب
ديات الاعضاء ح 1. (*)
ص 423
وفي انصداعها ولم تسقط، ثلثا ديتها. وفي الرواية (1) ضعف، فالحكومة أشبه. والدية في
المقلوعة مع سنخها، وهو الثابت منها في اللثة.
وقال في المبسوط (2): في اسودادها
الحكومة، وفي قلع السوداء الحكومة، لانها المتيقن، وضعف مستند التقدير. وهو يتجه في
الثاني دون الاول، لصحته. وقال في النهاية (3): في قلعها مسودة ربع دية السن،
لرواية عجلان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (دية السن السوداء ربع دية السن)
(4). وفي طريقها ضعف. قوله: (وفي انصداعها... إلخ). وجه وجوب الثلثين - مضافا إلى
الرواية - تنزيله منزلة الشلل. وفيه منع. فالقول بالحكومة قوي، لعدم دليل صالح يوجب
التقدير. والموجود في كتاب ظريف (5) أن فيها إذا انصدعت ولم تسقط خمسة وعشرين
دينارا. وفي الطريق ضعف أيضا. ولو قلعها قالع بعد انصداعها فالحكومة أيضا، لما ذكر.
وقيل: ثلث الدية، بناء على وجوب الثلثين للانصداع. وقال الصدوق: فيه ربع الدية (6).
(هامش)
(1) لم نجدها في الجوامع الحديثية، وللاستزادة انظر جواهر الكلام 43: 239. (2) راجع
المبسوط 7: 141 - 142. (3) النهاية: 767 - 768. (4) التهذيب 10: 261 ح 1031،
الوسائل 19: 266 ب (40) من أبواب ديات الاعضاء ح 3. (5) انظر الهامش (2) في ص: 421.
(6) المقنع: 512. (*)
ص 424
ولو كسر ما برز عن اللثة، فيه تردد. والاقرب أن فيه دية السن.ولو كسر الظاهر عن
اللثة، ثم قلع الاخر السنخ، فعلى الاول دية، وعلى الثاني حكومة. وينتظر بسن الصغير،
فإن نبتت لزم الارش، ولو لم تنبت فدية [سن] المثغر. وفي الاصحاب (1) من قال: فيها
بعير، ولم يفصل. وفي الرواية (2) ضعف.
قوله: (ولو كسر ما برز... إلخ). وجه القرب:
أن ذلك يسمى سنا لغة، قال الشيخ في المبسوط: (السن ما شاهدته زائدا على اللثة،
والسنخ أصله) (3). ووجه العدم: أن المستور باللثة بعض السن، ومن ثم يقال: قلع سنه،
وانكشفت اللثة عن سنه، ونحو ذلك، ولاصالة البرأة من إيجاب الزائد. والاظهر الاول.
قوله: (ولو لم تنبت فدية... إلخ). الاصح الاول. وقد تقدم (4) البحث فيه.
(هامش)
(1) الوسيلة: 448. (2) التهذيب 10: 256 ح 1010 وص: 261 ح 1033، الوسائل 19: 258 ب
(33) من أبواب ديات الاعضاء ح 2، 3. (3) المبسوط 7: 137. (4) في ص: 287. (*)
ص 425
ولو أثبت الانسان [في] موضع المقلوعة عظما فنبت، فقلعه قالع، قال الشيخ (1): لا
دية. ويقوى أن فيه الارش، لانه يستصحب ألما وشينا.
الثامن: العنق
وفيه إذا كسر،
فصار الانسان أصور، الدية. وكذا لو جني عليه بمايمنع الازدراد. ولو زال فلا دية،
وفيه الارش.
التاسع: اللحيان
وهما العظمان اللذان يقال لملتقاهما: الذقن، ويتصل طرف
كل واحد منهما بالاذن. وفيهما الدية لو قلعا منفردين عن الاسنان، كلحيي الطفل، أو
من لا أسنان له. ولو قلعا مع الاسنان فديتان. وفي نقصان المضغ مع الجناية عليهما،
أو تصلبهما، الارش.
قوله: (ولو أثبت الانسان... إلخ). هذا هو الاقوى، لان ذلك لا
يعد سنا لغة ولا عرفا، فلا تتناوله الادلة الدالة على دية السن. ويثبت الارش إن حصل
به نقص، كما هو مقتضاه. قوله: (العنق وفيه إذا كسر... إلخ). الاصور: المائل العنق.
قال في النهاية الاثيرية والغريبين: (في حديث: حملة العرش كلهم صور، هو جمع أصور،
وهو المائل العنق، لثقل حمله) (2).
(هامش)
(1) المبسوط 7: 140. (2) النهاية 3: 60، الغريبين: 540 مخطوط. (*)
ص 426
العاشر: اليدان
وفيهما الدية، وفي كل واحدة نصف الدية. وحدها: المعصم، فلو قطعت مع
الاصابع، فدية اليد خمس مائة دينار. ولو قطعت الاصابع منفردة، فدية الاصابع خمس
مائة [دينار]. ولو قطع معها شي من الزند، ففي اليد خمس مائة دينار، وفي
الزائدحكومة. ولو قطعت من المرفق أو المنكب، قال في المبسوط: عندنا فيه مقدر، محيلا
على التهذيب. ولو كان له يدان على زند، ففيهما الدية وحكومة، لان إحداهما زائدة.
وتتميز الاصلية: بانفرادها بالبطش، أو كونها أشد بطشا. فإن تساويا فإحداهما زائدة
في الجملة.
قوله: (اليدان... إلخ). محصل كلام الشيخ في المبسوط (1) أن اليد التي
يجب نصف الدية فيها هي الكف إلى الكوع، وهو أن يقطعها من المفصل الذي بينها وبين
الذراع، فإذا قطع أكثر من ذلك فقد نقل أن فيه الحكومة. ثم قال: (إن جميع ذلك فيه
مقدر ذكرناه في التهذيب) (2). وهو يحتمل إرادة وجوب نصف دية أخرى للذراع، ونصف دية
للعضد (3)،
(هامش)
(1) المبسوط 7: 143. (2) التهذيب 10: 301 - 303. (3) في (أ، د): للمفصل. (*)
ص 427
فلو قطعهما ففي الاصلية دية، وفي الزائدة حكومة. وقال في المبسوط: ثلث دية الاصلية.
ولعله تشبيه بالسن والاصبع. فالاقرب الارش.
للحديث العام (1): أن ما في الانسان منه
اثنان في كل واحد منهما نصف الدية. ويحتمل أن يريد وجوب دية اليد للمجموع، لصدق
اليد على ذلك كله أيضا. وليس في التهذيب ما يدل على حكم مخصوص لهذه الاشياء زيادة
على الخبر العام. والاقوى وجوب دية واحدة للمجموع، وإن وجبت للبعض حيث تقطع من
الكوع. فعلى هذا، إذا قطعت من المنكب ففيها أوجه: أصحها: وجوب دية اليد للجميع (2).
والثاني: وجوب دية، وحكومة لما زاد عن الكوع. والثالث: وجوب دية اليد للكف، ثم دية
أخرى للذراع، ثم ثالثة للعضد، نظرا إلى الخبر العام. قوله: (فلو قطعهما ففي الاصلية
دية... إلخ).وجه الاقرب عدم وجود دليل يقتضي التقدير، فيرجع إلى الحكم العام وهو
الحكومة. ولكن لما ورد التقدير للزائدة في بعض الموارد أحال في المبسوط (3) الباقي
عليه. وله وجه، وإن كان ما اختاره المصنف أظهر.
(هامش)
(1) راجع ص: 402 هامش (4). (2) في (خ، د): للمجموع. (3) المبسوط 7: 145. (*)
ص 428
ويظهر لي في الذراعين الدية. وكذا في العضدين. وفي كل واحد نصف الدية.
الحادي عشر:
الاصابع
وفي أصابع اليدين الدية. وكذا في أصابع الرجلين. وفي كل واحدة عشر الدية.
وقيل: في الابهام ثلث الدية، وفي الاربع البواقي الثلثان بالسوية. ودية كل إصبع
مقسومة على ثلاث أنامل بالسوية، عدا الابهام، فإن ديتها مقسومة بالسوية على اثنين.
وفي الاصبع الزائدة ثلث الاصلية. وفي شلل كل واحدة ثلثا ديتها، وفي قطعها بعد الشلل
الثلث. وكذا لو كان الشلل خلقة.
قوله: (ويظهر لي في الذراعين الدية... إلخ). وجه
الظهور دلالة الخبر العام (1) عليه، فإنه مما في البدن منه اثنان. ويحتمل اختصاص
الدية باليد من الكوع، ووجوب الحكومة للزائد إن قطع منفردا، لعدم تقدير ديته بخصوصه
شرعا. ولو قطع مع الكف ففيه ما تقدم (2) من الاحتمالات. قوله: (وفي كل واحدة عشر
الدية... إلخ). القول بتساوي الاصابع في الدية ووجوب العشر لكل واحدة هو المشهور
بين الاصحاب، عملا بالخبر العام (3)، وخصوص صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: (أصابع اليدين والرجلين سواء في الدية، في كل
(هامش)
(1، 2) راجع ص: 402 هامش (4). (3) في الصفحة السابقة. (*)
ص 429
وفي الظفر إذا لم ينبت عشرة دنانير. وكذا لو نبت أسود. ولو نبت أبيض، كان فيه خمسة
دنانير. وفي الرواية ضعف، غير أنها مشهورة. وفي رواية عبد الله بنسنان: في الظفر
خمسة دنانير.
إصبع عشر من الابل) (1). وحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: (في الاصبع عشر الدية إذا قطعت من أصلها. قال: وسألته عن الاصابع أسواء هن في
الدية؟ قال: نعم) (2). ورواية الحكم بن عتيبة عن أبي جعفر عليه السلام قال: (الخلقة
التي قسمت عليها الدية عشرة أصابع في اليدين، فما زاد أو نقص فلا دية له، في كل
إصبع من أصابع اليدين ألف درهم، وفي كل إصبع من أصابع الرجلين ألف درهم، وكل ما كان
من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح) (3). والقول بجعل ثلث الدية على الابهام
والثلثين على الاربع البواقي لابي الصلاح (4) وابن حمزة (5)، استنادا إلى كتاب ظريف
(6)، وطريقه ضعيف. قوله: (وفي الظفر... إلخ).
(هامش)
(1) الكافي 7: 328 ح 11، الفقيه 4: 102 ح 345، التهذيب 10: 257 ح 1016، الاستبصار
4: 291 ح 1100، الوسائل 19: 264 ب (39) من أبواب ديات الاعضاء ح 4. (2) الكافي 7:
328 ح 10، التهذيب 10: 257 ح 1015، الاستبصار 4: 291 ح 1098، الوسائل 19: 264 الباب
المتقدم ح 3. (3) الكافي 7: 330 ح 2، التهذيب 10: 254 ح 1004، الوسائل 19: 263
الباب المتقدم ح 1. (4) الكافي في الفقه: 398. (5) الوسيلة: 452. (6) الكافي 7: 336
ح 10، الفقيه 4: 60 - 61 ح 194، التهذيب 10: 302 - 303 ذيل ح 1148، الوسائل 19: 229
ب (12) من أبواب ديات الاعضاء ح 1. (*)
ص 430
الثاني عشر: الظهر
وفيه إذا كسر الدية كاملة. وكذا لو أصيب فاحدودب، أو صار بحيث لا
يقدر على القعود. ولو صلح، كان فيه ثلث الدية. وفي رواية ظريف: إن كسر الصلب، فجبر
على غير عيب فمائة دينار. وإن عثم فألف دينار.
هذا التفصيل للشيخ في النهاية (1)
وأتباعه (2). والمستند رواية مسمع (3) عن أبي عبد الله عليه السلام. وقد تكرر القول
(4) في ضعف طريقها بسهل وابن شمون والاصم. ورواية عبد الله بن (5) سنان بوجوب خمسة
دنانير في الظفر صحيحة السند، لكن لا عامل بمضمونها. وحملت على ما لو عاد أبيض،
جمعا بين الروايتين. وليس بجيد، لعدم صلاحية الضعيفة للمعارضة، وبعد الحمل على
تقديره. وذهب جماعة (6) - منهم العلامة في المختلف (7) - إلى وجوب عشرة دنانير متى
قلع ولم يخرج، ومتى خرج أسود فثلثا ديته، لانه في معنى الشلل، ولاصالة برأة الذمة
من وجوب الزائد، مع ضعف المأخذ، وبعد مساواة عوده لعدمه أصلا. وهو أولى. قوله: (ولو
صلح كان فيه... إلخ).
(هامش)
(1) النهاية: 768. (2) الوسيلة: 454، إصباح الشيعة: 506.(3) الكافي 7: 342 ح 12،
التهذيب 10: 256 ح 1012، الوسائل 19: 266 ب (41) من أبواب ديات الاعضاء ح 1. (4)
راجع ص: 398 و410. (5) الكافي 7: 328 ح 11، التهذيب 10: 257 ح 1016، الوسائل: 267
الباب المتقدم ح 2. (6) السرائر 3: 388، إيضاح الفوائد 4: 698، المقتصر: 455. (7)
المختلف: 807. (*)
ص 431
ولو كسر، فشلت الرجلان فدية له، وثلثا دية للرجلين. وفي الخلاف (1): لو كسر الصلب
فذهب مشيه وجماعه، فديتان.
الثالث عشر: النخاع
وفي قطعه الدية كاملة.
الرابع عشر:
الثديان
وفيهما من المرأة ديتها. وفي كل واحد نصف ديتها. ولو انقطع لبنها، ففيه
الحكومة. وكذا لو كان اللبن فيهما وتعذر نزوله. ولو قطعهما مع شي من جلد الصدر،
ففيهما ديتها، وفي الزائد حكومة. ولو أجاف مع ذلك الصدر، لزمه دية الثديين،
والحكومة، ودية الجائفة.
وجوب الثلث مع صلاحه هو الاشهر (2) بين الاصحاب. وأما
رواية كتاب ظريف (3) فقد عرفت ما فيها. والمراد بالعثم الانجبار غير التام. قال ابن
الاثير في النهاية: (يقال: عثمتيده فعثمت إذا جبرتها على غير استواء، وبقي فيها شي
لم ينحكم) (4). وقال الهروي في الغريبين: (في حديث إبراهيم: في الاعضاء إذا انجبرت
على عثم، أي: على غير استواء، يقال: عثمت يده وعثمتها إذا جبرتها ولم تحكم فبقي في
(هامش)
(1) الخلاف 5: 253 مسألة (60). (2) في (أ، ث): المشهور. (3) الكافي 7: 338، الفقيه
4: 62 ح 194، التهذيب 10: 304 ح 1148، الوسائل 19: 231 ب (13) من أبواب ديات
الاعضاء. (4) النهاية 3: 183. (*)
ص 432
ولو قطع الحلمتين، قال في المبسوط: فيهما الدية. وفيه إشكال، من حيث إن الدية في
الثديين، والحلمتان بعضهما.
العظم عقدة) (1). قوله: (ولو قطع الحلمتين... إلخ).
القول بوجوب الدية في الحلمتين للشيخ في كتابي (2) الفروع، نظرا إلى الحديث العام
(3) بأن ما كان في الانسان منه اثنان ففيهما الدية. والمصنف - رحمه الله - استشكل
ذلك، من حيث إن الدية تجب في الثديين، والحلمتان بعضهما. وتقريره بترتيب قياس
استثنائي يلزم من صدق مقدمه ثبوت تاليه. وهو: أن كلما كان في الثديين الدية لم تجب
في الحلمتين الدية، لكن المقدم حق بالاجماع، فالتالي مثله. بيان الملازمة: أن
الحلمتين بعض الثديين، والبعض مغاير للكل، والحكم المعلق على الكل يقتضي توزيعه على
أجزاء ذلك الكل، فلو وجب فيهما الدية لزم مساواة الجز للكل، وهو محال. وأجيب
بانتقاضه باليدين والذكر والانف، فإنها بعض البدن وتجب بها الدية، مع أنها بعض من
جملة تجب له الدية. ورد بأن هذه خرجت بالنص الخاص، فيبقى غيرها على الاصل، إلا أن
يدعى دخول موضع النزاع في النص أيضا، وهو الرواية العامة. والاولى الرجوع
فيهما إلى الحكومة.
(هامش)
(1) الغريبين: 604 مخطوط. (2) المبسوط 7: 148، الخلاف 5: 257 مسألة (65)، وفي
الاخير أوجب الدية في حلمتي الرجل فقط. (3) راجع ص: 402 هامش (4). (*)
ص 433
أما حلمتا الرجل، ففي المبسوط والخلاف: فيهما الدية. وقال ابن بابويه رحمه الله: في
حلمة ثدي الرجل ثمن الدية، مائة وخمسة وعشرون دينارا. وكذا ذكر الشيخ - رحمه الله -
في التهذيب (1) عن ظريف. وفي إيجاب الدية فيهما بعد. والشيخ أضرب عن رواية ظريف،
وتمسك بالحديث الذي مر (2) في فصل الشفتين.
الخامس عشر: الذكر
وفي الحشفة فما زاد،
الدية وإن استؤصل، سواء كان لشاب أو شيخ أو صبي لم يبلغ، أو من سلت خصيتاه. ولو قطع
بعض الحشفة، كانت دية المقطوع بنسبة الدية من مساحة الكمرة حسب. ولو قطع الحشفة،
وقطع آخر ما بقي، كان على الاول الدية، وعلى الثاني الارش. وفي ذكر العنين ثلث
الدية، وفيما قطع منه بحسابه.
قوله: (أما حلمتا الرجل... إلخ). اختلف الاصحاب في
الواجب في قطع حلمتي الرجل، فذهب الشيخ في الكتابين (3) وابن إدريس (4) والعلامة في
المختلف (5) إلى وجوب الدية فيهماكحلمتي المرأة، استنادا إلى الاحاديث (6) العامة
الدالة على أن كل ما في البدن منه
(هامش)
(1) التهذيب 10: 307 ح 1148. (2) راجع ص: 411. (3) المبسوط 7: 148، الخلاف 5: 257
مسألة (65). (4) السرائر 3: 394. (5) المختلف: 809. (*)
ص 434
وفي الخصيتين الدية. وفي كل واحدة نصف الدية. وفي رواية: في اليسرى ثلثا الدية، لان
منها الولد. والرواية حسنة، لكن تتضمن عدولا عن عموم الروايات المشهورة.
اثنان
ففيهما الدية، وفي أحدهما نصفها، والامر في المتنازع كذلك. وقال الصدوق (1) وابن
حمزة (2): في حلمة ثدي الرجل ثمن الدية، استنادا إلى رواية ظريف (3) المتضمنة لذلك.
وقد عرفت ضعف طريقها. والشيخ مع عمله بها في مواضع كثيرة أعرض عنها هنا، ورجع إلى
الاحاديث العامة التي أشرنا (4) إليها في دية الشفتين. والمصنف استبعد القول بايجاب
الدية فيهما، من حيث إنهما زيادتان لا منفعة فيهما معتدا بها كغيرهما من الاعضاء،
خصوصا مع القول بعدم وجوبها لحلمتي المرأة، مع كثرة نفعهما وشدة الحاجة إليهما في
إرضاع الولد. وكتاب ظريف لا يعتمد عليه كما يعهد منه، وذلك يقتضي الميل إلى إيجاب
الحكومة فيهما. وهو الوجه. وقواه فخر المحققين (5). قوله: (وفي الخصيتين... إلخ).
لا خلاف في أن في الخصيتين معا الدية، وإنما الخلاف فيما يخص كلواحدة، فالاكثر -
ومنهم المفيد (6)، والشيخ في المبسوط (7) والنهاية (8)،
(هامش)
(1، 2) الفقيه 4: 65 ح 194. (3) الوسيلة: 450. (4) راجع ص: 411. (5) إيضاح الفوائد
4: 699. (6) المقنعة: 755. (7) المبسوط 7: 152. (8) النهاية: 769. (*)
ص 435
وأتباعه (1)، وابن إدريس (2)، والمصنف، والمتأخرون (3) - على التسوية بينهما، وأن
في كل واحدة نصف الدية، للخبر العام (4). وذهب الشيخ في الخلاف (5) محتجا بالاجماع
والاخبار - وسلا ر (6)، والقاضي في المهذب (7)، وهو في الكامل (8) مع الفريق الاول،
والعلامة في المختلف (9) - إلى أن في اليمنى الثلث وفي اليسرى الثلثين، لحسنة عبد
الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: (ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف
الدية. قلت: رجل فقئت عينه؟ قال: نصف الدية. قلت: قطعت يده؟ قال: نصفها. قلت: فرجل
ذهبت إحدى بيضتيه؟ قال: إن كانت اليسار ففيها ثلثا الدية. قلت: أليس قلت: ما كان في
الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية؟
(هامش)
(1) غنية النزوع: 418، إصباح الشيعة: 507. (2) السرائر 3: 393.(3) إرشاد الاذهان 2:
240، قواعد الاحكام 2: 329، اللمعة الدمشقية: 184، المقتصر: 455 - 456. (4) راجع ص:
(5) الخلاف 5: 259 مسألة (69). (6) المراسم: 244. (7) المهذب 2: 481، وفيه: أن في
اليمنى النصف، وفي اليسرى الثلثين. (8) حكاه عنه العلامة في المختلف: 808. (9)
المختلف: 808. (*)
ص 436
وفي ادرة الخصيتين أربع مائة دينار، فإن فحج فلم يقدر على المشي فثمان مائة دينار.
ومستنده كتاب ظريف، غير أن الشهرة تؤيده.
قال: لان الولد من البيضة اليسرى) (1).
وهذا الخبر خاص، فيكون مقدما على ذلك العام، مع اشتراكهما في الحسن، وما صح في ذلك
مقطوع كما تقدم. ولانهما متفاوتتان في المنفعة، فيناسبهما التفاوت في الدية. وجمع
الراوندي (2) بين الروايتين بحمل الاولى على من لا يصلح للتولد، كالشيخ اليائس من
الجماع، والثانية على غيره. وذهب ابن الجنيد (3) إلى أن في اليمنى نصف الدية، وفي
اليسرى تمام الدية، محتجا بأن الولد منها، ففي فواتها فوات منفعة تامة، فتجب الدية
لذلك كغيرها من المنافع. وقد يترجح الاول بكثرة رواياته، وشهرة مضمونها، ومناسبتها
لغيرها مما في البدن منه اثنان. وقد أنكر بعض الاطباء انحصار التولد في (4) الخصية
اليسرى.ونسبه الجاحظ في حياة الحيوان (5) إلى العامة. وقوة المنفعة لا تؤثر في
زيادة الدية، كما لا تزيد اليد الباطشة عن الضعيفة، وكذلك العين. ولو صح نسبة
التولد إلى الائمة عليهم السلام لم يلتفت إلى إنكار منكره، لكن قد عرفت حاله. قوله:
(وفي ادرة الخصيتين... إلخ).
(هامش)
(1) الكافي 7: 315 ح 22، التهذيب 10: 250 ح 989، الوسائل 19: 213 ب (1) من أبواب
ديات الاعضاء ح 1. (2) حكاه عنه الشهيد في غاية المراد: 415. (3) حكاه عنه العلامة
في المختلف: 808. (4) في (خ): من. (5) انظر الحيوان 1: 123. (*)
ص 437
السادس عشر: الشفران
وهما اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم، وفيهما ديتها.
وفي كل واحد نصف ديتها. وتستوي في الدية السليمة والرتقاء. وفي الركب حكومة، وهو
مثل موضع العانة من الرجل. وفي إفضاء المرأة ديتها، وتسقط في طرف الزوج، إن كان
بالوطي بعد بلوغها. ولو كان قبل البلوغ، ضمن الزوج مع مهرها ديتها، والانفاق عليها
حتى يموت أحدهما. ولو لم يكن زوجا، وكان مكرها، فلها المهر والدية. وإن كانتمطاوعة،
فلا مهر، ولها الدية. ولو كانت المكرهة بكرا، هل يجب لها أرش البكارة زائدا عن
المهر؟ فيه تردد، والاشبه وجوبه. ويلزم ذلك في ماله، لان الجناية إما عمد أو شبيه
العمد.
الادرة - بضم الهمزة وسكون الدال - انتفاخ الخصية، يقال: رجل آدر إذا كان
كذلك. والفحج هو تباعد أعقاب الرجلين مع تقارب صدورهما حالة المشي. قال الجوهري:
(الفحج بالتسكين مشية الافحج، وتفحج في مشيه مثله) (1). ومستند الواجب المذكور كتاب
ظريف (2)، وقد عرفت ضعف سنده، لكن العمل بما ذكر مشهور، فهي مؤيدة كما ذكره المصنف.
قوله: (وفي إفضاء المرأة... إلخ).
(هامش)
(1) الصحاح 1: 333. (2) الكافي 7: 342، الفقيه 4: 65 ح 194، التهذيب 10: 307 - 308
ح 1148، الوسائل 19: 236 ب (18) من أبواب ديات الاعضاء ح 1. (*)
ص 438
وجوب الدية بإفضاء من لم تبلغ التسع هو المشهور بين الاصحاب. وهو مناسب لاذهاب
منفعة الوط، وهي من أهم المنافع التي تجب بفواتها الدية. وقد رواه بريد العجلي عن
أبي جعفر عليه السلام: (في رجل افتض جارية - يعني: امرأته - فأفضاها، قال: عليه
الدية إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين. قال: فإن أمسكها فلم يطلقها فلا شي
عليه، وإن كان دخل بها ولها تسعسنين فلا شي عليه، إن شاء أمسك وإن شاء طلق) (1).
وفي طريقها جهالة، إلا أنها مناسبة كما أشرنا إليه. ولا فرق في وجوب الانفاق عليها
ما دامت حية بين أن يطلقها أو يبقيها على حباله، لعموم صحيحة الحلبي عن أبي عبد
الله عليه السلام قال: (سألته عن رجل تزوج جارية فوقع بها فأفضاها، قال: عليه
الاجراء عليها ما دامت حية) (2). وقد تقدم (3) الحكم بتحريمها عليه بذلك أبدا في
بابه. ووجه سقوط المهر دون الدية في المطاوعة: أن البضع لا يضمن للمطاوعة، لانها
بغي، بخلاف الدية، فإنها لا تسقط بالاباحة كما سبق. والاقوى وجوب الجمع للمكرهة بين
أرش البكارة والمهر، لان الارش عوض جز فائت، والمهر يجب عوضا عن وط البكر، فلا
يتداخلان. وقد تقدم البحث في ذلك أيضا مرارا، كما تقدم (4) البحث عن تحقيق الافضاء.
(هامش)
(1) الكافي 7: 314 ح 18، التهذيب 10: 249 ح 984، الاستبصار 4: 294 ح 1109، الوسائل
19: 212 ب (44) من أبواب موجبات الضمان ح 1. (2) الفقيه 4: 101 ح 338، التهذيب 10:
249 ح 985، الاستبصار 4: 294 ح 1110، الوسائل 19: 212 الباب المتقدم ح 2. (3) في ج
7: 345. (4) في ج 7: 68. (*)
ص 439
السابع عشر: الاليتان
قال في المبسوط: في الاليتين الدية. وفي كل واحدة نصف الدية.
ومن المرأة ديتها، وفي كل واحدة منها نصف ديتها. وهو حسن، تعويلا على الرواية التي
مرت (1) في فصل الشفتين.
الثامن عشر: الرجلان
وفيهما الدية: وفي كل واحدة نصف
الدية. وحدهما مفصل الساق. وفي الاصابع منفردة دية كاملة. وفي كل إصبع عشر الدية.
والخلاف في الابهام هنا كما في اليدين. ودية كل إصبع مقسومة على ثلاث أنامل
بالسوية، وفي الابهام على اثنتين. وفي الساقين الدية. وكذا في الفخذين. وفي كل
واحدة نصف الدية.
قوله: (قال في المبسوط... إلخ). أشار بنسبة القول إلى المبسوط (2)
وبالتعليل بالرواية المذكورة إلى أنه لانص على حكمها بالخصوص، لكن عموم الخبر
والعمل بمضمونها فيهما يقتضي ذلك. مضافا إلى ما فيهما من الجمال والمنفعة الظاهرة
في القعود والركوب وغيرهما. ولا فرق فيهما بين الرجل والمرأة، بمعنى وجوب دية كل
واحد منهما لهما. ولا نظر إلى اختلاف القدر الثاني، بل اختلاف الناس في ذلك
كاختلافهم في سائر الاعضاء. قوله: (الرجلان وفيهما الدية... إلخ).
(هامش)
(1) راجع ص: 411. (2) المبسوط 7: 146. (*)
ص 440
مسائل:
الاولى: في الاضلاع مما خالط القلب، لكل ضلع إذا كسرت خمسة وعشرون دينارا.
وفيها مما يلي العضدين، لكل ضلع إذا كسرت عشرة دنانير. الثانية: لو كسر بعصوصه، فلم
يملك غائطه، كان فيه الدية. وهي رواية سليمان بن خالد (1). ومن ضرب عجانه، فلم يملك
غائطه ولا بوله، ففيه الدية. وهي رواية إسحاق بن عمار (2).
والمختار هنا كالمختار
ثمة. قوله: (في الاضلاع... إلخ). مستند هذا التفصيل كتاب ظريف (3). والمراد بمخالطة
القلب وعدمه كونه في الجانب الذي فيه القلب، كما أن عدم المخالطة خلاف ذلك. فالضلع
الواحد إن كسر من جهة القلب ففيه أعلى الديتين، وإن كسر من الجهة الاخرى ففيه
أدناهما. فيستوي في ذلك جميع الاضلاع. قوله: (لو كسر بعصوصه... إلخ). البعصوص هو
العصعص بضم عينيه، وهو عجب الذنب بفتح عينه، أعني: عظمه. وقال الراوندي: (البعصوص
عظم رقيق حول الدبر) (4). ولم يذكر ذلك أهل اللغة.
(هامش)
(1، 2) الكافي 7: 313 ح 11 و12، الفقيه 4: 101 ح 337 وص: 98 ح 326، التهذيب10: 248
ح 980 و981، الوسائل 19: 284 ب (9) من أبواب ديات المنافع ح 1 و2. (3) الكافي 7:
338، الفقيه 4: 62 ح 194، التهذيب 10: 304 ح 1148، الوسائل 19: 231 ب (13) من أبواب
ديات الاعضاء ح 1. (4) لم نعثر عليه. (*)
ص 441
الثالثة: في كسر عظم من عضو، خمس دية [ذلك] العضو. فإن صلح على غير عيب فأربعة
أخماس دية كسره. وفي موضحته ربع دية كسره. وفي رضه ثلث دية العضو. فإن برئ على غير
عيب فأربعة أخماس دية رضه. وفي فكه من العضو بحيث يتعطل العضو ثلثا دية العضو، فإن
صلح على غير عيب، فأربعة أخماس دية فكه.
والعجان بكسر العين ما بين الخصيتين
والفقحة. ومستند الحكم فيهما الروايتان. وإنما نسب المصنف الحكم إليهما، لان سليمان
بن خالد لم ينص الاصحاب على توثيقه على تقدير سلامة عقيدته، وإن كان الطريق إليه
صحيحا. وأما إسحاق فهو فطحي وإن كان ثقة. لكن العمل بهما مشهور، وكثير من الاصحاب
لم يذكر في ذلك خلافا. قوله: (في كسر عظم... إلخ). مستند هذا التفصيل كتاب ظريف
(1). ولم يتوقف المصنف في حكمه هنا ولا الاكثر. وفي مختصر (2) الكتاب نسبه إلى
الشيخين (3) مقتصرا عليه. ووجهه ضعف المستند.
(هامش)
(1) الكافي 7: 330 - 342، التهذيب 10: 295 - 308 ح 1148.(2) المختصر النافع: 310.
(3) المقنعة: 766 - 767، النهاية: 776 - 777. (*)
ص 442
الرابعة: قال في المبسوط (1) والخلاف (2): في الترقوتين [الدية]. وفي كل واحدة
منهما مقدر عند أصحابنا. ولعله إشارة إلى ما ذكره الجماعة عن ظريف، وهو: في الترقوة
إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينارا. الخامسة: من داس بطن إنسان حتى أحدث،
ديس بطنه، أو يفتدي ذلك بثلث الدية. وهي رواية السكوني. وفيه ضعف. السادسة: من افتض
بكرا بإصبعه، فخرق مثانتها، فلا تملك بولها، فعليه ثلث (3) ديتها - وفي رواية (4):
ديتها، وهي أولى - ومثل مهر نسائها.
قوله: (قال في المبسوط والخلاف... إلخ).
الترقوة - بفتح التاء فسكون الراء فضم القاف - هي العظم الذي بين ثغرة النحر
والعاتق. والمروي في كتاب (5) ظريف فيها ما ذكره المصنف، وليس فيه حكم ما لو لم
تجبر، ولاما إذا جبرت على عيب، ومقتضى الاصل أن فيها الحكومة، مع احتمال الدية،
رجوعا إلى الخبر (6) العام. ويشكل الحكومة لو نقصت عن الاربعين، لوجوبها فيما لو
عدم العيب، فأولى أن تجب معه. وإطلاق النص يقتضي التسوية بين ترقوة الرجل والمرأة.
قوله: (من داس بطن إنسان... إلخ).
(هامش)
(1) المبسوط 7: 155. (2) الخلاف 5: 261 مسألة (73). (3، 4) الفقيه 4: 66 ح 194،
التهذيب 10: 262 ح 1037 وص: 308 ح 1148، الوسائل 19:256 ب (30) من أبواب ديات
الاعضاء ح 2 و3. (5) الكافي 7: 334، الفقيه 4: 59 ح 194، التهذيب 10: 300 ح 1148،
الوسائل 19: 226 ب (9) من أبواب ديات الاعضاء ح 1. (6) راجع ص: 402 هامش (4). (*)
ص 443
المقصد الثاني: في الجناية على المنافع

وهي سبعة:
الاول: العقل
وفيه الدية. وفي
بعضه الارش في نظر الحاكم، إذ لا طريق إلى تقدير النقصان. وفي المبسوط: يقدر
بالزمان، فلو جن يوما وأفاق يوما، كان الذاهب نصفه. أو [جن] يوما وأفاق يومين، كان
الذاهب ثلثه. وهو تخمين. ولا قصاص في ذهابه ولا في نقصانه، لعدم العلم بمحله.
هذه
الرواية رواها السكوني (1) عن أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه
السلام قضى بذلك. وذهب جماعة (2) إلى الحكومة، لضعف مستند غيره. وهو الوجه. قوله:
(العقل وفيه الدية... إلخ). ما ذكره في المبسوط (3) - مع كونه تخمينا لا يرجع إلى
دليل صالح - لا (4) يتم في جميع أفراد النقص، بل الغالب منها، كما لو اتفق نقصه في
جميع الاوقات ولم يذهب رأسا، فلا طريق له إلا نظر الحاكم كما ذكره الاصحاب.
(هامش)
(1) الكافي 7: 377 ح 21، الفقيه 4: 110 ح 374، التهذيب 10: 279 ح 1089، الوسائل19:
137 ب (20) من أبواب قصاص الطرف. (2) المختلف: 809، قواعد الاحكام 2: 329، المقتصر:
457 - 458. (3) المبسوط 7: 126. (4) في (ث، خ، د، ط): ولا يتم. (*)
ص 444
ولو شجه، فذهب عقله، لم تتداخل دية الجنايتين. وفي رواية: إن كان بضربة واحدة
تداخلتا. والاول أشبه. وفي رواية: لو ضرب على رأسه فذهب عقله انتظر به سنة، فإن مات
فيها قيد به، وإن بقي ولم يرجع عقله. ففيه الدية. وهي حسنة.
ثم الزائل قد ينضبط
للحاكم بالزمان، كما ذكره الشيخ. وقد ينضبط بغيره، بأن يقابل صواب قوله ومنظوم فعله
بالخطاء، وينظر النسبة بينهما. وقد لا يمكنه الضبط، بأن كان يفزع أحيانا مما لا
يفزع منه، أو يستوحش إذا خلا، فيرجع في تقديره إلى اجتهاد الحاكم. قوله: (ولو شجه
فذهب عقله... إلخ). المشهور بين الاصحاب أن الجناية على الطرف والمنفعة لا
تتداخلان، كما لو ضربه فقطع يده أو شجه فذهب عقله، سواء كان ذلك بضربة واحدة أم
أزيد، لان كل واحد من الطرف والمنفعة سبب في إيجاب الدية، وله عوض مقدر، فلا
يتداخل، لانه على خلاف الاصل. ولكن روي التفصيل بكونه بضربة واحدة فيتداخل، وبأزيد
فلا[يتداخل] (1). وهي صحيحة أبي عبيدة الحذاء قال: (سألت أبا جعفر عليه السلام عن
رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة، فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ
وذهب عقله. فقال: إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات الصلوات، ولا يعقل ما قال ولا
ما قيل له، فإنه ينتظر به سنة، فإن مات فيما بينه وبين سنة أقيد به ضاربه، وإن لم
يمت فيما بينه وبين سنة، ولم يرجع إليه عقله، أغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله.
(هامش)
(1) من (د، م). (*)
ص 445
قلت: فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال: لا، إنما ضربه ضربة واحدة، فجنت الضربة
جنايتين، فألزمته أغلظ الجنايتين وهي الدية. ولو كان ضربه ضربتين، فجنت الضربتان
جنايتين، لالزمته جناية ما جنى كائنة ما كانت، إلا أن يكون فيهما الموت، فيقاد به
ضاربه. قال: وإن كان ضربه عشر ضربات، فجنت جناية واحدة، ألزمته تلك الجناية التي
جنتها العشر ضربات كائنة ما كانت، ما لم يكن فيها الموت) (1). وهذه هي الرواية التي
أشار إليها المصنف - رحمه الله - ثانيا بانتظاره سنة، ونسبها إلى الحسن، مع أنها
صحيحة، فلعله أراد بالحسن غير المصطلح عليه في دراية الحديث. وعمل بموجبها (2)
الشيخ (3) وابن البراج (4) وابن إدريس (5) بالنسبة إلى الانتظار بالمجني عليه سنة،
بل قال الشهيد في الشرح: (ما علمت لها مخالفا) (6). وحكاية المصنف لها بلفظ الرواية
يشعر بعدم العمل بمضمونها. وكذا فعل العلامة (7).
(هامش)
(1) الكافي 7: 325 ح 1، الفقيه 4: 98 ح 327، التهذيب 10: 253 ح 1003، الوسائل
19:281 ب (7) من أبواب ديات المنافع ح 1. (2) في (د، ط): بمضمونها. (3) النهاية:
771. (4) لم نعثر عليه فيما لدينا من كتبه. ونسبه إليه الشهيد في غاية المراد: 416.
(5) السرائر 3: 396. (6) غاية المراد: 416. (7) إرشاد الاذهان 2: 242، قواعد
الاحكام 2: 330. (*)
ص 446
ولو جنى فأذهب العقل ودفع الدية ثم عاد، لم يرتجع الدية، لانه هبة مجددة [من الله].
الثاني: السمع
وفيه الدية إن شهد أهل المعرفة باليأس. وإن أملوا العود بعد مدة
معينة، توقعنا انقضأها. فإن لم يعد، فقد استقرت الدية. ولو أكذب المجني عند دعوى
ذهابه، أو قال: لا أعلم، اعتبرت حاله عند الصوت العظيم والرعد القوي، وصيح به بعد
استغفاله. فإن تحقق ما ادعاه، وإلا أحلف القسامة، وحكم له. ولو ذهب سمع إحدى
الاذنين، ففيه نصف الدية.
ووجهه: أن إطلاق القود بعدم (1) مضي السنة لا يتم إلا
بتقدير أن تكون الضربة مما يقتل غالبا، أو قصده وحصل الموت بها، والرواية أعم من
ذلك. ولكن هذا مقيد للنص الصحيح، فلذا لم يتوقف فيه غيرهما. ويمكن تقييده بما
يوافقالاصول جمعا، وقرينة (2) الضرب بعمود الفسطاط على الرأس، فربما كان ذلك مما
يقتل غالبا. قوله: (ولو جنى فأذهب العقل... إلخ). مستند الحكم على الاطلاق رواية
أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قلت له: جعلت فداك ما تقول في رجل
ضرب رأس رجل بعمود فسطاط فأمه - يعني: ذهب عقله -؟ قال: عليه الدية. قلت: فإنه عاش
عشرة أيام أو أقل أو أكثر فرجع إليه عقله، أله أن يأخذ الدية؟ قال: لا قد مضت الدية
بما فيها) (3) الحديث.
(هامش)
(1) كذا في الحجريتين، ولعله الصحيح، وفي النسخ الخطية: بعد. (2) في (خ): بقرينة.
(3) التهذيب 10: 252 ح 1001، الوسائل 19: 282 ب (7) من أبواب ديات المنافع ح 2. (*)
ص 447
ولو نقص سمع إحداهما، قيس إلى الاخرى، بأن تسد الناقصة وتطلق الصحيحة، ويصاح به حتى
يقول: لا أسمع، ثم يعاد عليه ذلك مرة ثانية، فإن تساوت المسافتان صدق. ثم تطلق
الناقصة وتسد الصحيحة، ويعتبر بالصوت حتى يقول: لا أسمع، ثم يكرر عليه الاعتبار،
فإن تساوت المقادير في سماعه، فقد صدق، وتمسح مسافة الصحيحة والناقصة، ويلزم من
الدية بحساب التفاوت. وفي رواية: يعتبر بالصوت من جوانبه الاربعة، ويصدق مع
التساوي، ويكذب مع الاختلاف. وفي ذهاب السمع بقطع الاذنين ديتان. ولا يقاس السمع في
الريح، بل يتوخى سكون الهواء.الثالث: في ضؤ العينين وفيه الدية كاملة. فإن ادعى
ذهابه، وشهد له شاهدان من أهل الخبرة، أو رجل وامرأتان، إن كان خطاء أو شبيه عمد،
فقد ثبتت الدعوى. فإن قالا: لا يرجى عوده، فقد استقرت الدية. وكذا لو قالا: يرجى
عوده، لكن لا تقدير له. أو قالا: بعد مدة معينة، فانقضت، ولم يعد. وكذا لو مات قبل
المدة. أما لو عاد ففيه الارش. ولو اختلفا في عوده، فالقول قول المجني عليه مع
يمينه.
وفي الطريق جهالة. ولو قيل بالرجوع إلى أهل الخبرة في ذلك، فإن قضوا بذهابه
بالكلية لم يرتجع وإلا فالحكومة، كان حسنا. قوله: (ولو نقص سمع - إلى قوله - وفي
رواية يعتبر).
ص 448
وإذا ادعى ذهاب بصره وعينه قائمة، أحلف القسامة وقضي له. وفي رواية تقابل بالشمس،
فإن كان كما قال بقيتا مفتوحتين. ولو ادعى نقصان إحداهما، قيست إلى الاخرى، وفعل
كما فعل في السمع. ولو ادعى النقصان فيهما، قيستا إلى عيني من هو من أبناء سنه،
وألزم الجاني التفاوت بعد الاستظهار بالايمان. ولا تقاس عين في يوم غيم، ولا في أرض
مختلفة الجهات. ولو قلع عينا، وقال: كانت قائمة، وقال المجني [عليه]: كانت صحيحة،
فالقول قول الجاني مع يمينه. وربما خطر أن القول قول المجني [عليه مع يمينه]، لان
الاصل الصحة.
هذه الرواية رواها (1) أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام، وفي
طريقها ضعف. والاقوى الاكتفاء بما يتيقن معه صدقه، وربما حصل بتكرر الامتحان إلى
جهتين. قوله: (وإذا ادعى ذهاب بصره... إلخ).هي رواية الاصبغ بن نباتة عن أمير
المؤمنين عليه السلام، وقد تقدمت (2)، وأن في طريقها ضعفا. والاشهر تصديقه
بالقسامة. قوله: (ولو قلع عينا... إلخ).
(هامش)
(1) الكافي 7: 322 ح 4، الفقيه 4: 100 ح 333، التهذيب 10: 265 ح 1045، الوسائل 19:
278 ب (3) من أبواب ديات المنافع ح 2. (2) في ص: 418. (*)
ص 449
وهو ضعيف، لان أصل الصحة معارض بأصل البرأة، واستحقاق الدية أو القصاص منوط بتيقن
السبب، ولا يقين هنا، لان الاصل ظن لا قطع. الرابع: الشم وفيه الدية كاملة. وإذا
ادعى ذهابه عقيب الجناية، اعتبر بالاشياء الطيبة والمنتنة، ثم يستظهر عليه بالقسامة
ويقضى له، لانه لا طريق إلى البينة. وفي رواية: يحرق له حراق ويقرب منه، فإن دمعت
عيناه ونحى أنفه، فهو كاذب.
موضع الخلاف ما إذا ادعى الجاني كونها عادمة البصر في
(1) أصلها ليتجه تقديم قوله، نظرا إلى تعارض أصل الصحة والبرأة. ولعل معنى قيام
العين ذلك. أما لو اعترف الجاني بأنها كانت صحيحة، ولكن ادعى ذهاب بصرها قبل
الجناية عليها، وادعى المجني عليه صحتها، فلا إشكال في تقديم قول المجني عليه،
للعلم بسبق الصحة فيستصحب، وهذا يقطع أصالة البرأة. وبهذا التفصيل صرح في التحرير
(2). والاقوى تقديم قول الجاني في الاول، لتعارض الاصلين فيتساقطان، ويبقى استحقاق
القصاص أو الدية مفتقرا إلى سبب يوجبه، وهو غير معلوم. قوله: (وفي رواية يحرق...
إلخ). هي رواية الاصبغ السابقة، وقد تقدم (3) ضعف سندها، وأن الاشهر القول
بالقسامة، لتعذر إقامة البينة عليه.
(هامش)
(1) في (خ): من. (2) تحرير الاحكام 2: 271 و275. (3) في ص: 418. (*)
ص 450
ولو ادعى نقص الشم، قيل: يحلف، إذ لا طريق [له] إلى البينة، ويوجب له الحاكم ما
يؤدي إليه اجتهاده. ولو أخذ دية الشم ثم عاد، لم تعد الدية. ولو قطع الانف، فذهب
الشم، فديتان. الخامس: الذوق يمكن أن يقال: فيه الدية، لقولهم عليهم السلام: كل ما
في الانسان منه واحد ففيه الدية. ويرجع فيه عقيب الجناية إلى دعوى المجني عليه مع
الاستظهار بالايمان. ومع النقصان، يقضي الحاكم بما يحسم المنازعة تقريبا.
قوله:
(ولو ادعى نقص الشم... إلخ). هذا القول لابي الصلاح (1)، وقطع به العلامة في كثير
من كتبه (2)، ونفى عنه في المختلف (3) البأس إذا استفاد الحاكم منه ظنا. ووجهه: أنه
لا طريق إلى البينة ولا إلى الامتحان. وإنما نسبه إلى القول لعدم دليل يعتد به
عليه، مع أصالة البرأة، وكون حلف المدعي على خلاف الاصل، وإنما مقتضاه حلف المدعى
عليه على البرأة. قوله: (الذوق يمكن أن يقال... إلخ).
(هامش)
(1) لم نجده في الكافي في الفقه لابي الصلاح، انظر الكافي: 397. وفي الجواهر (43:
310) نسبه إلى مبسوط الشيخ، وهو في المبسوط 7: 132. (2) قواعد الاحكام 2: 332،
تحرير الاحكام 2: 275، إرشاد الاذهان 2: 243. (3) راجع المختلف: 817، ولكن ذكر ذلك
في مسألة ادعاء ذهاب البصر لا نقص الشم. وهو قول أبي الصلاح في الكافي في الفقه:
396، وانظر الهامش (1) هنا تجد الارتباك في كلام الشارح الشهيد (قدس سره). (*)
ص 451
السادس لو أصيب، فتعذر عليه الانزال في حال الجماع، كان فيه الدية. السابع قيل: في
سلس البول الدية. وهي رواية: غياث بن إبراهيم. وفيه ضعف. وقيل: إن دام إلى الليل
ففيه الدية، وإن كان إلى الزوال فثلثا الدية، وإلى ارتفاع النهار ثلث الدية. وفي
الصوت الدية كاملة.
إنما نسبه إلى الامكان لعدم دليل [يدل] (1) عليه بخصوصه، وقد
قال به جماعة (2) من الاصحاب، لانه منفعة متحدة في الانسان مقصودة، فتدخل في عموم
الخبر (3) العام. وهو حسن. قوله: (قيل: في سلس البول... إلخ). المشهور بين الاصحاب
ثبوت الدية في سلس البول، وهو نزوله ترشحا، لضعف القوة الماسكة. والمستند رواية
غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه عليه السلام: (أن عليا عليه السلام قضى في رجل
ضرب حتى سلس بوله بالدية كاملة) (4). وغياث ضعيف، إلا أن الرواية مناسبة، لما يترتب
عليه من فوات المنفعة المتحدة. هذا إذا دام، وإلا فالحكومة.
(هامش)
(1) من (خ، د، ط). (2) قواعد الاحكام 2: 333. (3) راجع ص: 402 هامش (4).(4) الفقيه
4: 108 ح 363، التهذيب 10: 251 ح 995، الوسائل 19: 285 ب (9) من أبواب ديات المنافع
ح 4. (*)
ص 452
المقصد الثالث: في الشجاج والجراح

والشجاج ثمان: الحارصة، والدامية، والمتلاحمة،
والسمحاق، والموضحة، والهاشمة، والمنقلة، والمأمومة.
والقول بالتفصيل إلى الليل
وغيره للشيخ في النهاية (1) وأتباعه (2) وابن إدريس (3)، استنادا إلى رواية صالح بن
عقبة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام: (في رجل ضرب رجلا فقطع بوله،
فقال له: إن كان البول يمر إلى الليل فعليه الدية، لانه قد منعه المعيشة، وإن كان
إلى آخر النهار فعليه الدية، وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية، وإن كان إلى
ارتفاع النهار فعليه ثلث الدية) (4). وفي طريق الرواية ضعف، لان صالحا كذاب، وإسحاق
فطحي. وظاهر الرواية أن المراد وقوع ذلك كل يوم، ليتحقق فوت منفعة الامساك وتعطيل
المعيشة. قوله: (في الشجاج والجراح... إلخ). الشجاج بكسر الشين جمع شجة بفتحها،
وهي: الجرح المختص بالرأس والوجه، ويسمى في غيرهما جرحا بقول مطلق.
(هامش)
(1) النهاية: 769. (2) الوسيلة: 450، إصباح الشيعة: 506. (3) السرائر 3: 391. (4)
الكافي 7: 315 ح 21، الفقيه 4: 107 ح 362، التهذيب 10: 251 ح 994، الوسائل 19: 285
الباب المتقدم ح 3. (*)
ص 453
أما الحارصة: فهي: التي تقشر الجلد، وفيها بعير. وهل هي الدامية؟ قال الشيخ: نعم.
والرواية ضعيفة. والاكثرون على أن الدامية غيرها. وهي رواية منصور بن حازم، عن أبي
عبد الله عليه السلام. ففي الدامية - إذن - بعيران، وهي التي تأخذ في اللحم يسيرا.
قوله: (أما الحارصة... إلخ). الحارصة هي التي تشق (1) الجلد قليلا نحو الخدش، وتسمى
الحرصة أيضا. يقال: حرص القصار الثوب، إذا خدشه وشقه بالدق. وعن الازهري (2):
إذاقصره ونحى عنه الدرن كأنه قشره عنه. والدامية: هي التي تدمى موضعها من الشق
والخدش. وقد اختلف الفقهاء في أن الحارصة والدامية هل هما مترادفان، أم مختلفان؟
فذهب الشيخ (3) وجماعة (4) إلى الاول، لرواية مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: (قال أمير المؤمنين عليه السلام: قضى رسول الله صلى الله عليه
وآله في المأمومة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة من الابل، وفي الموضحة خمسا من
الابل، وفي الدامية بعيرا، وفي الباضعة بعيرين. وقضى في المتلاحمة ثلاثة أبعرة.
وقضى في السمحاق أربعة من الابل) (5).
(هامش)
(1) في (ت): تقشر. (2) تهذيب اللغة 4: 240، مع اختلاف في اللفظ. (3) النهاية: 775،
المبسوط 7: 122، الخلاف 5: 191 مسألة (57). (4) الوسيلة: 444، غنية النزوع: 419،
إصباح الشيعة: 508، الجامع للشرائع: 600. (5) الكافي 7: 326 ح 1، التهذيب 10: 290 ح
1126، الوسائل 19: 291 ب (2) من أبواب ديات الشجاج والجراح ح 6. (*)
ص 454
وأما المتلاحمة: فهي: التي تأخذ في اللحم كثيرا، ولا تبلغ السمحاق، وفيها ثلاثة
أبعرة. وهل هي غير الباضعة؟ فمن قال: الدامية غير الحارصة، فالباضعة والمتلاحمة
واحدة. ومن قال: الدامية والحارصة واحدة، فالباضعة غير المتلاحمة.
وروى السكوني عن
أبي عبد الله عليه السلام: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله قضى في الدامية بعيرا،
وفي الباضعة بعيرين، وفي المتلاحمة ثلاث أبعرة، وفي السمحاق أربعة) (1). والروايتان
ضعيفتا السند. وذهب الاكثرون - كالمفيد (2) وسلا ر (3) والمرتضى (4) وأكثر
المتأخرين (5) - إلى الثاني، فجعلوا الدامية زائدة على الحارصة، وهي التي تأخذ في
اللحم يسيرا، لرواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام: (في الحارصة - وهي
الخدش - بعير، وفي الدامية بعيران) (6). وهذا هو الاشهر.قوله: (وأما المتلاحمة...
إلخ). اتفق الفقهاء على أن هذه الالفاظ الاربعة - وهي: الحارصة، والباضعة،
(هامش)
(1) الكافي 7: 327 ح 6، التهذيب 10: 290 ح 1127، الوسائل 19: 292 الباب المتقدم ح
8. (2) المقنعة: 765. (3) المراسم: 247. (4) الانتصار: 276. (5) قواعد الاحكام 2:
333، إرشاد الاذهان 2: 244، إيضاح الفوائد 4: 711 - 712، اللمعة الدمشقية: 186،
المقتصر: 461. (6) التهذيب 10: 293 ح 1138، الوسائل 19: 293 الباب المتقدم ح 14.
(*)
ص 455
وأما السمحاق: فهي: التي تبلغ السمحاقة، وهي جلدة مغشية للعظم. وفيها أربعة أبعرة.
وأما الموضحة: فهي: التي تكشف عن وضح العظم. وفيها خمسة أبعرة.
والدامية،
والمتلاحمة - موضوعة لثلاثة معان لا غير، وهي: ما تقشر الجلد، وتدخل في اللحم
يسيرا، وتدخل فيه كثيرا. ثم اختلفوا في أي الالفاظ المترادف؟ فقيل: إن الدامية
ترادف الحارصة، فتكون الباضعة غير المتلاحمة. فالباضعة: هي التي تبضع اللحم بعد
الجلد، أي: تقطعه، يقال: بضع اللحم وبضعه، ومنه المبضع (1)، وهي الداخلة في اللحم
يسيرا. وهي الدامية على القول الاخر. والمتلاحمة: هي الداخلة فيه كثيرا، بحيث لا
تبلغ الجلدة التي بين اللحم والعظم. وقيل: إن الدامية تغاير الحارصة، فتكون الباضعة
مرادفة للمتلاحمة. ولا خلاف في مقادير ديات الثلاث، ولا في انحصارها فيها، فالنزاع
حينئذ في مجرد اللفظ. قوله: (وأما السمحاق... إلخ). هي: الشجة التي تبلغ الجلدة
التي بين اللحم والعظم، ويقال لتلك الجلدة السمحاق. و[قيل] (2) كل جلدة رقيقة فهي
سمحاق. وقد تسمى (3) هذه الجلدة الملطى والملطاة واللاطية. والمشهور عند الفقهاء
أنها تسمى السمحاقة بالهاء. قوله: (وأما الموضحة... إلخ).
(هامش)
(1) المبضع: المشرط، وهو ما يبضع به العرق والاديم. لسان العرب 8: 13. (2) من (خ،
م). (3) 125 لسان العرب 7: 408. (*)
ص 456
فروع لو أوضحه اثنتين، ففي كل واحدة خمس من الابل. ولو وصل الجاني بينهما، صارتا
واحدة، كما لو أوضحه ابتداء. وكذا لو سرتا، فذهب ما بينهما، لان السراية من فعله.
ولو وصل بينهما غيره، لزم الاول ديتان، والواصل ثالثة، لان فعله لا يبنى على فعل
غيره. ولو وصلهما المجني عليه، فعلى الاول ديتان، والواصلة هدر. ولو اختلفا فقال
الجاني: أنا شققت بينهما، وأنكر المجني عليه، فالقول قول المجني عليه مع يمينه، لان
الاصل ثبوت الديتين، ولم يثبت المسقط. وكذا لو قطع يديه ورجليه، ثم مات بعد مدة
يمكن فيها الاندمال، واختلفا، فالقول قول الولي مع يمينه. ولو شجه واحدة. واختلفت
مقاديرها، أخذ دية الابلغ، لانها لو كانت كلها كذلك، لم تزد على ديتها. ولو شجه في
عضوين، كان لكل عضو دية على انفراده، وإن كان بضربة واحدة.
الموضحة: هي التي تخرق
السمحاق، وتوضح العظم، وتبدي وضحه. والوضح: الضوء والبياض. قوله: (ولو وصل الجاني
بينهما... إلخ). وجه الاتحاد: اتصال الشجتين في الحس، كما لوشجه ابتداء بهذا
المقدارأو أزيد منه، فتكون موضحة واحدة، لصدق الوحدة عليها الان، ولاصالة برأة
الذمة من الزائد على دية الواحدة.
ص 457
ولو شجه في رأسه وجبهته. فالاقرب أنها واحدة، لانهما عضو واحد. وأما الهاشمة: فهي:
التي تهشم العظم، وديتها عشر من الابل، أرباعا إن كان خطاء، وأثلاثا إن كان شبيه
العمد. ولا قصاص فيها. ويتعلق الحكم بالكسر، وإن لم يكن جرح.
ويشكل: بأنه قد وجب
عليه ديتان قبل الوصول، والوصل أحدث جناية أخرى، فإذا لم يوجب حقا ماليا (1) بتعديه
فلا أقل من بقاء ما وجب ابتداء من الحقين. والوجه: وجوب دية موضحتين، لوجوبهما
ابتداء فيستصحب. وهو خيرة فخر المحققين في شرحه (2). وفي القواعد (3) استشكل الحكم.
قوله: (ولو شجه في رأسه... إلخ). وجه الوحدة: أن الرأس لغة يشملهما، ومن ثم أطلق
اسم الشجاج على ما يقع فيهما من الجرح دون غيرهما من البدن. ووجه العدم: تغايرهما
اسما وعرفا، ولانتفاء التكرار في قولهم: رأسه ووجهه. والحق: أن الرأس يطلق على ما
يعمهما وعلى منبت الشعر، ومع حصول الشك فالاصل برأة الذمة من الزائد. وموضع الخلاف
ما لو كانت الشجة واحدة متصلة، بعضها في الرأس وبعضها في الوجه. قوله: (وأما
الهاشمة... إلخ).
(هامش)
(1) في (د، م): ثالثا. (2) إيضاح الفوائد 4: 716. (3) قواعد الاحكام 2: 334. (*)
ص 458
ولو أوضحه اثنتين، وهشمه فيهما، واتصل الهشم باطنا، قال في المبسوط: هما هاشمتان.
وفيه تردد. وأما المنقلة: فهي: التي تحوج إلى نقل العظم. وديتها خمسة عشر بعيرا.
ولا قصاص فيها. وللمجني [عليه] أن يقتص في قدر الموضحة، ويأخذ دية ما زاد، وهو عشر
من الابل.
الهاشمة هي التي تهشم العظم، أي: تكسره، ومنه قيل للنبات المنكسر: هشيم،
سواء جرحه مع الكسر أم لا، لصدق الهشم على التقديرين. والمراد بكون الدية أرباعا في
الخطاء: كون الابل على نسبة ما يوزع في الدية الكاملة من بنات المخاض واللبون
والحقق وأولاد اللبون. فالعشرة هنا: بنتا مخاض، وابنا لبون، وثلاث بنات لبون، وثلاث
حقق. وبكونها أثلاثا: أنها ثلاثحقق، وثلاث بنات لبون، وأربع خلف حوامل، بناء على ما
دلت عليه صحيحة ابن سنان (1) من التوزيع. وعلى الرواية (2) الاخرى لا يتحقق
بالتحرير، ولكن ما ذكرناه منه مبرئ أيضا، لانه أزيد سنا في بعضه. قوله: (وأما
المنقلة... إلخ). المنقلة - بكسر القاف المشددة أفصح من فتحها - هي التي تنقل العظم
من محل إلى آخر وإن لم توضحه وتهشمه. ويقال: هي التي تكسر وتنقل (3). ويقال:
(هامش)
(1) الكافي 7: 281 ح 3، الفقيه 4: 77 ح 240، التهذيب 10: 158 ح 635، الاستبصار 4:
259 ح 976، الوسائل 19: 146 ب (2) من أبواب ديات النفس ح 1. (2) الكافي 7: 281 ح 2،
التهذيب 10: 158 ح 633، الاستبصار 4: 258 ح 973، الوسائل 19: 147 الباب المتقدم ح
4. (3) انظر لسان العرب 11: 674. (*)
ص 459
وأما المأمومة: فهي: التي تبلغ أم الرأس، وهي الخريطة التي تجمع الدماغ، وفيها ثلث
الدية، [وهو] ثلاث وثلاثون بعيرا. والدامغة: هي: التي تفتق الخريطة، والسلامة معها
بعيدة. ولا قصاص في المأمومة، لان السلامة معها غير غالبة.
هي التي تكسر العظم حتى
يخرج منها فراش العظام. والفراشة (1): كل عظم رقيق. وفراش الرأس عظام رقاق تلي
القحف (2). وما ذكره من جواز الاقتصاص في قدر الموضحة ويأخذ دية ما زاد إنمايتم مع
اجتماع الايضاح والتنقيل، أما مع فرض كونها منقلة من غير إيضاح - كما ذكرنا من
شمولها لذلك - لم يجز له الاقتصار على ما ذكر، لانه لم يجئ موضحة حتى يستوفى منه.
ووجوب خمسة عشر بعيرا في المنقلة هو المشهور بين الاصحاب، وعليه دلت الروايات (3).
وذهب ابن (4) أبي عقيل إلى أن فيها عشرين بعيرا. وهو شاذ. وإنما لم يكن فيها ولا
فيما قبلها - وهي الهاشمة - قصاص على تقدير وقوعها عمدا، لعدم إمكان الاستيفاء على
وجه المساواة، وخطره على النفس. وقد تقدم (5) الكلام فيه. قوله: (وأما المأمومة...
إلخ).
(هامش)
(1) لسان العرب 6: 328. (2) القحف: العظم الذي فوق الدماغ من الجمجمة. لسان العرب
9: 275. (3) راجع الوسائل 19: 290 ب (2) من أبواب ديات الشجاج ح 4، 6، 9، 10، 11،
13، 16. (4) حكاه عنه العلامة في المختلف: 816. (5) في ص: 272 - 273. (*)
ص 460
أطلق المصنف - رحمه الله - وجماعة (1) من الاصحاب وجوب ثلاثة وثلاثين بعيرا دية
المأمومة، جامعين بين ذلك وبين قولهم: إن فيها ثلث الدية، تبعا للنصوص الواردة
بذلك، كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (في الموضحة خمس من الابل -
إلى قوله - والمأمومة ثلاث وثلاثون من الابل) (2). ورواية زرارة عنه عليه السلام
قال: (وفي المأمومة ثلاث وثلاثون من الابل) (3). وذهب بعض (4) الاصحاب إلى وجوب ثلث
الدية، محتجا بزيادة ثلث بعير عما ذكر، لاطلاق روايات كثيرة بوجوب الثلث لها
المقتضي لزيادة الثلث، كصحيحة معاوية بن وهب قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الشجة المأمومة، فقال: ثلث الدية، والشجة الجائفة ثلث الدية) (5). ومثلها رواية
زيد الشحام (6)، ورواية مسمع بن عبد الملك (7) عنه عليه السلام. والاولون حملوا
الثلث على ما فيه إسقاط الثلث على وجه المجاز، جمعا بين الروايات. والاظهر العكس،
وهو إثبات الثلث بحمل ما أطلق من الروايات
(هامش)
(1) المقنعة: 766، النهاية: 775، السرائر 3: 407، الجامع للشرائع: 600، تحرير
الاحكام 2: 276. (2) الكافي 7: 326 ح 3، التهذيب 10: 290 ح 1125، الوسائل 19: 291،
الباب المتقدم ح 4.(3) التهذيب 10: 290 ح 1124، الوسائل 19: 292 الباب المتقدم ح
11. (4) المقنع: 512، الكافي في الفقه: 400، المبسوط 7: 122، المراسم: 247، غنية
النزوع: 420، إصباح الشيعة: 509، قواعد الاحكام 2: 333، إرشاد الاذهان 2: 244. (5)
التهذيب 10: 291 ح 1130، الوسائل 19: 293 الباب المتقدم ح 12. (6، 7) الكافي 7: 326
ح 2 و1، التهذيب 10: 291 ح 1129 وص: 290 ح 1126، الوسائل 19: 291 الباب المتقدم ح 5
و6. (*)
ص 461
ولو أراد المجني [عليه] أن يقتص في الموضحة ويطالب بدية الزائد، جاز. والزيادة
ثمانية وعشرون بعيرا. قال في المبسوط (1): وثلث بعير. وهو بناء على أن في المأمومة
ثلاثة وثلاثين وثلثا. ونحن نقتصر على ثلاثة وثلاثين، تبعا للنقل. ولو جنى عليه
موضحة، فأتمها آخر هاشمة، وثالث منقلة، ورابع مأمومة، فعلى الاول خمسة، وعلى الثاني
ما بين الموضحة والهاشمة خمسة أيضا، وعلى الثالث ما بين الهاشمة والمنقلة خمسة
أيضا، وعلى الرابع تمام دية المأمومة ثمانية عشر بعيرا. ومن لواحق هذا الباب مسائل:
الاولى: دية النافذة في الانف ثلث الدية، فإن صلحت فخمس الدية مئتا دينار. ولو كانت
في أحد المنخرين إلى الحاجز، فعشر الدية.
الاول عليه، تحقيقا في اللفظ، وتجوزا في
العدد بالاقتصار على الاعداد الصحيحة، والايماء إلى إكمال الثلث من إيجابه. قوله:
(ولو أراد المجني... إلخ). قد تقدم (2) البحث في ذلك وذكر النقل الدال عليه، وأن
الاظهر إيجاب الثلث كما اختاره الشيخ رحمه الله. قوله: (دية النافذة... إلخ).
(هامش)
(1) المبسوط 7: 122. (2) في الصفحة السابقة. (*)
ص 462
الثانية: في شق الشفتين حتى تبدو الاسنان ثلث ديتهما، ولو برئت فخمس ديتهما. ولو
كان في إحداهما، فثلث ديتها، ومع البر خمس ديتها. الثالثة: الجائفة، هي التي تصل
إلى الجوف، من أي الجهات كان، ولو من ثغرة النحر، وفيها ثلث الدية، ولا قصاص فيها.
ولو جرح في عضو ثم أجاف، لزمه دية الجرح، ودية الجائفة، مثل أن يشق الكتف حتى يحاذي
الجنب، ثم يجيفه. فروع لو أجافه واحد، كان عليه دية الجائفة. ولو أدخل آخر سكينه
ولم يزد، فعليه التعزير حسب. وإن وسعها باطنا أو ظاهرا، ففيه الحكومة.
مستند هذا
التفصيل كتاب ظريف (1)، وفيه إطلاق العشر مع النفوذ في أحد المنخرين كما ذكر. وقيده
العلامة (2) بما إذا صلحت، وإلا فسدس الدية، لانها على النصف من الواجب فيها. قوله:
(في شق الشفتين... إلخ). مستند هذا التفصيل أيضا كتاب ظريف (3)، وقد عرفت حاله.
والمصنف وغيره تارة يعمل بمقتضاه جازما به، وتارة يتوقف، وتارة يرده لضعفه، كما
عرفت مرارا.
(هامش)
(1) الكافي 7: 331، الفقيه 4: 57 ح 194، الوسائل 19: 221 ب (4) من أبواب ديات
الاعضاء ح 1. (2) تحرير الاحكام 2: 269. (3) الكافي 7: 331، الفقيه 4: 57، التهذيب
10: 299 ح 1148، الوسائل 19: 221 ب (5) منأبواب ديات الاعضاء ح 1. (*)
ص 463
ولو وسعها فيهما، فهي جائفة أخرى كما لو انفردت. ولو أبرز حشوته فالثاني قاتل. ولو
خيطت ففتقها آخر، فإن كانت بحالها لم تلتئم، ولم تحصل بالفتق جناية، قال الشيخ (1)
رحمه الله: فلا أرش ويعزر. والاقرب الارش، لانه لابد من أذى، ولو في الخياطة ثانيا.
ولو التحم البعض، ففيه الحكومة. ولو كان بعد الاندمال، فهي جائفة مبتكرة، فعليه ثلث
الدية. ولو أجافه اثنتين، فثلثا الدية. ولو طعن في صدره فخرج من ظهره، قال في
المبسوط (2): واحدة، وفي الخلاف (3): اثنتان، وهو أشبه.
قوله: (ولو خيطت ففتقها...
إلخ). ما قربه المصنف - رحمه الله - حسن، لما ذكر من العلة. وكلام الشيخ محمول على
ما إذا لم يوجب ذلك نقصا يقتضي الحكومة. قوله: (ولو طعن في صدره... إلخ). وجه
الاشبهية: إطلاق الاسم عليهما (4) من البطن والظهر، وأنه لو انفرد [عن] (5) كل
منهما لاوجب حكما، فعند الاجتماع لا يزول ما كان ثابتا حالة الانفراد. ولانه لو
طعنه من كل جانب طعنة فالتقتا كانتا جائفتين، فكذا هنا، إذ لا
(هامش)
(1) المبسوط 7: 124. (2) المبسوط 7: 125. (3) الخلاف 5: 232 مسألة (15). (4) في (خ،
م): عليها. (5) من (ث) والحجريتين. (*)
ص 464
الرابعة: قيل إذا نفذت نافذة، في شي من أطراف الرجل، ففيها مائة دينار. الخامسة: في
احمرار الوجه بالجناية دينار ونصف، وفي اخضراره ثلاثة دنانير. وكذا في الاسوداد عند
قوم. وعند الاخرين: ستة دنانير. وهو أولى، لرواية إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله
عليه السلام، ولما فيه من زيادة النكاية. قال جماعة: ودية هذه الثلاث في البدن، على
النصف. السادسة: كل عضو ديته مقدرة، ففي شلله ثلثا ديته، كاليدين والرجلين
والاصابع. وفي قطعه بعد شلله، ثلث ديته. السابعة: دية الشجاج في الرأس والوجه سواء،
ومثلها في البدن بنسبة دية العضو الذي يتفق فيه من دية الرأس.
فارق إلا اتحاد
الضربة وتعددها، وهو غير صالح للفرق. وفيه نظر، لمنع التعدد هنا، كما لو أوضحه
موضحتين ووصل بينهما، بل لو أوضحه موضحة طويلة تنقسم اثنتين، ومن ثم ذهب في المبسوط
إلى الوحدة. ولان الجائفة ما نفذت إلى الجوف من ظاهر. ولاصالة البرأة، والشك في
السبب الموجب، فلا يتسلط على المال المحترم بالاحتمال. قوله: (قيل: إذا نفذت...
إلخ). هذا القول للشيخ (1) وأتباعه (2)، استنادا إلى كتاب ظريف، فإنه قال فيه: (وفي
النافذة إذا نفذت من رمح أو خنجر، في شي من الرجل من أطرافه، فديتها
(هامش)
(1، 2) لم نجده فيما لدينا من كتبهم، وللاستزادة انظر مفتاح الكرامة 10: 489. (*)
ص 465
الثامنة: المرأة تساوي الرجل في ديات الاعضاء والجراح، حتى تبلغ ثلث دية الرجل، ثم
تصير على النصف، سواء كان الجاني رجلا أو امرأة. ففي الاصبع مائة، وفي الاثنتين
مأتان، وفي الثلاث ثلاثمائة، وفي أربع مأتان. وكذا يقتص من الرجل في الاعضاء
والجراح من غير رد، حتىتبلغ الثلث، ثم يقتص مع الرد. التاسعة: كل ما فيه دية الرجل
من الاعضاء والجراح، فيه من المرأة ديتها. وكذا من الذمي ديته، ومن العبد قيمته.
وما فيه مقدر من الحر، فهو بنسبته من دية المرأة والذمي وقيمة العبد.
عشر دية الرجل
مأة دينار) (1). وهو - مع ضعف المستند - يشكل بما لو كانت دية الطرف تقصر عن المائة
كالانملة، إذ يلزم زيادة دية النافذة فيها على دية قطعها، بل على دية أنملتين حيث
يشتمل الاصبع على ثلاث أنامل. وربما خصها بعضهم بعضو فيه كمال الدية. وهو أولى من
الاطلاق. وخص الحكم بالنافذة في أطراف الرجل تبعا للرواية. وفي نافذة المرأة أوجه
أجودها الحكومة مطلقا، عملا بالاصل. وكونها على النصف من الرجل، فيثبت فيها خمسون
دينارا مطلقا. ومساواتها للرجل في ذلك، لانها إنما تنتصف في جناية تبلغ الثلث، وهنا
ليس كذلك. قوله: (المرأة تساوي الرجل... إلخ).
(هامش)
(1) الفقيه 4: 66، التهذيب 10: 308 ح 1148، الوسائل 19: 290 - 291 ب (2) من أبواب
ديات الشجاج والجراح ح 3. (*)